“تقرير دبلوماسي”
“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
ماذا تقول المملكة العربية السعودية للبنانيين قبل 3 أيام على التوافق اللبناني على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية؟ وما الغرض من إرسال شخصية رفيعة ومخضرمة وتعرف لبنان جيّدا مثل وزير الدوّلة لشؤون الخليج ثامر السبهان الى بيروت قبل أيام معدودة من جلسة الإنتخابات الرئاسية الموعودة في 31 الجاري؟
تقول أوساط سعودية رفيعة لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن الوزير ثامر السبهان شخصية لديها خبرة في لبنان لا سيما أنه عمل فيه كملحق عسكري على مدى أكثر من 3 أعوام، ويدرك التناقضات والتقاطعات الموجودة بين الفرقاء اللبنانيين.
ويلعب انتماء السبهان الى قبيلة كبيرة في المملكة هي قبيلة “شمّر” في شمالي الجزيرة العربيّة دورا في تسهيل المهام الموكلة إليه في المنطقة. فقد كان أجداده شيوخ هذه القبيلة الكبيرة والمنتشرة في سوريا والعراق والكويت ودول الخليج، ما يجعل منه شخصيّة تعرف التناقضات القبلية بشكل ممتاز وقادر على اجتذاب التوافقات حوله.
وبالتالي فإن إرساله كموفد سعودي رفيع الى لبنان برتبة وزير وأحد أبرز الأسماء المرشحة لتولي منصب سفير السعودية في لبنان يأتي لارتباط الملفّ اللبناني بالملفين الشائكين أي سوريا والعراق.
نسج السبهان حين كان في لبنان كملحق عسكري علاقات متينة مع المكوّنات اللبنانية المختلفة من قوى 8 و14 آذار، وهو يعرف حتّى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله شخصيّا، وقد اجتمع به إبان ولاية سفير المملكة السابق علي عوّاض عسيري، ويعرف جيّدا العماد ميشال عون وكثر من السياسيين في قوى 8 آذار، وبالتالي لا تقتصر علاقاته وصداقاته على فريق لبناني معيّن.
وبالتالي لا تستبعد الأوساط السعودية أن تكون زيارته “معزّزة لخيار العماد ميشال عون، وهو أفضل الموجودين في المرحلة الحالية وخصوصا أنه تمّ التوافق عليه”.
ولا يبدو تحالف العماد ميشال عون مع “حزب الله” عاملا مقلقا للسعودية حاليا، تشير الأوساط السعودية الرفيعة (غير الرسمية) التي تحدّثت الى “مصدر دبلوماسي” الى أن “المملكة العربية السعودية تفضّل راهنا إستقرار لبنان على أن تكون لها اليد الطولى فيه، حتى لو كانت شخصية الرئيس غير مطابقة كلّيا للمواصفات الخليجية عموما والسعودية خصوصا، لأن استقرار لبنان يعني بأن المملكة العربية السعودية ستعود بالأعمال والسياحة والمصارف وتعيد الإستثمارات إذا كان الوضع فعلا مستقرا بغض النظر عن الشخص الموجود”.
هذا المنحى في التفكير السياسي السعودي يشي بتغيير رئيسي في مقاربتها للملفاّت، لم تعد المملكة تهتمّ لشخصيات أو رؤساء معيّنين في ، ولا تضع شرطا أن يكونوا مقرّبين منها، فقد اختلف معيار تقييمها للآخر في ظلّ الثورات العربية، وبالتالي ما يهمّها أن يسهم الحاكم في لجم أية قلاقل ممكنة والتي قد تنعكس سلبا على المنطقة العربية، والسؤال الذي تطرحه من الآن فصاعدا هو الآتي: هل هذا الحاكم مناسب لشعبه ويحافظ على الإستقرار؟ هذا هو اتجاه التفكير السعودي الحالي الذي قفز فوق معيار الولاء الذي كان سائدا في السابق”.
الى ذلك، ثمّة مقاربة سعودية جديدة مع الفريق الذي يمثله “حزب الله” وبقية الأفرقاء التي تدور في فلكه، وستحاول السعودية قدر الإمكان الإسهام في إستقرار لبنان بغض النظر من ستكون له اليد الطولى فيه.
وهل تفسّر الزيارة بأنها إستفزاز سعودي جديد لإيران عبر شخصية ثامر السبهان؟
تنفي الأوساط السعودية ذلك مشيرة الى أن المملكة باتت ترى إن التعايش المشروط هي الورقة القادمة في لبنان، إذ لم يعد ممكنا تجاهل هيمنة “حزب الله” على قطاعات أساسية في الدولة اللبنانية وبالتالي سوف تعتمد المملكة سياسة أكثر براغماتية. في هذا الإطار تزمع المملكة تزمع تقوية البعد المسيحي المحايد وهذا ما يشرح السكوت على خيار عون في ظل التأزم الطائفي السني الشيعي لأن الإستمرار في الشحن الطائفي سيوصل الى مزيد من الدماء والدمار”.
وماذا عن المقاربة السعودية للزعامة السنية؟
تقول الأوساط السعودية لـ”مصدر دبلوماسي”:” إن السعوديين سيعملون من الآن فصاعدا على أن تكون شراكة سنية شاملة في القرار اللبناني ولا تكون في يد شخصية واحدة تهيمن على المسرح اللبناني بالكامل”.