“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لا تبدو الدّول الخليجية الفاعلة بعيدة عن الإتفاق الثنائي بين المرشح الرئاسي العماد ميشال عون ورئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري الذي ما إن سافر الى المملكة العربية السعودية والتقى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حتى قام بالخطوة الجريئة مرشحا العماد عون للرئاسة الأولى.
ويبدو من خلال معلومات دبلوماسية متقاطعة ورفيعة المستوى حصل عليها “مصدر دبلوماسي” بأن العماد عون قدّم عبر وسطاء زاروا المملكة العربية السعودية ضمانات للحريري، أما الجهات التي طلبت من الحريري التريّث في ترشيح عون فهي الاميركيين والروس. فقد طلب الأميركيون من الحريري تأجيل جلسة الإنتخاب الى ما بعد تاريخ 8 تشرين الثاني موعد الإنتخابات الأميركية ، أما الروس عبر سفيرهم في لبنان ألكسندر زاسبيكين فقد نصح الحريري بالتريث أيضا الى حين إكتمال مشهد التوافق الداخلي على قواسم مشتركة حول المسائل الشائكة.
لكنّ الحريري رفض الإنصياع للرغبات الدولية، ورشح العماد عون الذي رفض أيضا طلب أمين عام “حزب الله” تأجيل الإنتخاب فترة قليلة وعقد طاولة الحوار الوطني لتذليل الألغام المتبقية وأهمها معارضة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي.
لكن، كيف تجرّعت دول الخليج كأس ترشيح الحريري عون؟
بحسب معلومات “مصدر دبلوماسي” التي استقاها من أوساط خليجية واسعة الإطلاع ( غير رسمية) فقد جرت مراجعة عميقة للملف اللبناني وتمّ الإتفاق على إحداث تغيير جذري في التعاطي مع لبنان، وضمن هذه المراجعة حسمت السعودية ودول الخليج الأمر مبكرا لصالح عون بشروط واقعية أهمها: التأكيد على انتماء لبنان العروبي تجاه القضايا العربية، وقف الإنزلاق نحو المزيد من الحضور الإيراني في الشأن االلبناني، إعادة الإعتبار للمحور الماروني السنّي وفكّ الإرتباط بين “حزب الله” وعون والشارع المسيحي. وتشير الأوساط الخليجية بأن دوب الخليج لا تراهن على فكّ ارتباط كلي بين عون و”حزب الله”، لكنها تعتقد بأن التحالف المسيحي- الشيعي لن يكون بنفس الزّخم وستبرز مشكلات جمّة في إدارة الحكم ما يضعف هذا الحلف تلقائيا فيصبّ الأمر في صالح التنسيق الماروني- السني، وثمة أدوار رئيسية لسياسيين لبنانيين في هذا “السيناريو”. وعن زيارة المسؤول السعودي المرجّح أن يكون وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان (الذي سيكون له دور كبير في الملف اللبناني مستقبلا) فإنها تأجلت حاليا من دون تحديد الأسباب.
وعن إمكانية إبقاء الحريري رئيسا مكلّفا في حال لم يتمّ التوافق اللبناني حول سلّة تفاهمات شاملة، تشير الأوساط أن تكليف الحريري بتشكيل الحكومة جزء محسوم من الإتفاق مع عون ومن المسلّم به أن تأليفه للحكومة سيكون شاقا وسيتطلب تقديم تنازلات لكن ثمة رهان خليجي واضح على وجود العماد عون الى جانبه ما سيسهّل مهمّته نسبيا، علما بأن العماد عون بحسب ما تنقل الأوساط الخليجية تعهّد بأن يسهّل تأليف الحكومة الحريرية الأولى للعهد بكلّ ما أوتي من قوة. وتشير الأوساط الى أن العماد عون حقق حلم حياته بفضل الحريري وبفضل عدم ممانعة السعودية وهو لن يتوانى عن تسهيل مهمة الحريري.