“مصدر دبلوماسي”
يعيد مصدر دبلوماسي نشر هذا التقرير الذي نشره السبت 15 تشرين الأول موقع لبنان 24 لكاتبته مارلين خليفة وذلك على الرابط الآتي:
http://bit.ly/2dE80Cy
مارلين خليفة:
تقف المملكة العربيّة السعودية اليوم في موقع لم تعتده سابقا، فهي تعتمد حاليا خطة إقتصادية نهضوية جديدة تبعدها عن الإرتهان للنفط، وهي تواجه “هجمة” غربية شرسة بدأت منذ إتمام الإتفاق الأميركي النووي مع إيران، وآخر فصوله قانون “جاستا” الذي يتيح لأهالي ضحايا 11 أيلول 2001 المطالبة بتعويضات من المملكة بالرغم من تعقيدات تحول دون تطبيقه بشكل فعّال.
ولعلّ الوقوف في موقع متواز مع الولايات المتحدة الأميركية هو موقف نادر للسعودية، التي باتت تتأبّط شرّا من مواقف أميركا سواء في سوريا أو العراق أو اليمن وهي الملفات الثلاثة ذي الأولوية السعودية حاليا، في حين لا يرقى الملفّ اللبناني الى مصافّها البتّة.
وتبدو “صدمة” السعودية كبيرة جدّا من موقف مصر الأخير الذي دعم القرار الروسي الخاص بحلب في مجلس الأمن الدولي في موازاة تصويته للقرار الفرنسي.
ولأول مرة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم في مصر بدعم سعودي خليجي واضح تتخذ السعودية “عقابا” تمثل بقرار شركة “ارامكو” وقف إمدادات مصر من المنتجات النفطية لشهر تشرين الأول الجاري.
لسان حال المملكة يقول “شكرا” للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند “الذي أثبت أنه أفضل من بعض العرب والمسلمين” بحسب تعبير خبير بالشؤون السعودية، مضيفا:” هنالك دول غير مسلمة صوّتت مع القرار ودول مسلمة صوّتت ضدّه للأسف. وقد تخلّى السيسي عن عروبته وعبّر السفير السعودي عبد الله المعلّمي عن هذا الواقع بشكل واضح حين قال من المؤلم أن السنغال وماليزيا أقرب بموقفهما إلينا من الموقف المصري”.
ويذهب الخبير الى القول:” لقد أصبح السيسي عبئا على المنطقة ولا يفهم السعوديون كيف استطاع أن يدعم روسيا في موقفها بالقتل في سوريا”.
ولعلّ معركة حلب تكتسب أهمية قصوى سعوديا اليوم، وعوّل السعوديون بشدة على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اسطنبول هذا الأسبوع راغبين بإتمام اتفاق تركي روسي ينهي المجازر التي تحصل في حلب وسوريا… وإلا فإن الأمر سيتحوّل الى كارثة إنسانية كبرى.
ويقول الخبير السعودي:” إذا لم تنجح مبادرة بوتين فقد تعمد الدول الداعمة للمعارضة السورية الى تزويدها بالاسلحة النوعيّة إذا لم تحرّك أميركا ساكنا، وما جعل هذه الدول تتردد في اتخاذ هذه الخطوة لغاية اليوم هو الخشية من إنغماس روسي أكبر في اليمن ودعم الحوثيين بشكل واضح وصريح.
بالنسبة الى العراق فثمة تناغم سعودي تركي واضح يقلق إيران التي لا تريد تكرار تجربة “درع الفرات” التركية على الحدود مع سوريا في معركة الموصل العتيدة حيث تتواجد القوات التركية في معسكر بعشيقة. ويقول الخبير السعودي: تشكّل” داعش” خطرا على البلدان العربيّة برمتها، لكن ماذا بعد “داعش”؟ ماذا لو انتصرت القوات الأميركية والعراقية وجاء الحشد الشيعي ودخل الى شمال السعودية وهدّد المملكة، وإذا حاول التغيير الديموغرافي عبر القتل والمجازر، وهذا الأمر مقلق جدّا للسعودية، بالطبع تدخّلت تركيا في بعض الأجزاء وهذا أمر جيد أقله لحماية أهل السنّة هنالك من أن يمتد الخطر الإرهابي المدعوم إيرانيا” بحسب تعبير الخبير السعودي.
وبرأي السعودية أنه حين تنتهي الحرب على “داعش” يجب أن يتوقف “الحشد الشعبي” المدعوم من إيران فلا يعمد الى التغيير الديموغرافي والطائفي في العراق الذي لن تقبل به السعودية”.
بالنسبة الى الملفّ اليمني، فبإعتقاد السعودية أنّ الغرب متحالف مع إيران ولو تحت الطاولة، وهو سلّمها المنطقة، وتتمنى السعودية الإنتهاء من الموضوع، لكن التأخير يعود الى أن السعودية لا تستخدم الأسلحة التي تستخدمها روسيا في سوريا، وهي لا تستخدم الفوسفور والعنقودي. وحتى الكلام عن قصف مجلس العزاء في صنعاء هو كلام غير دقيق في اتهامه لقوات التحالف العربي،- بحسب الرأي السعودي- لأن المجتمعين في هذا المكان كانوا قيادات من حزب الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والمجزرة التي وقعت برأي السعودية ليست إلا تصفية حسابات بينه وبين الحوثيين.
وبالتالي تعتبر المملكة العربية السعودية أنه توجد هجمة ضدّها لأنها رفضت أن تكون إيران شرطي الخليج بتعيينها عن طريق الولايات المتحدة الأميركية وبالإتفاق مع روسيا، ويقول الخبير السعودي:” حين ترفض قرارات الكبار ثمة طرق كثيرة لجعلك تستسلم وهذا ما يحدث مع المملكة”.