“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
مؤلمة، هي العبارة الأكثر بلاغة لوصف شهادة الناشطة أنطوانيت شاهين التي روت أمس للحضور في “المعهد الفرنسي” تفاصيل من تعذيبها في السجون اللبنانية في تسعينيات القرن الفائت، وكانت لا تزال في المدرسة، وقد اتهمت بقتل كاهن في عجلتون، وحكمت بالإعدام عام 1994، وكان شقيقها فارا وملاحق كونه كان مقاتلا في “القوات اللبنانية” الحزب الذي تمّ حلّه وسجن قائده سمير جعجع بعد اتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة.
تحدثت شاهين عن عذاباتها وعينيها مغرورقتين بالدموع، ومعها زوجها جوزف وولديها جويا ورواد وطالبت بإيقاف التعذيب بالسجون اللبنانية ووقف عقوبة الإعدام وهي موضوع الندوة التي دعا إليها “المعهد الفرنسي” بحضور سفير فرنسا في لبنان إيمانويل بون، وبتقديم من الإعلامية جيزيل خوري ونقاش شارك فيه رئيس تحرير مجلة “ماغازين” بول خليفة والصحافية في صحيفة “الأوريان لو جور” آن ماري الحاج.
وقالت شاهين أنه عام 1994 حكم عليها بالإعدام ثم برّئت وصارت تحيي عيد ميلادها كل سنة في 10 تشرين الأول وهو اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام. ولفتت الى أن الحياة مقدسة وهي تشبه وجهي ولديها جويا ورواد. وروت بعض عذاباها ومنها سكب المياه الغالية على جسدها وحرمانها من الشرب وضربها ما أدى الى دخولها للمستشفى مرتين وذلك بسبب رفضها التوقيع على محضر التحقيق الوهمي معها. وقالت أن أكبر ألم للسجين هو الوحدة والعزلة لكن الرسائل التي كانت تأتيها من الناس ومن الصحافيين الذين كتبوا عنها كانت تسليتها وتعزيتها الوحيدة ومن هنا التشديد على دور الصحافيين في النضال من أجل هذه المسألة.
وشددت شاهين على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام في أنحاء العالم كلّه، وهو أسوأ حلّ، ولفتت الى أن فرنسا ساعدتها كثيرا وهي لن توقف نضالها ضدّ عقوبة الإعدام والتعذيب.
ولفت السفير الفرنسي إيمانويل الى أنه تمّ تعليق عقوبة الإعدام في لبنان منذ عام 2004 لكن يجب أن يصبح وقف هذه العقوبة رسميا ومتضمنا في النصوص لئلا يعاد إطلاقه مجددا.
وذكر بالدور الذي لعبه الصحافيون والأدباء تاريخيا في مناهضة عقوبة الإعدام ومنهم فيكتور هوغو وجورج كليمنصو، قائلا ان للصحافي قدرة على إقناع الرأي العام.
وقال في معرض ردّه على أسئلة الحضور بأن عقوبة الإعدام لاإنسانية وهي جديرة بـ”داعش” وبنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقتل شعبه وليس بمجتمعاتنا، وثمة خط أحمر فاصل بين من يريدون العيش في إطار القانون وبين حركات العنف.
ولفت بون الى أنه يجب التفريق بين الضحية والجلاد وعندما نختار بأن لا نقتل أحدا لا يجب أن نوكل حق القتل للآخرين.
أما الصحافية جيزيل خوري فقالت بأن اللاعدالة التي لامستها شخصيا في حياتها ، (هي زوجة الصحافي الشهيد سمير قصير الذي اغتيل عام 2005) لا تدفعها البتة الى المطالبة بإعدام من كانوا وراءها، فإما أن نريد بناء دولة المؤسسات أو لا نريد. وعددت خوري لائحة بالبلدان الأكثر تنفيذا لعقوبة الإعدام وهي: الصين بمعدّل ألف شخص سنويا، إيران 977 شخصا، باكستان 360 شخصا السعودية 158 وأميركا 28 شخصا سنويا. وقالت بأن لبنان لم يعد ينفذ عقوبة الإعدام لكنّ الأمر غير منصوص عنه رسميا ويبقى رهنا بمزاج رئيسي الجمهورية والحكومة وثمة لجنة برلمانية تدرس إمكانية منح هذا الحق للقاضي واستبدالها بالسجن المؤبد.
وكانت مداخلات ونقاش مع الصحافيين بول خليفة وآن ماري الحاج وعرض لفيلم “مصعد الى المقصلة”.