(خاص)
مارلين خليفة- “مصدر دبلوماسي”:
يزور رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجيّة الإيراني علاء الدين بروجردي لبنان الإثنين بحسب ما علم “موقع دبلوماسي” ويلتقي مسؤولين لبنانيين، وتأتي زيارة بروجردي اللبنانية متزامنة مع حوار سياسي لبناني سيستأنف مطلع شهر آب في أجواء متناقضة وساخنة وبعد هجوم متجدد ضدّ المملكة العربية السعودية شنّه أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصر الله، ووسط تبدّل المعطيات الميدانية في الشمال السوري، وانكفاء تركي الى الداخل بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة في 15 تموز ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، وفي خضمّ صرخة أوروبية متزايدة من الضربات الإرهابية لـ”داعش” في فرنسا وألمانيا، سبقها اجتماع إستثنائي لوزراء الخارجية والدفاع في دول التحالف ضد “داعش” في واشنطن، في حين يبقى انسداد الأفق السعودي الإيراني قائما بالرغم من أقاويل غير مؤكدة عن ميل لدى البلدين الى تحييد لبنان عمّا يدور في الإقليم بسبب ضغط دولي متزايد للحفاظ على استقرار لبنان وعدم زعزعة مؤسساته الدستورية ليس محبّة بـ”بلد الأرز” بل لأنه بات أكبر تجمّع للاجئين السوريين بين دول الجوار السوري وأيّ زعزعة لاستقراره ستؤدي الى تسرّب غير مرغوب فيه لهؤلاء اللاجئين الى أوروبا وهم باتوا يشكلون بالنسبة الى شعوبها “قنابل موقوتة” بكلّ معنى الكلمة.
إنسداد أفق بين طهران والرياض
لا تزال العلاقة بين إيران والسعودية على توتّرها، وليس من المنتظر أن تتحسّن في المدى المنظور. وربّما هي المرّة الأولى التي يشعر فيها الإيرانيون بوطأة الهجوم المضاد الذي تشنّه المملكة العربية السعودية والدول الخليجية بشكل عام، حتى باتت إيران وكأنها بالرغم من تدخلاتها في الشرق الأوسط وكأنها تتلقّى الضربات السعودية المباشرة، في حين تكتفي هي بمنع الأخيرة من تحقيق أهدافها في سوريا والمنطقة لكنها عاجزة على الضغط المباشر كما تفعل السعودية بأكثر من طريقة.
هذه “الحرب الناعمة” حينا و”الفجّة” أحيانا بدأت تنعكس على لبنان شللا كاملا في مؤسساته الدستورية وفراغا رئاسيا مستشريا ينتظر الحلّ الآتي من اتفاق طهران والرياض.
من جهتهم يتشبث الإيرانيون بالرغم من الضغوط التي يتعرضون لها بمسارهم السياسي في المنطقة معتبرين بأن السعوديين وحلفاءهم استثمروا نفوذا وأموالا في سوريا ولم يحصلوا على أية مكاسب فبقي النظام السوري صامدا ولم ينهار بعد مرور 5 أعوام من حرب ضروس ولا ترى إيران أن ما دفعته في سوريا من خسائر يوازي الخسائر االتي دفعها الطرف المقابل.
ولا يعترف الإيرانيون قيد أنملة بأنهم يتدخلون في قضايا المنطقة بشكل يسيء إليها كما يحدث في البحرين ويعيدون كلّ ما يحدث الى “يقظة الشعوب لا أكثر ولا اقل”. ووسط هذا التشبث بالأفكار لا يبدو بأن أي حلّ يلوح في الأفق لغاية اليوم.
تباين طفيف مع روسيا ولاثقة مع أميركا
بعد دخول روسيا الى الميدان السوري منذ قرابة السنة، فإن التباين بين الطرفين ينصبّ على الأهداف من الحرب ففي حين يقرأ الإيرانيون الصراع السوري كجزء من خطّة دولية لتفتيت المنطقة لصالح إسرائيل، ترى فيه روسيا مناسبة لليّ الذراع الأميركية أو لإرغامها على التعاون مع موسكو في شؤون عدة أبرزها محاربة الإرهاب بعناوينه كلّها.
وعلى عكس الثقة المتبادلة مع روسيا، فإن الثقة تبدو معدومة بين الإيرانيين والأميركيين بعد مرور عام على إبرام الإتفاق النووي بين البلدين. فخطّة تمزيق بلدان العالم الى ألف بلد لا تزال قائمة من وجهة نظر طهران ومن هذه البلدان إيران والسعودية والصين والهند.
وبعد سنة على إبرام الإتفاق النووي لم يستطع الإيرانيون أن يتفقوا مع الأميركيين على ملفات ثانية وكانوا حصروا أي تفاوض معهم في الملف النووي منعا لأن يأخذ الأميركيون مكتسبات في النووي وفي ملفات المنطقة من دون أن يتنازلوا عن شيء لإيران.
وبالتالي ليست إيران مستعدّة بعد لتقديم اية تناولات في ملفات المنطقة. يذكر الإيرانيون كيف أدرج الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش إيران في إطار “محور الشرّ” بالرغم من مساعدتها للأميركيين في إسقاط نظام حركة “طالبان” في أفغانستان، كذلك لا ينسون الهجوم الأميركي الواسع ضدّ إيران في العراق وما ترتب عنه عقوبات إقتصادية قاسية.
بالمحصلّة فإن السياسات الإيرانية لا تزال على نهجها السابق أما الرئاسة اللبنانية فتبقى كلمة السرّ فيها لـ”حزب الله” إذ تمتنع إيران عن الدخول في أسماء المرشحين واضعة الكرة في ملعب “حزب الله” الذي يبدو بأنه بات يرى مرشحه العماد ميشال عون هو الأوفر حظّا للوصول الى قصر بعبدا في الوقت المناسب، ويبقى السؤال الذي ينتظر انتهاء زيارة بروجردي: هل قررت إيران فصل المسارين اللبناني والسوري أم أنها لا تزال متشبثة بربطهما سويا؟