( يعيد “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره اليوم موقع “لبنان 24″ على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1468308485745531900/
مارلين خليفة
لا شكّ أن أهمّ ما يرشح عن زيارات المسؤولين الدوليين هو ما لا يقولونه أمام الإعلام، وبالتالي فإن زيارة وزير خارجية فرنسا جان-مارك إيرولت التي تنتهي اليوم تحمل هموما فرنسية تنصبّ على قضيتين اثنتين بحسب ما تشرح أوساط دبلوماسية متابعة للعلاقات اللبنانية-الفرنسية لـ”لبنان 24”: القضية الأولى تتعلّق بملفّ اللاجئين السوريين، والثانية بتسويق شركة “توتال” الفرنسية النفطية لتكون جزءا من” كونسورسيوم” الشركات العالمية التي سوف تضطلع بمهامّ التنقيب وتدريب الكوادر اللبنانية لإدارة البنى التحتية الخاصة بهذا الملفّ حين تدق الساعة وتنتهي الدولة من إقرار وتثبيت المراسيم النفطية.
وفي معلومات “لبنان 24” بأنّ الطرفان السعودي والإيراني لم يفسحا أمام باريس أيّة كوّة لكي تقيم وساطة في الملفّ اللبناني.
من جهتها، تدرك إيران عمق العلاقات الفرنسية الخليجية، وتقرأ جيّدا إصطفافها الى جانب الرؤية الخليجية لقضايا المنطقة وهي بالتالي “تتكتك” على الفرنسيين إما بالتسويف أو بإحالة الملف اللبناني الى “حزب الله” وصولا الى المجاهرة بأن المسيحيين اللبنانيين لهم قرار الفصل في الرئاسة وأنها لا تتدخّل معهم لا هي ولا “حزب الله”!
واقع الحال هو أن إيران لا تريد الإلتزام بأي اتفاق حاليا قبل وصول الإدارة الأميركية الجديدة الى الحكم، وعندها تتبدّل المعطيات وكيفية مقاربة الأمور: فالأثمان التي تدفعها طهران في حال انتخاب هيلاري كلينتون مختلفة عنها في حال وصول دونالد ترامب.
الى ذلك الحين يبقى الملف اللبناني موجودا ضمن رزمة الملفات الإقليمية التي سيتمّ التفاوض في شأنها.
وهذه أيضا حال المسؤولين في السعودية الذين ينتظرون رحيل الرئيس باراك أوباما لمعرفة كيفية مقاربة قضايا المنطقة، مع يقين سعودي بأنّ أية إدارة أميركية جديدة هي أفضل من إدارة أوباما الحاليّة.
وبالتالي يجد الفرنسيون أنفسهم مضطرين لانتظار التوقيت المناسب لتحريك الملفات الإقليمية من اليمن الى العراق وصولا الى سوريا ولا ننسى فلسطين.
في هذا الوقت تسعى فرنسا الى تهيئة المناخات الملائمة إقتصاديا وسياسيا عبر الزيارات الدبلوماسية الرفيعة الى المنطقة.
بالعودة الى شركة “توتال”، يعتبر الفرنسيون بأن لديهم القدرة على تدريب الكوادر اللبنانية المختصة وتقديم الدعم التقني اللازم للمرافق اللبنانية التي تهتمّ بموضوع النفط، علما بأنه لا توجد أية بنية تحتية لبنانية للنفط لا بشريا ولا ماديا. وفي الرؤية الفرنسية أن العلاقات الجيدة التي يرسونها مع إسرائيل ووجودهم ضمن قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان تجعلهم مهيئين أكثر من سواهم لكي يلعبوا دور الوسيط في حلّ أي نزاع بين الطرفين بالنسبة لموضوع النفط.
ويذكر في هذا الإطار ما قاله الباحث نقولا سركيس في محاضرة له الشهر الماضي في “غرفة التجارة الفرنسية-اللبنانية” في باريس حول الدور الريادي الذي يمكن أن تلعبه فرنسا في مجال مساعدة لبنان في قطاع النفط والغاز وخصوصا لجهة حلّ الصراع اللبناني الإسرائيلي في ما يخصّ ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
ويشير سركيس الى أن هذا الموضوع كان أساسيا في زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى لبنان في نيسان الفائت بعد وصول الوساطات الأميركية الى حائط مسدود. برأي الفرنسيين أنه لا يوجد أي سبب يجعل الولايات المتحدة الأميركية والنروج أكثر حضورا منها في ملف النفط اللبناني الذي تسعى فرنسا جاهدة لتكون صاحبة قرارات ومهام رئيسية فيه.