مارلين خليفة-
“مصدر دبلوماسي
زيارة اليومين التي قام بها ولي ولي العهد السعودي وزير الدّفاع الأمير محمّد بن سلمان الى باريس تركت أثرا إيجابيا جدّا في الأوساط الفرنسيّة لما حمله الأمير من أفكار جديدة أبرزها خطّته الإقتصادية الإصلاحية 2030 وجهوده بغية إيضاح كثير من الأمور الخافية عن صورة المملكة، فضلا عن اهتمامه بتطوير قدرات الشباب السّعودي على مختلف الأصعدة ليكون جيلا منافسا في الأسواق العالمية.
ويصف رئيس معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم إميل بيطار في حديث الى “مصدر دبلوماسي” الزيارة بأنها “ممتازة” وهو التوصيف الذي اتفق عليه الطرفان السعودي والفرنسي في آن. ولفت بيطار الى أن الطرفين يقولان بأن مواقفهما متطابقة كليّا في القضايا الإقتصادية ولكن ايضا في الملفّات السياسية الشائكة الممتدّة من اليمن الى العراق فسوريا ولبنان”.
ويرى بيطار بأنّ المهمّة الأصعب التي اضطلع فيها بن سلمان تكمن في إيضاح العديد من الأمور الملتبسة في صورة المملكة العربية السعودية لدى الإعلام الغربي والفرنسي تحديدا، وهذا ينمّ عن وعي سعودي رصد في الآونة الأخيرة بين الجامعيين والمثقفين السعوديين حول أهمية الصورة الإعلامية، وهذا ما يتطلب جهدا إعلاميا سعوديا تجاه الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية الفرنسية توصل وجهة نظر المملكة على حقيقتها في الملفّات المطروحة .
وفي إطار الزيارة كان لقاء حضره بيطار مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي التقى مجموعة من كبار الدبلوماسيين الفرنسيين، ولمس بيطار في كلام الجبير “نبرة سعودية قاسية جدّا في اتجاه إيران و (الرئيس السوري) بشار الأسد، صحيح بأن الموقف السعودي هو ذاته لكنّه لم يتظهّر علانية بهذه الصراحة ولم يتم تسمية الأمور بأسمائها كما يحدث حاليا. وقد لفت كلام الجبير من أن السعودية لن تسكت البتّة عن أيّ تدخّل إيراني في الشؤون الخليجية، ولن تسمح ببقاء بشار الأسد رئيسا لسوريا بعدما اقترفه من جرائم.
تروّ فرنسي
ويلفت بيطار الى أن الإعلام الفرنسي كان متجاوبا مع مبادرات بن سلمان لكنّه يقارب الوضع السعودي بتروّ ويراقب التطوّرات بدقة ، وإذا كانت زيارة بن سلمان الى الولايات المتحدة الأميركية مكتظة بالمواعيد السياسية والتكنولوجية وسواها فإن رؤية بن سلمان وخطته الإقتصادية 2030 وجدت متّسعا لها في الصحف والقراءات الإعلامية الفرنسية، وكذلك أكبّ هذا الإعلام على تحليل الرؤية السعودية للحلول في اليمن وسوريا، وبالتالي بدا الإعلام الفرنسي متريثا حيال الزيارة من دون رصد ايّ نقد لها.
ويلفت بيطار الى أنّ ” العمل على توضيح صورة المملكة العربية السعودية مسار طويل وتراكمي ولا تكفيه زيارة واحدة، لكنّ الجيد أن الفرنسيين باتوا يدركون كيفية توزّع القوى واتخاذ القرار في السعودية وهذا ما لم يكن واضحا في السابق، وبالتالي خلق الأمير محمد ديناميّة سعودية جديدة تلفت النظر الى بلده، علما بأنّ عملية “لفت النظر” هي سيف ذو حدّين لأن الإهتمام بالسعودية ورؤيتها الإقتصادية سيحتّم ايضا رصد حراكها الداخلي على جميع المستويات وكذلك حراكها الخارجي حيال ملفات إيران واليمن وسوريا وسواها”.