مارلين خليفة- “مصدر دبلوماسي”:
نظمت “الرابطة المارونية” مؤتمرا عن النزوح السوري ليومين اثنين في فندق “الميتروبوليتان” سنّ الفيل، وسيصدر عن المؤتمر توصيات تعلن في 13 أيلول الجاري لترفع في حينه الى الأمم المتحدة التي تستضيف مؤتمرين عن اللجوء في 19 الجاري دعا إليه أمينها العام بان كي مون وفي 20 الجاري بدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما. تناول المؤتمر النواحي الأمنية والإجتماعية والوطنية لأزمة النزوح السوري في لبنان.
وفي حلقة حملت عنوان: “النزوح السوري والرؤية الوطنية” التي حضرها رئيس الرابطة المارونية المحامي أنطوان قليموس وعدد من النواب والإعلاميين والأكاديميين والباحثين والقوى الحزبية وأدارها عضو الرابطة المارونية أنطوان قسطنطين كانت مداخلات شكّلت “حوارا وطنيا حقيقيا” لأزمة النزوح بحسب تعبير قسطنطين.
وفي مقدّمة عن الموضوع وجّه أنطوان قسطنطين مجموعة من الأسئلة للحضور :” هل ترون في النزوح السوري الكثيف للإخوة السوريين خطرا على لبنان في أمنه واقتصاده وتركيبته الإجتماعية؟ هل تعتقدون أن عودة النازحين الى بلادهم قريبة؟ ممكنة؟ أم مستحيلة؟ هل هنالك خوف فعلي على النازحين في حال عودتهم وكيف نفسر خروج ودخول هؤلاء بشكل تلقائي؟ هل تؤيدون التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية من منطلق المسؤولية لتأمين عودة السوريين؟ ماذا لو أرادت لعبة الأمم إجبار لبنان بشكل أو بآخر على دمج النازحين في المجتمع اللبناني بقوة الأمر الواقع؟ هل من الوارد إقامة مناطق آمنة داخل الأراضي السورية وتحميل المسؤولية عنها للأمم المتحدة وللنظام السوري؟” وخلص قسطنطين الى القول:” إن خرائط الشرق ترسم بالدّم وعلى مسافة أسبوع تناقش الأمم المتحدة ومن ورائها القوى العظمى ملف اللاجئين في العالم وتتجه الى فرض قواعد جديدة للتعامل معه وربما تكون ملزمة لدول كثيرة لا قدرة لها على الرفض، فهل سيكون لبنان من بينها؟ وأي موقف ستحمله حكومة لبنان الى نيويورك؟ باختصار: النازحون ضحايا فهل يكون انصافهم بتحويل لبنان الى ضحية؟ وهل من بين اللبنانيين من يريد لبلنان أن ينتحر؟
“القوات اللبنانية”
وتحدث النائب في “القوات اللبنانية” أنطوان زهرا الذي قدّم مطالعة شاملة عن أزمة النزوح مستهلا بالتأكيد ” على التزامنا كلبنانيين بحقوق الإنسان وخصوصا وأننا عانينا من حروب وحالات نزوح من داخل لبنان والى خارجه”. ودعا زهرا الى “توضيح الفارق بين اللجوء الفلسطيني واللجوء السوري لأن للسوريين وطن يعودون إليه”.
موضحا ” عدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع تداعيات الحرب السورية منذ بدايتها، واعتماد سياسة التجاهل وإنكار الواقع الذي أوصلنا الى الأزمة الحاليّة”. وحذّر النائب زهرا من “محاذير نشوء حال من الحساسية والتعاطي بعنصرية مع اللاجئين ” قائلا:” نحن سنبقى جيران دوما بحكم الجغرافيا وبالتالي فإن خلق حال من النقمة لدى الجيل الجديد اللاجئ قسرا والممنوع عليه التعلّم أمر خطر للغاية”.
وكان لافتا قول زهرا “بإستحالة المطالبة بعودة النازحين حاليا نتيجة استمرار حالة الحرب وسياسة الفرز السكاني التي يعتمدها بشكل خاص المحور المسيطر على كامل المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية وبالتالي دفع النازحين الى العودة الآن يشبه تسليمهم الى أعدائهم وإباحة دمهم وبالتالي استحالة القبول بتواجدهم العشوائي الحالي”.
أما الحلول التي اقترحها زهرا فهي:” إقامة تجمعات داخل سوريا أو في لبنان في مناطق محاذية للحدود تكون آمنة ومحمية وبتمويل دولي ما يقتضي إصدار قرار من مجلس الأمن الدويل وإرسال قوات دولية وإدارة دولية”. يضيف النائب زهرا:” إن هذه التجمعات تمنع تحوّل مراكز تواجد النازحين الى بؤر مستهدفة من الجهات التكفيرية للتجنيد ولاستغلال حالتهم الإجتماعية والثقافية مما يسهل ضبط الأمن وحركة التنقل من التجمعات وإليها كما يسهّل ضبط عمليتت الإغاثة والمساعدات المادية والغذائية والصحية وخصوصا التعليمية”. ويختم زهرا بقوله إن هذا الحل ” يجعل المجتمع الدولي يتحمّل مسؤوليته عوض السعي للحفاظ على الإستقرار في لبنان خوفا من تصديرهم الى دوله وخصوصا في الإتحاد الأوروبي”.
“تيار المستقبل”
من جهته، دعا النائب في “كتلة المستقبل” النيابية جمال الجراح الى تشكيل لجنة وطنية تنسق مع المؤسسات المانحة بغية توحيد النظرة الوطنية حول هذه المسألة”.
وفي اقتراح غير مسبوق يتقاطع مع طرح النائب زهرا دعا الجراح “الى إيجاد مناطق آمنة داخل الأراضي السورية تحت رعاية الأمم المتحدة”.
ودعا الى ” المساهمة في إيجاد حل سياسي في سوريا بعيدا عن أوهام بقاء هذا النظام الذي لا يمكن أن يكون عنصرا من عناصر الحلّ” بحسب تعبير الجراح.
القومي
وقال ممثل الحزب السوري القومي الإجتماعي حسّان صقر بأن صفة اللجوء تلزم لبنان بإبقاء جزء من السوريين في لبنان في حين أن لبنان لم يوقع اتفاقية اللجوء عام 1951 وبالتالي يجب التنبه واستخدام توصيف نازحين وليس لاجئين لأن اللجوء يرتب أعباء على الدولة في حين أن النزوح اختياري ومؤقت.
وطالب صقر الأوروبيين والأميركيين بفك الحصار المضروب حول سوريا وانتقد تعاطي الأمم المتحدة مع هذه المسألة وخصوص تقرير أمينها العام الذي سرّب الى الإعلام ووصف الأمم المتحدة بأنها “تحولت الى متفرّج سياسي على الحرب تحاول فرض سبل التوطين بطرق مختلفة”، وخلص صقر الى القول بأن ” إقفال باب التنسيق مع الدولة السورية يقتل احتمالات العودة ومن مصلحة لبنان التنسيق لعودة أكبر عدد ممكن من هؤلاء”.
الكتائب
وتحدث جان طويلة ممثلا حزب “الكتائب اللبنانية” واصفا تعاطي الدولة اللبنانية مع أزمة النزوح على طريقة “السعادين الثلاثة” أي لا ترى ولا تسمع ولا تنطق. وقال أن ثمة مليون و800 ألف نازح سوري في لبنان والإقتصاد اللبناني لا يستوعب هكذا عدد ولو كان لمغتربين لبنانيين، كما إن المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية تتدهور عاما بعد عام ويجب التواصل مع الدول العربية لكي تتحمل جزءا من العبء”. ودعا الى ” إيجاد مناطق آمنة داخل الأراضي السورية حيث يتم الإستثمار بالمدارس والمستشفيات”.
الإشتراكي
وقال ممثل الحزب التقدمي الإشتراكي خضر غضبان بأن النزوح تحول الى أكبر كارثة إنسانية وقال بأن سياسة التدمير التي يعتمدها النظام السوري ليست عبثية بل هي استراتيجية لإفراغ المدن من سكانها. واقترح تجهيز لبنان قوانين وآليات لاستقبال المشاريع والأموال وتحييد الملف عن البازار السياسي.
وهنا علّق النائب الجراح بأن ” الأمم المتحدة ترفض المناطق الآمنة في الداخل السوري لسبب أمني ويجب أن تكون مطالبة لبنانية للأمم المتحدة لرفض هذا الموقف”.
“التيار الوطني الحرّ”
وتحدّث النائب حكمت ديب عن “التيار الوطني الحرّ” فدعا الى “الإبتعاد عن توصيف الحرب السورية وتحديد المسؤوليات عنها بين النظام ومعارضيه لأن الأمر لا يخدم مسألة معالجة ملف النزوح الى لبنان”. وأضاف أن ” أي اقتراح لورقة مشتركة لا تخدمها السّجالات السياسية”.
وتحدث ديب عن مشكلات عدة يرتبها النزوح السوري أبرزها:” النفايات والمياه المبتذلة ومصروف الطاقة الكبير”. وحذر ديب مما ” يتم التخطيط له من دعوات الى دمج النازحين في المجتمع تدريجيا وإعطائهم الحقوق المدنية تمهيدا لإعطائهم الجنسية”. ودعا الى ” وقف تدفق النازحين الى لبنان إلا في الحالات الإنسانية القصوى وهم يدخلون الآن بشكل طبيعي”. ودعا ديب” الأمن العام اللبناني الى التشدد على المعابر الحدودية إذ بعد ضبط الحدود تقلص دخول النازحين عام 2014 عاد التراخي لأسباب مجهولة”. وكشف ديب أن ” 83 في المئة من النازحين يعيشون في بيوت سكنية عادية و17 في المئة في المخيمات بحسب دراسة لمركز عصام فارس في الجامعة الأميركية”.
وركز ديب “على دور البلديات لأن الدولة المركزية عاجزة عن ضبط هؤلاء ومنعهم من السكن الجماعي على سبيل المثال لا الحصر”. وأخيرا دعا ديب الى “عدم التلطي بحقوق الإنسان للتآمر على الوطن وضرورة عدم التطبيع مع الواقع الكارثي المفروض علينا”.