Tag: #سام_غودوين

  • إنقاذ سام غودوين…الدور المحوري للواء عباس ابراهيم في تحرير الغربيين من سجون سوريا كيف تعثرت الاستخبارات الاميركية في الاستجابة ؟

    إنقاذ سام غودوين…الدور المحوري للواء عباس ابراهيم في تحرير الغربيين من سجون سوريا كيف تعثرت الاستخبارات الاميركية في الاستجابة ؟

     

    “مصدر دبلوماسي” بالتعاون مع صحيفة “اللواء” اللبنانية
    صدر في نيويورك عن مركز “سنتر ستريت” كتاب “إنقاذ سام” الذي يروي قصة الرحالة الأميركي سام غودوين الذي تم اختطافه في سوريا في العام 2019، حيث اختبر هذا الأميركي الذي جال أكثر من 130 بلدا مرارة الاعتقال في السجون السورية. يروي سام غودوين القصة الحقيقية لاعتقاله ونضال عائلته الاستثنائي لاعادته الى الولايات المتحدة الأميركية الذي حدث بوساطة شاقة قادها اللواء عباس ابراهيم مع السلطات السورية آنذاك.

    تنشر صحيفة “اللواء”  وموقع “مصدر دبلوماسي” ثلاث حلقات شيقة تلخص هذا الكتاب الاستثنائي في مضمونه وخصوصا بعد سقوط النظام في سوريا وانكشاف الاهوال التي عاناها آلاف المساجين والمعتقلين طيلة أعوام في غياهب التعذيب والموت.

     

     

    آن غودوين، والدة سام تروي عجز الدوائر الحكومية الاميركية عن انقاذ ابنها

    تروي والدة سام، آن غودوين:
    بعد أسبوع من الاجتماع الأول مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في سانت لويس، سافرت أنا وتاغ [والد سام] إلى واشنطن العاصمة للقاء فريق استعادة الرهائن.

    غلاف الكتاب : "انقاذ سام"
    غلاف الكتاب : “انقاذ سام”

    وأنا على متن الطائرة كنت مفعمة بالأمل بأننا الآن سنستعين بقدرات الحكومة الأميركية بكل خبراتها ومواردها في البحث عن سام.

    بداية اللقاءات كانت مع ممثلي وكالة الاستخبارات المركزية” السي آي إيه” الذين قالوا لنا فور وصولنا :”ليس لدينا أي شخص في سوريا حاليًا، لذا لا يمكننا فعل أي شيء”.

    شعرت بالصدمة. بالتأكيد وكالة الاستخبارات المركزية، ذات السمعة الأسطورية، لديها عملاء أو مخبرون في كل مكان، أليس كذلك؟ بالإضافة إلى ذلك، كانت سوريا قضية كبيرة للغاية – حيث تم نشر قوات العمليات الخاصة الأميركية هناك للقيام بمهام – مما يجعل من المؤكد أن لديهم وجودًا هناك بشكل ما، كنا نعتقد بشدة أنهم لم يكونوا صادقين معنا تماما.

    وأخيرًا جاء دور مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي”، حيث يقع مقر فريق استعادة الرهائن وكنا نأمل أن يكون لديهم شيئا ما يقدمونه.
    لكن الجواب كان لا. قال مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن الوضع في سوريا يجعل من المستحيل عليهم القيام بأي شيء هناك. ومع ذلك، عرضوا علينا خدمات طبيب يمكنه توفير أية أدوية قد نحتاجها انا وزوجي لتخفيف التوتر أو تقديم استشارات زوجية، حيث سبق أن تسببت ظروفا مماثلة في تدمير العديد من العلاقات الزوجية.

    في هذه المرحلة، شعرت بالإحباط التام. بدا الأمر وكأنه اهدار مفرط للوقت من دون تحقيق نتائج تُذكر. كان من الواضح أن هؤلاء الأشخاص لديهم نوايا حسنة، لكنهم بدوا وكأنهم يقدمون أنفسهم كمصدر للمساعدة بدلًا من حل المشكلة.

    كان كل عضو في فريق استعادة الرهائن يبدو ذكيًا وخبيرًا في مجاله، لكنهم مجتمعين كانوا يفتقرون إلى التنسيق مما جعلهم غير فعّالين بالنسبة لنا.

    لم نكن بحاجة إلى طبيب أو مستشار زوجي. كنا بحاجة إليهم لإعادة سام إلى المنزل، ويبدو أنهم نسوا أن هذا هو السبب الأساسي الذي جمعنا جميعًا هنا في هذا المخبأ الخرساني الضخم.
    (…) تتابع آن غودوين والدة سام سردها:”ثم أدلى فريق استعادة الرهائن بتعليق لافت للنظر، لكن بنبرة واقعية بحتة:” ذا كنتم تريدون عودة ابنكم إلى الوطن، عليكم أن تجدوا شخصًا ذا نفوذ لدى الرئيس بشار الأسد، شخصًا يمكنه التحدث باسمه”، قالوا ذلك.

    قبل بضعة أسابيع فحسب لم أكن أعلم حتى من هو الرئيس الأسد بالضبط. أسامة، بشار، صدام – كانوا جميعًا بالنسبة إلي مجرد رجال سيئين في الطرف الآخر من العالم. والآن، قلت لنفسي بدهشة: إن الحكومة الأميركية تطلب منا أن نجد شخصا يمكنه التأثير بشكل شخصي على رئيس سوريا؟

    سأل تاغ [والد سام] بنبرة تنم عن نفاد صبره: “من تقترحون أن نستخدم؟”
    أجابوا: “لا يمكننا مساعدتكم في ذلك. إذا فعلنا، وحدث أي خطأ، فلا يمكننا أن نحمّل المسؤولية للحكومة الأميركية عن ذلك”.

    وبالإضافة إلى ذلك، تابعوا نصائحهم قائلين: “نحن نوصي بشدة بعدم الإعلان عن قضية سام بشكل علني. بناءً على هوية خاطفيه، إذا شعروا بضغط عام لإطلاق سراح سام، فقد يقررون قتله بدلاً من ذلك”.

    في الصمت المحرج الذي أعقب ذلك، تحدث أحد المسؤولين قائلًا:
    “عليكم حقًا أن تُخفضوا توقعاتكم”، وأضافت إحدى المسؤولات هناك: “قد لا ترون سام حيًا مرة أخرى”.

    رددتُ عليها: “بلى، سأراه، لأنني سأدعو الله ليعيده إلى المنزل”.
    فأجابت: “حسنًا، دعاؤك يجب أن يكون بأن سام قد مات، لأنه إذا كان حيًا، فهو يتعرض لتعذيب شديد”.

    عندها غادرنا، أنا وتاغ، الغرفة بهدوء، التقطنا هواتفنا من الأدراج، وغادرنا مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي بصمت. وعندما وصلنا إلى الشارع، عند زاوية شارع بنسلفانيا والشارع العاشر، نظرت إلى تاغ وقلت له:
    -“قد لا نرى سام مرة أخرى، لكن هذا لن يؤدي إلى انهيار زواجنا”.

    أومأ تاغ برأسه موافقا وغرق في التفكير.
    ثم قلت له شيئًا ربما كان غير عادل، لكنني كنت أشعر باليأس. أمسكتُ تاغ بكلتي يديّ من ياقة قميصه وقلت له بلهفة:
    -“أعد ابننا إلى المنزل”.
    أومأ تاغ مرة أخرى وقال: “سأفعل”.

    لوك هارتيغ، مسؤول أميركي سابق وخبير في شؤون الرهائن

    يروي لوك هارتيغ وهو مسؤول أميركي سابق وخبير في شؤون الرهائن:

    بصفتي مديرًا كبيرًا لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض خلال إدارة أوباما، أمضيت ثلاث سنوات أركز بشكل كبير على قضايا الرهائن. في سنتي الأخيرة هناك، أدركنا أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الرهائن لم تكن تعمل كما ينبغي أو كما يمكن، وكانت بحاجة إلى إصلاح شامل. كان ذلك بسبب مقتل أربعة أمريكيين شباب في سوريا على يد داعش – وهما صحفيان، جيمس فولي وستيفن سوتلوف، وعاملا إغاثة إنسانيان، كايلا مولر وبيتر كاسيغ.

    كانت هناك عدة محاولات عسكرية غير ناجحة لإنقاذهم، نُفذت بواسطة قوات العمليات الخاصة ذات المهارات العالية، لكنها لم تحقق النجاح. في يوليو 2014، نفذت القوات الخاصة غارة على مخبأ لداعش في منشأة نفطية قرب الرقة شمال سوريا. كان الهدف تحرير جيمس فولي ورهائن آخرين يُعتقد أنهم كانوا هناك، لكن كان تم نقلهم قبل أيام فقط.

    بعد شهر، نشر تنظيم داعش مقطع فيديو وحشيًا يظهر فيه قطع رأس جيمس فولي، الصحفي المستقل البالغ من العمر أربعين عامًا. وبعد شهر آخر، فعلوا الشيء نفسه مع زميله ستيفن سوتلوف. وفي نوفمبر، قاموا بقتل بيتر كاسيغ، الذي اختطف قبل عام أثناء تقديمه الغذاء والمساعدات الطبية للاجئين في شرق سوريا. كان من الواضح أن داعش كان يباعد بين عمليات القتل لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاهتمام الإعلامي الدولي، بهدف ترهيب أعدائه وتجنيد مقاتلين جدد من جميع أنحاء العالم.

    وفي فبراير 2015، أعلن التنظيم أن كايلا مولر قُتلت خلال غارة جوية أردنية على مبنى كان التنظيم يحتجزها فيه. كان من الصعب تحديد ما إذا كانت قد قُتلت بسبب القصف أم على يد التنظيم، لكن تم التأكد من وفاتها.

    تضمنت المحاولات غير الناجحة لتحرير الرهائن الأميركيين حالات أخرى أيضًا من بينها غارة نفذتها قوات العمليات الخاصة في اليمن لمحاولة إنقاذ الصحفي الأميركي لوك سومرز ومعلم إغاثة جنوب إفريقي يدعى بيير كوركي.

    كان لوك سومرز وبيير كوركي محتجزين لدى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يُعد أحد الفروع الأكثر خطورة للتنظيم الإرهابي. وفي ديسمبر 2014، شنت القوات الأميركية غارة لتحرير سومرز، لكن خلال العملية، قام المسلحون بقتل كلا الرهينتين.

    بالإضافة إلى ذلك، استهدفت عملية أميركية مجمعًا تابعًا لتنظيم القاعدة قرب الحدود بين أفغانستان وباكستان، لكنها أسفرت عن مقتل رهينة أميركي عن طريق الخطأ، وهو عامل الإغاثة وارن وينشتاين، في يناير 2015. كان وينشتاين، البالغ من العمر 73 عامًا، على بُعد أربعة أيام فحسب من إنهاء سبع سنوات من عمله مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عندما اختُطف في عام 2011. كما أسفرت الضربة عن مقتل عامل إغاثة إيطالي يُدعى جيوفاني لو بورتو.

    كان من الواضح أن سياسة الرهائن الأميركية بحاجة إلى اعادة نظر جادة. كنت جزءًا من الفريق الذي عمل لمدة شهر على مراجعة هذه السياسة، ووقّع الرئيس باراك أوباما على التعديلات في يونيو 2015. ومن أبرز التغييرات التي أجريناها إنشاء “خلية استعادة الرهائن” (Hostage Recovery Fusion Cell)، بهدف التخلص من التنسيق المفكك ومشاركة المعلومات غير المتناسقة التي كانت شائعة بين الوكالات الحكومية. كان الهدف جمع الخبراء في مكان واحد لتبادل المعلومات ومناقشة النهج المتبعة.

    (…) كما أنشأنا هيئة جديدة في البيت الأبيض تُعرف باسم “مجموعة الاستجابة للرهائن” (Hostage Response Group)، لمتابعة عمل خلية استعادة الرهائن.

    عندما تعتقل حكومة استبدادية لدينا علاقات ودية معها، مثل مصر أو السعودية، مواطنًا أميركيا تكون العملية عادةً بسيطة نسبيًا لضمان الإفراج عنهم. ولكن عندما يختفي شخص في بلد معادٍ مثل روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية أو إيران أو سوريا، تصبح الأمور أكثر تعقيدًا.

    في حالة سام، كانت المشكلة الأولى أنه في البداية، لم يكن واضحًا ما إذا كان قد تم أسره من قبل النظام السوري أو من قبل جهة غير حكومية، مثل جماعة إرهابية أو قوة مسلحة أخرى. بحلول عام 2019، كانت سوريا عبارة عن فسيفساء من القوى المتنافسة والمجموعات العرقية، مما جعل عملية جمع المعلومات أكثر تعقيدًا.

    على المستوى الشخصي، فوجئت بأن سام قد اختُطف في منطقة تسيطر عليها القوات الكردية بشكل رئيسي، رغم أنني كنت أعلم بوجود جيوب من الأراضي في الشمال الشرقي تحت سيطرة النظام السوري.

    تحدثت مع تاغ وآن لمدة ساعة قبل أن يضطرا إلى اللحاق برحلة العودة إلى سانت لويس. وآخر شيء وعدتهم به كان ترتيب لقاء مع رئيسي الجديد، ديفيد برادلي، الذي كان حينها رئيس مجلس إدارة “أتلانتيك ميديا” ومالك مجموعة “ناشونال جورنال”، حيث كنت أعمل.