الوزيران يوسف رجي واسعد الشيباني
كواليس دبلوماسية
“مصدر دبلوماسي”
في المشهد الدبلوماسي الذي لا يخلو من المفارقات تحوّل قرار إداري غير نافذ قانونًا إلى عنوانٍ سياسي عريض بفضل “حماسة” وزير الخارجية اللبناني يوسف رَجّي، الذي اختار أن يضعه في صلب مؤتمره الصحافي مع نظيره السوري أسعد الشيباني، رغم أن الأخير لم يأتِ على ذكره لا تلميحًا ولا تصريحًا.
فالمراسلة السورية التي أفادت بتعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني–السوري كانت قد وصلت إلى الخارجية اللبنانية قبل عشرة أيام من الزيارة، ولكن الوزير اللبناني آثر استثمارها إعلاميًا في لحظةٍ بدت أقرب إلى استعراض دبلوماسي منها إلى خطوةٍ محسوبة في مسار العلاقات بين البلدين.
تقول أوساط سياسية مطلعة لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن ما لم يُعلن في الكواليس لا يقلّ أهمية عمّا قيل في العلن خلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت في العاشر من تشرين الأول.
فبينما حافظ الوزير السوري على نبرة ودّية هادئة وحرص في جميع تصريحاته على التبشير بصفحة جديدة من التعاون كان في جيب وزارة الخارجية اللبنانية مراسلة سورية مسبقة الإرسال قبل 10 ايام من زيارة الشيباني وصلت عبر السفارة في بيروت، تُبلغها بقرار تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني–السوري.
لكن الوزير يوسف رجي وجد في المراسلة الداخلية فرصةً مناسبة لعرضٍ سياسيٍّ داخلي الطابع. فاختار أن يُخرج القرار إلى الضوء خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره السوري، مقدّماً إيّاه على أنّه “خطوة إصلاحية على المسار السليم“ و”دليل عودة العلاقات إلى إطارها الصحيح”، وكأنّ دمشق كانت قد أهدت بيروت مفاجأةً ديبلوماسية على الهواء مباشرة.
المفارقة أن الوزير الشيباني لم يأتِ، لا من قريب ولا من بعيد على ذكر المجلس الأعلى في كلماته أو لقاءاته اللبنانية تاركاً لوزير الخارجية اللبناني مهمة استثمار القرار وإعطائه حجماً احتفالياً، فيما تدرك الأوساط القانونية أنّ تعليق عمل المجلس لا يكتسب أيّ قيمة دستورية أو قانونية ما لم يُستتبع بقرارين متوازيين من مجلس النواب اللبناني ومجلس الشعب السوري، باعتبار أنّ المجلس الأعلى منبثق أصلاً من معاهدة دولية موقّعة بين البلدين. وبالتالي، ما جرى لا يعدو كونه إجراءً إدارياً–سياسياً بلا أثر قانوني ملزم، وإن حمل في ظاهره دلالات رمزية.
أما في قصر بعبدا، فقد جاء الردّ اللبناني أكثر اتزاناً وذكاءً دبلوماسياً إذ ذكّر الرئيس جوزاف عون ضيفه السوري بأنّ العلاقات بين الدول لا تُعلّق ببيانٍ إداري بل تُفعّل عبر السفارات والتبادل الدبلوماسي داعياً دمشق إلى تعيين سفير جديد في بيروت طال انتظاره. وبهذا الرد، أعاد عون النقاش إلى أصوله الدستورية والديبلوماسية، واضعاً النقاط على حروف العلاقة بين بيروت ودمشق… بهدوء، وبابتسامة ديبلوماسية لا تخلو من الرسائل.