
عون تلقى دعوة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة قطر، نقلها سفير قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي هنأه بانتخابه رئيسا للجمهورية، متمنياً أن "يشهد عهده مرحلة جديدة يسودها الامن والاستقرار والازدهار
“مصدر دبلوماسي”
كتبت مارلين خليفة
يصل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون غدًا الثلاثاء الى العاصمة القطرية الدوحة في زيارة رسمية بدعوة من أمير دولة قطر سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تأكيدًا على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين لبنان ودولة قطر وعلى استمرار الدعم القطري للبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها وخصوصا بعد حرب مدمرة شنتها اسرائيل.
ويشرف على تنسيق الزيارة في الدوحة سعادة سفير دولة قطر في بيروت الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الذي يؤدي دورا محوريا في ترسيخ التعاون الثنائي ويمثل امتدادًا لنهج قطري ثابت في الوقوف إلى جانب لبنان ومؤسساته الدستورية. وكان السفير آل ثاني نقل لعون في بداية العام الجاري دعوة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة قطر.
ومما جاء في رسالة الشيخ تميم: “أود ان اكرر لكم التهاني بمناسبة انتخابكم رئيساً للجمهورية اللبنانية الشقيقة متمنياً لفخامتكم موفور الصحة والعافية والتوفيق، وآملاً ان يشهد عهدكم مرحلة جديدة يسودها الامن والاستقرار والازدهار في بلدكم. كما يسرني ان أوجه الدعوة لفخامتكم لزيارة بلدكم الثاني قطر في موعد يتم تحديده عبر القنوات الدبلوماسية، لتتيحوا لنا الفرصة للقائكم والترحيب بكم في الدوحة، وتبادل وجهات النظر معكم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والسبل الكفيلة بدعم وتعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين بلدينا في شتى المجالات لما فيه خير ومصلحة شعبينا”.
علاقات تاريخية ودور قطري مستمر في دعم لبنان
تعود العلاقات بين لبنان وقطر إلى أكثر من خمسة عقود، تخللها تعاون وثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية لا سيما في الأوقات الصعبة التي مرّ بها لبنان. وقد برزت قطر كشريك موثوق وقفت الى جانب اللبنانيين في المحن وساندت مؤسسات الدولة وفي طليعتها الجيش اللبناني باعتباره أحد ركائز الاستقرار الوطني.
فخلال الأزمة الاقتصادية التي بدأت في العام 2019 بادرت دولة قطر إلى تقديم دعم مباشر للجيش اللبناني تمثل بمساعدات مالية وغذائية ووقودية كان لها أثر ملموس في الحفاظ على جهوزية المؤسسة العسكرية ودورها.
في حزيران 2022، أعلنت الدوحة مساهمة بقيمة 60 مليون دولار دعمًا للجيش وسبقتها مساعدات غذائية منتظمة بدأت في تموز 2021 كما قدّمت في آب 2023 دعمًا بالوقود لمدة ستة أشهر بقيمة 30 مليون دولار. هذه المبادرات عززت صمود الجيش اللبناني في واحدة من أصعب المراحل التي عرفها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية.
زيارة الوزيرة القطرية لولوة الخاطر إلى لبنان: دعم إنساني وتضامن سياسي في لحظة حرجة
في إطار العلاقات الأخوية المتينة بين دولة قطر ولبنان قامت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر، بزيارة رسمية إلى بيروت خلال الأسبوع الماضي هدفت الى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التعليم والثقافة وتأكيد دعم قطر المستمر للبنان في مواجهة التحديات الراهنة.
التقت الوزيرة القطرية بعدد من المسؤولين اللبنانيين، من بينهم وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي ووزير الثقافة الدكتور غسان سلامة. ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان.
هدفت الزيارة إلى تعزيز التعاون في مجالات التربية والتعليم والثقافة، وتبادل الخبرات بين البلدين كما ناقشت سبل دعم قطاع التعليم في لبنان بما في ذلك تطوير المناهج الدراسية والتبادل الأكاديمي.
وكانت الوزيرة الخاطر قد قامت بزيارة رسمية إلى بيروت في أكتوبر 2024 حيث دشنت جسرا جويا قطريا لإيصال المساعدات الإغاثية والطبية إلى لبنان في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي أدى إلى نزوح واسع وتدهور في الأوضاع الإنسانية.
دور قطر في إعادة إعمار لبنان: من 2006 إلى 2025
في أعقاب العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006، قدّمت دولة قطر مساهمة كبيرة في جهود إعادة الإعمار حيث تركزت مساعداتها في المناطق الجنوبية التي تعرضت لأضرار جسيمة. قدّرت تقديرات البنك الدولي الخسائر المباشرة التي تكبّدها لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، مع تضرر حوالي 100,000 وحدة سكنية، منها 50,000 دُمّرت كليًا و50,000 تضررت جزئيًا. في هذا السياق، قامت قطر بإعادة بناء أكثر من 12,000 وحدة سكنية في الجنوب اللبناني بما في ذلك مدن بنت جبيل والخيام وعيتا الشعب، إضافة إلى إعادة إعمار دور العبادة والبنية التحتية الأساسية.
في أكتوبر 2024، تعرض لبنان لعدوان إسرائيلي جديد أسفر عن مقتل 3,961 شخصًا وإصابة 16,520 آخرين بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. كما أدى العدوان إلى نزوح نحو 1.4 مليون شخص في أرجاء البلاد. تُقدّر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا العدوان بحوالي 8.5 مليار دولار، مع تدمير نحو 100,000 وحدة سكنية. بالإضافة إلى ذلك، تكبّد قطاع الزراعة اللبناني خسائر تقدر بنحو 704 ملايين دولار خلال هذا العدوان.
اليوم، تتجه الأنظار إلى دولة قطر التي لطالما كانت شريكًا أساسيًا في دعم لبنان لمعرفة ما إذا كانت ستساهم مجددًا في جهود إعادة الإعمار. من المتوقع أن تتناول زيارة الرئيس جوزاف عون إلى الدوحة غدًا هذا الموضوع، حيث سيبحث مع المسؤولين القطريين سبل تعزيز التعاون الثنائي وتوسيع إطار الدعم القطري للبنان، لا سيما في مجالات الاقتصاد والطاقة والدفاع. كما يُتوقع أن تتطرق المحادثات إلى المشهد السياسي اللبناني وسبل تعزيز الاستقرار في البلاد.