
وزيران الدفاع في سوريا ولبنان سيتباحثان في مسألة الحدود اللبنانية السورية في جدة
“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
في تحول مفاجئ نُقل الاجتماع الأمني بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري من دمشق إلى جدة بوساطة سعودية، في خطوة تعكس ديناميات جديدة في المنطقة. كان من المقرر أن يُعقد الاجتماع في العاصمة السورية دمشق امس الاربعاء إلا أنه تم تأجيله فجأة بطلب سوري ثم نقله إلى جدة يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار ودور الرياض المتنامي في الملفات الإقليمية الحساسة.
يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه سوريا تحولات كبيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع المدعوم من تركيا عسكريا وسياسيا ومن قطر ماليا وسياسيا إلى السلطة. مع انطلاق المرحلة الانتقالية في دمشق، برزت المملكة العربية السعودية كأحد اللاعبين الرئيسيين الذين يسعون إلى توسيع نفوذهم مستفيدة من التراجع الإيراني في المنطقة. فبعد أن ظلت إيران لعقود القوة الأكثر تأثيرا في المشهد السوري تحاول الرياض فرض حضورها عبر مسارات سياسية واقتصادية وأمنية.
ويبدو أن نقل الاجتماع إلى جدة لم يكن مجرد تعديل بروتوكولي بل مؤشر على مدى الطموح السعودي في سوريا ولبنان. فمع إعادة ترتيب البيت الداخلي السوري الذي يبدو أنه سيطول تسعى المملكة إلى ضمان أن تكون جزءًا أساسيا من إعادة الإعمار ومن ثم إعادة سوريا إلى الفضاء العربي في هذا الإطار، جاء لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع أحمد الشرع في الرياض ليعكس دعما سعوديا واضحًا للقيادة الجديدة في دمشق التي اختارت الرياض وجهتها الاولى قبل تركيا.
أما على الساحة اللبنانية، فإن التدخل السعودي أصبح أكثر وضوحا تواجه السعودية النفوذ الإيراني في لبنان من خلال دعم قوى سياسية معارضة لحزب الله كما تعمل على تعزيز علاقاتها مع المؤسسات الرسمية لضمان نفوذها في القرارات الحكومية. في هذا السياق، فإن استضافة جدة للاجتماع الأمني بين لبنان وسوريا يعكس الرغبة السعودية في لعب دور الضامن الأمني والسياسي لكلا البلدين. فبدلًا من أن يبقى الملف الأمني اللبناني-السوري محصورًا في دمشق تسعى الرياض إلى تقديم نفسها كوسيط أساسي في ترتيبات المرحلة المقبلة. ومن المرجح أن يكون لهذا التطور انعكاسات أوسع على المشهد الإقليمي إذ يشير إلى أن المملكة لن تكتفي بدور المراقب، بل ستسعى إلى إعادة رسم موازين القوى بما يتناسب مع استراتيجيتها الإقليمية.
ان التحرك السعودي الأخير يشير إلى أن الرياض تخطط لإعادة رسم معالم النفوذ الإقليمي سواء عبر الدبلوماسية الاستثمارات أو التفاهمات الأمنية التي بدأت تأخذ طابعًا أكثر وضوحا مع هذا الاجتماع المنعقد في جدة حول مسألة حساسة تتعلق بالحدود بين لبنان وسوريا التي شهدت أخيرا معارك دامية على الحدود الشرقية لسوريا.