![الرئيسيان سعد الحريري وجوزف عون](https://i0.wp.com/masdardiplomacy.com/wp-content/uploads/2025/02/Saad-Hariri-Joseph-Aoun.jpg?fit=1024%2C538&ssl=1)
الرئيسيان سعد الحريري وجوزف عون
البوصلة
مارلين خليفة
غادر سعد الحريري لبنان قبل سنوات، بعدما خسر السلطة في معادلة لم يكن يريدها أن تتحول إلى فتيل لحرب أهلية جديدة. لم يكن الرجل مستعدًا للمغامرة باستقرار لبنان فاختار الابتعاد بدل أن يكون طرفًا في صراع دموي آخر يهدد كيان لبنان الهش. في الخارج، عاش الحريري بين السياسة والأعمال وخصوصا في مقره الاخير في أبو ظبي حيث يعيش في شبه اقامة جبرية، لكنه لم يكن يومًا بعيدًا عن نبض بيروت، التي بقيت حاضرة في وجدانه رغم كل المسافات. كان يدرك أن الزمن قد لا يكون في صالحه، لكن كان يؤمن بأن الوقت سيأتي حين يستدعيه لبنان مجددًا.
اليوم، في الذكرى العشرين لاستشهاد والده، يعود الحريري إلى بيروت، ليجد سلطة أقرب إلى رؤية رفيق الحريري للبنان. رئيس الحكومة نواف سلام، صديقه، رجل القانون والدبلوماسية، يتولى رئاسة الحكومة وإلى جانبه غسان سلامة وزيرًا للثقافة وطارق متري نائبًا لرئيس مجلس الوزراء، في حكومة تكاد تكون متجانسة، قوامها قامات فكرية وأكاديمية من النخبة اللبنانية. هذا المشهد السياسي بما يحمله من لمحات إصلاحية، يشبه إلى حد ما الحلم الذي كان يطمح إليه والده الرئيس الشهيد: دولة مؤسسات يقودها رجال فكر وقانون، لا أمراء حرب وطوائف.
لكن عودة الحريري ليست لمواكبة هذا التغيير الداخلي فحسب بل تأتي في سياق تحول إقليمي ضخم، وهو سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وصعود أحمد الشرع إلى السلطة. الرجل القوي في دمشق لا يزال غامضًا في أسلوب حكمه، فيما يثير قلقًا دوليًا متزايدًا حول احتمال تعزيزه للإيديولوجيا الإسلامية المتشددة إذا تمكن من إحكام قبضته على المؤسسات. في هذا السياق، تصبح عودة سعد الحريري ضرورية أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط كرمز سياسي بل كضمانة لاحتواء السُنّة في لبنان ومنع انجرافهم نحو التطرف. لطالما كان رفيق الحريري حاملًا لراية الاعتدال وسعد الحريري وإن غاب لسنوات يجد نفسه اليوم أمام واجب إعادة تثبيت هذا الخط، ليحفظ لبنان توازنه في زمن التحولات الكبرى.