مقالات مختارة
صحيفة لوفيغارو الفرنسية
ترجمة موقع “مصدر دبلوماسي”
بورتريه – وجدت زوجة الدكتاتور السوري الذي أطاحت به المعارضة هذا الأحد ملاذًا لها ولعائلتها في موسكو. وبعد أن كانت لسنوات رمزًا للجاذبية والحداثة في سوريا، أصبحت على مر السنين تجسد رمز نظام قمعي.
كانت المرأة الأكثر نفوذًا في سوريا. “وردة الصحراء” السابقة باتت اليوم في المنفى، طُردت من بلادها على يد المعارضة، ولجأت إلى موسكو مع أطفالها وزوجها بشار الأسد، الدكتاتور الدموي الذي سقط في مواجهة المعارضة السورية هذا الأحد. أسماء الأسد، السيدة الأولى التي طالما تغنت بها المجلات، مثّلت لفترة وجيزة رمزًا للتغيير وأملًا بالتجديد في وجه نظام عائلة الأسد القمعي، الذي يحكم سوريا منذ خمسة عقود. إلا أن دعمها العلني لزوجها في عام 2012، مع بدايات حرب أهلية تحولت إلى واحدة من أكثر الصراعات دموية في هذا القرن، أسقطها من علياء صورتها كـ “كيت ميدلتون الشرق الأوسط”. آنذاك، كانت تسخر من وضعها في رسالة نُشرت عبر صحيفة The Guardian قائلة: “في العائلة، أنا الديكتاتورة”. وبعد 12 عامًا، باتت تُقارن بماري أنطوانيت، ورأسها أصبح هدفًا للمقصلة.
أسماء فواز الأخرس، وهو اسمها الحقيقي، التقت بشار الأسد عام 1992 خلال سهرة في السفارة السورية بالمملكة المتحدة. كانت تبلغ من العمر حينها 17 عامًا، بينما كان عمره 27 عامًا. تنحدر أسماء من أكتون، إحدى ضواحي لندن، وهي ابنة طبيب قلب ودبلوماسية، كلاهما من أصول سورية بريطانية. تخرجت في مجال علوم الكمبيوتر والأدب الفرنسي من كلية كينغز المرموقة، مما لفت انتباه الطبيب الشاب المتخصص في طب العيون، الذي كان مقيمًا في بريطانيا.
وبحسب دبلوماسي سابق نقلت عنه صحيفة Le Point في عام 2020، فقد “أسر جمالها العربي الأخاذ، على الرغم من كونها سنية، بشار الأسد منذ اللحظة الأولى”. لكن علاقتهما توقفت فجأة عام 1994 بعد وفاة باسل الأسد، الأخ الأكبر والوريث المفترض للرئاسة السورية. تغيّر القدر، واضطر بشار للعودة إلى سوريا للتحضير لخلافة والده حافظ الأسد. قبلت أسماء برحيله وركزت على حياتها المهنية الواعدة، حيث عملت مصرفية أولًا في دويتشه بنك بلندن، ثم تخصصت في صفقات الدمج والاستحواذ لدى جي بي مورغان في كل من إنجلترا ونيويورك.
عقب وفاة حافظ الأسد عام 2000، صعد بشار إلى رئاسة الحكومة السورية. استأنف علاقته بأسماء وتزوجها بعد ستة أشهر في حفل عائلي بسيط كما تقتضي التقاليد. أصبح بشار رئيسًا بعمر 35 عامًا، وأصبحت أسماء، في الخامسة والعشرين، السيدة الأولى. استقبلت عائلته وصولها بفتور، خصوصًا والدته وشقيقته الكبرى. ورغم ذلك، استطاعت أسماء فرض نفسها وإضفاء روح من الحداثة، حيث رأى فيها الإعلام والمواطنون وجهًا أقل قمعًا ومبشرًا بالأمل.
في عام 2011، قبل انطلاق احتجاجات الربيع العربي بعام واحد، خصصت مجلة Vogue لها تقريرًا حافلًا بالثناء، وصفتها فيه بأنها “أنيقة، شابة وجذابة للغاية”، وسيدة أولى “مغناطيسية ومفعمة بالانتعاش”. ووُصفت بـ “ليدي دي الجديدة” و”وردة الصحراء”، ألقاب أشادت بجمالها وأناقتها.
طوال عقد من الزمن، لعبت أسماء دور الزوجة المثالية، وصقل أسلوبها: عقود شانيل، أحذية لوبوتان، وفساتين المصممين. تولت مهام إنسانية، لا سيما عبر مؤسسة Syria Trust for Development التي أنشأتها عام 2006. ورغم ارتباطها الوثيق بالنظام، فقد ركزت المؤسسة على مشاريع تخدم المناطق الريفية، الشباب والثقافة. لكن هذه الصورة الحديثة والمتعاطفة انهارت في عام 2012 عندما اختار بشار الأسد القمع الوحشي لسحق الانتفاضة، مما أدخل البلاد في حرب أهلية أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص خلال 13 عامًا.
تعرضت أسماء لانتقادات لاذعة بسبب موقفها الداعم لزوجها ونظامه، وتحولت من رمز للأمل إلى وجه الكراهية. الإعلام، الذي كان يومًا مفتونًا بها، تخلى عنها؛ حتى Vogue وغيرها من المنابر الإعلامية أزالت تقاريرها عنها.