“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة
محدّث
بحسب اوساط دبلوماسية واسعة الاطلاع ثمة الكثير مما يمكن أن تقوم به وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان في شأن التدمير الممنهج الذي تمارسه اسرائيل على المساكن والبنى المدنية سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في قرى وبلدات جنوب لبنان والبقاع.
ولعلّ الدبلوماسية القانونية هي أحد الاشكال التي يمكن الركون اليها بحسب اوساط دبلوماسية واسعة الاطلاع والتي تستعمل في المحافل والمحاكم الدولية ” أقله من اجل الضغط إذا لم تكن كل هذه المراجع الدولية قادرة على التنفيذ القسري لقراراتها”. بحسب الاوساط إن اللجوء الى الدبلوماسية القانونية “مهم طالما ان وسائل الدبلوماسية الأخرى غير متوفرة للبنان ومنها دبلوماسية القوة ( power diplomacy) والدبلوماسية الاقتصادية ( لبنان بلد مفلس اساساً اليوم ولم يكن له موارد او وسائل ضغط في هذا المجال)”.
ولنعرف مدى اهمية دبلوماسية الضغط القانونية هذه “علينا فقط ان ننظر لما قامت به فلسطين من عدة عقود في هذا المجال وما راكمته واستجمعته من دعم دولي وتقديم مراجعات قانونية واستصدار قرارات اممية ليس فقط في مجلس الامن وانما الأهم من ذلك معنويا في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس حقوق الإنسان وغيرهما، كان لها الأثر الكبير في تثبيت بعض الحقوق الفلسطينية”. بحسب الاوساط الدبلوماسية الواسعة الاطلاع. لماذا لا تتحرك وزاية الخارجية اللبنانية بشكل مكثف وحثيث وسط كل هذا الدمار اليومي؟ المسألة بحس بالاوساط الدبلوماسية الواسعة الاطلاع بأن “دبلوماسيتنا مشتتة ولا تعمل كنظام ( system) له إداراته ومدراءه وآلياته وقواعده، ولا يتم الرجوع غالبا إلى الاراء الاستشارية الجدية التي توضع ( ولا حتى تُطلب او تُقرأ اصلا!) او على الاقل توسيع مروحة النقاش الجدي لصياغة برنامج عمل فعال لتفعيل الدبلوماسية الناعمة ( دبلوماسية القانون الدولي) ولكن الفعالة جدا، بل يحيط المسؤولون انفسهم بضاربي الطبول وليس باصحاب الرأي والعلم. الكل يعرف كل شيء وكل الأمور يديرها شخص او عدد محدود من الأشخاص، وهنا مكمن الفشل الكبير”.
في هذا السياق، علم موقع “مصدر دبلوماسي” بأن مجموعة من النواب قدموا اقتراحا في هذا الشأن للبحث عن الآليات الدبلوماسية القانونية التي من الممكن أن يعتمدها لبنان.
وقد اصدرت اللجنة الوطنية للقانون الدولي الانساني التي يراسها نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أصدرت بيانا مختصرا في بداية الحرب على لبنان وهي بصدد الاعداد لبيان يوضح كل هذه الانتهاكات.
تبقى هذه الخطوات بطيئة جدا ومتواضعة ولا تعدو كونها بيانات هي حبر على ورق فيما يمكن لوزارة الخارجية والمغتربين أن تتحرك على مستوى مجلس الامن الدولي.
لم يعد جائزا أن يبقى لبنان الرسمي والشعبي جالسا مكتوف اليدين يتفرج يوميا على التدمير الممنهج للضاحية الجنوبية لبيروت ولقرى ومدن جنوب لبنان والبقاع وسواها من المناطق، فهذا التدمير الاجرامي للمساكن والبنى التحتية والمدارس والمؤسسات التجارية والاعلامية ومراكز الرعاية وسواها يندرج في اطار جرائم الحرب التي يجب أن تحرّك الدبلوماسية اللبنانية على أعلى المستويات.
لدى وزارة الخارجية اللبنانية أدوات دبلوماسية متعددة يمكن أن تستخدمها لحشد الدعم الدولي وأن تطلب بعثاتها من الدول المتواجدة فيها إدانة التدمير الممنهج، والمطالبة بالمحاسبة والتعويضات. يتطلب ذلك تحركاً دبلوماسياً فعالاً ومنظماً، واستراتيجية واضحة للتواصل مع المجتمع الدولي، وتسخير جميع المنابر المتاحة لتعزيز موقف الدولة وحماية حقوق مواطنيها.
في القانون الدولي والدبلوماسي
يتضمن القانون الدولي والدبلوماسي نصوصا تدين تدمير المباني المدنية أثناء النزاعات المسلحة سواء كانت هذه المباني مساكن متاجر مدارس أو أي منشآت مدنية أخرى.
*القانون الدولي الإنساني:
-اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية لعام 1977 تشكل الإطار الأساسي لحماية المدنيين والمباني المدنية أثناء النزاعات المسلحة.
– المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر بشكل صريح تدمير الممتلكات المدنية إلا إذا كان ذلك ضرورياً للغاية بسبب العمليات العسكرية.
– البروتوكول الإضافي الأول (المادة 52) يؤكد على مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ويمنع استهداف المباني المدنية التي لا تُستخدم لأغراض عسكرية.
*جرائم الحرب:
– نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) يعتبر استهداف وتدمير الممتلكات المدنية جريمة حرب إذا كان ذلك متعمداً وغير مبرر عسكرياً. يمكن محاكمة المسؤولين عن مثل هذه الأعمال في المحكمة الجنائية الدولية.
– محاكمات جرائم الحرب الدولية، مثل محاكمات يوغوسلافيا السابقة ورواندا، أدانت قادة عسكريين ومدنيين بسبب تدمير ممتلكات مدنية دون مبرر.
- القانون العرفي الدولي:
– ينص القانون العرفي الدولي على ضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية في أي نزاع مسلح. يعد استهداف المباني المدنية من دون ضرورة عسكرية واضحة انتهاكاً لهذا القانون.
- 4. قرارات الأمم المتحدة:
– مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة غالباً ما يصدران قرارات تدين استهداف المباني المدنية في النزاعات. على سبيل المثال، أدانت الأمم المتحدة مراراً تدمير المباني في النزاعات في غزة وسوريا واليمن.
تحديات التطبيق:
على الرغم من وجود هذه القوانين، فإن مسألة المحاسبة تظل تحدياً، خاصة في النزاعات التي تكون فيها الدول أو الجهات الفاعلة غير الحكومية غير مستعدة للتعاون مع المحاكم الدولية أو ترفض الاعتراف بولايتها.
إجمالاً، هناك إطار قانوني دولي يدين تدمير المباني المدنية، لكن تنفيذ هذه القوانين يعتمد بشكل كبير على التزام الأطراف المتنازعة وإرادة المجتمع الدولي في محاسبة المتورطين.
عندما تتعرض دولة لتدمير منهجي لمدنها ومبانيها المدنية خلال نزاع مسلح، يمكن لوزارة الخارجية اتخاذ عدة خطوات على الصعيد الدولي والدبلوماسي للدفاع عن حقوقها وللمطالبة بالمحاسبة. وفيما يلي أهم هذه الإجراءات:
في هذا السياق يمكن لوزارة الخارجية والمغتربين التواصل مع المجتمع الدولي:
– التقدم بشكوى رسمية للأمم المتحدة:
– يمكن لوزارة الخارجية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والجمعية العامةللأمم المتحدة، تشرح فيها التدمير الممنهج للمباني المدنية وتطلب من المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الانتهاكات.
– طلب جلسة طارئة في مجلس الأمن:
– يمكن طلب جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع واتخاذ قرار يدين الأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية.
- التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية
– إذا كانت الدولة طرفاً في نظام روما الأساسي، يمكنها التقدم بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة على أراضيها، بما في ذلك استهداف المباني المدنية.
– حتى إذا لم تكن الدولة طرفاً في نظام روما الأساسي، يمكنها تقديم طلب إلى مجلس الأمنلإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
3-إعداد تقارير حقوقية وتقديمها لمجلس حقوق الإنسان:
– يمكن للدولة إعداد تقارير مفصلة حول الانتهاكات وتقديمها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. هذه التقارير يمكن أن تُعد بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية لتوثيق الجرائم والانتهاكات بشكل موثق وموثوق.
- حشد الدعم الدولي من خلال التحالفات الدبلوماسية:
– إطلاق حملة دبلوماسية للتواصل مع الدول الصديقة والحليفة لحشد الدعم والإدانة الدولية ضد تدمير المباني المدنية.
– التعاون مع منظمات إقليمية، مثل جامعة الدول العربية أو الاتحاد الإفريقي أو الاتحاد الأوروبي، للحصول على دعم وإدانة رسمية من هذه المنظمات.
- 5. التعاون مع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية:
– يمكن لوزارة الخارجية العمل مع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية لتسليط الضوء على الانتهاكات والدمار الذي تتعرض له المدن والمباني المدنية. يساهم ذلك في زيادة الضغط الدولي على الطرف المعتدي ويحفز المجتمع الدولي على التحرك.
- 6. المطالبة بتعويضات وإعادة إعمار
– يمكن للدولة التقدم بطلب رسمي إلى محكمة العدل الدولية أو منظمات دولية أخرى للمطالبة بتعويضات عن الأضرار الناتجة عن تدمير المباني المدنية.
– العمل على إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع دول صديقة ومؤسسات دولية لتخفيف آثار الدمار على السكان.
- تفعيل آليات التحقيق الدولية:
– يمكن لوزارة الخارجية دعوة لجان تحقيق دولية مستقلة، مثل لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، للتحقيق في التدمير الممنهج للمباني المدنية وتوثيق الانتهاكات التي ارتكبت.
- 8. التواصل مع الدول الكبرى والمؤثرة:
– التواصل مع الدول المؤثرة مثل الولايات المتحدة، روسيا، الصين، والاتحاد الأوروبي لطلب دعمهم السياسي والدبلوماسي، ومحاولة الضغط على الطرف المعتدي من خلال القنوات الدبلوماسية.