لو فيغارو
بقلم جورج مالبرونو
نُشر منذ ساعة واحدة، وتم التحديث منذ 56 دقيقة
ترجمة موقع “مصدر دبلوماسي”
في هذه البلدة الجبلية التي تبعد 50 كيلومتراً عن بيروت، يتناسى المحظوظون أصحاب الثروات من أصول مختلفة متاعب دولة منهارة حيث يتم دفع كل شيء نقداً.
«مرحباً بكم في نادي فقرا، البلدة المزدهرة»، هكذا تعلن اللافتة الزرقاء عند مدخل هذه المحطة السياحية للأثرياء جداً في لبنان الذي يعيش حالة انهيار.
على ارتفاع 1840 متراً، مع إطلالة على البحر وهواء بمنتهى النقاء، وعلى بعد ساعة بالسيارة من رطوبة صيف بيروت، في جبال كسروان. «يعيش هنالك مجتمع صغير في رغدٍ وترف، معزول عن الواقع المحيط، في حين تسود الحرب وتتحول بعض القرى التي قصفتها إسرائيل على بعد 150 كيلومتراً من فقرا إلى ما يشبه غزة»، يلخص الأكاديمي كريم إميل بيطار الواقع بسخرية.
في يوم زيارتنا، في يونيو، كانت معظم الفيلات الـ200 خالية. الأشخاص القليلون الذين قابلناهم كانوا أعضاءً من نادي بورش في بيروت، الذين كانوا يقومون بنزهة، وأخبرونا أنهم «بحاجة إلى التنفس» في بلدٍ يعجّ باللاجئين الذين يبحثون عن لقمة العيش في صناديق القمامة. حوالي 44 في المئة من اللبنانيين سقطوا في الفقر، وفقاً للبنك الدولي.
لم تبدأ الهجرة الصيفية إلى فقرا بشكل جدّي بعد. «عشيقة الثري الحديث التي تغذت على التهريب والاقتصاد النقدي في لبنان المفلس لم تصل بعد في سيارتها الفيراري البراقة»، يبتسم كريم إميل بيطار.
«ذروة الحياة الفاخرة تكون في 13و 14 و15 أغسطس»، يحذر مالك «شاليه صغير»، الذي قام بجولة إرشادية لنا في هذا المعبد للعرض والتفاخر، لكنه طلب عدم الكشف عن هويته.
أحجار قديمة وأبراج مراقبة
خلال الموكب التقليدي لمريم العذراء في يوم عيد انتقال السيدة العذراء، «الجميع، كما يقول، يعرضون أجمل سياراتهم، وأجمل ساعاتهم… وزوجاتهم». الألعاب النارية، الموسيقى الصاخبة، والخراف المشوية في الأمسيات حول حمام السباحة! ثم هناك ريمون، مالك نادي فقرا، الذي يصل بسيارته “البنتلي”. «ريمون يركن السيارة، يروي شاهد عيان، يفتحون له الباب، ويجلس في الصف الأول في القداس في الكنيسة.»
مع شقيقه تيدي، اشترى ريمون رحمة في عام 2019 قرية العطلات مقابل ما يعادل 32 مليون يورو. بالنسبة لأبناء عامل الأقفال في شمال لبنان، كان هذا تذكرتهم لدخول مجتمع الأثرياء اللبناني.
بين بار السوشي، والمطعم العصري «Le Paname»، والمواقع التي يعمل فيها العمال السوريون، تتوالى الفيلات الفخمة بتناسق معماري مثير للجدل: تلك المصممة بأحجار قديمة راقية منذ حقبة كميل شمعون، الرئيس اللبناني الأسبق، الذي أسس فقرا في الخمسينيات من القرن الماضي مع المصرفي ريمون عودة، والتي باعتها عائلته اخيرا، وتلك الأقل أناقة مع أبراج المراقبة الخاصة بالجنرال-الرئيس إميل لحود، وفارس بويز، وزير الخارجية الأسبق، وسعودي ثري مساهم في بنك لبناني أو رجل الأعمال السني المنخرط في السياسة فؤاد مخزومي.
وأخيراً، يتربع على قمة الجرف الصخري عشّ النسور الخاص برفيق الحريري الراحل، رئيس الوزراء السابق الذي قتل في انفجار سيارته عام 2005 في بيروت، الذي كان يأتي للاستجمام هناك بعد تعرضه للاعتداء في سوريا، قبل وفاته بأشهر. وقد تم رفع صليب عملاق فوق المكان. «فقط لتذكير الجميع بأننا هنا في منطقة مسيحية»، يبتسم أحد الجيران. أسفل ما يمكن تخيله على أنه مهبط طائرات هليكوبتر، تمتد ثلاث مسارات تزلج خاصة، لتجنب الاختلاط بالمحطة المجاورة في فاريا.
في فقرا، لم يكن هناك حجر صحي
من خلف الجدران، يمكن تخيّل المسابح الفخمة. أما نادي “بِسينّا بول” فهو متاح للجميع. «إنه حوض سباحة الشامبانيا»، يبتسم دليلنا، مشيراً إلى البار العائم الذي يتيح الاستمتاع بشرب التيكيلا والأقدام مغمورة بالمياه، أمام الأسرّة المزدوجة التي تُستأجر مقابل 500 دولار لليوم الواحد. «800 دولار لزجاجة تيكيلا آزور، وعند غروب الشمس فوق البحر، يتنافس الناس للحصول عليها»، يقول أحد المدراء بفخر.
خلال فترة كورونا، هاجر “السعداء القلة” إلى فقرا، حيث لم يكن هناك وجود للحجر الصحي. «هنا، لا يأتي أحد ليزعجك»، يؤكد الدليل. في فقرا، أكثر من أي مكان آخر في لبنان، كان مفهوم سلطة الدولة المنهارة مجرد وهم.
«كانت فقرا ممتلئة حتى الحافة في عام 2020»، يتذكر مرافِقنا. كان الناس يهربون من الانفجار المروع في مرفأ بيروت، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص. لا يزال زائر يتحدث بعينين مليئتين بالدهشة عن عرض الأزياء الافتراضي الذي حضره في منزل المصمم اللبناني الفرنسي إيلي صعب: «في حديقته المليئة بأشجار القيقب حيث كان يمكن سماع همس العصافير، رأينا عارضات أزياء حقيقية-وهمية تخرج من خزائن-مرايا ضخمة. كان الأمر سوريالياً، لكنه كان جميلاً جداً، على بعد 50 كيلومتراً من جرح بيروت».
فقرا: مجتمع مصغر
«الجميع يعرف بعضهم البعض هنا، وكل شيء مكشوف، بما في ذلك عندما تكون ثروة شخص ما ناتجة عن عمليات غسيل الأموال»، يؤكد الدليل وهو يحمل هاتفه المحمول، ويقودنا على خطى أحد ملوك التفاخر اللبنانيين، الذي يبرز نفسه بوضوح على حسابه في إنستغرام: “MMchendab”.
الحرف “M” يرمز لمايك، الذي يصوّر نفسه وهو يغادر فندق باريس في موناكو، حاملًا هاتفين محمولين وساعة “ريتشارد ميل” على معصمه (تُقدر بحوالي 400,000 يورو)، قبل أن يستقل سيارته اللامبورغيني الحمراء اللامعة ذات اللوحة الموناكية (تُقدر بنصف مليون).
مايك، الذي يمتلك شاليه في فقرا، والذي يُقال إنه جمع ثروته من قطاع الاتصالات في أوستراليا خلال سنوات الألفية، يظهر على حسابات “Billionaires Classies” و “Luxury Life Magazine”. يعشق سيارات اللامبورغيني، حيث يمتلك منها سبعًا، بالإضافة إلى اثنتين من سيارات الفيراري.
«انظر إلى سيارة Revuelto الصفراء في معرضي، مايك قد حجزها»، يصرح ميشال طراد، الوكيل الحصري لسيارات لامبورغيني في بيروت. وكما هو الحال في كل عام، سيتوجه مايك هذا الصيف إلى الريفييرا الفرنسية بإحدى سياراته. «الأمر ليس مكلفًا للغاية، فتكلفة النقل لا تتجاوز 4000 إلى 5000 يورو»، وفقًا لأحد مالكي الشاليهات في فقرا. مبلغ زهيد بالنسبة لمايك شندب، الذي يتواصل عبر واتساب مع المبعوث الخاص لـ”لو فيغارو”.
«هل تستطيعون تخمين من أين أتصل بكم؟»، يسأل بالإنجليزية. «أنا في موناكو في عرض للسيارات الفاخرة»، يقول، قبل أن يطلب استكمال المحادثة عند عودته إلى بيروت.
ربطة عنق بلون سيارته اللامبورغيني
مايك شندب؟ «لا، إنه ليس مايك، بل محمد شندب»، يصحح أحد المقربين السابقين من رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي، الذي التقيناه في أحد فنادق بيروت. «عائلة شندب، السنية، تتحدر من الضنية في الشمال»، يوضح هذا المقرّب الذي ينتمي هو أيضًا إلى شمال لبنان. وقد اشتهرت الضنية في العم 1999 بأعمال عنف قام بها أنصار مقربون من جماعة الإخوان المسلمين.
«انتظر، لقد وجدت شيئًا أثناء البحث على غوغل باللغة العربية»، يتابع مصدرنا. «في الواقع، حساب MMchendab على إنستغرام هو لمجاهد محمد شندب». الترجمة: المجاهد محمد شندب. وهو اسم أكثر ملاءمة بالتأكيد لطبيعة التدين الصارم في شمال لبنان!
مع أثرياء جدد آخرين، يظهر شندب مساء الخميس متباهياً في المطاعم الرائجة بالقرب من خليج الزيتونة في بيروت، حيث ترسو قلة من اليخوت، بينما يتسول اللاجئون السوريون.
من الأنشطة المفضلة أيضًا، تشغيل سياراتهم خلال ليالي رمضان، أو الوقوف على التراسات لعرض ساعاتهم التي تبلغ قيمتها نصف مليون يورو ليضمنوا أنها لن تمر دون ملاحظة. لكن من وجهة نظر الخبراء، الذروة في الفخامة تتمثل في ارتداء ربطة عنق تتناغم مع لون سيارته، سواء كانت صفراء أو حمراء على سبيل المثال، سواء كانت بورش أو جاغوار أو لامبورغيني!
سواء كانت فيلات فقرا أو سيارات فاخرة، كل شيء يُشترى بـ”الأموال الطازجة”، كما يُقال في لبنان، أي نقدًا. ميشال طراد، الذي باع أربع عشرة سيارة لامبورغيني العام الماضي، يعترف بأنه يمتلك «عدة آلات لعد النقود والكشف عن التزوير». «الإخوة رحمة، من جانبهم، اشتروا مني عدة سيارات بنتلي»، يضيف، «لكنني لا أتحقق من مصدر أموالهم».
ثروة مشبوهة
تُحيط الشكوك بعائلة رحمة. لقد جمعوا ثروتهم في العراق بعد سقوط صدام حسين، منذ العام 2003، في ظروف مشبوهة إلى حد أنهم وُضعوا على القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأميركية. منذ ذلك الحين، يحافظ الإخوة رحمة على مستوى منخفض من الظهور، رغم أنه يمكن رؤية ريمون وسيارته البنتلي أمام متجر “هيرمس”، بالقرب من أسواق بيروت.
لحماية أنفسهم، لديهم دعم سياسي: ريمون مقرب من سليمان فرنجية، المرشح للرئاسة، وتيدي وزوجته من الداعمين للثنائي سمير وستريدا جعجع، زعيمي القوات اللبنانية.
مع مايك وأثرياء جدد آخرين – من لبنانيي إفريقيا إلى الوسطاء الماليين الذين حلوا محل البنوك، مرورًا بالمستفيدين من تجارة النفط وتهريب المولدات – استطاعوا أن يتفوقوا على العائلات القديمة التي كانت ثروتها أقل بروزًا. لم تعد المفاخرات الشامية كما كانت من قبل. «الأجواء قد تغيرت، الآن أصبحت مجرد استعراض للفخامة، أعمال موجهة للوافدين الجدد»، يأسف أحد الذين يحنون إلى لبنان القديم.
Le Figaro
Publié il y a 1 heure, Mis à jour il y a 56 minutes
31 Aout 2024
Tequila à 800 dollars et «fresh money»: à 150 km des bombardements, Faqra, l’entre-soi de la jet set libanaise