“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة
تتجدد سنويا ذكرى عاشوراء التي تجسد استشهاد الامام الحسين وفدائه وبطولته والذي بات رمزا عالميا للحرية وللعدالة. تتوشح هذه الذكرى بحرب الجنوب القائمة منذ 8 اكتوبر الماضي والتي دخلت شهرها العاشر وتصطبغ بدماء الحسين وأهل بيته الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الحق والعدل.
تحمل ذكرى عاشوراء هذه السنة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت معان أعمق وتجسد مشهدا يُخط بدماء الشهداء الذين سقطوا في مقاومة الظلم والاحتلال.
هذا العام، تزدان شوارع الضاحية الجنوبية بالرايات السوداء والحمراء، وتحتشد الجموع من الرجال والنساء، والشيوخ والشباب والاطفال، في مشهد مؤثر يجسد الوحدة والتضامن. يلفهم الحزن والفخر في آن واحد، يرتدون الثياب التقليدية، ويرددون الأناشيد الحسينية التي تحاكي أصداء كربلاء في قلوبهم، حاملين رايات المقاومة التي تتمازج ألوانها مع رايات الحسين.
وفي مسيراتهم، تجد الأطفال في حضن أمهاتهم وآبائهم، يسمعون القصص عن بطولة الحسين وأصحابه، تلك القصص التي تعبر عن المظلومية والكرامة في وجه الطغيان. يغمرهم شعور بالانتماء وهم بعد رضعا، يتعلمون منذ نعومة أظافرهم أن طريق الحق تستحق التضحيات وأن دماء الشهداء هي التي ترسم طرق الحرية والكرامة.
تلك المشاهد في الضاحية الجنوبية تشكل لوحة وجدانية عميقة تتحدث عن الماضي والحاضر وتبعث الى العالم رسالة بأن ذكرى عاشوراء ليست مجرد تاريخ يُقرأ، بل هي شعلة تضيء درب الأحرار والمقاومين. في هذا اليوم، يمتزج دم الحسين بدماء شهداء الجنوب، ليرسموا معا لوحة الصمود والتحدي، مؤكدين أن دماء الأبرار لا تُنسى، وأن ذكراهم ستظل حيّة في القلوب، تلهم الأجيال وتؤكد على أن الحق مهما طال زمنه، سينتصر في النهاية.
اليوم، خلال المسيرة العاشورائية في ضاحية بيروت الجنوبية، تجسد مشهد مؤثر وعميق حيث علقت مئات الصور لشهداء المقاومة الذين سقطوا في جنوب لبنان. هذا المشهد كان محاكاة واقعية ومعيوشة لقصة الإمام الحسين، رمز العدالة الذي رفض البيعة ليزيد بن معاوية، لأنه رأى في حكمه تجسيداً للظلم والفساد.
تماماً كما دافع الحسين عن القيم الإسلامية النبيلة وعن حقوق الناس، مُقدماً موقفه الشجاع كوقوف في وجه الظلم مهما كلفه ذلك من ثمن، كذلك يفعل أبناء الضاحية الجنوبية اليوم بإحياء ذكرى الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل القدس وذودا عن الحرية والكرامة. الصور المعلقة كانت تروي قصصاً من البطولة والفداء، وتعكس روح الحسين وموقفه البطولي ضد الطغيان: سيد الشهداء على طريق القدس.
بعد وضع حزب الله شعاراً لهذه السنة بعنوان “لا حياد في المعركة بين الحق والباطل”، يكتسي هذا الشعار أهمية سياسية بالغة وخصوصا في ظل استمرار الحرب في جنوب لبنان واشتدادها. يعكس هذا الشعار التزام الحزب بالتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة، وإصراره على دعم ما يراه الحق في الصراعات الإقليمية، مما يعزز موقفه كلاعب مؤثر في السياسة الإقليمية والدولية.