“مصدر دبلوماسي”
إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين والوفد المرافق، في حضور سفير الفاتيكان في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والمستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان حيث تم عرض للأوضاع العامة والتطورات السياسية لاسيما الملف الرئاسي.
بارولين
وبعد اللقاء أجاب الكاردينال بارولين على أسئلة الصحافيين، وقال: “الحوار مع الرئيس بري كان جيدا ، تحدثنا عن الوضع في لبنان والحلول المحتملة وليس من المستبعد إيجاد الحلول لكنها ليست مهمتي إنما هي مهمة السياسيين العمل من أجل ذلك، كما نقلنا لرئيس المجلس رغبة قداسة البابا وسعادته بإنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن .
وردا على سؤال، عما اذا كان الوضع في لبنان معقدا وأسباب الازمة داخلية أم خارجية؟.
أجاب بارولين :”ربما لانها هي تحديات سياسية وربما أيضا لان هناك أطرافا عدة وهناك وجهات نظر سياسية متعددة ، نعم هناك أبعاد داخلية للازمة وكذلك أبعاد خارجية لكن الحل يبدأ من هنا وفي لبنان.
وعن أجواء لقائه بالرئيس نبيه بري؟ قال: “اللقاء كما قلت كان جيدا تحدثنا بطريقة شفافة ومنفتحة وكل واحد منا عبر عن وجهة نظره، وهذه نقطة إنطلاق جيدة بالنسبة الينا كما شرحنا وجهة نظرنا”.
وردا على سؤال عما اذا كانت المشكلة هي مسيحية ؟ أجاب بارولين :”المشكلة هي مسؤولية الجميع، وطبعا المسيحيون تقع عليهم مسؤولية لا سيما في مسألة إنتخاب الرئيس لكن بالطبع هم ليسوا وحدهم ، هناك فئات وأطراف أخرى من المجتمع كلهم يجب ان يتحملوا المسؤولية”.
وختتم بارولين :” الحل يبدأ من هنا”.
حسام زكي
وبحث الرئيس بري تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، في حضور السفير عبد الرحمن الصلح .
وبعد اللقاء تحدث السفير زكي :”سعدت اليوم بمقابلة دولة الرئيس نبيه بري في مطلع الزيارة الى لبنان التي تستمر لمدة يومين، لقد كان المفترض أن نكون موجودين قبل ذلك نتيجة للأوضاع في لبنان ، حيث تعودت الجامعة العربية على مواكبة الوضع اللبناني في كل تفاصيله ، لكن طبعا في ضوء ظروف كثيرة منها الظروف الاقليمية يمكن توقفنا عن هذه المواكبة والزيارات لعدة أشهر”.
وأضاف :”الآن عدنا لإستئنافها مستشعرين حجم الوضع الإقليمي المتوتر وما يمكن أن يؤدي اليه من تداعيات سلبية على لبنان ، وطبعا في لبنان هناك عدة أمور ومشكلات سياسية أهمها وفي طليعتها وفي قلبها موضوع الشغور الرئاسي الذي يعطل الكثير من الملفات والامور والعمل في الدولة اللبنانية.
وتابع : طبعا وبالتأكيد الحوار مع الجميع ينصب على هذا الموضوع وعلى الوضع في الجنوب نتيجة الحرب الدائرة وكيفية الوصول الى نهاية لهذا الوضع ، وكيفية أيضا حل مسألة الشغور الرئاسي ، في هذا الإطار وفي هذا السياق تتم الزيارة وتتم اللقاءات مع مختلف الأطراف السياسيين اللبنانيين ورؤساء الكتل وإن شاء الله نستطيع في نهاية الزيارة نصل الى خلاصة إيجابية أكثر بشأن هذين الموضوعين الأساسيين.
سئل : هل حملتم رسالة محددة من الجامعة العربية الى الرئيس بري ؟
أجاب :” نحن تعودنا أولا في المقابلات مع الرئيس بري، ان يكون فيها هذا النوع من تبادل الرأي الصريح أولا، لأنه هو وبطبيعة منصبه وبطبيعة وجوده السياسي المخضرم على الساحة هو شخصية لديها الكثير من القدرة والحنكة السياسية فالإستماع الى تقديره هو أمر في غاية الاهمية، أيضا دائما ننقل الى الرئيس بري وللجميع في هذه الزيارة ننقل لهم ما نراه من تقدير موقف عربي إقليمي دولي بحيث ان الجميع يتابع الوضع العربي والإقليمي ، لكن دائما نحرص على ان نضع رؤيتنا في هذا المجال لأننا نعتقد ان المشاركة في هذه الرؤى تفتح المجال أكثر في العمل السليم الصحيح المبني على أسس وعلى إدراك كامل لخبايا الاوضاع وبالتحديات التي يواجهها هذا البلد”.
أضاف :” نحن هنا ايضا للتضامن مع أشقائنا اللبنانيين ومع الدولة اللبنانية في ما تواجهه من مخاطر بخصوص الوضع في الجنوب والحرب مع اسرائيل ، وبغض النظر عن أية امور، الجامعة العربية تقف مع لبنان بشكل كامل”.
وردا على سؤال حول قدرة الجامعة العربية للوصول الى حل للشغور الرئاسي في ظل الانقسام العمودي الذي كان قائما منذ سنتين ؟ أجاب زكي :” الإنقسام بالفعل من سنتين كان انقساما عموديا وكانت الامور صعبة، الآن في هذه الزيارة وانا لم استكمل لقاءاتي ولكن ما استشعره من الحوارات التي اجريتها حتى الان الانقسام ليس كما كان. هناك مساع للوصول الى تفاهمات بما في ذلك حقيقة ما تحدث عنه الرئيس بري ومسعاه للحوار أعرف أن الرؤى قد لا تتلاقى بالكامل حول هذا الموضوع ولكن في النهاية يحتاج أمر حسم الشغور الرئاسي الى المزيد من التشاور بين السياسيين ، هذا الامر ليس امرا سيئا في حد ذاته ولكنه ليس بالضرورة أن يكون شرطا في كل مرة يحصل فيها إنتخابات رئاسية تمشي الامور بهذا الشكل، فما بين هذه وتلك لا بد أن هناك مساحة للسياسيين لكي يتوصلوا الى شخصيات أو شخصية واحدة يمكن أن تكون مناسبة للمنصب الرئاسي ، ولا بد أيضا على الجميع أن يكون لديه هذا القدر المطلوب من إبداء المرونة لكي تتقدم الأمور بالبلد ، لانه حقيقة ما إستشعرته أن الوضع الداخلي يعاني كثيرا بسبب الشغور الرئاسي من ضمن أمور أخرى طبعا تؤثر على أداء الدولة والمؤسسات بالشكل الكفؤ الذي كان يجب ان يكون موجودا وقائما .
زيارة ميقاتي
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي” ان ما يجمعنا مع الكرسي الرسولي أولويات عدة منها إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والسعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقا من الجنوب ، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع اسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي”.
أما امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين فاكد” ان الكرسي الرسولي قلق من الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لانه من المهم جدا لكل بلد ان يكون هناك رئيس ، فهذا الامر ليس فقط امكانية بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة”.
وشدد على” أن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه”.
وامل” ان تتمكن الاطراف السياسية من ان تجد حلا في اقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالاذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، اضافة إلى ذلك فان الأزمة الاقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم من الفقر والهجرة في لبنان”.
وكان رئيس الحكومة استقبل امين سر دولة الفاتيكان في السرايا بعد ظهر امس وعقد معه اجتماعا ثنائيا اعقبه اجتماع موسع شارك فيه سفير الفاتيكان في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والمطران ماركو فورميكا، وعن الجانب اللبناني وزير العدل هنري خوري، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني شميطلي ومستشارو رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي اضافة الى الدكتور أنطوان قربان.
لقاء صحافي
في ختام المحادثات عقد رئيس الحكومة وامين سر دولة الفاتيكان لقاء صحافيا مشتركا.
وقال رئيس الحكومة: صاحب النيافة
الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة الفاتيكان
يسعدني أن ارحّب بكم في زيارتكم الى لبنان والتي هي موضع ترحيب وتقدير من جميع اللبنانيين، وهي الزيارة الثانية لكم بعد الانفجار المرؤّع في مرفأ بيروت في آب 2020.
وقد سعدت لما سمعته من نيافة الكاردينال عن متابعة قداسة البابا فرنسيس اليومية لشؤون لبنان ومحبته لوطننا وشعبه وتثمينه لرسالته المميّزة في الشّرق كملتقى للأديان والثّقافات والتّلاقي بين مختلف العائلات الرّوحيّة. كما اننا نشكر متابعتكم الدؤوبة والمستمرة لمختلف الهموم والشجون اللبنانية، وقد لمست هذا الامر شخصيا في خلال اجتماعنا في حاضرة الفاتيكان في آذار من العام الفائت. كما نثمن الكلام الذي اعلنتموه بالأمس من بكركي وتمنيتم فيه الوصول إلى حلول للبنان ولشعبه الذي يعاني، وأن يظل لبنان نموذجاً للعيش الواحد.
صاحب النيافة
ثمة اولويات تجمعنا مع الكرسي الرسولي وتهدف الى حماية لبنان وشعبه وترسيخ الأمن والتعافي الاقتصادي. ومن هذه الأولويات:
– إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، لأن استمرار الفراغ يتسبب بتداعيات على المستويات كافة.
– اعادة بناء الدولة ومؤسساتها والاحتكام الى الدستور من أجل المصلحة اللبنانية المشتركة، وتعزيز العيش المشترك.
– العمل على تثبيت الاستقرار الداخلي وايجاد حل للازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة منذ سنوات.
– السعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقا من الجنوب ، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع اسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي.
– الحرص على افضل العلاقات مع الدول الصديقة والداعمة للبنان في هذه الظروف الصعبة، وفي مقدمها حاضرة الفاتيكان التي قدّمت ولا تزال تقدّم الدعم والمساعدة والاهتمام بشخص قداسة الحبر الأعظم وكبار المسؤولين.
صاحب النيافة
يسعدنا في هذه المناسبة أن نجدد، من خلالكم، دعوتنا لقداسة البابا لزيارة لبنان، لان جميع اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة وينظرون اليها ، بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بوصفها أملا جديدا لهم ومن اوائل عوامل الانفراج. ويشجعنا ما تفضلتم به خلال لقائنا عن أهمية المحافظة على الوفاق الوطني بين اللبنانيين وضرورة توفير كل مقومات النجاح له، لان به خلاص اللبنانيين وقدرتهم على المحافظة على وطنهم واحدا موحدا .
صاحب النيافة
مجددا أرحّب بكم في لبنان وأثمن زيارتكم المباركة وما تحمله من بشائر خير للبنان واللبنانيين.
الكاردينال بارولين
ثم تحدث الكاردينال بارولين فقال: اشكر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على هذا الترحيب الاخوي. ان هذه الزيارة الى بلدكم التي كانت تهدف اولا الى الاطلاع على الأعمال الرعوية لمنظمة فرسان مالطا باتت ايضا، كما آمل ان تكون علامة تشجيع للشعب اللبناني في هذا الظرف الدقيق.
انا هنا لكي انقل الى اللبنانيين اهتمام وصلاة الحبر الأعظم الذي لا يزال يرى في لبنان بلد رسالة” العيش معا” حتى ولو كان الان متعبا بازمة اقتصادية وسياسية كبيرة.
في هذا السياق فان الكرسي الرسولي يأمل الا يتعب وطن الارز وان يبقى مثالا للتعايش الأخوي حيث يشكل الوجود المسيحي فيه جزءا ضروريا ومؤسسا ، ويستمر في المساهمة بشكل حاسم في خير البلد.
ان الكرسي الرسولي قلق لجهة الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لانه من المهم جدا لكل بلد ان يكون هناك رئيس ، فهذا الامر ليس فقط امكانية بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة. إن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه. امل ان تتمكن الاطراف السياسية من ان تجد حلا في اقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالاذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، اضافة إلى ذلك فان الأزمة الاقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم الفقر والهجرة في لبنان.
كما أفكر ايضا بضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في ٤ اب ٢٠٢٠، وبعائلاتهم وبالمصابين ، وآمل أن يتمكنوا من نيل التعزية بالايمان، وان تظهر الحقيقة من خلال العدالة.
ان الشرق الاوسط يعيش فترة صعبة جدا والكرسي الرسولي، الذي يقيم علاقات ديبلوماسية منتظمة مع دولة فلسطين وايضا مع اسرائيل ، يأمل بأن تقبل اقتراحات السلام، الكفيلة بوضع حد للغة السلاح من الجانبين، وان يطلق سراح الرهائن وترفع القيود عن المساعدت للشعب الفلسطيني وان يحترم من جديد القانون الانساني الدولي من قبل كل الاطراف من دون استثناء.
وفي هذا الإطار أيضا يجدد الكرسي الرسولي موقفه بأنه في كل ازمة ، يجب الا تكون حماية المدنيين والمدارس والمستشفيات ودور العبادة وغيرها عرضة للعمليات العسكرية. فلسوء الحظ، أدى هذا النزاع الى نزوح عدد كبير من الأفراد، وأنا أشعر بقربي منهم وتضامني معهم. وكما يحب قداسة البابا فرنسيس ان يردد، وهذا ايضا ما اختبره لبنان، فان كل حرب ، تترك العالم اسوأ مما كان عليه قبل النزاع، فالحرب هي دائما تعبير عن فشل السياسة والانسانية. هي استسلام مخجل وهزيمة امام قوى الشر.
لذلك فان لبنان والشرق الاوسط والعالم باسره ليسوا بحاجة للحرب، بل على عكس ذلك يجب مساعدة الشباب لان ينمو بالامل بغد افضل. ونعود هنا الى كلام النبي اشعيا القائل :” فيقضي للأمم، وينصف الشعوب، فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل، لا ترفع أمة على أمة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.”
واخيرا سأنقل الى الحبر الأعظم الدعوة التي وجهتموها دولة الزبارة لزيارة بلدكم وآمل ان تكون هذه الدعوة وبالتالي هذه الزيارة املا للمصالحة الشاملة في لبنان .