“مصدر دبلوماسي”
في مقابلة اجراها مع الزميلة ميسم رزق عبر منصة “بوديوم” على “يوتيوب”، تناول اللواء عباس إبراهيم عدة ملفات حساسة تخص لبنان والمنطقة. وفيما يلي أبرز المواقف التي وردت في المقابلة:
انعكاس حرب غزة على جنوب لبنان
ردا على سؤال عن المشهد القادم في جنوب لبنان وهل يمكن أن يتطور الى حرب واسعة النطاق؟ قال اللواء عباس ابراهيم بأن:” هذا الستاتيكو العسكري والأمني مستمر قد تزيد وتيرته قليلاً ولكنه لن يتطور إلى حرب. إن هذه الوتيرة قد تزيد وقد تتراجع بحسب الظروف، ولكن لن تكون هناك حرب بالمعنى الذي اعتاد اللبنانيون رؤيته من حجم اعتداء إسرائيلي على لبنان من اجتياح وما شابه”.
لا هدنة قريبة في غزة
في ما يخص امكانية التوصل الى هدنة في غزة بعد دخول الحرب شهرها التاسع، قال اللواء ابراهيم:” للأسف لا، أنا لا أرى إمكانية لهدنة قريبة. المدخل الأول لذلك هو وقف دائم لإطلاق النار. لم يزل العدو الإسرائيلي يراوغ في هذه النقطة، ولا يريد أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، بل يسعى لاسترجاع كل المفقودين الإسرائيليين الموجودين لدى القوى الفلسطينية، دون أن يكون وقف إطلاق النار هو المدخل لذلك. هذا يعني أنه يسعى للحصول على المفقودين لدى القوى الفلسطينية ومن ثم سيعيد العمل بآلة القتل. وهذا الموضوع لن يمر، والإخوة الفلسطينيون مستعدون للتضحية حتى آخر رمق. لديهم تجربة سابقة عندما حصلت هدنة لمدة أيام قليلة، وتم إطلاق سراح البعض من هؤلاء المحتجزين ومن ثم استؤنفت عملية القتل والتدمير والتهجير والتنكيل. هذا الموضوع لن يتكرر، ومن يعتقد أنه يستطيع بخديعة ما أن يتوصل لهذه النتيجة فلن يحقق غايته. أنا أدرك أن الإخوة الفلسطينيين يعرفون ما يريدونه وما يقومون به، ولن تكون هناك هدنة إن لم يكن هناك وقف دائم لإطلاق النار”.
وعن دور الولايات المتحدة الاميركية في الحرب قال اللواء ابراهيم:”إن الولايات المتحدة الأميركية تتضرر كثيراً على المستوى الدولي من هذه الحرب، ولكن هناك بُعد عقائدي يجعل أميركا تجد نفسها مضطرة للوقوف إلى جانب إسرائيل رغم كل المأساة الإنسانية التي أعتبر أن إسرائيل وأميركا مسؤولتان عنها”.
لا حل للملف اللبناني قبل انتهاء الحرب في غزة
وهل لا يزال تواصله مع المبعوث الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين مستمراً بشأن المفاوضات حول الجنوب اللبناني والترتيبات الأمنية التي يُحكى عنها؟ أجاب اللواء ابراهيم:” أعتقد بأن آموس هوكشتاين وصل إلى مرحلة الانتظار، لم يعد هناك ما يفعله على صعيد الوساطة أو المبادرات. وصل إلى مرحلة ينتظر كما ينتظر العالم برمته وقف إطلاق النار في غزة وانتهاء الحرب لكي يبدأ من جديد بتناول الملف اللبناني. من الواضح أنه ليس هناك أي تطور في الملف اللبناني قبل نهاية حرب غزة بالمعنى العسكري، بمعنى ما يجري في الجنوب وعلى الحدود”. وعن لقائه بهوكشتاين إبان جولته الاخيرة في الولايات المتحدة الأميركية قال اللواء عباس ابراهيم:””باختصار، هو يعتبر أن الوضع صعب، وأنا وافقته الرأي وقلت إن الخشية أن يصبح الوضع أشد صعوبة. لا تتجه الأوضاع نحو الانفراج إن لم يكن هناك وقف لإطلاق النار في غزة.”
جبهة جنوب لبنان
وهل من احتمال لأن تتجه نحو التصعيد وانفلات الأمور؟
قال اللواء إبراهيم: “أنا لا أتوافق مع هذه النظرية، ولا أرى ذلك لأسباب عدة، أهمها أن الجيش الإسرائيلي أعجز من أن يقوم بحرب على جبهة ثانية. أنا عسكري، ويمكنني القول إنه بعد ثمانية أشهر من الحرب، فإن جيشاً تقليدياً يخوض حرباً، فإنه بالتأكيد تكبد الكثير من الخسائر على المستوى البشري وعلى مستوى التجهيزات. لذا، فإن هذا الجيش سيحتاج إلى أعوام بعد الحرب لكي يعيد تنظيم نفسه لملء الفراغات البشرية والفراغات على مستوى التجهيز ولتدريب جنود جدد وإعادة النهوض بهذا الجيش على المستوى التنظيمي والانضباطي مجدداً.
القرار 1701
لا حل إلا بالقرار 1701 كما هو وعلى إسرائيل أن تلتزم به.
-وعن أية ترتيبات أمنية في جنوب لبنان، قال اللواء إبراهيم: “أؤكد أنه لن يكون هناك اتفاق كما يريد الإسرائيلي، هناك القرار 1701 وهو المتاح حالياً، بالنسبة إلى لبنان وبالنسبة إلى العدو الإسرائيلي. على إسرائيل أن تلتزم بحرفية هذا القرار، أما لبنان، وكما صرح جميع المسؤولين، جاهز للالتزام. بالأصل، فإن لبنان كان ملتزماً لفترة طويلة، وإسرائيل هي التي خرقت هذا الاتفاق منذ العام 2006 إلى غاية 6 أكتوبر لأكثر من 35 ألف مرة، وهذا ما صرح به وزير الخارجية اللبناني. وأنا كنت في الأمن العام وكان هناك تسجيل لهذه الخروق من قبل الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية والتي تعدّت الـ30 ألفاً فعلياً وهي كلها موثقة لدى الأمم المتحدة. على إسرائيل أن تلتزم بهذا القرار بحرفيته ومندرجاته، والجانب اللبناني مستعد للالتزام. أما أن يُعدّل أي حرف من هذا القرار فيعني الإطاحة به وليس هناك إمكانية للقيام بأي اتفاق أمني بين إسرائيل ولبنان على الإطلاق”.
اتفاق بري
وعن أي اتفاق بري عتيد، قال اللواء إبراهيم:
“نحن مستعدون لإعادة الخوض في تظهير حدودنا في المناطق المتحفّظ عليها على الحدود البرية، وهذا مختلف. حتى في ما يخص مزارع شبعا، نحن مستعدون لاستغلال هذه الحرب من أجل ترسيم حدودنا واسترجاع الأراضي المحتلة في المناطق المتحفظ عليها والعودة إلى الخطوط الدولية مع فلسطين المحتلة. أما إعطاء أي أمر لإسرائيل لإسكاتها، فنحن لسنا في موقع الضعيف أبداً، ومن يعتقد بأن لبنان ضعيف هو واهم. أحد أسباب منع إسرائيل التي كانت رئيسة وزرائها غولدا مائير تقول بأننا نخصص الفرقة الموسيقية للهجوم على لبنان في حال نشبت حرب في المنطقة. لقد ولّى هذا الزمن، وأعتقد بأن إسرائيل هي أعجز من أن تشنّ حرباً، وهناك توازن رعب واضح، وما تقوم به المقاومة من إظهار ما لديها من أسلحة تباعاً هو عامل ردع تستطيع إسرائيل أن تفهمه جيداً”.
قوانا الذاتية هي التي تضمن أي اتفاق بري
ومن هو الضامن للاتفاقيات؟
قال اللواء إبراهيم: “إن قوانا الذاتية هي التي تضمن الاتفاق البري، أي حين يتم ترسيم الحدود على الخط النهائي، على القوى الشرعية اللبنانية أن تنتشر على طول هذا الخط ولا نريد ضمانة من أي أحد، إن ضمانتنا هي قوتنا في النهاية. أما بموضوع البحر، فلأنه هناك عامل أجنبي لم يعمل بالتنقيب حصل هذا الابتزاز -كما أسميته- وحصل هذا التراجع وهذا التوقف عن العمل بحجة الحرب. لا يزال أمام الشركة أكثر من 500 متر، ويجب أن تستمر بالعمل لكي تصل إلى العمق الذي تتوقع أن تصل إليه، العمل لم ينته. هل هناك ابتزاز؟ لنخفف قليلاً ونقول إن هناك خشية من العمل في هذه المنطقة والشركات مضطرة بموجب الاتفاق أن تستأنف العمل. أما تسليم التقارير، فهذا شأن الحكومة اللبنانية التي عليها أن تضغط لتحصل على التقارير وهذا حقها.”
تحييد لبنان غير قابل للنقاش
-وقال اللواء إبراهيم: “عندما التقيت بآموس هوكشتاين آخر مرة، كان الموضوع هو محاولة تحييد لبنان عما يجري في غزة، وبالتأكيد أن هذا الموضوع غير قابل للنقاش.”
الفراغ الرئاسي
هل الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان مرتبط بحرب غزة؟
قال اللواء إبراهيم: “بالأساس إن الملف الرئاسي كان مقفلاً ومعطلاً قبل اندلاع الحرب في غزة، ولا علاقة له بحرب غزة، ولا توقفه هو نتيجة حرب غزة. لندع حرب غزة وما يجري في الجنوب بعيداً عما يجري في هذا الملف. إن هذا الملف مسؤول عنه اللبنانيون، لا المجتمع الدولي ولا سواه. نحن أعجز من أن ننتخب رئيساً لأننا لا نريد التحدث مع بعضنا البعض أولاً. ثانياً، إن تركيبة المجلس النيابي الكريم هي تركيبة لا يمكن فيها جمع كتلتين أو ثلاثة مع بعضها البعض للذهاب إلى أغلبية نيابية في المجلس النيابي. إن هذا التناقض في داخل المجلس وهذا التباعد في الآراء هو الذي يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية، لا حرب غزة ولا إسرائيل هي ناخب الرئاسة”.
ضرورة الحوار
اضاف ردا على سؤال عن الحوار:” لدى الثنائي الشيعي مرشح جدي، فليكن هناك مرشح جدي من الطرف الآخر وليتفضلوا إلى الحوار. دولة الرئيس قال بالحوار غير المشروط، يعني هو لا يقول لهم تعالوا لانتخاب سليمان فرنجية أو نحرق مجلس النواب. هو يدعو للحوار لا أكثر ولا أقل وإذا لم نصل إلى نتيجة في الحوار فليكن”.
وأجاب رداً على سؤال عما إذا كانت حظوظ سليمان فرنجية ارتفعت: “ولا يزال هو المرشح الأول للانتخابات الرئاسية لأنه أساساً المرشح الوحيد في هذه اللحظة. كل الذين رشّحوا من قبل البعض لم يعلن أحد منهم ترشيحه، وبالتالي لا يوجد مرشح إلا سليمان فرنجية.”
لبنان دائرة انتخابية واحدة
وأشار رداً على سؤال بأنه: “إذا أردنا تأسيس وطن ومواطن ينتمي إلى وطن، يجب
الذهاب إلى لبنان دائرة انتخابية واحدة، سواء مع النسبية أو مع أي نظام انتخابي آخر سيكون بإمكان ابن عكار أن ينتخب ابن الجنوب والعكس صحيح. إذا أردنا تطبيق الطائف، وكل اللبنانيين ينادون بتطبيق الطائف، فإن الطائف يقول بالانتخابات على أساس المحافظات. نحن نقوم بالانقلاب على الطائف وعلى الدستور، وإننا ننقلب على جميع المفاهيم. نحن نضيق الدوائر بحجة أن كل طائفة تنتخب نوابها أو يكون عندها التمثيل الصحيح، نحن نريد كل لبنان أن ينتخب نوابه، ولا نريد أن تنتخب الطوائف نوابها. حين نصير بهذه العقلية، نبني وطن، وطالما نحن بعقلية الطوائف والمذاهب، فالوقت طويل جداً ليكون لدينا دولة ووطن.”
الخلاف بين حزب الله والتيار الوطني الحر
-وقال اللواء إبراهيم إنه توقف عن القيام بأي مبادرة توفيقية بين التيار الوطني الحر وحزب الله لأن الشرخ بات كبيراً بينهما بسبب الملف الرئاسي. وعمن أخطأ أكثر بحق الآخر، قال اللواء إبراهيم- :” اذا أردنا أن نأخذ الموضوع ببعده الطائفي فإن “حزب الله” أخطأ، وإذا أردنا أن نأخذه في بعده الوطني فإن الوزير جبران باسيل هو الذي يتحمل المسؤولية. أنا ضد نظرية أن تنتخب كل طائفة نوابها، وكما سبق وقلت لن تستقيم الأمور وطنياً في الانتخابات النيابية إلا حينما يصبح لبنان دائرة واحدة. أعود وأؤكد، إذا أخذنا البعد الطائفي للموضوع فمن أخطأ هو حزب الله، أو الثنائي، أما في بعده الوطني فالمخطئ هو الوزير جبران باسيل، لأن رئيس الجمهورية هو لكل لبنان ولكل اللبنانيين.” وعن اللجنة الخماسية، قال: “إن اللجنة الخماسية مشكورة، ولكن أنا أدعو “لجنة الـ128″ أن تقوم بالدور وهي الأحق بالقيام به، أي المجلس النيابي.”
وشكك اللواء إبراهيم أن تجد الحراكات المستجدة للحزب التقدمي الاشتراكي والنائب جبران باسيل أي ثمار لها، وقال بأننا أغرقنا اللجنة الخماسية بخلافاتنا الداخلية.
إمكانية تخفيف أضرار ملف النازحين
وفي ملف النزوح السوري، قال:
“هنالك قدرة على تخفيف أضرار هذا الملف. أعتقد أن الظروف غير مؤاتية لإيجاد حل جذري لهذا الملف. ولكن، يمكننا بكل بساطة وبجرأة سياسية وبالتواصل مع الحكومة السورية أن نخفف من أضرار هذا الملف. لا يوجد شيء اسمه ملف مستعص في السياسة، إنما يجب أن نضغط على العالم لكي نفصل هذا الملف عن المسار السياسي في سوريا. يجب أن نتعامل مع هذا الملف على أساس أنه إنساني بحت. عندما تدخل السياسة إلى هذا الملف تجعله أكثر تعقيداً. وبالتالي، الأمور سهلة: نقصد سوريا، ونضع آلية نحن والأخوة في سوريا لحل هذا الملف، بمعنى تخفيف الأضرار، وأعتقد بأن كل شيء يمشي على ما يرام، يمكننا أن ننسق مع السوريين والأجهزة الأمنية السورية للحد من أعمال التسلل من سوريا إلى لبنان لهؤلاء النازحين. وفي الواقع، إن من يتسللون إلى لبنان ليسوا نازحين بل هم نازحون اقتصاديون وأعدادهم تزيد. يمكننا أن نضيق الفجوات في الزيارات إلى سوريا ونخفف من أضرارهم وأعتقد أنه ليس من حل متاح في هذه اللحظة إلا هذا الحل.”
– وأضاف: “بالطبع، إن المستوى السياسي هو الذي يتحمل المسؤولية. أن نرسل وزيراً أو ضابطاً أو مسؤولاً للحديث في ملف النازحين من ضمن ملفات عديدة، فليس بهذه الطريقة يعالج هذا الملف. إن هذا الملف بحاجة إلى لجنة تؤلفها الحكومة وتحمل هذا الملف تحديداً. أصبح هذا الملف خطراً أكثر من كل الملفات العالقة بيننا وبين الأخوة السوريين، فيجب أن يعالج على هذا المستوى
ولفت:” إن الموضوع خطر إلى درجة أنه يحتاج إلى مؤتمر وطني يخرج بمقررات وهذه المقررات تنفذها الحكومة. إن الموضوع خطر إلى هذا الحد، وهو يحتاج إلى مؤتمر وطني. إن قولي بلجنة تقصد الشام يحوي تواضعاً في الطلب، هذا موضوع وجودي على لبنان وسوريا معاً. وبالتالي، إن هذا الموضوع لن يحل في المدى المنظور نتيجة الضغوط والقرارات الدولية، وواجباتنا أن نستغل كل لحظة مؤاتية لدفع هذا الخطر عن لبنان عبر التواصل مع الحكومة السورية لتخفيف الضرر ليس إلا.” ولفت إلى أنه “بالتأكيد هناك أناس مسلحون بين النازحين، هذا أكيد وقابلون للاستثمار وللشراء نتيجة عوامل عدة. نعم، أكيد بأن هذا الموضوع قابل للاستثمار في بلد منقسم كلبنان، وهذا الأمر مخيف.”