مارلين خليفة
تخرج من لقاء تعارف مع سفير دولة قطر في لبنان الشيخ سعود آل ثاني وانت على يقين بأنك التقيت سفيرا هو مثال في الدبلوماسية الناعمة والدماثة واللطف والخلق الرفيع وشخصية تحبّ لبنان وتسعى الى خير هذا الوطن الصغير.
عرف السفير الشيخ سعود آل ثاني لبنان ولدا، حين كان يقصده مع اهله وابناء العائلة الحاكمة في قطر للاصطياف في عاليه. تعلو الابتسامة وجهه وتضيئه فرحا وهو يتذكر بضع لحظات من طفولته في عاليه، ومن لعب مع اترابه ومع اطفال لبنانيين في اجمل مصايف لبنان. لكنه سرعان ما يصمت قليلا، حين يروي كيف خرج يوما الى الشرفة ليرى الذعر في عيون الناس، كان ذلك في العام 1975، وجاء من طلب منه التحضر للعودة الى الدوحة: اندلعت الحرب في لبنان علينا العودة.
منذ ذلك الحين، لم يزر الشيخ سعود لبنان، ولم يطأ أرضه مجددا إلا بعد تعيينه سفيرا في العام الجاري، خير سفير لبلد هو قطر، يعزّز قوته من أجل الخير في لبنان وفي العالم العربي، لا تقوده اجندات مخفية ولا كواليس غير مرئية، سلاحه الوساطة والتجسير بين المتباعدين.
لكنّ لبنان، الذي يتحدث عنه بمحبة تظهر من قسمات وجهه لم يتح له لغاية اليوم تقديم اوراق اعتماده بشكل كامل وناجز الى رئيس الجمهورية لأن الفراغ يغلف الكرسي الاول منذ عامين واكثر، ويبدو أن الأمر يعزّ على السفير الشيخ سعود آل ثاني، ويتحدث عنه بحزن ويأمل أن تكون جولات اللجنة الخماسية وقطر من ضمنها فأل خير على لبنان بمساعدة اللبنانيين بطبيعة الحال.
لا يعبّر الدبلوماسيون عادة عن حالات طمأنينة أو توجس، ولكن السفير القطري يحرص دوما سواء في تغريداته أو في جلساته على بثّ روح التفاؤل والايجابية ببلد فقد الكثير من السلام ومن الميزات التي جعلته يوما متربعا على عرش قلوب العرب.
تراه مسرورا بالأرقام التي وصلت اليه من وزارة الداخلية اللبنانية من حلول 32 الف سائح قطري في لبنان الصيف الماضي، وأكثر من 130 ألف شخص قطري امضوا عطلة عيد الفطر الاخيرة في الربوع اللبنانية! يمكن للقطريين أن يزوروا لبنان ساعة يشاؤون ولم تصدر دولة قطر ولا أميرها ولا حكومتها أي ايعاز بإجلاء لبنان او بإخلائه من مواطنيها لا بسبب زعل خليجي ولا بسبب حرب اسرائيلية محتملة كل يوم، ابعد الله شرها.
يحرص السفير الشيخ سعود آل ثاني على بثّ روح الطمأنينة، أولاده الصغار يدرسون في لبنان، وفي المدرسة يتوجس الاساتذة إن تأخر الاولاد يوما عن الصف فيسألون: هل غادر السفير القطري لبنان؟ ثمّ يتنفسون الصعداء حين يرون الصغار بين رفقائهم يدرسون ويلعبون في بلد يصفه السفير بأنه “بلد آمن”.
لعلّ أصفى وأجمل ما يقوم به السفير الخلوق والدمث والمثال في التواضع هو نقله لصورة لبنان الجميلة وللسياحة من البحر الى الجبل، ولتصويره بلداته وقراه وبحره وقممه ليراها الجميع، وليتأكدوا بأن النعم لا تزال موجودة في لبنان. يقول لنا في جلسة تعارف:” علّمت اولادي التزلّج في فاريا، ولم يكونوا يعرفون ذلك وأنا سعيد بذلك، فلبنان بلد الطبيعة الخلابة والشعب الحيّ ومستقبله سيكون مضيئا”.