“مصدر دبلوماسي”
-ديربورن- ميشيغن
تصوير: عبّاس شهاب
اعتبر اللواء عباس ابراهيم بأن الحلّ أمام أزمة النزوح السوري الى لبنان “بسيط ولكنه يحتاج الى جرأة بعيدا من التلطي والخوف من المجتمع الدولي ويتمثل بالتوجه الى سوريا والتنسيق مع حكومتها لوضع خطط إعادة النازحين بما يحفظ سيادتنا وكرامة النازح، فكفى تلطيا وراء جهاز من هنا أو ادارة هناك، هذا هو الحل المتاح، أليست السياسة هي فنّ الممكن؟”.
كلام اللواء ابراهيم جاء أثناء حفل تكريمي له في “المركز الاسلامي” في مدينة ديربورن في ميشيغن اقامه على شرفه رئيس المجلس الاغترابي اللبناني الدكتور نسيب فواز، بحضور شخصيات دينية من الطوائف الاسلامية والمسيحية وفاعليات امنية وسياسية ودبلوماسية وقضائية ورؤساء بلديات ونواب ولاية ميشيغن واعضاء مجلس المحافظة ورجال اعمال وحشد من ابناء الجالية اللبنانية.
كذلك حضر الحفل القائم بمهام القنصلية اللبنانية في ديترويت السفير بلال قبلان ورئيس محافظة “واين وارين ايفانز. ويقوم اللواء ابراهيم بجولة شملت لغاية اليوم ولايات ميامي وفرجينيا وميريلاند وواشنطن التقى خلالها فاعليات مختلفة. وفي كلمته في ديربورن تطرق اللواء ابراهيم الى الحرب في فلسطين وانعكاسها على جنوب لبنان واعتبر بأن “الرد يكون باستيعاب الموقف والتعامل معه ميدانيا وفق منطق الفعل ورد الفعل، والتمسك اكثر فأكثر بالقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 1701 والذي خرقته اسرائيل منذ اقراره العام 2006 ولغاية 7 تشرين فقط أكثر من 30 الف مرة، هذا القرار هو الحل الوحيد المتاح لعودة الهدوء على جانبي الحدود مع فلسطين المحتلة وعودة الحياة الى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الاول، لكن السؤال: هل تلتزم اسرائيل بالقرار؟ فننتقل بعدها الى تثبيت نقاط التحفظ على حدودنا الجنوبية البرية ونجد حلا لمسالة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة؟
واستنتج اللواء ابراهيم: “بالنتيجة، إن لبنان بالرغم من كل التهويل الذي يمارس عليه بالنار والدبلوماسية، لن يخضع، لن يؤخذ منا بالتهويل حقا مهما بلغت التضحيات، فالتناغم واضح جدا بين التصعيد الميداني وآلة قتله وبين الرسائل الدبلوماسية الناقلة للتهديد والوعيد والمبادرات على قاعدة حماية لبنان”. وقال:”إن الحل واضح هنا ايضا، فبالاضافة الى الرد الميداني المضبوط تحت سقف عدم توسعة رقعة الحرب، الالتزام بالقرارات الدولية هو خيارنا شرط ان تسري هذه القرارات على الجميع”.
وتطرق الى أهمية التواصل والتنسيق بين جناحي لبنان المقيم والمغترب متوجها الى ابناء الجالية اللبنانية بقوله:” لم يبق امامنا إلا التواصل والحوار لدفع الخطر عنا. هذا الحوار الذي يجب ان يواكب بالتنسيق مع مجموعات ضغط لبنانية في الاغتراب وانتم خير مثال على ذلك، هذا الاغتراب الذي اصبح هو الخاصرة الاصلب والاقوى اليوم في بنية الوطن”.
ولفت الى أن:” التنسيق وفق خطة وبرنامج واضح بين المقيم والمغترب هو المطلوب وللمرة الاولى لأن حجم الخطر غير مسبوق، وقد آن لنا أن نعي ما يدبر لنا على مذبح رسم الخرائط الجديدة لمنطقة الشرق الاوسط”.
وفي نقطة رئيسية رابعة في خطابه تطرق اللواء ابراهيم الى أهمية التشبث بالقضية الفلسطينية قائلا:” سنبقى نقف الى جانب قضية الحق في فلسطين وباقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني وممارسة سيادته غير المنقوصة كما بقية شعوب العالم، وممارسة سيادته غير المنقوصة كما بقية شعوب العالم”.
وقائع حفل التكريم
بدعوة من رئيس المجلس الاغترابي اللبناني الدكتور نسيب فواز اقيم حفل تكريمي على شرف المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم في “المركز الاسلامي” في مدينة “ديربورن” في ولاية ميشيغن بحضور شخصيات دينية من الطوائف الاسلامية والمسيحية وفاعليات امنية وسياسية ودبلوماسية وقضائية ورؤساء بلديات ونواب ولاية ميشيغن واعضاء مجلس المحافظة ورجال اعمال وحشد من ابناء الجالية اللبنانية. كذلك حضر الحفل القائم بمهام القنصلية اللبنانية في ديترويت السفير بلال قبلان ورئيس محافظة “واين” إيفان وارنز. ويقوم اللواء ابراهيم بجولة شملت لغاية اليوم ولايات ميامي وفرجينيا وميريلاند وواشنطن التقى خلالها فاعليات مختلفة.
في البداية، رحّب عريف الاحتفال الدكتور محمد ناصر بالحضور وقال:” في هذه الامسية وفي هذا اللقاء التكريمي لا ادري من يكرّم من؟ أهي الجالية اللبنانية في ديربورن التي عرفت اللواء عباس ابراهيم عن كثب يوم شغل منصب مدير عام الامن العام اللبناني وكانت له الأيادي البيضاء على لبنان وأمنه وسلامته، أم هو اللواء عباس ابراهيم يكرم الجالية اللبنانية في ديربورن بتشريفه وحضوره اليها؟ في الحالتين لا فارق ابدا. فثمة علاقة صدق وعرفان قديم تجمع جاليتنا باللواء عباس ابراهيم الذي تبادله الحب بالحب والوفاء بالوفاء”.
والقى رئيس امناء “المركز الاسلامي” الدكتور فريد ناصر كلمة ترحيبية مثنيا على دور اللواء ابراهيم في خدمة الوطن خلال كل المهام التي اضطلع بها.
السبلاني
ثم كانت كلمة لناشر صحيفة “صدى الوطن” اسامة السبلاني الذي تحدث عن زيارة رئيس مقاطعة “واين” وارين ايفانز الى لبنان في ايلول\سبتمبر الفائت “في زيارة اولى للجنة التنفيذية واتسمت هذه الزيارة بأهمية استثنائية وخصوصا على مستوى ميشيغن وعلى المستوى الفيديرالي، كانت الزيارة الاولى الرسمية الاولى لشخصية رسمية من ميشيغن بالرغم من كل ما يقاسيه لبنان حاليا. التقينا خلال زيارتنا برئيس المجلس النيابي نبيه بري، وايضا التقينا قائد الجيش جوزاف عون ورسميين آخرين، وكانت لدينا الفرصة للقاء اللواء عباس ابراهيم ويمكنني اخباركم بأن الانطباع الذي تركه اللواء ابراهيم كقائد للأمن العام أمام الزائر وارين ايفانز جعلنا كلنا فخورين. هذا الرجل يعكس خصائص الشعب اللبناني واصالته، الذكي المخلص المثقف هكذا هو. ولا اقول ذلك من شاهد واحد بل من خلال عدة لقاءات لي هنا ومنها شخصيات التقيتها في الادارة الاميركية وفي البيت الابيض كانت كلها تشيد باللواء عباس ابراهيم حتى من بعد ما غادر منصبه الرسمي (…).
فواز
ثم كانت كلمة راعي الحفل الدكتور نسيب فواز الذي شكر الحضور واللجنة التنظيمية المشرفة ودعا الحضور للوقوف دقيقة صمت على ارواح الشهداء في غزة ولبنان. قال الدكتور فواز بأن اللواء عباس ابراهيم “أمضى حياته بالكامل يعمل مضحيا بوقته وبجهوده من اجل لبنان ومن أجل كل مواطن لبناني”. واشار:” إننا نوجه له الشكر للجهود التي بذلها من اجل خير بلده وامنه ومن أجل انجازاته في العراق وفي الامارات العربية المتحدة والعالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة الاميركية وهي تصب كلها في دعم الشعب اللبناني وحكومة لبنان”. ولفت فواز:” إن لبنان بأزمته الاقتصادية وازمة المصارف التي نالت من ودائع شعبه، مصارف استولت على ودائع زبائنها، أكانوا لبنانيين أم غير لبنانيين هو بحاجة الى حكومة نظيفة ويفتقر الى ادارة جيدة في المصرف المركزي كانت ضعيفة (…). إن لبنان ليس بلدا مفلسا كما يدعون بل هو بلد لديه 40 بليون دولار سنويا، و400 بليون دولار من المرافق الحيوية..(…) ولديه أدمغة الشرق الاوسط وملايين المغتربين وهو يحتاج الى حكومة جيدة وادارة رشيدة والى وقف الفساد ويحتاج الى ابنائه في الاغتراب ليعملوا مع قادة حقيقيين محفزين للناس مثل اللواء عباس ابراهيم، هكذا يمكننا انقاذ لبنان ودفع الاغتراب اللبناني للعمل سويا”.
كلمة اللواء ابراهيم
والقى اللواء عباس ابراهيم كلمة جاء فيها:” جئت اليكم كراما اعزاء حاملا لكم كل المحبة والتقدير، فأنتم ما حللتم بأرض إلا ورفدتموها عطاء وخيرا، أتيتم الى هنا طالبي علم وعمل وقد ابدعتم في المجالين، فكنتم بحق موضع فخر واعتزاز، ورسمتم كما أرى قصص نجاح غير مسبوق. جئت مرددا قول الامام علي -عليه السلام- ليس بلد بأحق منك ببلد، خير البلاد ما حملت. فالغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة، وانتم هنا في وطن قدّم لكم العلم والمعرفة وهذا هو الغنى بعينه، فاعملوا له كما عمل لكم، وردّوا التحية بأحسن منها.
جئت اليكم من وطن يمرّ بأدقّ مراحل وجوده، فمن الانهيار المصرفي في عملية غير مسبوقة في التاريخ وما نتج عنها من ضياع ثروات وجنى العمر لشريحة كبيرة من اللبنانيين مقيمين كانوا أم مغتربين، الى غيرهم من الذين آمنوا بنظامنا المصرفي، والاسوأ من ذلك أن سوء الادارة ومصالح البعض هو ما زاد الازمة، وهو ما زال يضعنا في دوامة العجز عن ايجاد نهاية لهذه الازمة. جئت اليكم من وطن يعجز مسؤولوه عن انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو رمز وحدة البلاد، ما عمّق الانقسام الداخلي وزاد من حدة الانقسامات هناك.
أزمة النزوح
جئت اليكم من وطن يرزح تحت وطأة أزمة نزوح بما يقارب 1،5 مليون نسمة من الاخوة السوريين، ولأننا لا نجيد تحمّل المسؤولية ولأننا اعتدنا على ان نتقاذف تبعات كلّ ازمة، وجد المسؤولون عندنا الحل الاسهل، ألا وهو تحميل النازح السوري مسؤولية وجوده على ارضنا، فجلدنا الضحية وانفسنا معا.
أيها الاعزاء، إن الموضوع ببساطة بحاجة لجرأة ولقرار شجاع بعيدا من التلطي هنا وهنالك خوفا من مجتمع دولي، هذا المجتمع الذي استشعر أخيرا خطر الهجرة السورية اليه عبر لبنان فحضر الينا حاملا معاملة بسيطة: ندفع لكم فتدفعون عنّا، لكم منا وعدا بمليار دولار ولنا منكم منع النزوح السوري الى بلدنا. صدقوني أن كل هذه الصيغ مضيعة للوقت، والحل بسيط جدا، لا بل بمنتهى البساطة: ألا وهو التوجّه الى سوريا والتنسيق مع حكومتها لوضع خطط إعادة النازحين بما يحفظ سيادتنا وكرامة النازح، فكفى تلطيا وراء جهاز هنا أو ادارة هناك، هذا هو الحل المتاح، أليست السياسة هي فنّ الممكن؟
حرب اسرائيل
أما آخر الأزمات فهي الحرب التي تشنها اسرائيل علينا، وتصرّ على تصعيدها قتلا للآمنين وتهديما للمنازل ومحاولة ازالة أية امكانية للحياة جنوبا، إننا نعي أن اسرائيل تحاول بكل امكاناتها جرّنا الى حرب كبرى في المنطقة لاعتقادها بإمكانية استدعاء تدخّل العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية للدخول في الحرب دفاعا عنها ونصرا لها. لماذا؟ لأن قادة هذا الكيان يتهرّبون من المحاسبة نتيجة لتقصيرهم في 7 تشرين الاول الماضي، والذي سيقودهم حتما الى السجون، هذا داخليا.
أما خارجيا، فهم يدركون نتيجة ما هو متوقع لهم من قرارات على مستوى المحاكم الدولية بالرغم من كل الضغوط التي تمارس على هذه المحاكم.
فلعل النصر الذي يحلمون به يجعل منهم ابطالا، وهذا ما لم ولن يحصل ابدا.
إن الرد ايها الاعزاء يكون باستيعاب الموقف والتعامل معه ميدانيا وفق منطق الفعل ورد الفعل، والتمسك اكثر فأكثر بالقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 1701 والذي خرقته اسرائيل منذ اقراره العام 2006 ولغاية 7 تشرين فقط أكثر من 30 الف مرة، هذا القرار هو الحل الوحيد المتاح لعودة الهدوء على جانبي الحدود مع فلسطين المحتلة وعودة الحياة الى ما كانت عليه قبل 7 تشرين، لكن السؤال: هل تلتزم اسرائيل بالقرار؟ فننتقل بعدها الى تثبيت نقاط التحفظ على حدودنا الجنوبية البرية ونجد حلا لمسألة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة؟
إن تزاحم الازمات يفرض علينا أن نعرض امامكم بعضها:
بالنتيجة، إن لبنان بالرغم من كل التهويل الذي يمارس عليه بالنار والدبلوماسية، لبنان هذا لن يخضع، لن يؤخذ منا بالتهويل حقا مهما بلغت التضحيات، فالتناغم واضح جدا بين التصعيد الميداني وآلة قتله وبين الرسائل الدبلوماسية الناقلة للتهديد والوعيد والمبادرات على قاعدة حماية لبنان.
إن الحل واضح هنا ايضا، فبالاضافة الى الرد الميداني المضبوط تحت سقف عدم توسعة رقعة الحرب الالتزام بالقرارات الدولية هو خيارنا شرط ان تسري هذه القرارات على الجميع.
لبنان يناديكم أن قفوا الى جانبه حيثما كنتم، وكما لم تتركوه يوما لا تتركوه اليوم، ان بلدكم هنا يقود العالم وانتم جزء من هذه الامة الاميركية فاجعلوا الولايات المتحدة ترى مصالح لبنان بأعينكم وارادتكم، اذهبوا الى صناع القرار برؤية تعكس وحدتكم وحرصكم على لبنان واستقراره.
وللداخل اللبناني نتوجه بالقول ان الحل لكل ازماتنا ورسم طرق الخروج منها لن يكون الا بالحوار والوحدة الوطنية فبعدما بلغت الازمات ما بلغت من شدة تجاوزت قدرة الوطن على تحملها، لم يبق امامنا إلا التواصل والحوار لدفع الخطر عنا. هذا الحوار الذي يجب ان يواكب بالتنسيق مع مجموعات ضغط لبنانية في الاغتراب وانتم خير مثال على ذلك، هذا الاغتراب الذي اصبح هو الخاصرة الاصلب والاقوى اليوم في بنية الوطن.
ان التنسيق وفق خطة وبرنامج واضحين بين المقيم والمغترب هو المطلوب وللمرة الاولى، لأن حجم الخطر غير مسبوق، وقد آن لنا أن نعي ما يدبر لنا على مذبح رسم الخرائط الجديدة لمنطقة الشرق الاوسط. وانطلاقا من هذا الوعي سنبقى نقف الى جانب قضية الحق في فلسطين وباقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني وممارسة سيادته غير المنقوصة كما بقية شعوب العالم. يبقى ان نقول ان وحدتنا الوطنية هي الوصفة الوحيدة لكل قوة ومناعة وسيبقى لبنان النموذج الصارخ لحوار الاديان والحضارات في العالم. عشتم وعاش لبنان”.