“مصدر دبلوماسي”-باريس
قلد الامين العام الدائم للاكاديمية الفرنسية أمين معلوف بإسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف من رتبة فارس لجراح الاعصاب اللبناني البروفسور حسن الحسيني خلال حفل أقيم قبل ايام في فندق جورج الخامس في في باريس جمع عددا من اعضاء الجسم الطبي ومن الجالية اللبنانية في فرنسا وضيوف لبنانيين منهم حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري والمدير السابق للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ورئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم وسواهم. بعد 30 عاما من العمل المتواصل في المستشفى الجامعي في مدينة كريتاي شرق باريس أطلق البروفسور الحسيني معهد القلب والدماغ في المستشفى الخاص “بول دي جين” في شامبيني على ضفاف المارن للتركيز على العلاقة بين الدماغ والقلب. وقد منحه الرئيس ماكرون وسام جوقة الشرف من رتبة فارس لأبحاثه في مجال طب الدماغ والقلب. والجائزة تحيي مهنة امتدت لثلاثين عاما عالج خلالها الحسيني اكثر من 50 الف مريض، وهو اجرى بحوثا نشرت في دوريات علمية حول السكتات الدماغية، وقد أسس في مستشفى هندري موندور في كريتاي وحدة للاوعية الدموية والعصبية أحدثت ثورة في علاج السكتات الدماغية. وفي كلمة له حيّا الكاتب أمين معلوف مسيرة البروفسور الحسيني “الذي أصبح مرجعا في مكافحة حوادث القلب والاوعية الدموية”. بدوره ألقى البروفسور الحسيني كلمة مؤثرة استذكر فيها شقيقه الصغير الذي قضى بقذيفة ابان الحرب اللبنانية وكان لا يتجاوز العشرة اعوام ومما جاء في كلمته:”
“أود أن أعبر عن امتناني للبنان بلدي الأصلي حيث وُلدت قبل وقت قصير من اندلاع الحرب المدنية العام 1975 (…)
أنا لا أشكر أولئك الذين ساهموا في التدمير وفي إحداث ثقافة الفساد والإهمال.
أنا لا أشكر أولئك الذين دمروا الاقتصاد ولا أولئك الذين جعلوا القذائف تضل وتأتي لتحصد أخي البالغ من العمر 10 سنوات أمامي وأنا في سن 13. إن فقداني المأساوي لشقيقي كان نقطة تحول في حياتي وهو حفّز اختياري لأصبح طبيبا لمحاولة إنقاذ الأرواح. هذه المأساة أثرت بشكل كبير على بقية افراد عائلتي وشكلت مشروع حياتي. اضطررت لمغادرة لبنان في سن مبكرة جدًا لألتحق بالدراسة في فرنسا. وإذا اتخذت قراري بدراسة الطب فلأنني أفكر يوميًا في أخي.أهدي هذا التكريم الشرفي له”.
أضاف البروفسور الحسيني:” أود أن أعبر عن امتناني لفرنسا، بلدي الثاني التي سمحت لي بالازدهار لأحقق ذاتي.يطرح علي دوما سؤال إذا كنت أشعر بالانتماء الفرنسي أو اللبناني بشكل أكبر:إجابتي دائمًا كانت “الاثنان”.لأطفالي، لا أقول لهم إنهم نصف فرنسيين ونصف لبنانيينبل إنهم 100 في المئة فرنسيون و100 في المئة لبنانيون. إن انتماءنا إلى العديد من الأصول هو ثراء استثنائي، ولكنه يشكل في الوقت عينه مصدرا للعديد من الأحزان، إذا كان الأصل ثابتًا فإن الهوية تبنى وتصبح مشروعًا ورؤية وحلما”(…)
تابع البروفسور الحسيني:”ينبع التزامي بعلم الأعصاب من إعجابي العميق بالدماغ، مقر هويتنا، بغض النظر عن أصولنا. هذا العضو يحتوي على 100 مليار خلية عصبية ويسمح لكل منا ببناء هويته بغض النظر عن أصوله. يمكن زرع قلب أو كبد أو رئة لكننا نظل نفس الشخص بفضل هذا الدماغ. خصصت نفسي للعمل في مجال السكتة الدماغية لتجنب الآثار الخطرة مثل الشلل والعجز اللفظي.
يقول مثل في بلدي الأصل أن السكتة الدماغية هي قضاء لا مفر منه “فالج لا تعالج” والذي يعني حرفيًا أنها سكتة دماغية، لا يوجد شيء يمكن فعله. هذا خطأ! هناك الكثير للقيام به بسرعة: بالعكس يجب أن نقول “سارع للعلاج”،: لدينا ساعات فقط على الأكثر لتجنب موت الخلايا العصبية وتكوين الآثار الجانبية اللاعكسة. كل دقيقة مهمة! لبنان الآن مصاب بالشلل النصفي، يحتاج إلى علاج عاجل لإعادته إلى الحياة وإعادة منحه الكلمة في كوكب الأمم”.
وأشار:” في عالم يعاني من الأزمات والنزاعات، أشارك القلق الذي عبر عنه السيد أمين معلوف، إذ يعتبر أن الإنسانية مشوشة ومشوهة ومضللة ومحطمة… ومع ذلك، فأنا أعتقد انه في قدرة الطب والإنسانية جلب الشفاء والمصالحة من خلال انفتاحنا على ثقافات أخرى وزرع التعاطف يمكننا بناء عالم أكثر اندماجًا وسلامًا. مع الأزمات والحروب المتتالية التي تعصف بالعالم وخصوصا في الشرق الأوسط، أعترف بأنني في كثير من الأحيان أشعر بالإحباط والعجز: فما هي الفائدة من إنقاذ أو محاولة إنقاذ شخص إذا تعرضت حياة الآلاف للخطر؟
يتخيل أمين معلوف حلاً في روايته “إخوة غير متوقعين” وهو وصول حكماء اليونان القديمة الذين اكتسبوا معرفة طبية أكثر تقدمًا منا وقادرين على شفاء الإنسانية.
في مكانتي المتواضعة، مع الطب العادي الذي أمارسه والذي يغتني باستمرار بقصص المرضى الرائعة: الهدف من الشفاء نادرًا ما يتم تحقيقه، ومع ذلك، شفاء شخص واحد يعني شفاء الإنسانية بأكملها. (…).