وزير خارجية لبنان في الاجتماع الوزاري العربي: أي حرب اسرائيلية على لبنان لن تكون نُزهة وقد تتطوّر بسرعة إلى حرب إقليميّة
“مصدر دبلوماسي”- وكالات
انطلقت اليوم الأربعاء أعمال الدورة 161 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، حيث تسلم وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، رئاسة المجلس من نظيره المغربي ناصر بوريطة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن يوم الخميس الماضي لا يمكن أن يمحى من الذاكرة حيث استشهد فيه وجرح فيه المئات وهم يبحثون عن غذاء يسد جوعهم ويجعلهم علي قيد الحياة ولم يكتف الاحتلال بمحو المدن بل صوب نيرانه نحو البطون الخاوية وتلك المذبحة تكشف العجز العالمي غير المسبوق نحو البلطجة من جانب الاحتلال ولا يمكن وصف ذلك غير بالعار على الإنسانية.
وأضاف في كلمته خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب إن الاحتلال يحاول إقناع العالم بأن الحرب ما هي إلا القضاء علي حماس الا أنها حرب إبادة ضد شعب بأكمله وأدواتها المدافع والرصاص والتجويع المتعمد للسكان وفق خطة لإشاعة الفوضى الكاملة في القطاع وقتل أكبر عدد من الناس والسعي الي تهجير من يمكن تهجيرهم الي خارج القطاع .
ومن جانبه، قال وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة، إن بلاده سوف تواصل عملها على تعزيز العمل العربى المشترك، موضحا أن فترة رئاسة بلاده لمجلس الجامعة العربية تزامن مع أجواء مشحونة، وعلى رأسها العدوان على غزة، وما يمثله من تهديد صريح للمنطقة بأسرها.
واعتبر فى كلمته أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية المنعقد اليوم الأربعاء فى مقر الأمانة العامة، أن المغرب لعبت دورا كبيرا فى تعزيز الموقف العربي تجاه العدوان على غزة موضحا أنها ترأست اجتماعا طارئا لوزراء الخارجية العرب شددت فيه على رفض العدوان والعمل على تمرير المساعدات الإنسانية ورفض التهجير.
وأشاد بالجهود المصرية لتمرير المساعدات الإنسانية التى قدمتها المملكة المغربية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل تعنته ويرفض الاذعان لصوت العقل، مما يضع المجتمع الدولى إلا أمام مسؤوليته لإنهاء الانتهاكات التى ترتكب فى القطاع.
وأعرب بوريطة عن دعم بلاده الكامل للصومال في ظل محاولات لانتهاك سيادتها، مؤكدا رفض بلاده الكامل لمذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال، في ظل ما تمثله من انتهاك كبير لسيادة مقديشو.
ويتضمن مشروع جدول الأعمال (10) بنود تتناول عددا من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والمالية والإدارية؛ منها بند العمل العربي المشترك ويشتمل على تقرير الامين العام للجامعة العربية بين دورتي الانعقاد (160 -161)؛ ومشروع جدول أعمال القمة العربية العادية في دورتها ( 33 ) بمملكة البحرين في مايو المقبل ؛ كما يتضمن بندا حول القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي؛ ويشتمل على عدة عناوين منها متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية؛ والتطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة ؛ والأمن المائي العربي وسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي العربية المحتلة ؛ والجولان العربي السوري المحتل.
وشارك لبنان في الاجتماع من خلال وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، اذلي وزّع مكتبه الاعلامي في الوزارة خطابه الذي ننشره كاملا:
كلمة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عبد الله بو حبيب:
معالي وزير خارجية الجمهوريّة الإسلاميّة الموريتانيّة السيّد محمد سالم ولد مرزوك، رئيس الدورة الحاليّة لمجلس جامعة الدول العربيّة على المستوى الوزاري،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبوالغيط،
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكريم،
يسرّني أن أتقدم بالشكر لمعالي الأخ ناصر بوريطة وزير خارجيّة المملكة المغربيّة، على ما بذله من جهد خلال ترؤسه الدورة الـ160 من مجلس الجامعة الوزاري، وأتقدم بالتهنئة من معالي الأخ محمد سالم ولد مرزوك بمناسبة ترؤسه الدورة الـ 161 للمجلس، مُتنمنّيًا له النجاح في مهمّته. كما أتقدّم بالشكر من معالي الأمين العام وجهاز الأمانة العامّة على جهودهم في إدارة أعمال الجامعة.
أصحاب المعالي والسعادة،
إنّنا نجتمع اليوم، ونحن على أبواب الشهر السادس من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، الذي يشهد مرحلة جديدة من الجرائم والمجازر الإسرائيليّة بحقّ الشعب الفلسطيني ، مما يُقوّض أي فرصة لحل عادل وشامل يسمح بقيام دولة فلسطينيّة مُستقلّة استنادًا إلى قرارات الشرعيّة الدولية ومبادرة السلام العربيّة وهي المبادرة التاريخيّة التي أُقِرَّت في قمّة بيروت للعام 2002، والتي تتمسّك بها دولنا العربيّة في حين يُمعن الاحتلال الإسرائيلي في قتل وتهجير الشعب الفلسطيني ويستسهل خرق القانون الدولي الإنساني من دون حسيبٍ أو رقيب.
ومن هذا المُنطلق، فإنّنا ندعو المجتمع الدولي إلى لعب الدور المطلوب والاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية كأمر واقع لإعطاء فرصة حقيقية لمسار السلام وإيجاد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة، واعتماد معايير موحّدة لوقف انتهاكات إسرائيل، من خلال اتخاذ مواقف دوليّة حازمة بامتثال إسرائيل، أسوة بغيرها من الدول، للقانون الدولي الإنساني.
إنّ لبنان، إذ يؤكّد دعمه الدائم للشعب الفلسطيني وقضيّته العادلة في إقامة دولته المُستقلّة وعاصمتها القدس الشرقيّة، يُحيّي صمود هذا الشعب وتشبّثه في أرضه، ويُحذّر من أنّ تمادي إسرائيل في سياساتها التهجيريّة، يُهدد بتوسيع رقعة الصراع وزعزعة الأمن والاستقرار الإقليميّين وتنامي التطرّف.
كما يُجدد لبنان تأكيده رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين، حيث يتواجد ما يُقارب النصف مليون لاجئ فلسطيني على الأراضي اللبنانية في ظروف اقتصادية صعبة، كما يُشدد لبنان على ضرورة دعم استمراريّة وكالة “الأونروا” عبر مدّها بالموارد الماليّة المطلوبة، لتتمكّن من مواصلة توفير الخدمات اللازمة للاجئين تمهيداً لعودتهم إلى ديارهم.
إنّ عدم وجود أُفُق لحلّ القضيّة الفلسطينيّة وعودة اللاجئين إلى أرضهم، يدفعهم إلى اليأس والتطرف، وأي أمل في مستقبل وحياة أفضل، ويُضعف فرص السلام العادل والشامل ، ويُشكل تهديدًا للأمن الإقليمي، ولأمن الدول المُضيفة والمانحة على حدٍّ سواء.
أصحاب المعالي والسعادة،
إنّنا مجتمعون اليوم على وقع التهديدات الإسرائيليّة باستمرار هذه الحرب العبثيّة على لبنان من دون أفق سياسي واضح أو رؤية لاستقرار مُستدام. ومنذ أكتوبر الماضي، تستخدم إسرائيل قنابل الفوسفور الأبيض المُحرّمة دوليًا ضد مناطق مأهولة في جنوب لبنان، بالإضافة إلى استهدافها المدنيين والأطفال، والمسعفين، والمُراسلين الصحافيين، ومراكز الجيش اللبناني في اعتداءات مُتكرّرة، سقط خلالها عدد منهم بيْن شهيد وجريح، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من مناطقهم المُستهدفة، كما أدّى إلى إحراق أراضٍ زراعيّة على مساحة مئات الكيلومترات المربّعة، وخسارة حوالي 40 ألف شجرة زيتون.
وفيما تستمر التهديدات والتصريحات لكبار المسؤولين الإسرائيلين بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، يبقى جوابنا بأن لبنان لا يريد هذه الحرب ولم يسعَ اليها يوماً، لا بل نعمل جاهدين لمنع تحقيق رغبة الحكومة الإسرائيليّة بوقوع هذه الحرب وتوسّعها، لأنها سوف تكون مُختلفة عن سابقاتها، ولن تُوفّر بقعة في الشرق الأوسط من تبعاتها. فعلى الرغم من الدمار الذي تهدّد إسرائيل بإلحاقه في لبنان، إلّا أنّ هذه الحرب لن تكون نُزهة، وقد تتطوّر بسرعة إلى حرب إقليميّة. إنّنا نريد الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبيّة، ونريد إنسحاب اسرائيل الكامل من أراضينا.
فبقدر قلقنا من تدحرج رقعة الصراع إلى مختلف بقاع الشرق الأوسط، نرى دائماً بقعة أمل لتحقيق استقرار وهدوء مُستدام على حدودنا الجنوبيّة. إنّ رؤيتنا هذه تقوم على التطبيق الشامل والكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 للعام 2006، وذلك ضمن سلّة مُتكاملة بضمانات دوليّة واضحة ومُعلنة، وفقًا لما يلي:
- أولًا: إظهار الحدود الدوليّة الجنوبيّة المُرسّمة في العام 1923 بين لبنان وفلسطين، والمؤكد عليها في اتفاقيّة الهدنة بين لبنان وإسرائيل برعاية الامم المتحدة عام 1949. وسوف يتطلب ذلك استكمال عمليّة الاتفاق على جميع النقاط الـ ١٣ الحدوديّة التي يختلف فيها الخطّ الأزرق عن الحدود المُعترف بها دوليًا، استكمالًا للموافقة المبدئيّة على اظهار الحدود في سبعة منها، تحت إشراف قوات “اليونيفيل” التابعة للأمم المتحدة. ويهدف ذلك إلى انسحاب إسرائيل إلى الحدود المُعترف بها دوليًا، ومن ضمنها انسحابها الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري.
- ثانيًا: وقف نهائي للخروقات الإسرائيلية برًا، وبحرًا، وجوًا، لسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دوليًا، والتي وصلت إلى أكثر من 30 ألف خرقٍ منذ صدور القرار 1701 في العام 2006، بالإضافة الى عدم استعمال الاجواء اللبنانية لقصف الاراضي السورية.
- ثالثًا: دعم الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لبنان في بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانيّة من خلال تقوية الجيش اللبناني وانتشاره جنوب نهر الليطاني، وتوفير ما يحتاج إليه من عديد وعتاد ودعم مادي.
- رابعًا: دعم عودة اللبنانيّين الذين نزحوا من بلداتهم وقراهم الجنوبية بعد أحداث السابع من أوكتوبر.
على صعيد منفصل، وفي ظل تزايد أعداد النازحين السوريين في لبنان، مُشكّلين عبئاً كبيراً على الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة التي يعاني منها لبنان أصلاً منذ سنوات، إنّنا نُعّوّل على الأشقاء العرب والمجتمع الدولي لبلورة خارطة طريق تؤمن عودة كريمة وامنة للنازحين إلى بلادهم وتؤمن الموارد اللازمة لتسهيل هذه العودة.
ختاماً، يبقى وقف العدوان على غزة المدخل لخفض التصعيد في المنطقة بالتوازي مع وضع رؤيتنا لاستقرار مستدام في الجنوب اللبناني موضع التنفيذ، وبالتزامن مع البدء بآليّة سريعة لإيجاد حل عادل وشامل للقضيّة الفلسطينيّة، يحفظ الحقوق، ويؤمن العدل والأمن والسلام في منطقتنا.
شكراً، وتمنّياتنا بالنجاح لأعمال مجلسنا هذا.