«مصدر دبلوماسي»
صرّح جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بالقول: “أنا سعيد جداً لوجودي في لبنان رغم الظروف المأساوية التي تؤثر على المنطقة بأسرها، وعلى الشعب اللبناني أيضاً.
تذكرون يا معالي الوزير، التقينا قبل بضعة أسابيع وقلتم لي إن كل ما يحدث في الشرق الأوسط يتردد صداه في لبنان، وله عواقب على لبنان، للأفضل أو للأسوأ. وطلبتم مني تعزيز المشاركة السياسية والحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي ولبنان.
لهذا السبب أنا هنا اليوم، بعد زيارة إسرائيل وفلسطين.
وأنا هنا في الوقت الذي نشهد فيه تكثيفاً مقلقاً لتبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وأعتقد أنَّه يمكن منع الحرب، ويجب تجنبها، ويمكن للدبلوماسية أن تسود للبحث عن حل أفضل.
من الضروري تجنُّب التصعيد الإقليمي في الشرق الأوسط، ومن الضروري تجنُّب جرِّ لبنان إلى صراع إقليمي. وهذا آخر ما يحتاجه لبنان.
لقد نزح أكثر من 70 ألف مدني في لبنان، وأكثر من 200 ألف في شمال إسرائيل. وتم حرق نحو 50 ألف شجرة زيتون على الحدود. تخيّلوا، 50 ألف شجرة زيتون؛ أنا قادم من بلد تكتسب فيه أشجار الزيتون أهمية كبيرة. لذلك أنا أفهم مدى أهمية فقدان 50 ألف شجرة زيتون.
لن يربح أحد من صراع إقليمي. وأنا أبعث هذه الرسالة إلى إسرائيل أيضاً. لن يربح أحد من صراع إقليمي.
أنا هنا لتقييم الوضع وإيجاد مخرج من الأزمة.
أكرِّر ما قلتموه يا معالي الوزير: يجب أن تكون القنوات الدبلوماسية مفتوحة للإشارة إلى أنَّ الحرب ليست الخيار الوحيد، بل الخيار الأسوأ، ويجب مواصلة العمل على حل دبلوماسي.
يتعين على الأسرة الدولية العمل من أجل إحداث تغيير في الشرق الأوسط.
لا يمكننا الاستمرار على نفس نهج العام الماضي، أو العقود الماضية. ولا يمكننا الاستمرار في مشاهدة معاناة النساء والأطفال الأبرياء والمدنيين الآخرين في غزة. ولا يمكننا الاستمرار في مشاهدة العنف المتزايد من جانب المستوطنين ضد المدنيين في الضفة الغربية.
علينا أن نتحرَّك لإنهاء معاناة المدنيين في غزة وإطلاق سراح الرهائن. كما يتعين علينا تنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي 2712 و2720، وكذلك القرار 1701 في لبنان.
معالي الوزير، تعلمون جيداً بقدر ما نعلم، أنَّ الوضع الإنساني في غزة يتجاوز الكارثة. وقد هالتني معاناة الكثير من المدنيين الأبرياء. فالناس لا يتعرضون للقصف فحسب، بل يتضورون جوعا الآن.
فوفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني 100% من سكان غزة الآن من انعدام الأمن الغذائي. ونحن بحاجة إلى وقف الحرب بشكل يمكن أن يصبح دائماً، وإلى زيادة دعمنا لغزة.
حتى الحرب لديها قوانين، وهناك قوانين إنسانية دولية يجب احترامها. وكما قلت مراراً وتكراراً، فإن عملاً يوقع الرعب في النفوس في مكان ما لا يبرر عملاً مشابهاً في مكان آخر. وعلينا أن نفهم أنَّ السلام وحده هو الذي سيجلب السلامة والأمن إلى الشرق الأوسط.
لا يمكننا التعامل مع غزة بمعزل عن الضفة الغربية والقدس الشرقية، فغزة جزء من “المسألة الفلسطينية” الأوسع. إنَّ غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، ويجب أن تكون غزة جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وتتفق الأسرة الدولية بأسرها على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق الذي يمكن أن يجلب السلام والأمن لإسرائيل وفلسطين.
ويجب أن نضاعف جهودنا لإعادة إطلاق عملية السلام. لقد أعلنت إسرائيل عن هدف للقضاء على حماس. ويجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقضاء على حماس؛ طريقة أخرى لا تؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء.
والسبيل الوحيد هو إنشاء دولة فلسطينية تعطي أملاً للفلسطينيين. لذلك صوتت 172 دولة لصالح هذا الأمر في الجمعية العامة للأمم المتحدة – أي نسبة 90٪ من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ونحن لن ندَّخر جهداً لجعل حل الدولتين حقيقة واقعة.
سأزور المملكة العربية السعودية غداً، وأتطلَّع إلى إجراء نقاش موضوعي في شأن كيفية البناء على مبادرتنا الأوروبية العربية المشتركة، والخطوات الملموسة التي يمكنها تحفيز جهود سلام دولية جادة.
يقف لبنان على خط المواجهة في هذا الصراع. فلبنان أكثر استقراراً سيكون أكثر قدرة على الدفاع عن مصالحه والحفاظ على استقلاله والمساهمة في الاستقرار الإقليمي.
واسمحوا لي أن أشير إلى دعم الاتحاد الأوروبي لبعثة اليونيفيل التي تساهم فيها معظم دولنا الأعضاء بقوات على الأرض.
أودُّ أيضاً أن أشيد بالتعاون مع الجيش اللبناني وأيضاً بالأداء الملفت لجيشكم، والذي يراعي التقاليد العسكرية اللبنانية في الخدمة والمهنية والتفاني.
بشكل عام، لا يزال الاتحاد الأوروبي، معالي الوزير، مستعداً لدعم لبنان، لأن دعم لبنان هو وسيلة للمساهمة في الأمن والسلام في المنطقة.