“مصدر دبلوماسي”
صدر في 21 تشرين الثاني\نوفمبر الفائت التقرير الدوري الجديد حول القرار 1701 ، وهو تضمن تقييما شاملا لتنفيذ هذا القرار الصادر عن مجلس الامن الدولي في العام 2006، وفي مقدمته أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الى أنه ” مع تبادل اطلاق النار المتكرر عبر الخط الأزرق اعتبارا من 8 تشرين الاول اكتوبر الفائت بين حزب الله وجماعات مسلحة اخرى غير تابعة للدولة في لبنان وجيش الدفاع الاسرائيلي، لم يحرز أي تقدّم نحو التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار بين اسرائيل ولبنان”.
وبعد فقرات طويلة تصف الخروق والعمليات العسكرية المستجة بعد معارك غزّة، انتقل التقرير للتحدث عن استمرار جيش الدفاع الاسرائيلي ” في احتلال قرية الغجر والمنطقة المتاخمة لها شمال الخطر الازرق، وفي رسالتين متطابقتين مؤرختين في 11 تموز موجهتين الى رئيس مجلس الامن وإلي ذكرت القائمة بالاعمال بالنيابة للبعثة الدائمة للبنان لدى الامم المتحدة ان اسرائيل تقوم بتكريس احتلالها الكامل واستكمال ضمّ الجزء الشمالي اللبناني لبلدة الغجر الممتد الى خراج بلدة الماري، عبر احاطة البلدة بسياج حديدي وجدار اسمنتي واسلاك شائكة وتركيب كاميرات”.
ولاحظ تقرير الامين العام للأمم المتحدة استمرار الجيش الاسرائيلي في خروقه الجوية حيث قال غوتريش:” لحظت في المقابل قوات اليونيفيل وجود 600 انتهاك بري ارتكبها افراد لبنانيون باللباس المدني، عبروا الى جنوب الخط الأزرق، بما يشمل 284 انتهاكا ارتكبها رعيان ومزارعون و316 انتهاكا ارتكبها افراد آخرون. وفي 5 تموز لاحظت القوة المؤقتة انتهاكات للخط الازرق ارتكبها جيش الدفاع الاسرائيلي والجيش اللبناني بالقرب من ميس الجبل. وعبر افراد الجيش اللبناني الخط الازرق في 9 آب بالقرب من ميس الجبل. ولاحظت القوة المؤقتة تسعة انتهاكات للخط الأورق من جانب معدّات الحفر او البناء الاسرائيلية، بما في ذلك بالقرب من عرب اللويزة وحولا، وكذلك بالقرب من المطمورة والضهيرة وعلما الشعب وميس الجبل.
ورغم الطلبات المتكررة المقدمة الى الجيش اللبناني، لم تتح بعد للقوة المؤقتة امكانية الوصول بشكل كامل الى عدة مواقع ذات أهمية، بما في ذلك مواقع لجمعية “اخضر بلا حدود”، والأنفاق التي تعبر الخط الأزرق وحقول الرماية الخمسة غير المأذون بها”.
الملاحظات النهائية
في الملاحظات النهائية قال الأمين العام: يساورني بالغ القلق ازاء خروقات وقف الاعمال العدائية على طول الخط الأزرق منذ 8 تشرين الأول\ اكتوبر، التي شملت تبادل اطلاق النار بين حزب الله وجماعات مسلحة أخرى غير تابعة للدولة في لبنان وجيش الدفاع الاسرائيلي، مما أسفر عن وقوع العديد من الضحايا، بمن فيهم المدنيون، من كلا الجانبين، وتشريد الآلاف داخليا، وأثار شبح نزاع يقول كلا الطرفين إنهما لا يسعيان اليه. وفي حين أن تبادل اطلاق النار اقتصر الى حدّ كبير على المنطقة المجاورة مباشرة للخط الأزرق، فإن خطر سوء التقدير والنزاع الاوسع نطاقا قائم دائما. وتشكل هذه التطورات تذكيرا عاجلا بأن التنفيذ الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار 1701، أمر أساسي لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة. وأدعو الطرفين الى الاحترام الكامل لوقف الأعمال العدائيّة تمشيا مع القرار 1701 (2006). ودعا الأمين العام الى ضرورة احترام القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني، بما في ذلك الالتزامات بضمان حماية المدنيين، بمن فيهم الصحفيون. وقد تأثرت مواقع القوة المؤقتة خلال هذه الاشتباكات، ولحسن الحظ لم يسقط قتلى حتى الآن، وجميع الأطراف مدعوّة الى كفالة سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة واحترام حرمة مباني الامم المتحدة. وحثّ الأمين العام الأطراف على مواصلة آليات الاتصال والتنسيق التابعة للقوة المؤقتة ووقف التصعيد.
وقال أنه يبرز تبادل اطلاق النار دواعي القلق البالغ إزاء حيازة حزب الله وجماعات مسلحة أخرى غير تابعة للدولة لأسلحة غير مأذون بها خارج سلطة الدولة في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق انتهاكا للقرار 1701.
وأشار الأمين العام للامم المتحدة: إنني أهيب مرة أخرى بالحكومة اللبنانية أن تتخذ جميع الاجراءات اللازمة حتى لا تكون هناك أي اسلحة في لبنان غير أسلحة الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها، بما في ذلك من خلال التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف ومن القرارين 1559 و1680 اللذين يطالبان بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان. وأكرر أيضا دعوتي الى تناول عناصر القرار 1701 التي لم تنفذ بعد ومسألة استراتيجية الدفاع الوطني. وفي هذا الصدد، يظل تنفيذ القرارات السابقة المتخذة في اطار الحوار الوطني أمرا يتسم بالأهمية، وتحديدا تنفيذ القرارات المتعلقة بنزع سلاح التنظيمات غير اللبنانية وتفكيك القواعد التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة وتنظيم فتح- الانتفاضة.
ولفت الى أنه بعد مرور ما يقرب من عام على الشغور الرئاسي، تؤكد التطورات الأخيرة على الحاجة الملحة الى أن يضع القادة السياسيون في لبنان خلافاتهم جانبا وأن يتبنّوا نهجا من شأنه أن يسهّل انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة في أعقاب ذلك تتمتع بصلاحيات كاملة وتحافظ على الاستقرار.
وقال: لا تزال قدرة مؤسسات الدولة على توفير الخدمات العامّة الأساسية تتآكل، مما يضاعف الاحتياجات الانسانية للشعب اللبناني. ولا يمكن للالتزام الدائم للمانحين الدوليين أن يحلّ محلّ مؤسسات الدولة العاملة. ويحتاج لبنان بشكل عاجل الى إحراز تقدّم في الاصلاحات لتحقيق استقرار الاقتصاد وتحفيز انتعاشه.
ولفت: أكرر ادانتي لكل انتهاكات السيادة اللبنانية، وأدعو اسرائيل مجددا الى وقف جميع عمليات التحليق فوق الأراضي اللبناني. كما أدين أي انتهاك لسيادة اسرائيل من لبنان.
وأشار:” تشكل مواصلة جيش الدفاع الاسرائيلي احتلاله للجزء الشمالي من قرية الغجر ولمنطقة متاخمة لها شمال الخط الأزرق انتهاكا مستمرا للقرار 1701 يجب انهاؤه. والتعزيزات الجارية في المنطقة لا تتوافق مع ضرورة انسحاب جيش الدفاع الاسرائيلي منها، كما أنها تتسبب باحتدام التوترات. وأنا أحث السلطات اللبنانية مرة اخرى على الوفاء بالتزامها بموجب القرار 1701 بالانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر ومن المنطقة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: يؤسفني عدم احراز أي تقدّم بشأن مسألة مزارع شبعا، حسبما طلب في الفقرة 10 من القرار 1701، وإنني أكرر دعوتي كلا من اسرائيل والجمهورية العربية السورية أن يقدّما ردّيهما على التحديد المؤقت لنطاق منطقة مزارع شبعا كما ورد في تقرير الأمين العام المؤرّخ في 30 تشرين الأول 2007. وحتّى ذلك الوقت ودون المساس بوضع مزارع شبعا، ينبغي لجميع الأطراف أن تحترم الخطّ الأزرق احتراما كاملا، سواء في تلك المنطقة أو في أي مناطق أخرى، وأن تتصرّف بأقصى درجات ضبط النفس.
وأشار: إن قدرة القوة المؤقتة على تنفيذ ولايتها بالكامل هي أكثر أهمية من أي وقت مضى. ولا تزال الحوادث التي تؤثّر على حرية تنقّل القوة المؤقتة تثير قلقا بالغا. وأكرر تأكيد التزام الجيش اللبناني بكفالة وصول القوة المؤقتة الى جميع المناطق التي تطلبها البعثة، بما في ذلك حقول الرماية غير المأذون بها، وضرورة قيام الحكومة اللبنانية بالتحقيق في أي قيود تفرض على تنقّل القوّة المؤقتة.
وقال غوتيرش في تقريره الاخير عن تقييم تنفيذ القرار 1701: يجب أن يقدّم مرتكبو الهجمات التي تستهدف القوّة المؤقتة الى العدالة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل أحد حفظة السلام وجرح ثلاثة آخرين بالقرب من العاقبيّة في 14 كانون الأول\ديسمبر 2022. وأرحّب بالأحكام الصادرة في 7 تمّوز\يوليو في قضيتي الهجمات على حفظة السلام التابعين للقوة المؤقتة، والتي أسفر احدها عن سقوط ستة قتلى. وللسلطات اللبنانية دور حاسم في المساعدة على منع وقوع حوادث من هذا القبيل في المستقبل. ويشمل ذلك قيامها علنا بتبديد المعلومات المغلوطة والمعلومات المضللة فيما يتعلق بولاية البعثة.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة: تؤكد الأحداث الأخيرة كذلك أهمية وجود جيش لبناني قوي ومزوّد بموارد كافية، ويظل أساسيا للتنفيذ الناجح للقرار 1701. وإنني، إذ أكرر الاعراب عن تقديري للدعم الدولي المتواصل لمؤسسات أمن الدولة في لبنان، أشدد أيضا على ضرورة اظهار السلطات اللبنانية مزيدا من الالتزام بنشر قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان على نحو فعّال ودائم، ولا سيما نشر الكتيبة النموذجية التي أصبح مقرّها مجهّزا ومستعدّا للعمل. ومن المشجّع على صعيد العمليات البحرية أن القوات البحرية اللبنانية تضطلع بشكل يتزايد تدريجيا بمهام قيادة عمليات الاعتراض البحري، وأشيد بالجهود المبذولة لتعزيز التنسيق بين القوة المؤقتة والحكومة اللبنانية.
ودعا غوتيرش الحكومة اللبنانية الى التقيد بسياستها المتمثلة في النأي بالنفس، بما يتفق مع اعلان بعبدا لعام 2012، وأدعو جميع الاحزاب اللبنانية والمواطنين اللبنانيين الى الكفّ عن المشاركة في النزاع السوري وغيره من النزاعات في المنطقة. وأدين أي تنقل للمقاتلين أو نقل للعتاد الحربي عبر حدود لبنان مع الجمهورية العربية السورية في انتهاك للقرار 1701.
ولفت: يساورني قلق بالغ إزاء الاشتباكات العنيفة في مخيّم عين الحلوة. ويكتسي دور الأونروا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أهمية أكثر من أي وقت مضى. ويحثّ المجتمع الدولي على تزويد الوكالة بالموارد اللازمة لضمان استمرارية الخدمات الأساسية والدعم لجميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما في أماكن أخرى.
وأشار: وأقدّر بالغ التقدير ما قدّمه الشعب اللبناني من حسن ضيافة ملحوظ لأعداد كبيرة من اللاجئين على مدى عقود. ولا تزال الاستجابة القوية والموحّدة للاحتياجات المتزايدة للاجئين والمجتمعات المحلية التي تستقبلهم، وتوفير التمويل المناسب لها، مطلبا ذا أهمية حيوية، وكذلك التطبيق المتّسق للضمانات القانونية والاجرائية بما في ذلك مبدأ عدم الاعادة القسرية.
وفي ختام الملاحظات اشار غوتيرش: بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انفجار مرفأ بيروت في 4 آب اغسطس 2020، لا تزال عائلات الضحايا والشعب اللبناني يطالبون بالحقيقة والعدالة والمساءلة. وإنّي أناشد السلطات اللبنانية مرّة أخرى اجراء تحقيق محايد ودقيق يتسم بالشفافية.
وختاما قال:” أعرب عن تعازي لجميع المتضررين من الاحداث في المنطقة واكرر التأكيد على وجه الاستعجال على ضرورة الكف عن انتهاكات وقف الاعمال العدائية. وأعبر عن امتناني لجميع البلدان المساهمة بأفراد عسكريين ومعدّات للقوة المؤقتة وفريق المراقبين في لبنان واشجعها على زيادة عدد النساء في صفوف الافراد العسكريين في القوة المؤقتة. إنهم يخدمون في ظل ظروف صعبة بشكل متزايد بمهنية وشجاعة، مع مواصلة اثبات قيمة حفظ السلام. وأعرب عن تقديري لمنسقة الامم المتحدة الخاصة لشؤون لبنان، يوانا فرونتسكا، وموظفي مكتبها، وللواء آرولدو لاسارو ساينس، رئيس بعثة القوة المؤقتة وقائد قوتها، والأفراد المدنيين والعسكريين العاملين في القوّة المؤقتة تحت قيادته، ولأعضاء فريق الأمم المتحدة القطري.