مقالات مختارة
صحيفة “الأنباء الكويتية”
داود رمال
لم يغيّر خروج اللواء عباس ابراهيم من موقعه في المديرية العامة للامن العام من ادواره ومسؤولياته شيئا لا بل ازدادت المهام التي يؤديها بطلب داخلي وخارجي وكـ”وسيط فوق العادة للقضايا الانسانية “. بل إن ازاحة اعباء المسؤولية الرسمية عنه جعلته أكثر راحة في التصدي للمهام الاحب الى قلبه والتي برع فيها وفي مقدّمتها تحرير الاسرى والمعتقلين.
تزدحم أجندة اللواء ابراهيم بالمواعيد لا سيما السفراء والموفدين، كما ان على جدول مواعيده عدة رحلات الى الخارج بدعوات رسمية، ومكتبه في بيروت خلية نحل لا تهدأ، الا انه خصص لـ”الانباء” مساحة من الوقت تحدث فيها عن المستجدات والانتظارات لبنانيا وفلسطينيا.
*الى اين تتجه الامور في غزة؟
– إننا أمام الساعات الأخيرة قبل الإعلان عن هدنة إنسانية في غزة، ورئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو لا يملك اي قدرة على رفض طلبات أميركا، وكل الدول تنتظر الهدنة لإطلاق سراح مواطنيها المحتجزين لدى حركة حماس، وهذه الهدنة آتية لا محالة. والدعم الدولي لاسرائيل غير مسبوق، وإذا انتهت الحرب فسيذهب نتنياهو إلى السجن بسبب التقصير، وعلى اسرائيل التخلص منه، والحرب ستتوقف ولن تطول، ورئيس حكومة اسرائيل يستغل قوة العالم لإطالة الحرب كورقة انقاذ له. نتنياهو يشتري الوقت في محاولة لجر العالم إلى الحرب، واسرائيل تخسر الكثير كل يوم لانها لا تملك قضية وجيشها مكسور من الداخل، واسرائيل لن تستطيع الوصول الى اهدافها وذلك لانها تضع أهدافا لا تستطيع الوصول اليها وهذا يذكرنا بحرب تموز 2006 التي كانت تريد القضاء على حزب الله.
*ماذا عن الوساطة التي قيل انك تقوم بها على خط تحرير الاسرى والمعتقلين بين حركة حماس واسرائيل؟
– إن حجم الدم الذي نراه يمنعنا من الوقوف متفرجين. اتصل بي محام وطلب تدخّلي للمساعدة للإفراج عن الأسرى وقيل لي ان حماس هي العائق، وأنا لا اسمح لنفسي بالتوسط مع إسرائيل، ولم أطلب أي اذن للدخول على خط الوساطة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، وأنا راجعت حماس بسبب رفضها للإفراج عن حاملي الجنسية المزدوجة، وجاء الرد بأنهم يريدون الإفراج أولا عن الجرحى، وانا لا انافس قطر على التوسّط، وحماس لم تكلفني بهذه المهمة، وأنا أسعى للوساطة لأسباب إنسانية فقط. ذهبت الى قطر وبالتالي هذا الامر ينفي ما يتم تداوله عن رفض قطر تدخلي بملف الحرب في غزة، وسبب الاشاعات “اننا في لبنان” وليس في قطر، واجتمعت مع اسماعيل هنية [رئيس الجناح السياسي لحركة حماس] هناك. وبرأيي هدف حماس منذ اليوم الاول للهجوم هو تصفير السجون الاسرائيلية، وكان باستطاعة السجين الفلسطيني ان يرى عائلته مرة في الاسبوع ليصبح مرة كل 3 اشهر من خلف الزجاج، ولهذا شنّت حماس الهجوم وهي لم تخطئ، وحماس ستدخل في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لإطلاق الأسرى الإسرائيليين، والهدف بالمقابل إطلاق سراح المساجين الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم قرابة الـ 5000، وطلب حماس منطقي، ولا حرية دون دم، ولا استقلال من دون تضحية، وكل الدول التي حصلت على استقلالها قدمت دما وقتلى وجرحى.
*لقد زاركم الموفد الرئاسي الاميركي أموس هوكشتاين ما الذي طرحه معكم؟
– عنوان زيارة هوكشتاين التأكيد على ضرورة بقاء حزب الله خارج الحرب، وأكدت مع هوكشتاين على محاولة تحييد لبنان عن الحرب الدائرة في فلسطين والمواضيع الأخرى التي تداولنا بها ستُعرف عندما تظهر نتائجها.
*لكن لفت تشديده على الالتزام بالقرار 1701؟
– الجيش اللبناني موجود على الحدود ويقوم بدوره على أكمل وجه والدولة تستطيع لجم الفصائل اللبنانية وغير اللبنانية التي تحاول إدخال لبنان بالصراع الخارجي، ولا نريد إلقاء اللوم على الحزب بشأن كل شيء، الجيش أمر بتوقيف أشخاص على الحدود، وهذا يؤكد ان الجيش اللبناني يقوم بواجبه بشكل كامل، ولا يوجد بلد في العالم يستطيع ضبط حدوده بشكل كامل، والحزب غير مسؤول عن منع الفصائل الفلسطينية من إطلاق الصواريخ على اسرائيل، بل هذه مسؤولية الدولة اللبنانية. ما زال هناك قواعد اشتباك، ومقتل العائلة في الجنوب هو محاولة لاستفزاز الحزب للدخول في حرب مع اسرائيل لجر الغرب إلى حرب أوسع.[عائلة محمد شور التي استهدفتها اسرائيل قرب عيناتا وقتلت 3 شقيقات وجدّتهنّ].
*الا ان المواجهة مفتوحة على الحدود الجنوبية؟
– الحرب قائمة بين الحزب واسرائيل، ومن يحدد حتمية التصعيد هو اسرائيل وذلك بحسب ادائها، وهي تسعى لخوض حرب اقليميةـ ومن جهة اخرى الحزب يتصرف بشكل واع على الصعيد العسكري، ومن الممكن ان تنخرط ايران بهذه الحرب وذلك بحسب التصاعد التدريجي، ومن ينطق باسم ايران اليوم هي السلطة والدولة الإيرانية فقط لا غير.
*هل صحيح انكم نصحتم الحزب بعدم فتح جبهة الجنوب؟
– لم أنصح بالحرب، والسيد نصرالله هو من يحدد سياسات الحزب، والرسائل التي نقلتها للحزب اعتبرها فرصة لاعادة النظر بأمور عديدة ومن الممكن ان تتضمن تهديداً بمكان ما من الجانب الأميركي. ان إسرائيل هي التي خرقت القرار 1701، والحزب موجود على أرض الجنوب بصفته مقاومة شرعية. ان زمن دخول إسرائيل إلى الجنوب ولى ولن يعود، وإذا اعتدت إسرائيل على لبنان بطريقة أكثر عنفًا ولم يتدخل “الحزب” فسأنتقده، وعلى الجيش اللبناني أن يكون المسؤول الوحيد عن الحدود الجنوبية، ولكن الجيش ليس قادراً على تحمل هذه المسؤولية حالياً، لذلك؛ ادعو جميع اللبنانيين لمقاومة اسرائيل جنوباً. واقول للسيد نصرالله ان الجنوب بحاجة لحماية ويجب أن نبقى في موقع الدفاع عن النفس.
*الا ترى ان الترسيم البحري في خطر وماذا عن الترسيم البري؟
– الترسيم البحري ليس بخطر أما الترسيم البري فسيتأجّل.
*ولكن السيد نصرالله هدد اميركا؟
– لا اعتقد ان الامور ستصل للاشتباك بينهم.
*هل من جديد في ملف الاستحقاق الرئاسي؟
– نحن بحاجة ماسة لانتخاب رئيس، والمجلس لا يستطيع انتاج رئيس، والتدخلات الخارجية لم تصل إلى أي مكان، وما الذي يمنع الذهاب لحوار وانتخاب الرئيس الذي يحظى بالاغلبية؟، الحراك الداخلي هو الاساس لانتخاب رئيس وعلينا ان نتوافق اي أن نتحاور ونتشاور و”ما فينا نقول ما بدنا نحكي مع بعضنا”، لم الخوف من الحوار؟، اما القول بالجلسات المفتوحة فأسأل: إلى اين قد تؤدي الدورات المفتوحة؟ لن نصل إلى انتخاب رئيس بظل الخلاف الذي نشهده اليوم. الثنائي امل وحزب الله لا يفرض اي مرشح على احد، فليأت كل فريق بمرشحه وليتحاوروا.
*كيف تنظر الى الخشية من شغور موقع قائد الجيش؟
– ادعو مجلس الوزراء لتعيين رئيس أركان وقائد للجيش اللبناني، وهناك من يناور بموضوع التمديد لقائد الجيش، وهناك فرصة لتعيين قائد للجيش ورئيس أركان في حال اجتمع مجلس الوزراء، ويجب سحب هذا الموضوع من التداول من أجل معنويات العسكر، ولا اعتقد أنه سيتم قطع المساعدات الاميركية عن الجيش اللبناني، وخصوصا في هذا الوقت وبعد صرف اميركا حوالي 3 مليار دولار في هذا الشأن، وسنصل إلى حلّ ولن يكون هناك فراغ في قيادة الجيش.