“مصدر دبلوماسي”
تطرّق أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى الأوضاع في غزّة قائلا:” نحن نقول كفى. لا يجوز ان تمنح اسرائيل ضوءا أخصر غير مشروط وإجازة غير مقيّدة بالقتل، ولا يجوز استمرار تجاهل واقع الاحتلال والحصار والاستيطان. ولا يفترض أن يسمح في عصرنا باستخدام قطع الماء ومنع الدواء والغذاء أسلحة ضد شعب بأسره”. كلام الأمير تميم جاء في خطاب ألقاه اثناء افتتاحه اليوم الثلاثاء لدور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الاول الموافق لدور الانعقاد السنوي الثاني والخمسين لمجلس الشورى.
واشار الأمير تميم أمام اعضاء مجلس الشورى:” مع أننا اعتدنا على التركيز في لقائي السنوي معكم على القضايا الداخلية، اسمحوا لي هذه المرة أن أبدا بالأوضاع في فلسطين. فأشقاؤنا الفلسطينيون يعيشون ظروفا عصيبة تفوق التصور. ولا يجوز السكوت عن القصف الهمجي غير المسبوق الذي يتعرض له المدنيون في قطاع غزّة، إحدى أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، ولا تجاهل الاعداد المهولة من ضحاياه الابرياء من الاطفال والنساء”.
أضاف الأمير تميم:” تعلمون جميعا أننا دعاة سلام، وأننا نتمسك بقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وغيرها، وأننا ضد التعرض للمدنيين الأبرياء من أي طرف، وايا كانت جنسيتهم. ولكننا لا نقبل الكيل بمكيالين، ولا اتصرف وكأن حياة الاطفال الفلسطينيين لا تحسب، وكانهم بلا وجوه ولا اسماء. ما يجري خطير للغاية، بما في ذلك الدوس على جميع القيم والأعرااف والشرائع الدينية والدنيوية، وليس على القانون الدولي فحسب، والتصريح الاسرائيلي العلني بالنوايا غير الشرعية مثل التهجير وغيره.
نحن نقول كفى. لا يجوز ان تمنح اسرائيل ضوءا أخصر غير مشروط وإجازة غير مقيّدة بالقتل، ولا يجوز استمرار تجاهل واقع الاحتلال والحصار والاستيطان. ولا يفترض أن يسمح في عصرنا باستخدام قطع الماء ومنع الدواء والغذاء أسلحة ضد شعب بأسره. نحن ندعو الى وقفة جادة اقليميا ودوليا أمام هذا التصعيد الخطير الذي نشهده والذي يهدد أمن المنطقة والعالم، وندعو الى وقف هذه الحرب التي تجاوزت كل الحدود، وحقن الدماء وتجنيب المدنيين تبعات المواجهات العسكرية، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع”.
وأضاف الأمير تميم:” ونودّ أن نسأل المصطفين خلف الحرب، والذين يعملون على اسكات أي رأي مخالف: ماذا بعد هذه الحرب؟ هل ستجلب الأمن والاستقرار للاسرائيليين والفلسطينيين؟ واين سيذهب الفلسطينيون بعدها؟ الشعب الفلسطيني باق، وكذلك معاناته في ظل الاحتلال والحصار والمصادرة والاستيطان. لا تقدم الحرب حلا من أي نوع، كل ما سوف يحصل هو تفاقم المعاناة وازدياد عدد الضحايا، وكذلك الشعور العميق بالغبن. وسوف تنشأ أجيال من الاطفال الذين مرّوا بهذه التجربة المروّعة، بما فيها صمت المجتمع الدولي على قتل اخوتهم وأترابهم. إن السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار للشعبين هو ما يتم تجنبه حتى الآن، وهو تحقيق السلام العادل والدائم وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة التي أقرتها الهيئات الدولية، بما فيها اقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
السياسة الخارجية
وتطرق الأمير تميم أيضا بالتفصيل الى السياسة الخارجية لدولة قطر فقال:” فيما يتعلق بسياستنا الخارجية، فإننا نسعى كما تعلمون في إطار الموازنة بين مبادئنا ومصالحنا وانتمائنا لبيئتنا الحضارية الى أداء دور بناء في صنع السلام وحل النزاعات بالطرق السلمية والتشديد على العدالة في العلاقات الدولية. ونحن لا نقف متفرجين إزاء استمرار تردي الاوضاع في بعض الدول الشقيقة، ونعمل ما بوسعنا في معالجتها من منطلقات التضامن والمسؤولية والاستقرار الاقليمي. ونشعر بالارتياح لأي تقدم في حل الخلافات من خلال الحوار بين الدول”. وأشار الأمير تميم:” لقد باتت قطر تعرف اليوم بأنها وسيط موثوق به في صنع السلام وفض النزاعات عبر الحوار والدبلوماسية. وفي هذا الصدد نجدد ترحيبنا بالاتفاق الامريكي الايراني لتبادل المحتجزين، الذي تم بوساطة قطرية، وبسماح روسيا لأربعة اطفال اوكرانيين ان يلتحقوا بعائلاتهم في اوكرانيا بوساطة قطرية ايضا، ونؤكد عزمنا على المضي قدما في تسهيل الحوار بين مختلف الاطراف تعزيزا للأمن والسلم في منطقتنا والعالم. كما يسعدنا أن نرحب مجددا بالأشقاء قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدوحة في ديسمبر القادم، في قمته المقبلة، آملين أن تشكّل تلك القمّة منعطفا هامّا في تعزيز عملنا المشترك، بما يلبي تطلعات شعبنا”.
وتطرق الأمير تميم في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى الى الاوضاع المحلية والصعاب التي يعاني منها الاقتصاد العالمي وتأثيرها السلبي على اقتصاديات العديد من الدول مشيرا الى أن “الاقتصاد القطري واصل نموه خلال الربع الاول من هذا العام، حيث تشير البيانات الاولية الى نمو اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 2,7 في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي”. وقال بأن الدولة القطرية سوف “تستمر في تعزيز جهود تنويع مصادر الدخل من خلال استثمارات الدولة في قطاعات اقتصادية متنوعة في الخارج والداخل، ومن خلال تشجيع القطاع الخاص”. وتحدث عن أهمية ” تغيير بعض الأمزجة والمقاربات البيروقراطية السلبية باتجاه الانفتاح للاستثمارات وتشجيع الشركات الناشئة، وايجاد البيئة المؤسسية المربحة والمشجعة للنجاح”.
وتطرق الى أهمية النمو الاقتصادي الذي “يعتمد بشكل كبير على مدى الاستثمار في راس المال البشري، وخصوصا العاملين في المؤسسات الحكومية، لتمكينه من التعامل والتفاعل مع الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة والتنافسية”.