مارلين خليفة
تتصاعد حدة المواجهات مع اسرائيل بين غزّة وجنوب لبنان وتبدو الاستعدادات الاسرائيلية في اوجها لغزو بري في غزّة ولم يحرّك العرب ساكنا إلا بمواقف خجولة واجتماع للمجلس الوزاري العربي في القاهرة قبل ايام لم يلق بيانه النهائي اجماعا عربيا. تحفظت دولة تونس من جهتها بشكل صريح على البيان الختامي مذكرة بأنها ثابتة على موقفها ومتمسكة بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على كل ارض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وتحفظت تونس ايضا جملة وتفصيلا على القرار لأن فلسطين بحسب بيان لرئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ليست ملفا أو قضية فيها مدعي ومدعى عليه، بل هي حق الشعب الفلسطيني، وهذا الحق لا يمكن ان يسقط بالتقادم ويسقطه الاحتلال الصهيوني بالقتل والتشريد وقطع ابسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء وكهرباء ومن استهداف للشيوخ وللنساء وللاطفال الابرياء وللبيوت والمشافي وطواقم النجدة والاسعاف. بحسب ما يقول السفير التونسي في لبنان بوراوي الامام مضيفا:” إن الحق الفلسطيني بمقاييس شرائع الارض والسماء بيّن وعلى الانسانية كلها ان تنتصر للحق وأن تستحضر المذابح التي تعرض لها شعبنا العربي في فلسطين الذي ما زال يقدم جحافل الشهداء وآلاف الجرحى والثكالى والأيتام من اجل استرجاع حقه السليب في ارض السليبة وهي كل فلسطين”.
ويذكّر السفير التونسي بموقف رئيس الجمهورية قيس سعيّد “الذي عبر منذ الساعات الاولى لاندلاع شرارة الحوادث في 7 الجاري عن موقف صريح وواضح وصلب عن وقوف تونس الكامل وغير المشروط الى جانب الشعب الفلسطيني وهذا موقف كل الناس والاطراف في تونس مهما كانت انتماءاتهم وايديولوجياتهم السياسية، وتكاد تكون القضية الفلسطينية الملف الوحيد الذي يجمع التونسيين وهذا له جذوره التاريخية”. يضيف:” أكد الرئيس قيس سيعد أن تونس هي دوما مع الحق الفلسطيني في اقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وايضا ذكر بالمجازر على الشعب الفلسطيني على ارضنا في فلسطين وقال لا بد ان لا ننسى مذابح العدو في الدويمة وبلدة الشيخ ودير ياسين وكفرقاسم وخان يونس والمسجد الاقصى والحرم الابراهيمي وسواها حيث سقط مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين هجّروا من ديارهم وسلبت منهم أراضيهم، ولا بد أن يتذكر العالم هذه المذابح والافعال الشنيعة وهذا الاجرام. تونس دعت وتدعو المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته التاريخية لوضع حد للاحتلال الغاصب لكل فلسطين ولإمعان الاحتلال الصهيوني في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في تحد كامل لكل الشرائع الدينية والقيم الانسانية”.
ويستغرب السفير الامام ” تأييد جهات غربية لقتل اطفال ونساء وهو بمثابة تأييد لجرائم ضد الانسانية”. وقال انه “تسير تظاهرات في تونس مؤلفة من شرائح المجتمع برمته، تدعم الحق الفلسطيني وتقف ضد هذه الهجمة الشعواء والاجرام ضد الانسانية، والغريب أن ما يسمّى بالمجموعة الدولية تؤيد وتدعم حكومة اسرائيل في ارتكابها لأفظع الجرائم وابشعها وهي جرائم ضد الانسانية، غريب جدا ما نشاهده وما نسمعه من دول تدّعي أنها تلتزم بالديموقراطية وتدافع عن حقوق الانسان، ولكن يبدو أن هنالك انسان غربي له الحقوق كلها وإنسان عربي أقل منه شأنا أي من درجة ثانية، وسيبين لهم التاريخ من هو الانسان العربي”.
عيّن السفير بوراوي الامام في لبنان منذ 3 اعوام وحاول انجاز بعض الامور المفيدة للعلاقات الثنائية بالرغم من الظروف الصعبة المتمثلة بالازمة الاقتصادية والانهيار المالي وانفجار مرفأ بيروت. “لم تكون الظروف مساعدة” بحسب تعبيره.
يعيش في لبنان قرابة الـ1800 تونسي ويمتد التعاون من الفن والثقافة الى المستوى الامني حيث النسيق كبير. يقول السفير بوراوي الامام: ” هنالك تبادل معلومات وخبرات فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وثمة تعاون جديد تقدّم أشواطا يتمثل بالتعاون الثلاثي بين لبنان وتونس ومركز تطوير سياسات الهجرة (ICMPD) International Centre for Migration Policy Development، له علاقة بالحدود، وهو مركز إقليمي، الهدف منه تطوير سياسات الهجرة”.
ثمة تعاون هام مع المؤسسات الأمنية، ومع الجيش. وما هي الرؤية المشتركة في هذا الإطار؟
يقول السفير الامام: “هنالك عرض للملفات المشتركة وللرؤية المشتركة من خلال المحافظة على سلامة حدودنا ومناعة أراضينا، وأن نتعاطى مع ملف الهجرة ليس من زاوية أمنيّة فحسب، بل من زوايا إقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية. لكن يبقى لكلّ بلد خصوصياته وصعوباته التي يمكن أن تعترضه”.
في تونس هناك تحدِ كبير بسبب رغبة الآلاف من الشباب من جنوب الصحراء بالهجرة إلى أوروبا، نظرا للظروف الاقتصادية والأمنيّة وعدم الاستقرار في هذه البلاد.
أكثر من 90 في المئة من هؤلاء عندهم رغبة بالعبور الى اوروبا عبر تونس. “هذا العبور غير شرعي ويتم عبر مراكب تذهب بالبحر خلسة باتجاه إيطاليا والجزر الإيطالية”. في تونس 25 الف مقيم من الافارقة وغالبيتهم من الطلبة ورجال الاعمال. يقول السفير الامام:” تكمن المشكلة مع الذين يحاولون العبور خلسة، ونحن نتابعهم عبر أجهزتنا الأمنيّة، من هنا يدخل التعاون الأمني مع لبنان”.
وعن التعاون مع الاتحاد الأوروبي يشير السفير الامام الى بعض التناقض في وجهات النظر
“نحن نطلب تعاونا من الجانب الأوروبي الذي لا يهتم إلا بالجانب الأمني، نحن نريد تعاونا يرتكز الى شراكة ندّية، لكن الأوروبيين يريدون شراكة تقوم على الجانب الأمني فحسب. لا بدّ من أن نعالج أسباب هذه الهجرة وهي أولا تنموية وإقتصادية واجتماعية من دول تعيش ظروفا إقتصادية صعبة ابرزها دول جنوب الصحراء، كتشاد وبوركينا فاسو ومالي وكوت ديفوار والنيجر”.
*نشر هذا التقرير بالتعاون مع صحيفة اللواء اللبنانية