“مصدر دبلوماسي”- خاص
تتلاشى السياسة أمام الانسانية وتسمو حين تحمل هموم الناس التي لا تجد احيانا إلا آذانا صمّاء، وانطلاقا من حرصه الدائم على دمج البعد الانساني مع عمله الأمني سابقا والسياسي حاليا جال اللواء عباس ابراهيم اليوم الاربعاء على مركز النقاء الطبي الذي يبرز كشمعة مضيئة في منطقة محرومة وترتفع فيها نسبة الفقر هي الأوزاعي.
في المركز المؤلف من عيادات تخصصية والذي يقدّم فحوصا مخبرية وتصويرا شعاعيا وصوتيا بإشراف نخبة من الأطباء ذوي الخبرات العريقة وكادر تمريضي وفني متخصص، جال اللواء ابراهيم بعد ان استقبله المشرف العام على المركز ومؤسسه ابراهيم سكيكي ومديرة المركز رجاء مغنية وولدهما المتخصص في إدارة المستشفيات حسين سكيكي. من الطبيعي أن يقوم المشرف العام ابراهيم سكيكي والطاقم المتخصص بتزويد الزائر بالمعلومات عن رؤية المركز ومهامه وتعريفه على المعدات الموجودة والنواقص التي يتم العمل على التزود بها، في مركز يقدم خدماته لقاء بدلات زهيدة ولكن مقابل خدمات طبية عالية الجودة.
الطفل مصطفى سكيكي: الملهم
إلا ان القصة التي تكمن وراء كل ذلك، هي قصة الملهم الحقيقي لتأسيس هذا المركز وهو الطفل مصطفى سكيكي الذي قضى في عمر الـ12 عاما بعد معاناة طويلة مع مرض اللوكيميا، والذي تحرس روحه البريئة هذا المبنى المتطور الساعي عبر عائلته وطاقمه الطبي والاداري الى خدمة المرضى من جميع الاطياف تخليدا لذكراه. تواجد مصطفى الحاضر الغائب في كلمات الأب مرارا، وفي تعليقات الشقيق وفي تنهّدات الوالدة رجاء ودموعها المتلألئة، وقد تكاتفت هذه العائلة المكلومة ونزعت عنها ألم الفراق في العام 2019 لتشيّد مركزا طبيا يداوي الأوجاع ويتضامن مع كل مريض محتاج.
سكيكي: أسسنا المركز من رحم المعاناة
بعد استقبال اللواء ابراهيم، شكره المشرف العام لـ”مركز النقاء الطبي” ابراهيم سكيكي على زيارته قائلا: نشكرك على زيارتك، ولك مكانة كبرى في قلوبنا واحترام عميق نظرا للادوار التي اضطلعت بها والخدمات التي قدّمتها لهذا البلد، كل ما قمت به نتابعه عبر الاعوام ونعتزّ بك كثيرا.
وروى سكيكي كيف قرر تأسيس هذا المركز في نيسان\ابريل من العام 2019 بعد عام على وفاة طفله مصطفى، الذي عانى من مرض اللوكيميا وهو لمّا يزل في السادسة من العمر، وتمت معالجته لغاية سن الثانية عشرة في مركز علاج السرطان في الجامعة الاميركية في بيروت “سان جود”، لكنه فارق الحياة. من رحم هذه المعاناة قرر الوالد ابراهيم والوالدة رجاء استيعاب الألم، ووضعا مخططا للمركز وأنجزاه يحدوهما همّ وحيد هو مساعدة الناس وخصوصا المحتاجين بعيدا من الغايات التجارية. حقق المركز نجاحا كبيرا، إذ يعمل فيه قرابة الـ63 طبيبا وطبيبة من جميع الاختصاصات ويزور المركز المقصود من المناطق اللبنانية كافة بالرغم من موقعه في منطقة الأوزاعي- الجناح لبنانيون يعيشون في اقصى الشمال وجبل لبنان وبيروت والبقاع والجنوب، ويصل عدد طالبي الخدمات الطبية التي تتراوح بين عيادات الطب النفسي والاشعة وطب العيون وطب الاسنان والمختبر والعلاج الفيزيائي الى الـ6 آلاف زائر شهريا، فيما يخضع المركز لمعايير الجودة العالمية التي يتم تحسينها يوميا بإشراف متخصصين في لبنان والخارج. يقول سكيكي متوجها الى اللواء ابراهيم”الله وفقنا في هذا المشروع ونحن منفتحون على جميع الطوائف والمناطق اللبنانية بلا تمييز وقد ساعدنا التنوع في الجسم الطبي على استقطاب التنوع المناطقي في لبنان ونعمل على توسيع خدماتنا يوما بعد يوم”.
وتحدثت مديرة دار النقاء رجاء سكيكي متوجهة الى اللواء ابراهيم بقولها:” نحن نعجز عن الشكر لزيارتكم، واريد أن اغتنم هذه الفرصة لتقديم الشكر لمركز السان جود، لأنه من عندهم ولدت فكرة تأسيس هذا المركز الطبي، أمضينا ثمانية اعوام ونصف العام في مركز السان جود لاقينا الانسانية والاخلاقية لذا احرص على ذكر هذا المركز في كل محطة، حيث لا يتم التمييز بين جنسية وطائفة وتمت تغطية كل نفقات علاج طفلي والامر سيان لبقية الجنسيات. رفع هذا المركز عنا العبء المالي مخففا من معاناتنا، ونحن حين أسسنا هذا المركز وضعنا هذا الأمر هدفا ايضا، فلا يخرج اي مريض من عندنا بلا أن يتلقى العلاج”.
اللواء ابراهيم: صنعتم من الألم رجاء
وشكر اللواء ابراهيم صاحب الدعوة ابراهيم سكيكي وزوجته مديرة المركز رجاء مغنيّة على اتاحتهما الفرصة له لاكتشاف هذا المركز الطبي الفعّال. وخاطبهما قائلا:” خلقتما من الموت حياة للناس، وصنعتم من الألم رجاء. ان الدين هو دين الانسان قبل أن يكون لأية طائفة، والبعض لا يعرفون ذلك، والبعض يضع ستارا حديديا بين بعض الناس، انما عمل انساني مماثل يضع ثغرات في الجدران ويزيلها، نحن مستمرون بهذا الاتجاه ونمد يدنا للآخرين ولو لم يبادلوننا، إذ لا بد في النهاية من صحوة ضمير، لأننا شركاء في هذا الوطن. نحن نقول بأننا ملزمون بالانسان بالدين وبالاخلاق، وهي جزء من ديننا، والاخلاق هي العامل المشترك بين الناس، ما رأيناه اليوم من اخلاق ورقي ونقاء في العمل سيجعل من هذا المركز مع مرور الوقت أهم من أي مستشفى على مستوى الطبابة، فالروح التي تعملون بها هي الأساس، وإنما الأعمال بالنيات ونواياكم حاج ابراهيم واضحة ومضيئة وأداؤك الانساني جعلني أرى المرضى المنتظرين في صالونات العيادات وعلامات الارتياح والطمأنينة بادية على وجوههم لأنهم يعرفون أنهم سيتلقون الخدمة التي يطلبونها”.