بقلم الأستاذ سمير صنبر *:
كانت أيامنا وكنا نحلم. بيروت الذهبية كانت شمس الأصيل في عالمٍ يغترب.
كانت أيامنا وكنا نكتب. بالقلم أو بالقلب. كنا نكتب على الورق أو على الجدران أو… على الطريق.
كنا نتلاقى، نختلف أو نتساند. كنا جميعاً ننتمي إلى المهنة الخلّاقة نفسها، إلى الوطن الأم… وطن النجوم.
ثم انتهى زمن الفوارس وجاء زمن الكمائن. وانتهى الحوار ليبدأ زمن الدمار والحديد والنار…
طلال سلمان وقف دائماً حيث يجب. زميلٌ أصيلٌ كان همه الحوار والحق والعدالة. حمل بقلبه ووجدانه قضايا حقوق الإنسان وعلى رأسها حقوق الشعب الفلسطيني والقضايا العربية.
كان همه دقة الخبر والتوثيق الصادق. لم يفتعل المعارك لكي يلفت الأنظار. أثار القضايا لا الخلافات. ولم ينس لحظة أنه صحافي أولاً.
بقي طلال سلمان على اتصالٍ مع جميع الأطراف وعلى انفتاحه على جميع الآراء فعرف أن قوة لبنان لم تكن في ضعفه، بل في وحدته.
عندما استهدفت أطرافٌ خارجية “تسكير بيروت” أو “تكسير بيروت” أدرك بالغريزة الوطنية أن الهدف من كل ذلك كان “تسكيت بيروت”.
أيام بيروت، عاصمة الإعلام العربي والدولي، ضمت مجموعة من ألمع الصحفيين والمراسلين كانوا يلتقون بمواقع مشتركة، أولها شرفة فندق “السان جورج” المطلة على أجمل مناظر الدنيا. ولعل هدم الفندق يشير بالصدفة الرمزية إلى الشروع بغروب الصحافة المُشرقة.
ثم كانت اللقاءات في فندق “كومودور” في رأس بيروت حيث لمعت الصحافة الخلّاقة بين صحيفتي “النهار” و”السفير”.
عندما أطلق “السفير” حاول أن ينعش روح الزمالة المشتركة فأفسح المجال للمواهب الشابة الجديدة، كما حاول تشجيع المكتفين بمهنة المتاعب أو الذين انطلقوا إلى مجالات أخرى.
بقينا على اتصال دائمٍ أينما كنا وكيفما كنا رغم تراكم المسافات وتباعدها. ادركنا معاً أن الصحافة الحرّة المنفتحة إنما هي رمزٌ لكرامة الحياة الإنسانية.
في البدء كانت الكلمة وستبقى…
*كلمة معالي الأستاذ سمير صنبر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق لشؤون الإعلام في رثاء الأستاذ طلال سلمان