“مصدر دبلوماسي”
ردت سفيرة لبنان السابقة لدى الأمم المتحدة آمال مدللي في بيان، على “المقال الذي نشرته صحيفة “الأخبار” وإدعت فيه نقلا على لسان المبعوِث الأميركى آموس هوكستين ما يحملني المسؤولية عن صدور قرار مجلس الامن 2695 الذي جدد لليونيفيل السنة الماضية وفيه لغة عن حرية حركة اليونيفيل بدون إذن مسبق وهو ما يرفضه لبنان.
الواقع إنني لم اردّ السنة الماضية على الاتهامات عندما وردتني معلومات من لبنان أن وزير الخارجية السيد عبدالله بوحبيب القى، أمام لجنة الخارجية، وأمام اطراف لبنانية معنية مباشرة بالوضع في الجنوب، المسؤولية عليّ في تمرير القرار بالعبارات الجديدة. كنت لا أتمنى، ولا اريد أن ادخل وزارة الخارجية في زوبعة سياسية تضيف إلى الوضع الصعب الذي تعيشه الوزارة ويعيشه لبنان. وكنت اعتقد ان أحدا لا يمكنه أن يصدق أن سفيرا وحده بدون دعم دولته يستطيع أن يُغير قرارا لمجلس الأمن وفيه دول عظمى، ومع الأسف هذا حصل حتى بعد زيارة الوزير إلى الأمم المتحدة هذا الأسبوع وصدور القرار بدون تغيير عبارات السنة الماضية.
لكن، اليوم وبعدما وردني أن وزير الخارجية اتهمني امام دول مجلس الامن بأنني المسؤولة وأنني لم أنفذ تعليمات الدولة اللبنانية السنة الماضية، وانه ادعى انني صرفت من عملي بسبب ذلك، وهذا كلام غير صحيح، وجدت انه من واجبي وضع الحقائق امام الجميع، لكي تظهر حقيقة ما جرى ولا تستمر المحاولات التي تسعى الى تضليل الرأي العام والمجتمع الدولي حول مسؤولية من تقاعس عن تحمل مسؤوليته السياسية السنة الماضية مما أدى الى صدور القرار”.
اضافت: “في التاسع من شهر آب الماضي تسلمنا في بعثة لبنان في الأمم المتحدة من الفرنسيين نص مسودة القرار الذي تضعه فرنسا عادة لأنها حاملة القلم للبنان في مجلس الامن. قمت مع الدبلوماسي المكلف بملف اليونيفيل في البعثة، بالاطلاع عليه وارسلنا تقريرا إلى وزارة الخارجية عنه وطلبنا تعليمات لكي نبدأ في التفاوض لأن السفير اللبناني في الأمم المتحدة مثل كل دول سفراء دول العالم لا يستطيع أن يفاوض مجلس الامن من دون تعليمات مفصله ودقيقة من دولته.
مرّت أسابيع دون أن نتلقى أي رد أو تعليمات من وزارة الخارجية. اتصلت خلالها عشرات المرات بوزير الخارجية وارسلت رسائل اطلب فيها ارسال التعليمات لأن الوقت يدهمنا وليس لدينا موقف لبنان حول النص. كان رد وزير الخارجية في كل مرة أنه ينتظر تعليمات وتعليق وزارة الدفاع على القرار المقترح ولم تصله بعد.
في كل الاتصالات التي اجريتها مع الوزير والتواصل معه لم يذكر لي مرة واحدة موضوع حرية حركة اليونيفيل، وماذا نقترح بديلا عن اللغة. كان اهتمام الوزير يتركز في كل اتصال على ضرورة الحفاظ علي الفقرة المتعلقة بالمساعدات من اليونيفيل للجيش اللبناني في الجنوب الذي كان يُعاني من النقص في الوقود والغذاء. كان اهتمام الوزير الموّثق لديّ بالرسائل إشارة لنا إلى أن هذه هي اولويته، وبدأنا العمل لكي نقنع الصين التي كانت تعارض تمديد المساعدة للجيش اللبناني، لأنه برأيها كانت اجراءا مؤقتا. وأدت المفاوضات الصعبة التي قدتها مع السفير الصيني ومع أعضاء مجلس الامن إلى نجاحنا في الحفاظ على المساعدة للجيش اللبناني”.
واردفت: “مع اقتراب موعد التصويت ازداد قلقنا من عدم وجود تعليمات، وكثفت اتصالاتي بالوزير ولكن دون نتيجة. اتصلت بمدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية وطلبت مساعدته، ولكنه كان في اجازته السنوية ولم يتمكّن من المساعدة.
التعليمات وصلتنا أخيرا في الـ29من آب مع أن التصويت هو في 30 آب. قمنا فورا بالتواصل مع أعضاء مجلس الامن وزودناهم بموقف لبنان من التعديلات المطروحة، وبدأت باتصالاتي مع السفراء لعرض موقفنا. كان الجواب دائما لقد تأخرتم كثيرا ونحن نريد وقتا للتشاور مع عواصمنا. قمنا بطلب تأجيل التصويت وتأجل فعلا حتى 31 آب لكي نستطيع القيام بالمزيد من الاتصالات.
إن أي دبلوماسي يعلم كم هي معقدة وصعبة مفاوضات مجلس الامن، والوزير اكتشف ذلك هذا الأسبوع، وهي لا تجري فقط في نيويورك من قبل بعثات الدول وإنما بين العواصم حيث يقوم المسؤولون بالاتصال بالعواصم الأخرى لتأمين الدعم اللازم. إن تهرّب المسؤولين من مسؤوليتهم ووضع المسؤولية على السفير وحده في تمرير قرار من دول مجلس الامن هو افتراء وأمر خطير لأنه يلطخ سمعة سفيرة قامت بعملها بمهنية ويضعها في قفص الاتهام.
إن “الرسائل والاتصالات التي قمت بها موجودة وخصوصا رسالتي للوزير يوم 29 آب بعد وصول التعليمات اعلمته إننا وزعنا موقف لبنان على أعضاء مجلس الامن وقلت له “لكنك تعلم إن هذا متأخر جدا. اللغة المقترحة ترسل عادة قبل شهر ويجري التفاوض حولها، ولكننا نقوم بكل وسعنا”. كان رد الوزير مجرد “شكرا”.
وختمت: “كما أن جميع اتصالاتي مع وزير الخارجية ومراسلاتنا إلى الوزارة موّثقة لدي مع الاحتفاظ بحقي في الدفاع عن نفسي في وجه حملة تحميلي مسؤولية أمر جاء نتيجة تقاعس الوزير ووزارة الخارجية، وليس نتيجة اهمالي لعملي. لن أقبل بعد اليوم أن يستمر الافتراء عليّ مع أن اللوم يجب أن يوّجه إلى من تقاعس عن تحمل المسؤولية. أتمنى أن يعود الوزير إلى نفسه ويحاسبها بدل أن يرمي التهمة على الآخرين. كما إنني لن أقبل الإساءة إلى سمعتي المهنية أمام أعضاء مجلس الأمن الذين عملت معهم ويعلمون إنني قمت بتمثيل لبنان بأمانة وعلى أفضل وجه في الأمم المتحدة، ورفعت اسمه عاليّا في كل شيء قمت به في ظلّ أصعب الظروف التي مرّت على لبنان في تاريخه”.