“مصدر دبلوماسي”
كشف المدير العام السابق للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم بأن “الظروف القائمة اقليميا لا تسمح بأخذ مبادرات مؤاتية تنعكس ايجابا على لبنان لأن الفجوات القائمة في البلد تعكس حجم الخلافات ذات الابعاد الاقليمية”. وأشار اللواء ابراهيم في حوار عبر منصة “يوتيوب” أجرته الاعلامية ندى اندراوس عزيز بالتعاون مع موقع “الكلمة اونلاين” بأن “الافرقاء اللبنانيين بمختلف مشاربهم لديهم ارتباطات خارجية واقليمية، وهذا أمر مرفوض لكنه ويا للاسف اصبح طبيعيا في ظل “الموزاييك” اللبناني الذي نعيش في ظله وارتباطاته العابرة للحدود”.
وسئل عن سبب الانسداد في الافق الدولي فقال:” أنا أؤمن بالحوار، وطالما أن شبكة الحوار لم تكتمل فالصورة لن تكون ايجابية، حين يبدأ الحوار تتحول الصورة الى ايجابية. هنالك خلاف بين افرقاء في لبنان وآخرين اقليميين، هذا الخلاف يجب ان يزول”. وشرح:” لدى “حزب الله” على سبيل المثال لا الحصر خلافات مع دول اقليمية وخليجية تحديدا، هذه المشاكل يجب ان تنتهي، لأن انهاءها لا بدّ ان ينعكس ايجابا على لبنان وعلى هذه الدول ايضا، ولا اقصد المستوى الامني بل السياسي وعلى صعيد تفكيك الالغام في المنطقة، في اليمن وسواه. لذا فإنني أؤيد أن يتواصل اللبنانيون جميعهم مع جميع الاطراف الاقليميين”.
وتعليقا على الاتفاق السعودي الايراني قال:” إن اي اتفاق يتعرض الى عثرات اثناء مراحل تنفيذه، لكنني على يقين بأن الجانبين يصران على تنفيذ هذا الاتفاق”.
واعطى مثلا آخر يتعلق بتعاطي حزب “القوات اللبنانية” مع الدولة السورية وغيرها من الافرقاء الذين لديهم مشكلات متعددة مع دول اقليمية ايضا “ويجب تبديد ذلك” حسب قوله.
اي طرف مفاوض يجب ان ينظر بشمولية على قاعدة الكسب للجميع
وعن السلوك الدولي العربي والخليجي وسبب احجامه عن مساعدة لبنان قال اللواء ابراهيم:” لأن كل طرف يرى الامور من زاوية مصلحته الخاصة، يجب النظر الى الامور بشمولية اكبر، فحين نقتنع بشمولية الرؤيا وعندما يقتنع من يتم التفاوض معه بالمصالح المشتركة وليس الحصرية له وحده، فإن الحوار والتفاوض يصطلحان، حينها لا يكون رابح او خاسر بل تسود معادلة الكسب المتبادل فنصل الى النتيجة المتوخاة. حين يشعر احد الاطراف بأنه خاسر، مهما كان حجم الضغط الموضوع عليه قد يمرّر مرحلة لكنه سيؤسس الى انفجار قادم”.
ورأى اللواء ابراهيم بأن كثر من الاطراف اللبنانيين يكنّون هذا الشعور بالقهر او الاستهداف:” “حزب الله” يشعر أن هنالك محاولة لمحاصرته، والفريق المسيحي يرى محاولة لتحجيمه في السلطة وسواها. هذا الامر يحصل على المستويين ما يتطلب الوصول الى مساحة وسطية والجلوس سويا”.
وعن امكانية ترحيل الاستحقاقات قال أنه “في ظل الوضع الاقليمي القائم فإن كل الاستحقاقات مؤجلة، بالرغم من كل الجهد المنصبّ على الرئاسة حاليا فأنا لا أرى شيئا قريبا إلا إذا حصلت اعجوبة، ولبنان بلد العجائب”.
محاولات الحوار يجب ان تكون مستمرة
وسئل عن مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان-ايف لودريان فقال بأنه “يشتغل على الملف الرئاسي تحت سقف الحوار، وهو لديه آلية بطبيعة الحال سيستحضرها معه الى بيروت في ايلول المقبل وسواء أنتجت حلا أم لا –لا سمح الله- يجب ان تكون محاولات اخرى، لأن لا مخرج إلا بالحوار وبديله الاحتكام الى الشارع وعلى الجميع ان يختار”.
بادرت استباقيا قبل شهرين تجنبا لحوادث تشبه الكحالة
واشار الى أن ما اصطلح على تسميته بـ”حادثة الكحالة” هو مثال حي عمّا يمكن أن يودي به الشارع، وقال اللواء ابراهيم:”بعيدا من الاحتقان والتعبئة، فإن موضوع الشاحنة هو طبيعي جدا في ظل مقاومة مشرّعة ببيان وزاري، وفي ظل الوضع الذي نعرفه”. وتساءل:” ماذا يعتقد الناس، هل يرسل “حزب الله” أسلحة الى الجنوب وجبهات المقاومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ ام في شاحنات وطرق خاصة به؟ هذا الواقع راسخ عند اللبنانيين ومقونن ومشرع في البيان الوزاري”.
وسئل عن الحاجة لنقل سلاح من البقاع عبر الكحالة؟ فقال اللواء ابراهيم:” إن نقل السلاح له علاقة على الارجح بالوضع المتفاقم في الجنوب في هذه الايام”. لكنه استدرك قائلا:” استبعد أن تكون مواجهة عسكرية، إن جزءا من قناعتي باستبعاد هذه المواجهة هو التحضير تبعا للقول:” وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة” أي ان التحضير هو جزء من الردع لأنني على يقين بأن العدو الاسرائيلي يعرف بأن حزب الله أو المقاومة يتحضّران لأية معركة قادمة، وعلمه بهذا الموضوع يجعله يرتدع عن المغامرة”، وأشار:” إذا لم يكن من حرب راهنا فهذا لا يعني ألا نتحضر لها وإلا تقع الحرب فعليا ونكون خاسرين”.
وعن المواجهة بين اللبنانيين وتحديدا بين الشارعين المسيحي والشيعي ذكّر اللواء ابراهيم أنه “سبق وحذرت من هذا الموضوع، فأنا كنت أول من بادرت قبل شهرين من وقوع الحادثة واتصلت بفخامة الرئيس العماد ميشال عون، وقمت بزيارة كذلك للوزير باسيل [جبران)، والى “حزب الله” وقمت بمبادرة لتخفيف الاحتقان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنني توقعت مشاهد الكحالة وسواها بشكل استباقي، أنا اعتقد أنه في تلك اللحظة رأيت هذا المشهد بوضوح ما دفعني الى التواصل مع الافرقاء الذين كانوا للاسف الاكثر غليانا مع بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي وهما حلفاء”. ولفت الى أن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” :” لم يتراجعا عن تحالفهما”.
التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحرب ضروري وقائم
وعن احتمال لعبه دورا محددا بين الطرفين أي حزب الله والتيار الوطني الحر وسط اجواء عن أن التفاهم بينهما انتهى قال اللواء عباس ابراهيم ؟ :” هذه مبالغة في القول أن التفاهم انتهى، قد تكون لدى “التيار الوطني الحر بعض الملاحظات على البند الرابع المتعلق ببناء الدولة حيث تتناقض وجهتا نظر الفريقين، اعتبر ان هذا التفاهم منذ توقيعه شكل صمّام أمان لمنع وقوع حرب اهلية لا سمح الله مجددا، الى هذا الحد كان هذا التفاهم مهمّا على مستوى الناس والشارع. صار أبناء عين الرمّانة يتسوّقون في الضاحية الجنوبية لبيروت والعكس صحيح، هذا مشهد كان صعبا رؤيته”. وتعليقا على سؤال أن الوضع الراهن سيء بين الطرفين قال اللواء ابراهيم:”إن الامور لن تبقى على حالها، لأن لدى الجميع قناعة أنه لا بد من التواصل والحوار، وجميع القادة الموجودين هم من جيل الحرب ويعرفون ما حصل”. وتطرق الى بيان الرئيس ميشال عون ناصحا بأن “يعمل الناس بمضامينه للوصول الى شاطئ الامان، وروحية هذا البيان ستنعكس على الارض، وبعد أن حكى العماد عون لم يعد من كلام في التيار الوطني الحر”.
وقال أنه زار جميع المرجعيات بعد التقاعد ولكنه لم يزر رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد، واشار الى انه بالتأكيد سيزوه وتواصله لم ينقطع مع الدائرة المحيطة برئيس المجلس النيابي واكد:” لست على خلاف مع الرئيس بري ولا مع اي مرجعية سياسية”.
انا مستقل بالعمل السياسي
ولم يؤكد او ينفي خوضه للانتخابات النيابية القادمة رابطا اياها بالظروف سواء شخصيا او الوضع السياسي القائم في البلد. ونقل كلاما عن امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قال له فيه حين التقاه اخيرا مفاده بأن الحزب يهتم بالدور الوطني الذي يمكن أن يؤديه، وخصوصا وانه سبق وعمل بكل نظافة وشفافية “وهذا ما نحبه فيك، فالامر لا يتعلق بالعاطفة بل ثقة بالأداء”.
وأكد على استقلاليته في العمل السياسي وأن اي دور مقبل له سيكون مستقلا. وقال ردا على سؤال:” لن اكون خارجا عن عباءة الوطن، والثنائي الشيعي هو جزء اساسي من هذا الوطن قد اكون خارج العباءة المباشرة لكنني حتما مع التوجه الوطني العام”.
امكانية اللقاء مع سمير جعجع
وسئل عن علاقته ببعض الاحزاب ومنها القوات اللبنانية فقال:” للاسف فإن بعض الاحزاب تعيش عقدة اللحظة وتحديدا تلك التي كنت فيها بالمكافحة في الجيش اللبناني وتمّ تكليفي بتوقيف الدكتور سمير جعجع، بعض القيادات لا تزال تعيش تلك اللحظة، وبالنسبة الي هذه لحظة وظيفية انتهت في حينها وكنت دوما اتطلع للأمام، ولا يزال تواصلي قائما مع العديد من القيادات في القوات اللبنانية”. وقال أن :” لا علاقة تربطه مع الدكتور جعجع باستثناء بعض الاتصالات زمن ما كنت في الخدمة عند الحوادث الرئيسية وهو احد المسؤولين السياسيين في البلد”. ووصف جعجع بأنه :” يؤمن بالحوار “.
وهل من امكانية اللقاء مع جعجع قال اللواء ابراهيم:” لا مانع من ذلك اذا اقتضت الظروف هذا اللقاء واذا كان من خدمة للبلد من هذا اللقاء فأنا لا اتردد لحظة واحدة من طلب موعد مع الدكتور جعجع”.
وتعليقا على لقاء الديمان الحكومي بغياب رئيس للجمهورية وبرعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي قال اللواء ابراهيم:” لست مطلا على تفاصيل اللقاء وكيفية حصوله، لكن لا شيء يمنع لقاء رئيس الحكومة مع عدد من الوزراء عند البطريرك، لا اعتقد أن البطريرك غافل عن امكانية القول انه يغطي عدم وجود رئيس، لكن الثابت أن البطريرك هو اكثر الحريصين على انتخاب رئيس للجمهورية وهو لا يحاول ابدا الاستعاضة عن دور الرئيس”.
وقال اللواء ابراهيم ان :” حكومة تصريف الاعمال يجب ان تصرف الاعمال بالاطار الضيق والضروري ولا اوافق على ان يسير البلد بشكل طبيعي كما لو أن الظروف طبيعية”. وقال ان علاقته جيدة برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لكن لا شي لغاية الآن يستدعي طلب الاتصال به او اللقاء معه.
مبادرة خارجية وطنية حساسة
وقال اللواء ابراهيم ردا على اسئلة المحاورة بأن ثمة تفكير لقيامه بخطوات محددة داخليا لتهدئة الوضع ولكنه لم يفصح عنها، كاشفا عن مبادرات خارجية تحتم السفر الدائم وقال أن “ثمة موضوع وطني حساس جدا اعمل عليه نكشف عنه حين تنضج ظروفه، وتطرقت اليه اثناء زيارة اخيرة الى بريطانيا لكن لا علاقة للندن به، ويجب ان ينعكس على المشهد الوطني ونعود الى البوصلة الحقيقة”. وقال ان تواصله موجود مع الولايات المتحدة الاميركية وثمة ملفات قائمة ولما تزل.
عين الحلوة ومحاولات تشتيت الفلسطينيين
وعن حوادث مخيم عين الحلوة كشف اللواء ابراهيم عن لقاء مطول جمعه بعضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة “التحرير الفلسطينية” والمركزية لحركة “فتح” المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد [ابان زيارته الاخيرة الى لبنان]، حيث تم التداول بوضع المخيم والوضع الفلسطيني بشكل عام، وقال اللواء ابراهيم:” اخشى بكل صراحة ان يكون موضوع عين الحلوة يحمل بعدا يتعلق بشطب حق العودة للفلسطينيين، هذا موضوع استراتيجي كبير، لم يقع بالصدفة، اذا استعدنا مشهد محاولة تسفير عائلات فلسطينية قبل 4 اعوام خارج لبنان ومشهد تدمير مخيم اليرموك في سوريا ومحاولات تدمير مخيم عين الحلوة وتشتيت القاطنين فيه وهم حوالي الـ100 ألف نسمة يعيشون في كيلومتر مربع واحد، فأنا اربط ما حصل بمحاولة شطب حق العودة من قبل العدو الاسرائيلي”.
مواصفات المرشح الامثل وضرورة الالتفاف حول الجيش
واشار الى انه صاحب مقولة ان لا استقرار امني بلا استقرار سياسي، “لكن هذا لا يعني اننا متوجهون لتفجير البلد، ومن هنا ادعو الجميع الى الالتفاف حول الجيش وعدم انتقاده، يقوم الجيش بمهامه ويجب ان يلتف الجميع حوله، ومن لديه ملاحظات يطرحها مع قائد الجيش وليس في الاعلام، يجب ان نعتاد على ان نكون حريصين على مؤسساتنا الوطنية”. وأضاف:” تم انتقاد اداء الجيش في الكحالة وهذا حق مشروع لكن توجد قيادة للجيش يمكن مراجعتها وليس تعميم هذا الانتقاد بمحاولات شعبوية، ليس على حساب الجيش والمؤسسات الوطنية”.
وعن مرشحه لرئاسة الجمهورية قال اللواء ابراهيم:” ليس لدي مرشح ولست في هذا الموقع لكي يكون لدي مرشح، لكن مرشحي هو القادر على تأمين تواصل مع جميع اللبنانيين سواسية”. وردا على سؤال:” قال :” مم يشكو الوزير سليمان فرنجية؟ وايضا كل المطروحين كل واحد في اطاره؟ اذا كان متمكنا من الحوار ولديه قدرة التواصل والطمأنة فهذان شرطان اساسيان لنجاح اي مرشح، انا لا اميل لأي مرشح ولكن هذه المواصفات اساسية”.
وقال أن الثنائي الشيعي “لا يفرض مرشحه ابدا، بل ان لديه مرشح ومتمسك به كما الآخرين، لا احد يفرض مرشحه وليتم الاختيار في المجلس النيابي”.
ليبادر رئيس الحكومة للكلام مع السوريين في ملف النزوح
وعن القول ان الرئيس السوري بشار الاسد لا يريد اعادة النازحين قال اللواء ابراهيم:” ليس صحيحا بأن الدولة السورية لا تريد اعادة النازحين، حين قمنا بتنظيم العودة الطوعية اعدنا ما يزيد عن 400 الف نازح، هذه العودة الطوعية هي على نوعين المنظمة التي تمت بيننا وبين الدولة السورية وهي التي اعادت حوالي 25 الف نازح، والاخرى غير منظمة تلت اعلاننا عن اجراءات بأن النازح السوري الذي يعود الى سوريا وتكون لديه كسر ضرائب يمكنه العودة دون دفع الضرائب عبر تسوية وضعه على الحدود لكنه يمنع من العودة لمدة 5 اعوام، وبهذه الطريقة عاد اكثر من 380 الف نازح. (…)، حين تركت الامن العام كان يوجد 17 مركزا لاستقبال النازحين الراغبين في العودة ولست على علم بما يحصل الآن. لكن نحن ايضا يجب ان تكون لدينا الجرأة السياسية للتوجه الى سوريا والتحدث الى الدولة السورية ووضع آلية مشتركة معها لتنظيم هذه العودة. لا اعرف لم يكون الاردن أجرأ منا في التعاطي مع هذا الملف، ولا اعرف مما نخاف وتحديدا السلطة التنفيذية، لا اجد تفسيرا لذلك، في وقت ان وزير خارجية الاردن التقى بالرئيس الاسد وناقش معه موضوع العودة ورحب الرئيس الاسد بعودتهم مع اشارته الى ان العودة تترتب عليها تكالف من اجل بناء المساكن والبنى التحتية”. واشار اللواء ابراهيم الى أنه اذا اخذ رئيس الحكومة مبادرة تشكيل وفد الى سوريا لطرح موضوع النازحين فلن يعارضه احد.