تقارير مختارة
فاطمة الزهراء عبقري
“فرانس24”
توصلت الفصائل الفلسطينية في ختام اجتماعها بمدينة العلمين في شمال مصر الأحد، إلى “تشكيل لجنة” بهدف “إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة”، حسبما قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في البيان الختامي. وحضر زعيم حماس إسماعيل هنية على رأس وفد من الحركة التي تسيطر على قطاع غزة. في حين أن ثلاثة فصائل قاطعت الاجتماع، وهي حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة ومنظمة الصاعقة الفلسطينية.
أعلنت الفصائل الفلسطينية الأحد توصلها إلى “تشكيل لجنة” من الأمناء العامين للفصائل لاستكمال الحوار، بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، لكن المحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة رأى أن الأمر “غير مطمئن”.
وقال الرئيس محمود عباس في البيان الختامي لاجتماع الفصائل الذي عقد بحضوره في مدينة العلمين على الساحل الشمالي في مصر، “إنني أدعوكم لتشكيل لجنة منكم تقوم باستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التي جرى مناقشتها اليوم، بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
وطلب عباس من اللجنة “الشروع فوراً في العمل لإنجاز مهمتها والعودة إلينا بما تصل إليه من اتفاقات أو توصيات”. وأضاف “آمل أن يكون لنا لقاء آخر قريب على أرض.. مصر، لنعلن إلى شعبنا إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
“إذا أردت قتل شيء فشكّل له لجنة”
والفصيلان الفلسطينيان الرئيسيان، فتح بقيادة محمود عباس، وحماس، على خلاف منذ انتخابات عام 2006 التي فازت بها حماس.
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة أن تشكيل لجنة “في ذاته أمر غير مطمئن”، مضيفا “إذا أردت قتل شيء فشكّل له لجنة، أعتقد أن تشكيل لجنة لن يؤدي إلى إنهاء الانقسام أو ترتيب البيت الداخلي أو تحديد موعد للانتخابات الفلسطينية”. وأضاف أبو سعدة وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة لوكالة الأنباء الفرنسية “الكل متفق على أن وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة لا بد من مواجهته. الفصائل لم ترتق إلى خطوات عملية” على هذا الصعيد.
وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل و”الاعتقالات السياسية”
وطالب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال الاجتماع، السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ووقف “الاعتقالات السياسية”. وفي كلمة في مستهل الاجتماع، دعا هنية المشاركين إلى “تبني خيار المقاومة الشاملة وتعزيز صمود شعبنا ونضاله ضد جرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس، وإزالة كل العقبات من طريقه”.
وشدد عباس في كلمة أمام المجتمعين على أن “الانقلاب وما جره علينا من انقسام بغيض نكبة جديدة أصابت شعبنا وقضيتنا ويجب إنهاؤه فوراً (…)، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في إطار دولة واحدة ونظام وقانون وسلاح شرعي واحد”. وأكد مجددا دعمه “المقاومة الشعبية السلمية، (كونها) الأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية في هذه المرحلة”.
من جهة ثانية، طالب هنية بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، و”إعادة بناء وتطوير منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني جديد يضم الجميع على أساس الانتخابات الديموقراطية الحرة”. كما طالب السلطة الفلسطينية بـ”إنهاء كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال، ووقف وتحريم كل أشكال الملاحقة والاعتقال على خلفية المقاومة أو الانتماء الفصائلي أو العمل السياسي”. واعتبر هنية أن الاجتماع “لا يكتمل” في غياب ممثلي عدد من الفصائل الفلسطينية.
وقاطعت الاجتماع ثلاثة فصائل هي حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة ومنظمة الصاعقة الفلسطينية. وكان رئيس حركة الجهاد زياد النخالة اشترط للمشاركة بالاجتماع، الإفراج عن عناصر حركته وآخرين من فصائل أخرى تعتقلهم أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية. لكن السلطة الفلسطينية رفضت هذا المطلب “رغم ضغوطات وجهود بذلتها مصر وأطراف أخرى”، بحسب مسؤول فلسطيني.
وأيد هنية الأحد مطالبة الجهاد بـ”الإفراج عن المعتقلين على خلفية المشاركة في مقاومة الاحتلال أو على خلفية الانتماء السياسي.. فاستمراره يشكل إساءَة عميقة لنا جميعاً ولنهج المقاومة والثورة”.
وفي تصريح تلقته وكالة الأنباء الفرنسية، قال عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش “كنا نأمل أن يستجيب الرئيس محمود عباس للمطالب والاتصالات والمبادرات التي تمت للإفراج عن المعتقلين المجاهدين في الضفة الغربية”. وأضاف “تفاجأنا بتغول أمني غير مسبوق على المقاومين”، داعيا إلى “سحب الاعتراف بإسرائيل وتشكيل قيادة وطنية موحدة لقيادة المقاومة في الضفة الغربية”.
وفي بيان في 17 تموز/يوليو، قال محافظ جنين أكرم الرجوب إنه تم اعتقال “مجموعة من الخارجين عن القانون اعتدوا على مركز شرطة بلدة جبع (قرب جنين) وأحرقوا جزءا كبيرا منه”. وأوضح أن الاعتقالات جرت “بدون اعتبار لأي دوافع سياسية أو انتماءات تنظيمية، فالمتورطون ينتمون لعدة تنظيمات منها الجهاد وحماس، وأول معتقل متورط كان من حركة فتح”.
وشدد هنية على “مواجهة مخططات الاحتلال وسياسة حكومته الفاشية وسعيا لتحقيق وحدة شعبنا، نرى ضرورة تبني خطة وطنية فاعلة”، داعيا إلى “تشكيل قيادة مشتركة لمتابعة ومواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي”.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر إن “نجاح الحوار الوطني يعد طريقنا لتعزيز الوحدة وصمود شعبنا والمقاومة”، معتبرا أن “مسار التسوية” مع إسرائيل “الذي راهنت عليه القيادة الرسمية الفلسطينية بات فاشلا ومغلقا”.
“لكل منهما علما وراية مختلفين”
ومساء الأحد، خرجت تظاهرات عدة شارك فيها مئات الفلسطينيين تلبية لدعوة أطلقها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، في مناطق مختلفة من قطاع غزة. وردد المتظاهرون هتافات منها “الشعب يريد إنهاء الانقسام” على ما أفاد مصورو وكالة وكالة الأنباء الفرنسية.
وعبر عدد من الفلسطينيين عن خيبة أمل. وقال أحدهم في غزة يدعى مجدي إن اجتماع العلمين يؤكد أن “المشكلة الآن عند الشعب، الشعب لا بد من أن يتصالح”. وعلق ناشط آخر في غزة بشيء من التهكم أن اجتماع العلمين “يعني لكل منهما (فتح وحماس) علما وراية مختلفين”.
وفي لبنان قتل ستة فلسطينيين بينهم قائد عسكري في حركة فتح في اشتباكات اندلعت الليلة الماضية وتجددت الأحد في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب البلاد. وقتل القائد العسكري في فتح مع أربعة من رفاقه في كمين الأحد، وفق ما أفاد القيادي في الحركة منير مقدح وكالة الأنباء الفرنسية. وجاء ذلك بعد معارك ليلية داخل المخيم بين عناصر من فتح وآخرين من مجموعات إسلامية.
واعتبر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيان الأحد أن “توقيت الاشتباكات الفلسطينية قي مخيم عين الحلوة، في الظرف الإقليمي والدولي الراهن مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين”. وأضاف أن “تزامن هذه الاشتباكات مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية هو في سياق الرسائل التي تستخدم الساحة اللبنانية منطلقا لها”.