“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
تعد واقعة استشهاد الإمام الحسين بن علي ابن أبي طالب الحفيد الصغير للنبي محمد، في معركة كربلاء في يوم عاشوراء من عام 61 هـ (التقويم الهجري) أحد أبرز الأحداث التي ترتبط بهذا اليوم، حيث يحيي المسلمون الشيعة هذه الذكرى بالحزن والعزاء ويعتبرونها يوما مريرا يمضونه بالدعاء واستذكار السيرة الحسينية والقيم الانسانية التي تحملها.
في واقعة كربلاء تمّ قتل الاطفال، كالطفل الرضيع والحسن المثنى وسواهما. ويذكر قول للامام الحسين عندما قتل طفله الرضيع وهو في حضنه يقول فيه:” هوّن ما نزل بي أنه بعين الله، اللهمّ لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح”.
ينقل الاهل مفاهيم كربلاء الى اطفالهم منذ الصغر، من هنا ترى الكثير من الاطفال الذين لا يزالون رضعا وآخرين أكبر سنا وكثر لا يتجاوزون الاعوام العشرة، يشاركون في المسيرة العاشورائية، وهذا ما حدث هذه السنة إبان المسيرة المركزية في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث التقينا بالعديد من الاطفال في المضافات يوزعون المأكولات والفواكه والعصائر وطبق الهريسة الشهير والمياه للمشاركين.
في مقهى “كابتن” على طريق الكفاءات تنهمك ميرا سمحات ابنة العشرة اعوام في تقديم الحلويات اللذيذة، والبسكويت مع راحة الحلقوم، تركض وتنادي على المشاركين والمشاركات لكي يزوروا المقهى لتقدم لهم اطباق الهريسة ” وهي من صنع جدّتي، التي تطهو بشكل ممتاز، والهريسة التي تطهوها لا مثيل لها”.
على مقربة منها، تجلس سيدات متشحات باللون الاسود، تصغين الى السيرة الحسينية وواقعة كربلاء التي يتلوها بتأثر واضح أحد المشايخ من على المنبر الرئيسي. تقول جدّة ميرا السيدة هويدا:” نحن لم ننم منذ 24 ساعة، ننشغل بفرح باعداد الهريسة والحلويات والسندويشات لتوزيعها اليوم في المسيرة الكبرى، وكل ذلك فدى أبا عبد الله”.
في المقلب الآخر، وحين تسير مع الجموع المتشحة كلها بالأسود، حاملين الرايات الحسينية الحمراء والبيضاء والسوداء، تلتقي الكثير من الامهات والآباء الذين يترافقون مع بناتهم وبنيهم، نصرة للحسين وقضيته.
هنا الطفل حسين، الذي لا يتجاوز الاعوام الثلاثة يضع العصبة الحسينية، ويحتسي عصير “الهرم” الشهير “بونجوس” وعلى كتفه اليمنى شعار “حزب الله”، يحيي حسين الصغير مظلومية الحسين دون ان يفقه معناها بعد، وسيأتي يوم يشرح له والده معاني السيرة الحسينية وواقعة كربلاء، إنه يجسد احياء المظلومية بعيون بريئة.
الشبان من الفرق الحزبية والكشفية الكثيرة التي تشارك في طقوس عاشوراء، بدأوا قصتهم مع الحسين مثل هذا الطفل، وها هم يملأون الطرقات منشدين ومهللين للحسين وصحبه، ومستمرين في احياء المسيرة الحسينية الممتدة منذ أعوام طويلة.