“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
وضع سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري أمس بلسم أمل على جروح الوطن اللبناني فاتحا كوّة أمل في جدار الانسداد السياسي عبر جمعه شمل السلكين الدبلوماسي العربي الاسلامي والغربي الى مأدبة عشاء أقامها في فندق “الفينيسيا إنتركونتيننتال” ما شكّل حديث البلد والناس وسط الشلل الحاصل في السياسة اللبنانية.
العشاء الحدث، وهو تقليدي سنوي، لم يشهد أي حضور سياسي لبناني باستثناء دعوة خاصة للحضور وجهها السفير البخاري الى وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب الذي جلس الى الطاولة الرئيسية شاهدا لبنانيا وحيدا على تجسيد المصالحة السعودية الايرانية في لبنان عبر المصافحة الاولى بين سفيري المملكة وليد البخاري وإيران مجتبى أماني الذي جمعته الطاولة الرئيسية التي جلسها اليها: السفير البخاري، وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، سفير دولة فلسطين وعميد السلك الدبلوماسي العربي اشرف دبّور سفير الصين تشيان مينجيان، سفير قطر ابراهيم السهلاوي، ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، سفير تونس بوراوي الامام، سفير باكستان سلمان اطهر، سفير روسيا الكسندر روداكوف وسفير إيران مجتبى أماني.
المصافحة بين السفيرين البخاري وأماني جذبت الاضواء وعدسات التصوير، وشرعّت الابواب المفتوحة نحو “الدبلوماسية المستدامة” وهو العنوان الذي وضعه سفير المملكة في بيروت لهذا الحدث، وشرح السفير البخاري هذا المفهوم لنظرائه على العشاء بحسب معلومات استقاها موقع “مصدر دبلوماسي”، إذ وجّه السفير السعودي دعوة لنظرائه لكي يتشاركوا مع المملكة بالمسؤولية من اجل تحقيق امن واستقرار لبنان، وذلك عبر مفهوم “الدبلوماسية المستدامة” التي تعني توفير شبكة أمان دولية من اجل تخفيض التحديات والمخاطر التي تواجه لبنان. وحثّ السفير البخاري نظراءه الدبلوماسيين على الانخراط الايجابي في دعم لبنان وعدم الاكتفاء بالتفرّج.
السفير الايراني يستجيب لدعوة نظيره السعودي للدبلوماسية المستدامة
وفيما اعرب سفير المملكة العربية السعودية في لبنان من خلال احاديثه مع سفراء الدول العربية والاسلامية والاجنبية عن ضرورة تأمين شبكة أمان دولية من اجل مواجهة المخاطر والتحديات التي يعيشها لبنان من منطلق المسؤولية المشتركة للمجتمع الدولي حيث يعمل كل واحد من ممثلي الدول من أجل استقرار لبنان عبر التواصل الدبلوماسي المستدام.
وسرعان ما جاءت الاستجابة من السفير الايراني في لبنان مجتبى أماني الذي غرّد على حسابه على “تويتر” قائلا:” إحترامي وتقديري لسعادة السفير وليد البخاري على دعوته الكريمة. نستبشر خيرا بما يجري من حراك وتطوّرات، ونأمل أن تظلّل في وقت قريب أجواء الوفاق والتلاقي والعلاقات بين جميع بلدان المنطقة لما فيه خير ورفاه أمتنا وشعوبنا”.
“ترويقة” دبلوماسية في “قصر الصنوبر”
كالعادة، وجه السفير البخاري “ضربة معلّم دبلوماسية” هو العائد من باريس حديثا، حيث تزامن وجوده مع لقاءات ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووسط جولة مستمره لمبعوث ماكرون في لبنان وزير الخارجية السابق جان-ايف لودريان الذي يستضيف صباح اليوم عند الثامنة صباحا “ترويقة دبلوماسية” في قصر الصنوبر ستجمع اعضاء الخماسية الدولية من أجل لبنان على مستوى سفراء هذه الدول أي سفيرة فرنسا آن غريو، سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، سفير قطر ابراهيم السهلاوي، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا فيما سيغيب السفير المصري ياسر علوي لتواجده خارج لبنان، ما يشكل عمليا الاجتماع الاول للجنة على مستوى السفراء في بيروت مع الموفد الفرنسي جان-إيف لودريان الذي سيقدم للحاضرين ملخصا عن نتائج جولاته على المسؤولين اللبنانيين والمستمرة منذ عصر الاربعاء.
رؤية 2030 ودبلوماسية لمّ الشمل
تمكنت المملكة العربية السعودية من سحب الملف اللبناني من مستنقع الخواء السياسي الداخلي، وحرّكت المياه الدبلوماسية الراكدة تجاه لبنان، ويعدّ هذا العشاء الجامع لقوى متناقضة عبر حضور سفير روسيا والقائم بالاعمال الاوكراني جزءا من رؤية 2030 المرتكزة الى جمع شمل المتنافرين. وأكدت المملكة على دورها الاقليمي الجامع ايضا من خلال انفتاحها على سوريا وكان حاضرا بالامس القائم بالاعمال في السفارة السورية علي دغمان.
بعد النكسة التي أصابت المبادرة الفرنسية بنسختها الاولى، وانعدام الحوار الداخلي اللبناني يأتي هذا العشاء الدبلوماسي الجامع ليشكل قوة دفع سعودية عبر الدول العربية والاسلامية والاوروبية والغربية مع التاكيد السعودي بأن المساعي والمبادرات لا تعفي الداخل اللبناني من دوره وهو وحده من يمتلك مفاتيح الانفراج والحل عبر فتح باب الحوار غير المشروط وخصوصا في الملف الرئاسي اللبناني. في هذا السياق لا يزال موقف المملكة العربية السعودية على حاله: تشجع على الاسراع في انتخاب رئيس، لا تضع “فيتو” على أي إسم بمن فيهم اسم سليمان فرنجية، تدعو الى الحوار الداخلي غير المشروط، والى اختيار اللبنانيين انفسهم رئيسا يكون لديه نفسا اصلاحيا ويجمع اللبنانيين ويكون الاقدر على استعادة الثقة العربية والدولية بلبنان.
كلمة بو حبيب
القى وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبد الله بو حبيب كلمة في العشاء جاء فيها:
” في البداية نوجّه الشكر لسعادة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري على هذه الدعوة الكريمة وهذه اللفتة الطيبة. انها تكريم للبنان،وبالأخص لوزارة الخارجية والمغتربين. كما ارحب واشكر الزملاء رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية الحاضرين وكافة الزملاء الدبلوماسيين والأصدقاء”.
وأضاف: “إن علاقة لبنان بالمملكة على المستویین الرسمي والشعبي قدیمة ومتجذرة .وقد عبر عنھا في بدایات القرن الماضي الأدیب والمُفكّر الكبیر في الوطن والمھجر أمین الریحاني بوصفه لدور وشخصیة المغفور له جلالة الملك عبد العزیز بن سعود مؤسس المملكة، لما تعكسه ھذه الشخصیة من طبیعة سعودیة تصلح على مر الزمان”.
وختم: “یقول الریحاني: ھا قد قابلت أمراء العرب كلھم، فما وجدت فیھم أكبر من ھذا الرجل، لست مجازفًا أو مبالغاً، فیما أقول: فھو حقاً كبیر، كبیر في مصافحته، وفي ابتسامته، وفي كلامه، وفي نظراته، وفي ضربه الأرض بعصاه. یفصح في أول جلسة عن فكره ولا یخشى أحداً من الناس، بل یفشي سره، وما أشرف السر، سر رجل یعرف نفسه، ویثق بعد ﷲ بنفسه”… ویتابع الریحاني قائلاً: ”ھو حقاً مسك الختام. مھما قیل في إبن سعود، فھو رجل قبل كل شيء. رجل كبیر القلب والنفس والوجدان. عربي.. تجسدت فیه فضائل العرب”…