“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
يستعد لبنان لبناء مبنى حديث لتوسعة مطار رفيق الحريري الدولي بقيمة 122 مليون دولار تديره شركة ايرلندية رائدة في مجال بناء المطارات وتطويرها وذلك في غضون 4 اعوام.
لا يزال لبنان يحلٌّق في مختلف أنحاء العالم ويحتضن الزوار والمغتربين بفضل مطار بيروت الدولي الذي تأسس في العام 1938، وتحوّل الى مرفق مهم وتمّ تطويره وتوسيعه في منطقة “خلدة” في العام 1954، وشهد في تسعينيات القرن الفائت مرحلة إعادة تأهيل آخرها في العام 2000، أي قبل 23 عاما.
يعود المطار الى الواجهة بقوّة بعد أن خسرت بيروت مرفأها في انفجار 4 آب 2020، ليكون صلة وصل مع العالم وسط رؤى وخطط تنموية في المنطقة ستجعل من بلدانها ومنها لبنان محطّ انظار العالم، ما يحتّم عصرنة المطار وتطويره هو الذي اتخذ اسم رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بقرار حكومي في العام 2005 اثر اغتياله ورفاقه في 14 شباط من ذلك العام.
شهدت قاعات المطار في الاعوام الاخيرة موجات ازدحام اساءت لراحة المغادرين منه والقادمين اليه وخصوصا في مواسم العطل والاجازات والدراسة والحج. فما أهمية خطة التوسيع التي ستنجز قرابة العام 2027؟ ما هي فوائدها للمواطن اللبناني وعلى السياحة؟ من سيستثمر في توسيع المطار؟ وما حقيقة الانتقادات الموجهة الى وزارة الاشغال العامة والنقل وهل هي مسندة قانونيا أم تندرج في اطار المماحكات السياسية اللبنانية المعتادة؟
في العام 2018، أي قبل 5 اعوام، اعلن مكتب رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في تصريح لوكالة “رويترز” عن خطة لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطار الدولي الوحيد في البلاد الى نحو عشرة ملايين مسافر سنويا، فيما هي اليوم ستة ملايين سنويا. واعلن بأن “التوسعة” ستشمل “اعادة النظر والتصميم الداخلي والخارجي لمبنى الركاب الحالي في المطار واستحداث جناح جديد للركاب من خلال استخدام مبنى الجمارك القديم وهنغار الشحن الملاصق له، وهما الآن خارج الخدمة الحالية”. لم يذكر البيان إطارا زمنيا للخطة.
تسارعت الحوادث في لبنان منذ 5 اعوام، وعوض أن يحلق المطار بأجنحة طائراته عاليا “طار” اقتصاد البلد وتبخّرت ميزاته التنافسية وسط انهيار شامل، وصمد المطار بشركته الاشهر “شركة خطوط الشرق الاوسط” كما صمد إبان الحرب والقصف الاسرائيلي الذي استهدفه مرارا منها في العام 1968 حين دمّر الاسرائيليون 13 طائرة مدنية في رد على خطف طائرة اسرائيلية في مطار اثينا على يد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقاوم اقفاله عنوة ونقل ادارته الى مطار اورلي في فرنسا في العام 1976 ليعاد افتتاحه مجددا بعد 168 يوما من الاقفال، وواجه الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 واقفل لمدة 115 يوما وقد قصفت القوات الجوية الاسرائيلية المطار ودمرت 6 طائرات تابعة لطيران الشرق الاوسط من نوع بوينغ 727… وعايش المطار عمليات خطف عدة منها اختطاف طائرة الـ
TWA
الاميركية من مطار روما وتحويل رحلتها الى مطار بيروت ما أدى الى مقاطعة الولايات المتحدة الاميركية للمطار.
محطات عدّة واجه فيها مطار بيروت العنف الدائر حوله، وفي العام 2023 وبعد أن استتبّ سلام منتظر بين محورين في الشرق الاوسط، يعود الأمل بأن يستعيد تألقه ووظيفته الاقتصادية، ويحقق رؤية قديمة للرئيس رفيق الحريري ترى في المطار استثمارا واعدا لمستقبل السياحة في لبنان.
بعد اعلان العام 2018 الذي كشف عن المخطط التوجيهي العام لتطوير وتوسعة مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي، ووسط شح التمويل الحكومي لهذه الخطة، استقطبت وزارة الاشغال العامة عرض التوسعة بناء على صلاحياتها المستندة الى قانون رسوم المطارات بالتعاون مع شركة
LAT
المتخصصة في قطاع النقل الجوي وخدماته وهي ليست وافدة جديدة بل تعمل في المطار منذ اكثر من 64 عاما وهي متخصصة في قطاع النقل الجوي وخدماته ولها خبرة في هذا المجال. لكن بوادر معركة جديدة يبدو أن على مطار العاصمة مواجهتها، تتمثل ببعض الاصوات المعترضة ذات الخلفيات الحزبية أو المناطقية أو تلك التي تتوسل المماحكات من أجل أن “تلحس اصبعها” من مشروع ضخم، يبدو فيه الامر مستحيلا لأن الشركتين اللتين كلّفتا رسميا هما بعيدتان عن ذلك وهما
LAT
وشركة ايرلندية هي “شركة دبلن للمطارات الدولية” المملوكة من حكومة ايرلندا والمتخصصة في انشاء وادارة وتشغيل مطارات عالمية تصل الى اكثر من 17 مطارا دوليا بعدد مسافرين يتجاوز الـ85 مليون مسافر سنويا.
وبعد ان قام وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية بكافة الاجراءات القانونية، عقب دراسة تفصيلية قامت بها دار الهندسة للتصميم والاستشارات الفنية- شاعر ومشاركوه- تضمنت دراسة تكلفة المشروع وايراداته المتوقعة وتكاليف الاعمال الانشائية والتجهيز والتأهيل والتشغيل والصيانة وخلافه، تقرر انشاء مبنى جديد للمسافرين بكلفة تصل الى 122 مليون دولار، وخفض وزير الاشغال العامة والنقل عدد سنوات الاستثمار الى 25 سنة وبموجب ذلك تم اعداد العقد والمتاح لمن يرغب بالحصول عليه بحسب الآلية التي نص عليها قانون حق الوصول الى المعلومات رقم 28 الصادر في 10\2\2017.
تمول شركة
LAT
كامل المشروع وستتعاون لناحية التشغيل مع الشركة الايرلندية، وستتم المباشرة بتمويل وانشاء وادارة وتشغيل مبنى المسافرين الجديد في المطار المختص بالرحلات العارضة والموسمية ولطائرات شركات الطيران المنخفضة التكلفة طبقا للمخطط التوجيهي العام، وسندا الى احكام قانون رسوم المطارات ثم تعود ملكية المباني والمنشآت والتجهيزات بالكامل للدولة اللبنانية، ويتوقع بحسب المعلومات أن يبدأ التشغيل في العام 2027.
سيتضمن مشروع التوسعة مبنى مسافرين جديد بالكامل، ومنطقة حرة تتناسب مع عمل المبنى الذي سينشط تحديدا لمسافري الحج والعمرة ورحلات دينية الى النجف، وهو سيستوعب مليوني مسافر، فضلا عن انه سيجذب رحلات الطيران صاحبة الكلفة المتدنية أي يمكن السفر عبره الى باريس عبر بعض الرحلات بـ80 يورو او الى وجهة اخرى بأقل من سعر الطيران المحلي اللبناني، ما سيخلق منافسة ايجابية، كما انه سيرفع من مستوى رحلات طيران الشرق الاوسط وسيزيد عددها. في الفائدة الاقتصادية، سيدخل المطار ايرادات للدولة اللبنانية بين 30 و40 مليون دولار سنويا لغاية انتهاء العقد بحسب مصدر واسع الاطلاع، كما سيؤمن وظائف لنحو 2500 من اللبنانيين تدفع بالدولار الفرش، ومبالغ مناسبة توازي رواتب مطارات العالم.
كما سبق وذكرنا، ستتولى الشركة الايرلندية ادارة المشروع وهي عملت في 17 مطارا في العالم بينها مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وهي ستعمد الى تسليم كامل المشروع ليصبح ملك الدولة بعد 25 عاما بناء على قانون المطار الذي يضمن بناء منشآت وتشغيلها في مساحة مكشوفة ضمن التعاقد الحر.
أسئلة وهواجس ومماحكات
بعض الاسئلة التي يطرحها معارضو التوسعة تتعلق بالآتي:
*هل يحق لحكومة تصريف الاعمال ربط الدولة اللبنانية بصفقة لمدة 25 عاما وهل لذلك نقض للمادة 89 من الدستور؟
يقدّم احد المطلعين الوثيقي الصلة بالمشروع وبخلفيته القانونية اجابة تشير الى أن “توقيع عقود الايجار في مطار رفيق الحريري الدولي من الامور العادية اليومية التي تجريها المديرية العامة للطيران المدني وبسبب عدم وجود مدير عام أصيل يقوم وزير الاشغال العامة والنقل بذلك”.
*هل يحق لوزارة الاشغال وفق القانون التصرف بالطريقة التي تمّت؟
يجيب المصدر ذاته: “إن القانون الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 36 تاريخ 15\6\1983 وتعديلاته في الجدول رقم (9) الملحق بكل من موازنات السنوات 1991، 1993، 1999، 2019، والمعدّل بالقانون رقم 300 تاريخ 11\8\2022 والقانون النافذ حكما رقم (10) الصادر بتاريخ 15/11/2022 وهو قانون الموازنة العامة للعام 2022، يلحظ هذا النوع من الاشغال ضمن مندرجاته وهو يجيز قيام الشركات في المطار بإقامة انشاءات ومبان على نفقتها الخاصة على الاراضي المكشوفة المشغولة من قبلها.
*هل يمكن اجراء عقد من دون مزايدة
BOT؟
يجيب المصدر: ” من المتاح قانونيا اجراء اقامة منشآت ومباني في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت بحسب المرسوم الاشتراعي رقم 36 تاريخ 15/6/1983 وتعديلاته في الجدول رقم (9) الملحق بكل موازنات السنوات: 1991، 1993، 1999، 2019، والمعدّل بقانون رقم 300 تاريخ 11/8/2022، والقانون النافذ حكما رقم (10) الصادر بتاريخ 15/11/2022 لانه يلحظ هذا النوع من الاشغال ضمن مندرجاته والذي يجيز قيام الشركات في المطار بإقامة انشاءات ومبان على نفقتها الخاصة على الاراضي المكشوفة المشغولة من قبلها، على أن تحدّد بدلات الاشغال لاحقا وفق احكام هذا القانون. وبسبب وجود هذا النص ولهذه العلة لا يخضع اشغال المساحات المكشوفة المعدّة لاقامة انشاءات ومبان الى آلية المزايدة العلنية بل أبقته في اطار التعاقد الحر. وهذا ما تمّ اعتماده في عقود سابقة مثل عقد انشاء المبنى البريدي لشركة ومبنى الشحن الجوي المعروف بقرية البضائع لشركة
DHL
البريد السريع وطيران الشرق الاوسط ش م ل بقيمة 25 مليون دولار لمدة عشر سنوات.