الأب سركيس إبراهيم
لا يزال الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وشمال غرب سوريا في 6 شباط الجاري يهزّ ضمائر العالم وخصوصا مع شحّ المساعدات التي وصلت الى سوريا نظرا الى مفاعيل عقوبات عدّة تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على النظام السوري برئاسة بشار الاسد، ولعلّ قانون قيصر الذي أقرّه مجلس النواب الاميركي في 22 كانون الثاني 2019 هو أشدها وطأة.
في هذا السياق، دعا “اللقاء الاعلامي الوطني” عصر اليوم الجمعة في قاعة “مقهى 77″ طريق المطار الى فعالية للتضامن مع سوريا تحت شعار :”اعلاميون ضد قانون قيصر” صدر بعدها “نداء” لكسر الحظر الذي يفرضه هذا القانون على سوريا. والقى الأب سركيس ابراهيم ممثل كاثوليكية الارمن الارثوذكس لبيت كيليكيا كلمة ننشرها كاملة إذ تبرز الجرح السوري العميق الذي ولده الزلزال المدمر لدى أطياف السوريين جميعهم وهو ما لم تدركه بعد الدول الكبرى.
بسم الرب الواحد
معالي الوزير وأصحاب السماحة والسادة الأكارم أتقدم بالتعازي بمصابنا العظيم أثر الزلزال المُهَدَمُ.
عندما تعجز الكلمات وتُذرَف الدموع، أمام مشهد مؤسف، من عيون الأطفال اليتامى والأمهات الثَكْلى، نعلم أن المعاناة قد تخطت حدود التحمل. إن الزلزال المُدَمِرُ الذي أصاب سورية الحبيبة فجر يوم الإثنين قرع اجراس الضمير الإنساني في كل مكان، ولكن هناك من اصابهم صَمَمٌ بُكْمٌ وعُمْيٌ. أتت الكارثة الطبيعية لتُضاعِف معاناة الشعب السوري الشقيق. بعد الزلزال المدمر الذي تسبّب بسقوط آلاف الضحايا وعشرات آلاف الجرحى من السوريين، وأضرار جسيمة ودمار هائل من دور العبادة والمؤسسات ومنازل المواطنين، جعل مئات آلاف منهم مشردون بلا مأوى. وكما نعلم أن اعداد الضحايا في سورية الحبيبة يتزايد بشكل مأساوي.
يزيد تفاقم الظروف المعيشية وقساوة مآسي الحرب والأزمات والكوارث والأوبئة والعبء الاقتصادي الكبير على الشعب السوري. وكما نعلم أن هذه الكارثة أتت بالتزامن مع سوء الأحوال الجوية في المنطقة بشكل مأساوي. اليوم لدينا ضحايا من كل نسيج التعايش بين الشعب السوري، ولكن لا يمكن أن نُفَرِق الضحايا حسب دياناتِهِم أو أعراقِهِم، بل نعتبر الجميع أهل وأشقاء.
نشاهد اليوم صالات الكنائس تستضيف المسلمين والجوامع تستقبل المسيحيين. إن معاناة الشعب السوري لا تقتصر على فئة معينة، بل إنها اثرت على الجميع. إن آلاف الضحايا في سورية. هم أشقاؤنا في الإنسانية. وكما هو مرفوضٌ في مفاهيمِنا تسيس الإنسانية والتساوم على الأرواح. نعم الضمير الإنساني يجمَعُنا، قيمنا تجمَعُنا، روح التضامن و التعاون تجمَعُنا، لأننا تعلمنا من موسى النبي أن نكون يد الله الممدودة إلى الشعب المظلوم، تعلمنا من سيدنا المسيح أن نحمل معاناة القريب، تعلمنا من بولس الرسول أن فلتكن كل أفعالنا من القلب كأننا نعمل للرب، ليس للناس، وإذا تألم عُضوٌ في جسد الإنسان تألمت معهُ جميعُ الأعضاء، تعلمنا من القرآن الكريم أن نتعاون على البر والتقوى و لا نتعاون على الإثم والعدوان، كما تعلمنا أيضاً من نبي الكريم محمد أن اللهُ في عَونِ العبدِ ، ما كان العبدُ في عَوْنِ أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا، سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنَّةِ.
نناشد الأمم المتّحدة والدول التي تفرض العقوبات التعسفية بحق هذا البلد الذي تعرض لظروف عصيبة في السنوات الماضية برفع الحصار والعقوبات الجائرة المفروضة على الشعب السوري بشكل كامل واتّخاذ إجراءات ومبادرات فورية لتأمين وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية. كما نناشد أصحاب الضمير الحيّ في جميع أنحاء العالم برفع الصوت عاليًا من أجل وضع حد لمعاناة الشعب السوري وتمكينِهِ من العيش الكريم.
نرحب بهذه المبادرة المباركة، ونشكر إخواننا في المركز الإسلامي للإعلام والتوجيه اللذين بادَروا لتعزيز روح التضامن بين الأشقاء.
باسم قداسة الكاثوليكوس آرام الأول للأرمن الأورثوذكس والرهبانية الأرمنية نتقدم بالتعازي لأهالي الضحايا في سورية الغالية مع تمنياتِنا بالشفاء العاجل للناجين في المشافي والمؤسسات الصحية التي تفتقر للمقومات العلاجية بسبب الحصار والعقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية.
فلنصلي جميعا من أجل الضحايا وأُسَرِهِم سائلين الرحمة للموتى والشفاء للمصابين والجرحى، فلنصلّي من أجل جميع العاملين في مجال الإغاثة ورفع الأنقاض والاستشفاء، ولنناشد معاً الحكومات، والمنظمات الدولية، والمنظمات الغير حكومية، والجمعيات الخيرية للإسراع بدعم جهود الإغاثة والإنقاذ، بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية.
يا أيها الأخوة في البشرية ارفعوا الحصار من قلوبكم، ارفعوا الحصار من إنسانيتكم، وارفعوا الحصار عن أشقائكم. والسلام لكم ورحمة الله على جميع.
*كاثوليكية الارمن الارثوذكس لبيت كيليكيا