مارلين خليفة
“البوصلة”
تقرع طبول انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان وسط انهيار اقتصادي وتدهور اجتماعي وبؤس متزايد، والجميع في لبنان أعني الشعب اللبناني ينتظر لحظة القيامة التي تبدو بعيدة المنال لغاية اليوم.
مسلسل حزين يعيشه البلد الجميل منذ العام 2019، باتت الحياة الرغيدة ذكريات، وبات التخطيط للمستقبل أمرا محظورا على أي لبناني، حيث يعيش كلّ منا “كل يوم بيومه” كما يقول المثل الشعبي.
في هذا السياق، ينتظر الجميع أن يتبوأ سدة الرئاسة الاولى رئيس ينتشل البلد من كبواته المتراكمة، وفي هذا التوقيت الذي نبحث فيه عن رئيس تكثر “الحركات” الشعبوية، ويستعجل البعض تحقيق مآرب سياسية خاصة بحجج انقاذ طائفة محددة، وكأن الوقت لانقاذ الطوائف لا لانتشال لبنان من وحول السياسات الخاطئة.
يقاسي الشعب اللبناني الأمرّين، ولا يمكن لأحد الادعاء أنه يمثل آراء الشعب لكن دولا وسفراء ومرجعيات خارجية عكفت على وضع مواصفات الرئيس اللبناني العتيد، وبحكم كوننا نمثل الرأي العام كصحافيين يحق لنا وضع مواصفات ايضا.
في زمننا الحاضر، نريد رئيسا يتميز بخامة رجل الدّولة، أي أنه يغلّب المصلحة العامة على الخاصة، أن يلقي مستقبله ومستقبل حزبه او تياره جانبا ويتطلع الى مستقبل اللبنانيين، ألا يكون شعبويا أو انفعاليا يستفزّ بقية الافرقاء، أن يتحلى بالروح الاصلاحية من دون أن ينجرّ الى صدامات، أن يكوّن فريق عمل متخصص ومحترم حوله لا مجموعة لصوص أو وصوليين “يمسحون الجوخ” لتحقيق مآربهم الخاصة، أن يحترم حرية التعبير وحقوق الانسان، أن يعيد علاقات لبنان العربية ويعمّقها وأن يؤكد على هوية لبنان العربية الخالصة مرة واحدة ونهائية، وألا يفرح او “يطنّش” على أي اعتداء يطال الدول العربية الشقيقة لانها تمثل البعد الاستراتيجي والمعنوي للبنان. أن يحترم عمل المقاومين في لبنان ضدّ اسرائيل الكيان العدوّ وألا يتم استخدامه لمحاربة أي جزء من اللبنانيين ولو أخطأوا، لأن لا أحد يحاكم احدا في هذا البلد بل أن يتم اللجوء الى الحوار فقط، ألا يفلت مناصريه واعوانه لتهديد الناس وترهيبهم وأن يتحلى بمجموعة من القيم الانسانية والاخلاقية. أن يكون رئيسا مثقفا، قارئا للتاريخ حتى يتمكن من استشراف المستقبل فلا يدخل في صراعات عاشها لبنان الحديث مرارا. رئيس يفكر بهموم الناس ولا يحصر رأسه بتياره وحزبه وطائفته.
لا نريد رئيسا يصطف استراتيجيا بحسب مصلحة فريق ما، فالاستراتيجيا مهمة لكنها ليست كافية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان، إن اختيار رئيس غير مثقف لا يعرف مخاطبة العالم والبيئة الدبلوماسية والدولية، ورئيس لا يملك زادا وافيا من القيم سيدخل لبنان في عصر ما بعد الانحطاط.