مقالات مختارة
مجلة الامن العام
مارلين خليفة
تحدّ باكستان من الخط الساحلي على طول بحر العرب وخليج عمان في الجنوب الهند من الشرق وافغانستان الى الغرب وايران في الجنوب الغربي والصين في اقصى الشمال الشرقي، ويفصل طاجيكستان عنها ممر واخان في افغانستان في الشمال وتشترك ايضا بالحدود البحرية مع عمان. هذه الحدود المشتركة مع دول اقليمية ودولية كبرى كافية لتحديد الدور المحوري الذي تلعبه باكستان في ملفات عدة.
باكستان هي ايضا الدولة الاسلامية الوحيدة التي تمتلك رسميا سلاحا نوويا، وهي متنوعة عرقيا ولغويا وتتألف من 4 اقاليم تحكم بطريقة فيديرالية. لدى باكستان سابع اكبر جيش في العالم، يحتل اقتصادها المرتبة 24 عالميا. ويعتبر جيش باكستان من اهم الجيوش المتخصصة في العالم بمحاربة الارهاب، بحسب سفيرها في بيروت سلمان اطهر الذي عيّن في لبنان في اذار 2022. شغل السفير اطهر سابقا مناصب ديبلوماسية مختلفة في ابوظبي وسنغافورة ومسقط. وردا على اسئلة “الامن العام” عن سوريا، يقول ان بلاده تعتمد سياسة الحياد وانها حافظت على سفارتها هناك ومدارسها ايضا. يضيف: “تدعم باكستان كل الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.
ينصب اهتمام باكستان على التخفيف من اثار جائحة كورونا التي اثرت على اقتصاديات العالم برمتها. ويتميز اقتصادها بصناعات متطورة، ابرزها النسيج والادوات الجراحية والرياضية وتكنولوجيات المعلومات. حاربت الارهاب ووقعت لها خسائر جمة، ويقول سفيرها ان “الجيش الباكستاني يعتبر الاكثر خبرة عالميا في مكافحة الارهاب”.
تقيم باكستان مع لبنان تعاونا دفاعيا وامنيا. ساهمت في مساعدته بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 وتعمل على تطوير التبادل الاقتصادي عبر لجنة مشتركة واقامة شراكات مع وزارات التجارة والاعلام، وثمة محاولات لتشجيع الاستثمار اللبناني في باكستان عبر دعوة وفود لاكتشاف الامكانات الاقتصادية.
الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني هو اطار عمل للتواصل الاقليمي
* اتيتم الى لبنان في عز الانهيار الاقتصادي الشامل، كيف تصفون المشهد اللبناني الذي شابه الوضع الباكستاني وكيف تتعاملون مع الازمة كدبلوماسي؟
– وياللاسف، يواجه لبنان حاليا ازمة اقتصادية حادة. لكن دعني اخبرك ان الشعب اللبناني مقاوم للغاية وآمل في ان يتمكن البلد من الخروج من هذه الازمة في المستقبل بنجاح. تجدر الاشارة هنا، الى ان جائحة كورونا بالاضافة الى بعض الحوادث العالمية، ادت الى صعوبات اقتصادية في جميع انحاء العالم. وفي حين ان باكستان كغيرها من بلدان العالم واجهت بضع فترات اقتصادية صعبة، لكن بشكل عام، فان اقتصادنا بخير وظل النمو الاقتصادي مرضيا. كديبلوماسي مقيم في لبنان، اواجه ايضا المشاكل ذاتها التي يواجهها الاشقاء اللبنانيون. فباكستان تقف الى جانب لبنان في هذه الاوقات الصعبة وستواصل الدعم بكل الوسائل الممكنة.
* سعادة السفير ماذا عن العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وباكستان متى بدأت وكيف تطورت؟
– تربط باكستان ولبنان علاقات ودية واخوية للغاية. اقيمت العلاقات الديبلوماسية في الخمسينات من القرن الماضي ونمت منذ ذلك الحين. حافظ قادتنا على علاقة شخصية مع قادة لبنان مما ساعد العلاقات على النمو. يجمع باكستان ولبنان التقارب في المواقف حول القضايا الدولية الرئيسية ويدعم البلدان بعضهما البعض في المحافل المتعددة الطرف، لاسيما في الامم المتحدة. البلدان عضوان ايضا في منظمة التعاون الاسلامي، وآمل في ان تنمو علاقاتنا اكثر خلال الايام المقبلة.
* لماذا باكستان ليست جزءا من قوات حفظ السلام اليونيفيل في جنوب لبنان؟
– تفخر باكستان بمساهماتها طويلة الامد والمتسقة في عمليات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة على مدى ستة عقود. فمنذ عام 1960 عمل اكثر من 200 الف من رجالنا ونسائنا بشرف وبسالة في 46 بعثة تابعة للامم المتحدة في جميع قارات العالم تقريبا. تميز حفظة السلام الباكستانيون دائما بالمهنية والتفاني في كل مهمة شاركوا فيها. قدم قرابة 169 شخصا من اشجع حفظة السلام التابعين لنا التضحية القصوى في اداء واجبهم من اجل قضية السلام والامن الدوليين. اذا طلبت منا الامم المتحدة المشاركة في اليونيفيل، فان سلطاتنا ستولي هذا الطلب الاعتبار الواجب.
* ماذا عن التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين؟
– على الرغم من العلاقة الوثيقة بين البلدين، ظلت التجارة متواضعة. منذ وصولي الى هنا، ابذل قصارى جهدي لتعزيز التجارة والاستثمار الثنائي. انا على اتصال دائم مع كبار القادة اللبنانيين والمسؤولين، بالاضافة الى القطاع الخاص في البلدين. هناك عدد من المنتجات التي يمكن للبنان استيرادها من باكستان باسعار ارخص بكثير دون المساس بالجودة كاللحوم والادوية. في المقابل، يمكننا استيراد مختلف المنتجات من لبنان. يحتاج كلا الجانبين الى تعزيز التعاون للاستفادة من الامكانات الكاملة للتجارة والاستثمارات. وقع البلدان اخيرا اتفاقية لانشاء لجنة اقتصادية مشتركة، وآمل في ان تعطي هذه الخطوة دفعة جديدة لتجارتنا واستثماراتنا.
* ماذا عن التعاون الامني خصوصا في مجال مكافحة الارهاب؟
– هناك تعاون وثيق بين باكستان ولبنان في مجال الدفاع والامن. نحن نقدم التدريب لضباط الجيش اللبناني وملاحظاتهم مشجعة للغاية. لقد قاتلت قواتنا المسلحة باعتبارها واحدة من اكثر القوات احترافية في العالم ضد الارهاب بنجاح، ونحن على استعداد للتعاون مع لبنان في هذا الصدد.
* كيف هي العلاقة مع الامن العام اللبناني وهل من جالية باكستانية كبرى في لبنان؟
– يعيش بضع مئات من الباكستانيين في لبنان وبشكل عام لا يواجهون مشاكل. مع ذلك، اننا لا نزال على اتصال بالمديرية العامة للامن العام لحل المشاكل متى ظهرت. كما التقيت اخيرا اللواء عباس ابراهيم وشكرته على دعمه في هذا الصدد.
* عودة طالبان الى الحكم كيف اثر على باكستان خصوصا وان باكستان مهدت الطريق لاجراء محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان في اسلام اباد والتي بدونها كانت تبدو عملية السلام الافغانية وسحب القوات الاميركية من افغانستان مستحيلة؟
– تعطي باكستان باعتبارها الجار المباشر اهمية كبرى لتحقيق السلام والاستقرار في افغانستان. لقد عانى شعب افغانستان كثيرا على مدى اكثر من اربعة عقود بسبب الصراع في البلاد. كما ان عدم الاستقرار والصراع في افغانستان يؤثران على باكستان كما قلت لانها جارتها المباشرة. نستضيف حوالى 4 ملايين لاجئا افغانيا نعتبرهم اخواننا واخواتنا. لقد دعمت باكستان الجهود الدولية المبذولة لاستعادة السلام والاستقرار في افغانستان ومعالجة الحالة الانسانية الخطرة والمتدهورة هناك. في كانون الاول 2021 استضافت باكستان دورة استثنائية لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي لمناقشة الوضع الانساني الخطر في افغانستان. يحتاج شعب افغانستان ويستحق السلام والتقدم والاستقرار، ويجب على المجتمع الدولي دعمهم لهذا الغرض.
كاتبة المقابلة مارلين خليفة مع السفير الباكستاني سلمان أطهر في مقر السفارة الباكستانية في بعبدا
* في 5 آب 2019 اعلنت الحكومة الهندية انها ستلغي المادة 370 من الدستور التي تمنح الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير (الشطر الهندي من الاقليم) مما دفع باكستان الى طرد السفير الهندي لديها وتعليق الاتفاقات التجارية الثنائية، ماذا حصل مذذاك خصوصا مع وصول رئيس وزراء جديد الى باكستان؟
– تسعى باكستان بنشاط للحصول على دعم سياسي اوسع لقضية كشمير. في الخامس من آب 2019، الغت الحكومة الهندية مادتين من دستورها منحتا وضعا خاصا لولاية جامو وكشمير. لا يحق للهند الغاء الوضع الخاص لكشمير من جانب واحد في دستورها وضم اراضيها لانها منطقة متنازع عليها كما هو معترف به في قرارات الامم المتحدة. تعتبر هذه الخطوة جزءا من خطة هندية مصممة جيدا لاعادة انشاء الحقائق في جامو وكشمير المحتلتين بشكل غير قانوني من الهند التي تحاول تغيير النمط الديموغرافي لجامو وكشمير الهندية المحتلة بشكل غير قانوني. اننا نقف مع اخواننا الكشميريين وندعمهم في كفاحهم العادل ضد الاضطهاد الهندي حتى التمتع بحقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الامن ذات الصلة.
* عوّلت باكستان على دور يلعبه لبنان في المحافل الدولية من اجل ادانة التعرض لحقوق الانسان في كشمير، هل حصل ذلك؟
– يدعم لبنان كدولة شقيقة باكستان في قضية كشمير. ونريد من المجتمع الدولي ان يتخذ خطوات فورية لحل قضية كشمير بما يتلاءم مع تطلعات الشعب الكشميري. كما سبق وقلت، لقد توافقا مع قرارات الامم المتحدة، ونحن سنظل نعتمد على دعم لبنان لهذا الغرض.
* ما هي فوائد مشروع الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني؟
– ان الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني هو اطار عمل للتواصل الاقليمي. لن يعود بالفائدة الى الصين وباكستان فحسب، بل سيكون له تأثير ايجابي على ايران وافغانستان وجمهورية اسيا الوسطى والمنطقة ككل. ادى تعزيز الروابط الجغرافية الى تحسين نظام النقل البري والسكك الحديدية والنقل الجوي، مع التبادل المتكرر والحر للنمو وللتواصل بين الشعوب وتعزيز التفاهم من خلال المعرفة والثقافة الاكاديمية والثقافية والاقليمية ونشاط اكبر لتدفق التجارة والاعمال. اما انتاج الطاقة ونقلها للحصول على المزيد من الاعمال المثلى وتعزيز التعاون من خلال نموذج مربح للجانبين، فسيؤدي الى منطقة متصلة جيدا ومتكاملة من حيث المصير المشترك والوئام والتنمية.
Marlene Khalifeh
Marlene Khalifeh, a Lebanese journalist. She worked for a period of twelve years in An-Nahar” newspaper before moving to “As-Safir” were she spent ten years as a diplomatic reporter. Between these two periods, Mrs. Khalifeh published many articles in the Al Hayat” and “Al Riyad” newspapers, “Al Wassat” and “Newsweek Middle East” magazines.
She created her own website “Masdar diplomacy”,on the 11th of July 2016 focusing on diplomatic activities in Lebanon and the Middle East.
After attending many training courses in a number of European, American, and English institutions, she specialized in investigative journalism. Her hard work paid off when she was awarded, twice (in 2004 and 2005), with the “investigative journalist” prize by the Commonwealth (in Jordan) among four Arab participating countries. Afterwards, she focused her attention on the politic and diplomatic press training and research on fact checking.
