“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
لا يبدو تعديل مهام قوات اليونيفيل في 31 آب الماضي في سياق التمديد لها عاما جديدا من قبل مجلس الامن الدولي بالمفاجئ لدى المعنيين في لبنان بدءا من الرئاسات الثلاثة وصولا الى وزارة الخارجية والمغتربين وكل الأطراف المعنية دون استثناء.
وبعكس أجواء “المفاجأة” و”الصدمة” التي تشاع اعلاميا، فإن علامة الاستفهام الرئيسية التي طرحها متابعون بعد ادخال تعديلات على البند 16 من القرار 2650 (2022) بحيث كرر المجلس أن “اليونيفيل” لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنه يُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل ويدعو الأطراف إلى ضمان حرية حركة اليونيفيل، بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلن عنها.
لعل نقطة الاستفهام الرئيسية في هذا القرار الذي يحمل مفاعيل ميدانية خطرة في ظل معارضة شديدة له من قبل “حزب الله” بحسب ما تظهّر في اليومين الأخيرين عبر وسائل الاعلام من خلال تصريح الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك الذي سأل في خطبة ألقاها في مقام السيدة خولة في بعلبك قائلا: “أين المسؤولون عن قرار مجلس الامن باعطاء القوات الدولية في الجنوب “اليونيفيل” حرية الحركة، وعلى الاطراف اللبنانيين التسهيل وعدم الحاجة إلى إذن من الجيش بحركة دورياتها المعلنة وغير المعلنة؟”.
واعتبر “هذا نقض للاتفاقيات السابقة، وهذا تطور خطر يحوّل القوات الى قوات احتلال، ودورها حماية العدو الاسرائيلي بتعقب الناس والمقاومة. ولم يسمع صوت ولا موقف لمئات الخروق الاسرائلية من قبل القوات الدولية فكيف حالها بعد إطلاق اليد؟ إن اتخذ القرار على حين غفلة من الحكومة ووزارة الخارجية فتلك مصيبة، وإن كان على علم فالمصيبة أعظم، فالقرار مؤامرة على لبنان وسيادته”.
من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان، أنه “بسبب الضرورة الوطنية القصوى لا بد من أن تفهم قيادة “اليونيفيل” الأمور التالية: سيادة الدول لا تباع ولا تشترى وأي تنازل عن السيادة الوطنية هو خيانة وحبر على ورق، ومرجعية السيادة اللبنانية هي مصالح لبنان السيادية فقط، وعليه فإن قيمة القرار 2650 من قيمة السيادة اللبنانية فقط، والتعديلات التي تم إدخالها عليه ليست إلا خريطة حرب بحبر أميركي إسرائيلي ولا محل للحبر الإسرائيلي في لبنان واللعب بالنار في منطقة جنوب الليطاني أمر مكلف جدا وقواعد الإشتباك تظل محترمة بحدود مصالح السيادة اللبنانية فقط، وقوات السلام مرحب بها بوظيفة قوات سلام لا قوات احتلال”.
وأقرّ مجلس الامن الدولي القرار الجديد
الذي قدمته فرنسا
(S/2022/654)
بإجماع الاعضاء الـ15 دون استثناء، وذلك بموجب القرار 1701 (2006).
في هذا السياق، كشف مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن ” موجب هذا التغيير في أداء “اليونيفيل” فرضته الولايات المتحدة الأميركية بناء على طلب إسرائيلي، وقد كانت الولايات المتحدة جدية هذه السنة بإشهار حق الفيتو في وجه التمديد لقوات الطوارئ الدولية كما لم تكن في الاعوام الماضية”. ويشير المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أن “التدخلات والوساطات وخصوصا من قبل فرنسا أدّت الى تمرير هذه التعديلات بموافقة الجهات اللبنانية الرسمية في مقابل تلقيها ضمانات أميركية ومن قبل قيادة “اليونيفيل” أن أي تحرك في الجنوب لن يكون يكون إلا بتنسيق مسبق مع الجيش اللبناني كما درجت العادة منذ العام 2006 لكن ذلك لا ينفي بأن ” هذا البند سيشكل ورقة ضغط قد تستخدمها “اليونيفيل” إذا رغبت بذلك مستندة الى قرار مجلس الأمن الدولي”.
من جهته، يقول المصدر الدبلوماسي بأن “حزب الله” لا مصلحة له بانسحاب حفظة السلام، لذا قبل الضمانات الجدية التي أعطيت له على مضض لكنه حذّر من مغبّة تطبيق هذا القرار”.
للتذكير، فقد أدخلت سنويا عند عقد جلسات مجلس الامن الدولي للتمديد لقوات الطوارئ الدولية تعديلات جدية.
فوفقا للقرار 2373 (2017)، اتخذت “اليونيفيل” وضعية اكثر مرئية في منطقة العمليات، وتشرح ذلك نائبة الناطق الرسمي في “اليونيفيل” كانديس آرديل في حديث أجرته معها مجلة “الامن العام” في آب الفائت قالت فيه بأن الوضعية الاكثر مرئية
” شملت توسيع الدوريات الراجلة على طول الخط الازرق وفي القرى حيث يصعب التنقل بالمركبات الثقيلة، القيام بالمزيد من الدوريات الليلية على طول الخط الازرق واستخدام مقوّماتنا الجوية بشكل اكثر فاعلية بما في ذلك عن طريق مراقبة الرحلات الجوية للمناطق ذات الحساسية والقيام برحلات ليلية فوق تضاريس وعرة وصعبة. كما قمنا بزيادة انشطتنا بالتنسيق الوثيق مع شركائنا الاستراتيجيين اي الجيش اللبناني. بناء على طلب مجلس الامن، زادت “اليونيفيل” من تقاريرها حول الحوادث مرفقة اياها بتفاصيل اضافية. بالاضافة الى ذلك، نحن بصدد التحول نحو استخدام مركبات اخف وزنا تكون رشيقة الحركة ويمكن ان تمر بسهولة اكبر عبر الطرق الصغيرة وتجنب التسبب في الضرر والازعاج للاشخاص الذين يعيشون في الجوار”.