“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
وسط طمس أية تفاصيل علمية عن زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين الى لبنان أمس لمدة 3 ساعات ولقائه رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال، كما هي عادة لدى المسؤولين اللبنانيين، تمّ تداول معلومات صحافية بأن الوسيط الاميركي أشار الى أن موافقة اسرائيل على الخط 23 مع حقل قانا كاملا يرتبط بتنازل لبنان عن النقطة
B1
البرية مع لبنان، ما يعني تنازل لبنان عن الحدود المرسمة في العام 1923 المعروفة باتفاقية “بوليه نيوكومب” وعن اتفاقية الهدنة في العام 1949.
فما هي أهمية هذه النقطة؟
تمّ ترسيم حدود لبنان وفلسطين المحتلّة في العام 1923 حيث تمّ تحديد 38 نقطة حدودية من رأس الناقورة الى جبل الشيخ. بعد احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية في العام 1948، تمّ اقرار اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل في العام 1949 التي طوّرت النقاط الحدودية المشتركة بإضافة نقاط جديدة ليصبح العدد الكامل 127 نقطة.
في العام 1923 أسميت هذه النقاط
B
وفي العام 1949 أصبح اسمها
BP
وتقع نقطة
B1
على صخرة فوق رأس الناقورة باتجاه الجنوب وليس على البحر.
في العام 2000، تم انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان وجاء القرار 1701 بما أسمي الخط الأزرق وهو ليس حدودا دولية ولا خطّا للهدنة إنما هو خطّ انسحاب بحسب تعريف “اليونيفيل”. رسم هذا الخطر بقلم يدويا قبل أن يتحوّل لاحقا الى “خطّ رقمي” أي “ديجيتال”.
عند بدء التفاوض حينها مع اسرائيل حول هذا الخط المرسوم بقلم يبلغ عرض حرفه أو
Width
1 ملم أي 50 مترا من العرض كانت الخريطة المستخدمة بمقاس يبلغ اضعافا. حينها اقترح الجانب الاسرائيلي أن ابعاد هذا الخط تمتد الى 50 مترا قد تصلح في أي اتجاه. في ذلك الحين، أي العام 2000 لم يجابه المفاوض اللبناني هذا الأمر. فقام الجانب الاسرائيلي بتقديم هذه النقطة أي
B1
17 مترا صوب لبنان بحجة أنها لا تزال من ضمن الـ50 مترا، فاكتفى الجانب اللبناني حينذاك بالتحفّظ.
ما كان هدف اسرائيل من تقديم هذه النقطة المحورية الواقعة عند صخرة في رأس الناقورة 17 مترا الى الأمام في اتجاه لبنان؟ هذه النقطة تطل على فلسطين المحتلة بالعين المجردة، وتريد اسرائيل اقامة حاجز طبيعي لحماية داخلها، وحيث يقع بعد هذه النقطة مباشرة المعلم السياحي الاسرائيلي الشهير “روك حانيكرا” الذي يطل عليه لبنان. وقد بنت اسرائيل نفقا لاخفائه.
ما تأثير اعتماد النقطة
B1
المعدّلة اسرائيليا على ترسيم الحدود البحرية؟
يقول معنيون ذو اطلاع واسع على ملف التفاوض حول الحدود البحرية لموقع “مصدر دبلوماسي” أن الخط البحري يربط هذه النقطة المعدّلة بنقطة
BP1
المعدّلة فهذا الخط سيصل الى البحر وسيشكل نقطة انطلاق الخط البحري، وإذا سلّم لبنان بهذا الأمر سوف يخسر مساحة بحرية لا بأس بها”.
ويشرح المصدر المعني بالمفاوضات الجارية برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين بأن “اسرائيل تريد اعتماد النقطة
B1
التي عدّلتها على مزاجها في العام 2000 لكي تحمي معلمها السياحي الذي يطل عليه لبنان، وحين يتم “دفش” هذه النقطة الى الداخل اللبناني 17 مترا لا تعد اسرائيل مكشوفة على أعين اللبنانيين وخصوصا “حزب الله”. من هنا بنت اسرائيل سياجا ونفقا وبوابات على نقاط حدودية مختلفة في تعديات طويلة ومستمرة”.
ليس من علاقة اليوم بين الترسيم البري والبحري، والولايات المتحدة الاميركية لا تريد ربط الملفين نظرا للتعقيدات التي يحملها بحسب المعنيين. من هنا “يجب أن يبقى لبنان متيقظا لهذا الفخ الاسرائيلسي وعدم اقرار نقطة
B1
المعدلة من قبل اسرائيل نقطة انطلاق، بل تثبيت نقطة
B1
الأصلية للعام 1923 حيث يمتلك لبنان احداثياتها كاملة، وإلا تنقلب الآية ضده”.
في هذا السياق يروي المصدر المعني بأن اسرائيل قالت للمفاوض اللبناني يوما أنها “أضاعت” الخرائط الخاصة باتفاقية الهدنة للعام 1949 بسبب فيضان في القدس! وبالتالي لا توجد لديها احداثيات للنقطة الأساسية للعام 1923، ولما قدّم لبنان هذه الاحداثيات بوضوح قام الاسرائيليون بالتشكيك فيها، في حين حظيت بثقة ممثل الامم المتحدة.
وكان اعلن الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر امس في قصر بعبدا انه “متفائل في الوصول الى اتفاق” حول ترسيم الحدود وان “هناك تقدماً في هذا المجال”.
زيارة هوكستين
وكان الوسيط الاميركي آموس هوكستين وصل الى قصر بعبدا قبل ظهر امس واستهل لقاءاته في لبنان باجتماع رأسه الرئيس عون وحضره عن الجانب اللبناني نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ووزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب، والوزير السابق سليم جريصاتي، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمستشاران رفيق شلالا واسامة خشاب.
وحضر عن الجانب الاميركي القائم بأعمال السفارة الاميركية في بيروت السيد ريتشارد ميكايلس Richard Michaels وكبيرة مستشاري هوكشتاين لمفاوضات الحدود البحرية ورئيس الوحدة الاقتصادية في مكتب شؤون الشرق الادنى السيدة نادين زعتر، ومديرة الشؤون عبر الوطنية لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجلس الامن القومي الاميركي السيدة ليندسي ميريل، ونائب مستشار الشؤون السياسية الاقتصادية في السفارة الاميركية في بيروت آمي سميث.
وخلال اللقاء عرض هوكستين على الرئيس عون نتائج الاتصالات التي اجراها مع الجانب الاسرائيلي وبعض النقاط المتعلقة بالمفاوضات . كما استمع هوكشتاين الى وجهة نظر لبنان حيال بعض النقاط التي يجري البحث في شأنها.
وبعد اللقاء ادلى هوكستين بتصريح مقتضب قال فيه: “كان اجتماعاً ممتازاً وأعتقد أننا احرزنا تقدماً جيداً في هذا المجال، وسأواصل جولتي على المسؤولين الرسميين، على ان أدلي بالمزيد حول هذا الموضوع بعد الانتهاء من لقاءاتي . وأنا ممتن للرئيس عون على استقباله لي وعلى المناقشات التي اجريناها خلال الاجتماع ومتفائل في الوصول الى اتفاق .”
كذلك التقى هوكستين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.