“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
غادر الوسيط الاميركي في المفاوضات التقنية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل آموس هوكستين عصر أمس الاثنين لبنان بعد جولة محادثات اجراها مع رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والوزراء ومدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم وقائد الجيش العماد جوزيف عون ووزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض. وبالرغم من الاجواء الايجابية التي رشحت تحديدا عن المسؤولين اللبنانيين الرسميين، لم يعط هوكستين هذا المناخ الايجابي مكتفيا في مقابلة مع محطة “أل بي سي” اللبنانية بالتمني للوصول الى اتفاق وشيك. في هذا الوقت، لم تغب رسائل “حزب الله” عن الزيارة، فما إن وصل هوكستين الى لبنان يوم الاحد في زيارته الثالثة بعد بدء اسرائيل بالعمل على استخراج الغاز والنفط من حقل كاريش الواقع ضمن الخط 29 الذي تخلى عنه لبنان الرسمي طوعا عبر عدم تعديل المرسوم 6422 في الامم المتحدة، حتى بثّ الاعلام الحربي في “حزب الله” شريط فيديو يظهر يظهر الاهداف المحتملة لأي هجوم محتمل من قبل الحزب في حال لم يتم قبول الشروط اللبنانية في ترسيم الحدود البحرية، بالاضافة الى فيديو آخر يظهر شبانا ينتمون بطبيعة الحال الى الحزب يرتدون القمصان السود ويجوبون غير مسلحين الحدود اللبنانية الاسرائيلية.
في ظلّ وضع دولي متأزم في الطاقة بسبب الحرب الروسية الاوكرانية التي دخلت في آب الحالي شهرها السادس، ومع اقتراب فصل الشتاء القارس في اوروبا، ومع تضييق الشركات الروسية الخناق على الدول الاوروبية في ملف الطاقة ومن الامثلة تقنين شركة غازبروم لصادراتها الى عدة بلدان اوروبية ومنها المانيا، ووسط فشل زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المملكة العربية السعودية التي يبدو أنها بدأت مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتنويع خياراتها في الغاز والنفط ولم تعد كليا تحت العباءة الاميركية، وفي ظل انسداد افق المفاوضات الاميركية الايرانية بخصوص التوصل الى اتفاق نووي جديد، ووسط تأخر لبنان عن معالجة ملف الغاز والنفط أعواما ما سيسبب له تأخرا اضافيا ولو بدأت الشركات المؤهلة التنقيب غدا، ونظرا الى الحصار المفروض على لبنان سواء من دول الاقليم لمنع الشركات وخصوصا توتال من التنقيب في الحقول اللبنانية، وبسبب تصلب اسرائيل وما يقابله من استعداد جدي لحزب الله بالمواجهة منعا لشفط الغاز اللبناني، وبعد تزايد حظوظ المواجهة وخصوصا في ظل ما تسرب اعلاميا عن استعداد لبناني لتعديل المرسوم 6433 أخيرا بعد العروض غير المقبولة لبنانيا من الاسرائيليين وآخرها ما حمله هوكستين عن الخط المتعرج إياه الذي حمله في زيارته الاولى أي ان يكون لاسرائيل ارباحا اقتصادية واجزاء ضمن البلوك 8 فضلا عن عدم تنازلها عن اية ارباح في حال وصول المكامن 8 و9 و10 الى مناطقها الاقتصادية الخالصة بالرغم من تنازلها عن البقعة 860 كلم كاملة بعد أن تنازل لبنان عن الخط 29 ومن ضمنه حقل كاريش فإن احتمالات الحرب هي حاضرة بقوة.
حمودان: حزب الله وجه رسائل تهديد للشركة اليونانية
في هذا السياق، كشف مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء المقرب من محور الممانعة الدكتور زكريا حمودان أمس في مداخلة له عبر قناة “الحرة” بأن رسائل تهديد وصلت الى الشركة اليونانية المسؤولة عن استخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها. وقال حمودان: “إن لبنان لن ينتظر الاسابيع المقبلة لعودة المفاوض ولعودة الاجوبة، كما أن الشركة اليونانية بغض النظر بما حدث بموضوع المسيرات، فقد حصل خرق الكتروني وصلت بموجبه رسائل الكترونية للمدراء في هذه الشركة وتهديدات من قبل “حزب الله” هي جزء من الحرب الاكترونية والاعلامية والنفسية التي تساهم في قوة الموقف اللبناني وبنفس الوقت في الايام المقبلة سيكون تصعيد اضافي في حال لم يكن هنالك تحرك ايجابي وواضح وسريع من قبل الفريق المفاوض او من الجهات الدولية المعنية بالامر وتحديدا الاوروبي”.
هوكستين يلوم مضيعة الوقت اللبنانية ويرى ان الدبلوماسية اساسية في اي اتفاق
من جهته، اعاد هوكستين التشديد على ان “الطريقة الوحيدة لحل هذا النزاع الطويل الامد ستكون من خلال طاولة المفاوضات ومن خلال الدبلوماسية” وقال هوكستين في مقابلة مع قناة “أل بي سي” ردا على سؤال عما اذا كانت اسرائيل تسببت ايضا بخلل في المفاوضات ببدء التنقيب والاستخراج في كاريش قائلا:”
“الحكومة اللبنانية قبل ١١ سنة او نحو ذلك، قدمت مطالبها في البحر المتوسط وقدمت اسرائيل مطالبها وكانت تلك هي الخطوط العريضة، تم اكتشاف حقل كاريش للمرة الاولى في الواقع في العام ٢٠١٣، من دون اعتراض من اي طرف في المنطقة، وقد طورت الشركات المختلفة هذا الحقل، لقد استغرق الامر وقتا والان تطورت الامور، اذا، فقد شهد الحقل بالفعل قدرا هائلا من النشاط على مدى السنوات التسع الماضية من دون اي اهتمام به واعاقة العمل به. انه يقع جنوب الخط الذي يطالب به لبنان، ولا اعتقد انه ذات صلة بهذا النقاش.
ما نركز عليه هو كيف نصل الى قرار، يسمح لاسرائيل بالاستمرار وللبنان بالبدء والدخول في سوق الطاقة. اعتقد انه اذا نظرت الى ما وصلنا اليه اليوم في المحادثات التي اجريتها هنا في ٢٠١٤ و ٢٠١٥ و ٢٠١٦، لو توصلنا
الى اتفاق ولو كان هناك الاستعداد الذي نراه اليوم، ولو توصلنا الى هذا في ذلك الوقت لو توصلنا الى اتفاق لاصبح لبنان اليوم يصدر
الغاز الطبيعي الى اوروبا، ولاصبح لبنان اليوم جزءا من حل ازمة الطاقة التي تجد اوروبا نفسها فيها، واحد اسيا نفسها فيها، كما كان سيتمتع اليوم بتكلفة منخفضة
ورخيصة على مدار٢٤ ساعة يوميا من الكهرباء، وايضا المزيد من النشاط الاقتصادي، واعتقد ان لبنان كان سيبيع اليوم اغلى واعلى سعر في العالم، الا اننا اضعنا الوقت ولكن لا اركز على الماضي في هذه المفاوضات بل انني اتطلع للمستقبل، وماذا سيحدث عندما ترتفع الاسعار مرة اخرى في٢٠٢٥ و٢٠٢٧؟ وهل سيجري لبنان هذه المحادثة؟ لا اعتقد ذلك.
اعتقد اننا سنكون في مكان ينتعش فيه الاقتصاد اللبناني، حيث لا يغادر الناس البلاد، بل يعودون الى البلاد، لخلق المزيد من فرص العمل
هنا ولمزيد من الازدهار الاقتصادي، وهو ما يستحقه لبنان في النهاية”.
ولدى سؤاله عن مدى ان هناك ضرورة ملحة لتوقيع صفقة الان؟ قال هوكستين:
“بحسب تجربتي في الشرق الاوسط بشكل عام وفي منطقة البحر الابيض المتوسط، هنالك دوما ازمة سياسية تلوح في الافق هنالك دائما سبب …. ولكن اعتقد انه يجب ان نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد يجب ان نتصرف
بسرعة. هنالك الكثير من الاسباب التي تجعلنا ننهي هذه المفاوضات، ويجب ان نتوصل الى نتيجة. واعتقد انه يمكن القيام بذلك وباستطاعة
الطرفين واعتقد لجميع الاسباب التي ذكرتها وايضا جميع الدوافع الاقتصادية الاخرى، يجب الا نضيع هذه الفرصة وعلينا ان ننهي تلك
المفاوضات الان ونتوصل الى اتفاق”.
يذكر ان هوكستين توجه الى تل ابيب للحصول على الرد الاسرائيلي حيال رفض لبنان تقاسم اية حقول مشتركة واية ارباح مشتركة كما يقترح الاسرائيليون.