“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
نوّه أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور احمد ابو الغيط بالاجتماع التشاوري على مستوى وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في بيروت في 2 الجاري ووصفه بأنه “كان لقاء معقولا وجيّدا”، ولفت الى أن “الحضور {العربي} في هذا التوقيت تحديدا الى لبنان بظروفه الاقتصادية البالغة الصعوبة مهم (…) وبالتالي هي رسالة من جامعة الدول العربية بل من الدول العربية لدعم البحث عن تسويات وتحقيق الاستقرار ومساندتكم في اوضاعكم ومفاوضاتكم مع البنك الدولي وكل مساعيكم، بصفة عامة كان الاجتماع مفيدا للغاية”. ولفتت ملاحظات قاسية وجهها أبو الغيط للاعلام اللبناني، وهدد مرة بمغادرة المؤتمر الصحافي في فندق الحبتور بسبب مقاطعة أحد الصحافيين له بينما كان يجيب على الاسئلة، وصحح في موضع آخر خطأ لاحد الصحافيين اللبنانيين الذي قال أن سوريا خرجت من جامعة الدول العربية قائلا له بأنه “تم تجميد عضويتها وقد ارتكبت خطأ “صغيّرا”.
شارك وزراء خارجية وممثلين عن الدول العربية أمس في الاجتماع التشاوري لورزاء الخارجية العرب الذي انعقد في لبنان اليوم السبت بحضور أمين عام جامعة الدول العربية احمد أبو الغيط، وانعقد الاجتماع في فندق الحبتور سن الفيل واستمر من الساعة العاشرة صباحا لغاية الثانية عشرة والنصف. ينعقد هذا الاجتماع التشاوري الثالث بعد اجتماعين تشاوريين سابقين في الكويت والدوحة قبل دورتين من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في آذار وأيلول وقبل انعقاد القمة العربية على مستوى الملوك والرؤساء العرب المقررة هذه السنة في تشرين الأول في الجزائر. يعتبر هذا الاجتماع تفاعليا بين الوزراء العرب وتستضيفه الدولة التي يترأس وزير خارجيتها مجلس وزراء الخارجية العرب من هنا انعقاده في بيروت بدعوة من وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، علما بأن ولاية لبنان تنتهي في تشرين الثاني المقبل. من العلامات الفارقة في اجتماع بيروت الذي لا تصدر عنه أية وثائق أن التمثيل الخليجي السعودي والاماراتي والبحريني خصوصا جاء على مستوى سفراء فقد مثّل المملكة العربية السعودية سفيرها في جامعة الدول العربية عبد الرحمن بن سعيد الجمعة، وحضر الاجتماع في بيروت مدير ادارة جامعة الدول العربية بدر الطريفي، والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، والسكرتير الثاني فارس عمودي، ومثلت الامارات العربية المتحدة السفيرة مريم الكعبي، ومملكة البحرين السفير في سوريا مبارك وحيد سيّار. هذا التمثيل الخليجي على مستوى السفراء قابله ايضا تمثيل مصري على مستوى نائب وزير الخارجية السفير حمدي لوزة، وعراقي على مستوى السفير احمد الديلمي. واقتصر التمثيل على مستوى وزراء الخارجية على 9 دول هي: وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الجزائر رمطان لعمامرة، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير خارجية دولة فلسطين الدكتور رياض المالكي، وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية الكويتي الشيخ احمد ناصر المحمد الصباح، وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، جمهورية القمر المتحدة وزير الدولة المكلف بالتعاون مع العالم العربي قاسم لطفي، وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وزير خارجية الصومال بلل محمد عثمان. لكن أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور أحمد ابو الغيط نوه بالحضور الخليجي في هذا التوقيت معتبرا بأن اللقاء كان جيدا ومعقولا.
طروحات لبنانية نارية
هذا الاجتماع المغلق تطرق الى عدد من المواضيع الشائكة التي تهم البلدان العربية وعلم موقع “مصدر دبلوماسي” من أوساط دبلوماسية شاركت في الاجتماع بأن وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبد الله بو حبيب طرح على المجتمعين ضرورة عودة سوريا الى عضويتها المعلقة منذ العام 2011 في جامعة الدول العربية، علما بأن المراسم اللبنانية خصصت مقعدا للجمهورية العربية السورية بقي فارغا نظرا الى تعليق عضوية سوريا، إلا أن التجاوب مع هذا الطرح اللبناني من قبل الموجودين كان شبه معدوم.
وتناولت النقاشات مواضيع جمة منها التحضيرات للقمة العربية المقبلة في الجزائر وقد لفت كلام لممثل دولة الكويت اعرب فيه عن التضامن الكامل مع دولة لبنان الشقيقة فيما لم تسجل أية كلمات للسعودية والامارات وقطر وقد غادر وزير الخارجية القطري الاجتماع قبل ساعة من انتهائه ما جعل من المتعذر التقاط صورة تذكارية بالرغم من تحضير مديرية المراسم في وزارة الخارجية والمغتربين ومديرتها السفيرة عبير علي كل الاعلام واللوجستيات المطلوبة. وعلم موقعنا من الاوساط الدبلوماسية المواكبة بأن لبنان ممثلا بوزير خارجيته الدكتور عبد الله بو حبيب طرح نقاطا عدة للنقاش ونوّه بالجهود التي بذلها وزير الخارجية الكويتي الدكتور احمد محمد ناصر الصباح الذي نجح في اعادة ترتيب علاقة لبنان مع الدول الخليجية واشار بو حبيب بحسب الاوساط المذكورة الى أن لبنان سيبني على هذه المبادرة الكويتية لتوثيق العلاقة مع الاخوة الخليجيين وفقا لما جاء في الدستور اللبناني من أن لبنان هو عربي الهوية والانتماء وسيبقى كذلك. وتطرق لبنان الى الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي والذي احيل الى المجلس النيابي وسيتم ابرامه من قبل مجلس النواب المنتخب حديثا، وتطرق لبنان الذي ترأس الاجتماع مع أمين عام جامعة الدول العربية الى اهمية الامن الغذائي وضرورة تنشيط التعاون العربي في هذا المضمار، واوصى لبنان ر بطا بالازمة الاوكرانية بضرورة عدم تسييس عمل المنظمات الدولية والاقليمية، واعرب لبنان عن ضرورة استعادة اليمن امنه واستقراره. وشدد لبنان على قضيتين رئيسيتين القضية الفلسطينية حيث رأى أنه لا توجد جدية دولية ولا مساع للتوصل الى حل مقبول بناء على المبادرة العربية للسلام التي اقرتها القمة العربية في بيروت في العام 2002، فالممارسات الاسرائيلية مع تكثيف الاستيطان وتهجير ابناء القدس والسيطرة على الاماكن المقدسة وعدم الالتزام بالقرارات والاتفاقات الدولية تجعل من حل الدولتين امرا مستحيلا. واشار لبنان الى أنه لا حل عادل وشامل في المنطقة من دون حل القضية الفلسطينية. والقضية الرئيسية الثانية تتعلق بالنزوح السوري. ونقلت اوساط مشاركة عن وزير الخارجية اللبناني قوله بأن لبنان سيكون مضطرا في غياب خطة عمل للتصرف وفق ما تمليه المصلحة الوطنية العليا. واشار الى ان غالبية المناطق السورية باتت آمنة من هنا وجوب مساعدة هؤلاء النازحين في بلداتهم، وثمة ضرورة لعودة النازحين وتمويل ذلك من المجتمع الدولي بدل تمويل بقائهم في لبنان وتعميق الهوة بينهم وبين المجتمعات المحلية المضيفة.
واستكمل المجتمعون نقاشاتهم على مأدبة غداء انعقدت في فندق “ألبرغو” الاشرفية. بعدها عاد المجتمعون وعقد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب وأمين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط مؤتمرا صحافيا مشتركا في قاعة “الرابية” في فندق الحبتور.
المؤتمر الصحافي
لفت سؤال طرحته محطة “أم تي في” حول ما اسمته “طرحا غير رسمي بانشاء مخيمات للسوريين على الحدود اللبنانية لاعالتهم هناك” فكان رفض قاطع من وزير الخارجية اللبنانية الذي قال بحزم: “: لا يوجد هكذا طرح ولن نقبل بأمر مماثل إن الحكومة لن تقبل بطرح مماثل، لأنه لا نريد ان نضع مخيمات على طول الحدود عندنا”. وسأل موقع “مصدر دبلوماسي” أبو الغيط خلال المؤتمر الصحافي الختامي في فندق الحبتور عن طرح وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبد الله بو حبيب طلبا بمساندة الدول العربية بعودة النازحين والا لبنان سيتصرف لأن هذا العبء كبير جدا على لبنان في وضعه الراهن، ماذا كان موقف الدول العربية؟ فقال أبو الغيط:” لكي أكون بالغ الصراحة ويمكن بالغ القسوة، الجميع يؤيد لبنان في مسألة انتهاء ضغط اللاجئين السوريين على ارضه، انا شخصيا ومنذ عدة سنوات شاهدت في لبنان مدارس تحت ضغط هائل نتيجة لوجود ابناء اللاجئين في هذه المدارس، والدولة اللبنانية وبدعم من العالم الخارجي تقدم رعاية تعليم ورعاية اجتماعية ومادية لكل هؤلاء، وهذا امر مؤكد. ولكن، من ناحية أخرى، عندما تتخذ قرارات في جامعة الدول العربية لناحية الموافقة على عودة اللاجئين الى اراضيهم، ستضاف دوما عبارة: في الظروف التي تسمح بتنفيذ ذلك. إن الوضع السوري كما نشهده كان هنالك حربا اهلية، وكانت هنالك كمية دمار هائلة، الجميع يتحدث عن ما لا يقل عن 500 مليار دولار مطلوبة لإعادة تأهيل البنية التحتية السورية لكي يستطيع الشعب أن يتمتع بها وبالتالي هي قضايا متشابكة جدا ولا تحلّ بقرار فقط. إن النية موجودة والقرار موجود ولكن الارادة لدى المجتمع الدولي لانهاء هذه الحرب ما زالت ضاغطة على الوضع اللبناني والسوري والاردني والمصري، توجد ضغوط في كل المنطقة”.
وقال أبو الغيط أن هنالك رضى خليجي على لبنان من خلال حضور وزيري خارجية خليجيين و4 مندوبين ما يعكس “رغبة لدى الدول التي استثيرت برأب الصّدع واقامة علاقات طيبة”. بالنسبة الى طرح لبنان عودة سوريا الى عضويتها المعلقة في جامعة الدول العربية في قمة الجزائر في تشرين الاول المقبل قال ابو الغيط:” إن الامر مطروح للنقاش، وسوف يطرح للمزيد من النقاش لأن هنالك من الآراء ما تتحدث عن اطار شامل للاقتراب من الوضع السوري”.
كلمة وزير الخارجية اللبناني في المؤتمر الصحافي المشترك
من جهته، قال وزير الخارجية اللبناني بأن “هذا الاجتماع الذي يستضيفه لبنان هو بصفته رئيسا حاليا للمجلس الوزاري العربي، وهو مخصص للتشاور في التطورات والتحديات التي تواجهها المنطقة والعالم، وتبقى مشاوراته ملكا له حيث لا بيانات ولا اعلانات. لكن استطيع القول بأن النقاشات التي جرت كانت شفافة الى حد بعيد وحصل تبادل للآراء بشكل مسؤول وجدّي وقد أدّى ذلك الى مزيد من التقارب حيال عدة مواضيع وطرح مقاربات عملية للقضايا المثارة، حيث جرى التطرق الى الاستمرار بدعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وهو ما رافق لبنان من اتفاق الطائف، مرورا باتفاق الدوحة ووصولا الى الالتفاف العربي الحالي حول لبنان. وبطبيعة الحال، كانت مناسبة لنا لكي نعرض للاوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون والمساعي الرسمية للتخفيف من معاناة اللبنانيين رغم وطأة الازمة، كما عرضنا لضرورة اعتماد مقاربة جديدة لموضوع النازحين السوريين لا تؤدي الى تمويل بقائهم في الدول المضيفة. أضاف وزير الخارجية والمغتربين اللبناني:”جرى التطرق الى مختلف الازمات التي يشهدها العديد من الدول العربية بالاضافة الى القضية الفلسطينية وتعنّت الاحتلال وتبديده لأسس الحل العادل والشامل القائم على أساس الدولتين. كما تمّ التطرّق الى انعقاد القمة العربية في الجزائر. وحصل توقف خاص عند موضوع الامن الغذائي وحول الازمة في الصومال والجفاف الذي ضرب البلاد على مدى سنوات متتالية واثره على الزراعة وتربية المواشي والحياة عموما. وتم تبني الدعوة للعمل من اجل تقديم الدعم اللازم للمساعدة على التخفيف من المعاناة. وأخيرا تقاطعت آراء الأغلبية على أهمية القرار العربي المشترك برفض تسييس المنظمات الدولية على خلفية الحرب في اوكرانيا”.