مقالات مختارة
صحيفة “الواشنطن بوست”
سارة دادوش وكريم فهيم وسوزان هيدموس
قال رئيس المخابرات اللبنانية [امس] الخميس انه التقى بمسؤولي إدارة بايدن هذا الأسبوع لمناقشة السبل التي يمكنه من خلالها المساعدة في تأمين اطلاق سراح ستة اميركيين محتجزين أو مفقودين في سوريا ومن ضمنهم الصحافي المستقل أوستن تايس الذي كانت له مساهمات كتابية في “الواشنطن بوست”.
وقال مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم في مقابلة بأنه تلقى دعوة الى البيت الابيض في وقت سابق من هذا الشهر للبحث في قضية الاميركيين المفقودين. جاءت هذه الدعوة بعد أيام معدودة من لقاء جمع الرئيس بايدن بوالدي تايس.
يقول ابراهيم الذي ساعد في تأمين الافراج عن العديد من الرهائن في الشرق الأوسط طيلة العقد الماضي وساهم لأعوام في الجهود المبذولة لتحديد مكان تايس الذي اختفى في سوريا في العام 2012، بالإضافة إلى أميركيين آخرين مفقودين: “يريدون مني استئناف جهودي لحل هذه المشكلة”، مشيرا بذلك الى اجتماعاته هذا الاسبوع مع مسؤولي البيت الأبيض، “يريدون عودة ناسهم، هذا ما يهدفون اليه”.
[من جهته]، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية نيد برايس الأربعاء [الفائت] بأن ابراهيم التقى المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستنز. وقال برايس خلال ايجاز صحفي: “لن نعلق على تفاصيل تلك المباحثات سوى بإعادة التأكيد على حقيقة تفيد بأنه لا توجد لدينا أولوية تتجاوز رؤية الإفراج الآمن عن الأميركيين المحتجزين ظلما أو الرهائن في أي مكان حول العالم”.
أشار برايس: “بالطبع، تحدثنا أمس عن حالة أوستن تايس وهو أميركي انفصل عن عائلته منذ قرابة العشرة اعوام أي انه أمضى ربع حياته بعيدا من عائلته”. وأضاف:” “انه دائما في طليعة اهتماماتنا، كما ان بقية الأميركيين المحتجزين في أماكن مثل إيران وروسيا وأفغانستان وفنزويلا وأماكن أخرى هم ايضا في طليعة اهتماماتنا”.
اختفى تايس عندما حاول مغادرة بلدة داريا التي كانت تحت سيطرة المتمردين خارج العاصمة السورية دمشق. كانت داريا محاصرة من قبل القوات الحكومية في ذلك الوقت. قال أفراد عائلة تايس مرارًا بأنهم على ثقة من أنه على قيد الحياة. لم تعترف سوريا علانية باحتجاز تايس او الأميركيين الآخرين بمن فيهم مجد كمالماز، المعالج النفساني الذي فُقد في العام 2017 بالاضافة الى اربعة مواطنين اميركيين آخرين تفضّل عائلاتهم عدم الظهور العلني.
اجتمع بايدن بوالدي تايس، مارك وديبرا في الثاني من أيار، و”كرّر التزامه متابعة العمل من خلال كل السبل المتاحة لتأمين عودة تايس المنتظرة طويلا الى احضان عائلته”، بحسب بيان اصدرته آنذاك المتحدثة باسم البيت الابيض جين بيساكي.
وقال ابراهيم الذي التقى ديبرا تايس هذا الاسبوع بأنه مرّ “وقت طويل” على ظهور أية معلومات موثوقة حول مصير أوستن تايس.
وأشار بالحديث عن والدة تايس “أريد أن أخبر الجميع بأنها لن تستسلم مطلقا”، أضاف:” “أنا بجانبها في هذه المسألة. نريد اغلاق هذا الملف، الكلّ تواقون لتحقيق ذلك”.
تصادف هذا الأسبوع الزيارة الثانية [ لواشنطن] في أقل من عامين للواء ابراهيم بدعوة من البيت الابيض طلبا للمساعدة في تحديد مكان المفقودين الاميركيين. هدفت رحلته السابقة في تشرين الاول 2020 الى تعزيز التفاوض مع الحكومة السورية بمبادرة من الرئيس دونالد ترامب للمساعدة في تأمين الافراج عن الأميركيين.
في وقت سابق من ذلك العام زار اثنان من كبار المسؤولين الاميركيين وبينهم كارستنز دمشق لاجراء مباحثات سرّية مع رئيس وكالة الاستخبارات السورية حول مصير تايس، ما شكّل أول محادثات رسمية بين البلدين منذ العام 2012.
عند زيارة ابراهيم في العام 2020 شهدت ادارة ترامب خلافات تتعلق بالمدى الذي يمكن ان يصل اليه التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد. موضوع آخر للخلاف تعلّق بتعامل الادارة مع ابراهيم الذي يضعه موقعه في اتصال دائم بـ”حزب الله” وهو حزب ينضوي في الحكومة اللبنانية وتصنفه الولايات المتحدة كمنظمة ارهابية.
يرفض ابراهيم هذه الهواجس ويصفها بأنها قضايا سياسية لا ينبغي أن تعرقل عمله. وقال الخميس: “نحن نتحدث عن قضية إنسانية”.
ساعد ابراهيم في تأمين اطلاق سراح الرحالة الاميركي سام غودوين الذي احتُجز عند نقطة تفتيش للحكومة السورية في العام 2019 والمواطن الكندي كريستيان باكستر الذي عبر بشكل غير قانوني الى سوريا من لبنان. في العام 2014، اشرف ابراهيم على اطلاق سراح مجموعة من الراهبات الذين اختطفتهم “جبهة النصرة ” وهي جماعة مرتبطة بالقاعدة.
لم يذكر إبراهيم من سيلتقي في الحكومة السورية، مضيفًا أنه من الأفضل أن تبقى جهوده في “الظل”، قائلا: “عندما تكون تحت دائرة الضوء فهذا يؤدي الى افساد الامور”.
[من جهتهم]، قال أشخاص مطلعون على المفاوضات بأن سوريا أصرّت في الماضي على الانسحاب الكامل للقوات الاميركية من البلاد ورفع العقوبات الاميركية كشرط لمزيد من المناقشات حول الاميركيين المفقودين. من جهته، قال ابراهيم:” لست متأكدا مما يريده السوريون حاليا”.
*ساهم في هذا التقرير فهيم من اسطنبول وهيدموس من واشنطن وليز سلاي من لندن وكارين دي يوغ من واشنطن.
بقلم سارة دادوش
سارة دادوش مراسلة للشرق الأوسط في الواشنطن بوست، عملت سابقا مراسلة لرويترز في بيروت والرياض واسطنبول.
كريم فهيم
كريم فهيم هو مدير مكتب اسطنبول ومراسل الشرق الأوسط لصحيفة الواشنطن بوست. سبق له أن أمضى 11 عاما في صحيفة النيويورك تايمز حيث غطى العالم العربي كمراسل من القاهرة من بين مهام أخرى. عمل كريم أيضًا كمراسل في Village Voice