مصدر دبلوماسي:
قال المبعوث الاممي الخاص الى سوريا غير بيدرسون أمس في مؤتمر “دعم سوريا والمنطقة” في بروكسل بأن “النظام السوري والمعارضة اللذان يتفاوضان حول الدستور هم بعيدين من أي حل سياسي من اجل انهاء 11 عاما من الصراع”. وقد تعهد المانحون الدوليون في ختام المؤتمر بتقديم اكثر من 5 مليارات دولار اميركي لدعم الشعب السوري داخل سوريا وخارجها والمجتمعات المضيفة.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقدّم مساعدة بقيمة 1.56 مليار يورو لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين في العام 2022. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: “بهدف إطلاق مؤتمر المانحين الذي أترأسه، أعلن عن مليار يورو من المساعدات للعام 2022، لتصل مساهمتنا التراكمية إلى 1.5 مليار يورو. وللعام 2023، سيقدم الاتحاد الأوروبي الدعم المالي نفسه، أي 1.56 مليار يورو”.
وجاءت المانيا في مقدمة المانحين بمبلغ يصل إلى مليار و300 مليون يورو، فيما زادت الولايات المتحدة الدعم المقدم عن الذي قدمته في النسخة الخامسة، إلى 800 مليون دولار أميركي.
من جانبها تعهدت اليابان بتقديم 90 مليون دولار، فيما تعهدت كل من السويد بتقديم 73 مليون يورو وقطر بمبلغ 50 مليون دولار.
وشارك لبنان في هذا المؤتمر عبر وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار والمستشارة الدكتورة علا بطرس. وفي بيان وزّعه المكتب الاعلامي لوزارة الخارجية والمغتربين ورد بأن بو حبيب شارك أمس الثلاثاء في مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية بروكسل في دورته السادسة. وفي كلمة له شكر وزير الخارجية اللبناني المنظمين على إقامتهم المؤتمر في هذا الوضع الصعب، على أمل ان يتم التعهد من المجتمع الدولي باستمرار مساعدة النازحين السوريين والدول المضيفة.
واشار بو حبيب إلى ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تشكلت خلال ٥ أسابيع واستطاعت ان تحقق ٦ أهداف اساسية وهي التالية:
١- الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وقد تم ذلك
٢- الانتخابات وقد تم إجراء انتخابات المغتربين بنجاح وستجرى انتخابات المقيمين هذا الأسبوع .
٣- اعادة العلاقات مع دول الخليج بمساعدة الكويت ووزير خارجيتها الشيخ أحمد الصباح.
٤- إعادة الأمن و الاستقرار وتحقق ذلك بجهود الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي والامن العام.
٥- محاربة الفساد
٦- ملف الكهرباء وقد تم وضعه على السكة وقد ينطلق في حال توفرت الموارد.
وتابع ان هذه الاهداف تحققت إلى حد كبير رغم المشاكل السياسية التي تسببت بوقف انعقاد اجتماعات الحكومة لمدة ٣ أشهر وهي تشكل قاعدة متينة لعمل الحكومة الجديدة اذ ان الحكومة الحالية تنتهي ولايتها في ٢١ ايار، علما بأن الانطلاقة بحاجة الى موارد مالية في حين أن المجتمع الدولي ما زال يشترط لإعطاء المساعدات.
تحول لبنان من بلد متوسط الدخل الى منخفض الدخل للأسباب التالية:
السياسة المالية والنقدية المتبعة منذ التسعينات التي اثبتت انها كارثية كما وسعر الصرف الثابت والفوائد المرتفعة والعجز المالي رغم تنبيهات صندوق النقد الدولي. إن الحرب السورية التي بدأت عام ٢٠١١ اغلقت نافذة لبنان إلى الشرق ومع إقفال الحدود البرية تكبد لبنان خسائر مالية واقتصادية كبيرة واستقبل موجات من النازحين السوريين الذين يبحثون عن الأمان والفرص الاقتصادية.
حاليا، هنالك في لبنان حوالي مليون ونصف نازح سوري وأقل بقليل من نصف مليون لاجىء فلسطيني وهذا يشكل حوالي ٥٠ في المئة من عدد اللبنانيين او ١/٣ من عدد اللبنانيين المقيمين.
أبدى المجتمع الدولي كرمه في مساعدة النازحين والدول المضيفة وهذا محط تقدير لدى اللبنانيين ولكن التكاليف على لبنان كانت عالية جدا.
هنالك دراسة اجرتها منظمة دولية تشير إلى أن تكاليف النزوح على لبنان بلغت حوالي ٣ مليار دولار سنويا اي ٣٣ مليار دولار خلال ١١ سنة كما ان هنالك ارتفاع في مستوى البطالة ووضع البنى التحتية الى أسوء ونسب الجريمة ترتفع واكثر من ١/٣ من المسجونين في السجون اللبنانية هم سوريين وعدد الاطفال السوريين الذين يولدون في لبنان اكثر من اللبنانيين. اضافة الى ذلك نتج عن وجود النازحين السوريين خلل في التوازن الديموغرافي في لبنان وبحسب الدراسة اكثر من ٧٥ في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر.
وأضاف الوزير بو حبيب ان معظم النازحين السوريين ليسوا نازحين سياسيين بل اقتصاديين وان الوضع الاقتصادي والامني حاليا في سوريا افضل من لبنان وقد تم أخيرا إصدار مراسيم عفو للفارين ولمعظم الذين غادروا خلال الحرب وهنالك جهوزية من خلال المفاوضات لحل مسألة الذين بقوا في سوريا.
وأشار أن العديد من النازحين السوريين يزورون قراهم باستمرار وصوتوا في الانتخابات الرئاسية السورية في سفارة سوريا في لبنان وهم يقصدونها من أجل معاملاتهم وتقريبا جميعهم يرسلون المال الى اقاربهم بحيث يعود المال الذي يعطى لهم في لبنان بطريقة او اخرى الى سوريا.
كما نبّه إلى أن المانحين يخلقون “اونروا” جديدة للنازحين السوريين في وقت نشهد فيه فيه “تعب المانحين” فالمساعدات للاونروا تنخفض وكذلك تدريجيا سوف تنخفض المساعدات للسوريين.
كما شدد على موضوع مهم لحكومته وهو ان لا مقدرة على انتظار حل سياسي في سوريا كما انه ليس لدى لبنان الموارد لمنع الناس في الزوارق من مغادرة شواطئه.
منذ اسبوعين غرقت سفينة وكانت تحمل على متنها اكثر من ٨٤ شخص وتم انقاذ اكثر من نصفهم.
مسألة أخيرة اشار اليها وهي أن بعض المنظمات الدولية والمدنية لا تحترم مؤسسات الحكومة وتعمل على الارض دون التنسيق معها او ابلاغها وهذا التصرف ليس ممارسا في اي دولة في العالم ولكنهم يزورون المسؤولين للحصول على اعفاءات من الضرائب او لوحات دبلوماسية لسياراتهم.
في المحصلة، لبنان لا يستطيع حمل هذا العبء لمدة اطول وعلى المانحين ان يصغوا جيدا للهواجس اللبنانية وان يغيروا الطريقة التي يتعاملون فيها مع ملف النازحين السوريين ولربما إعطائهم المساعدة في سوريا. في الماضي، استطاع لبنان ان يحقق عودة مئات الآلاف من السوريين الى بلدهم ولكن نراهم يعودون الى لبنان للحصول على المساعدة الشهرية من المنظمات المانحة.
وختم ان لبنان يبقى ضد استعمال القوة لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم ومع العودة الآمنة والكريمة ولا يمكن الاستمرار بقبول الوضع الراهن.