“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تجاوزت وزارة الخارجية والمغتربين استحقاق انتخابات الانتشار اللبناني في 58 بلدا عربيا وغربيا وآسيويا بنجاح قلّ نظيره تنظيميا ولوجستيا وسياسيا بالرغم من الشح في التمويل. تمّت هذه الانتخابات يومي الجمعة والاحد في 6 و8 أيار من دون أن تكون وزارة المالية قد صرفت بعد الـ3 ملايين دولار التي أقرتها الحكومة لوزارة الخارجية لاتمام الاستحقاق الذي يتم للدورة الثانية على التوالي بعد أن نظّم استحقاق 2018 في قصر بسترس الذي دمره انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. عمدت السفارات اللبنانية حول العالم، الكبيرة منها والصغيرة الى التكاتف والتعاضد والدفع من ميزانياتها وتجييش 250 سفيرا ودبلوماسيا لبنانيا في الادارة المحلية وحول العالم لاجراء الاستحقاق الانتخابي الذي تسجّل فيه 225114 لبناني مقارنة مع 83 الفا في دورة 2018 الانتخابية.
انقلبت الشقّة قرب السراي الحكومي التي كانت قبل قرابة الشهرين مهجورة وكناية عن “كومة” ركام تعود الى زمن الحرب الاهلية الى مكاتب مزودة بأحدث التجهيزات تعجّ بفرق مراقبة الانتخابات ومكاتب الدبلوماسيين وكبار المسؤولين اللبنانيين والزوار الدوليين، كلهم كانوا يعملون في هذا المبنى الذي نجحت الوزارة في تحويله الى مكاتب انيقة في غضون شهرين اثنين فحسب.
أمس الاحد، جرت الدورة الثانية من الانتخابات لـ48 بلدا غربيا واقفلت صناديق الاقتراع الساعة الثامنة صباحا، وعند العاشرة من صباح اليوم الاثنين اعلن أمين عام وزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني شميطللي عن نهاية العملية الانتخابية للمنتشرين حول العالم والى جانبه مدير المغتربين هادي هاشم واعضاء اللجنة التنظيمية، علما بأن وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب لم يتمكن من الحضور بسبب سفره الى بروكسيل حيث يشارك في “مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة”. وتوجه الأمين العام السفير شميطلي بالشكر الى كل الجهات المعنية بالانتخابات وخص الجسم الدبلوماسي بتحية فقال:” أتوجه الى اعضاء السلك الدبلوماسي واطلب منهم ألا يسمحوا لأي أمر بأن يهدّ من عزيمتهم او من معنوياتهم لأن حصانتهم الاساسية هي بأدائهم المميز والمهني الرفيع بالرغم من الحملات التي قد يتعرضون لها من جهات مختلفة، فهذا الانجاز للوزارة يشكل شهادة تقدير اضافية يضيفها الدبلوماسيون الى مسارهم وهنا تكمن حصانتهم الاساسية”. بلغت نسبة الاقتراع غير الرسمية في دورة 2022 قرابة الستين في المئة بحسب مدير المغتربين هادي هاشم الذي لفت الى أن هذه الارقام ليست نهائية بل تقريبية وان الارقام النهائية تعلنها لجان القيد في 15 ايار.
هاشم: نموذج دبلوماسي ناجح في تنظيم انتخابات بفرص متساوية للجميع
في هذا السياق قال مدير المغتربين هادي هاشم الذي اشرف على كل التحضيرات في اللجنة المخصصة للانتخابات لموقع “مصدر دبلوماسي“:” لقد نجحت وزارة الخارجية والمغتربين بأن تنظم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لكل اللبنانيين وبفرص متساوية بين جميع المرشحين سواء التابعين للاحزاب السياسية او اولئك المنتمين الى المجتمع المدني، لقد تمكنا من تقديم هذا النموذج باعتراف هيئات الاشراف جميعها من لجنة الاتحاد الاوروبي الى “لادي” الى كل الجمعيات الاهلية. نجح السلك الدبلوماسي اللبناني في تأمين فرص متساوية للجميع وخلق نموذجا يحتذى به. وقد نجحنا بهذا التحدي بامكانات مادية معدومة حيث لم نحظ بأي دعم من الدول ولا دعم من المجتمع الدولي، وكان دعم الدول معنويا أما ماديا فلم تتلق وزارة الخارجية والمغتربين أي دعم، قد تكون وزارة الداخلية تلقت دعما. حتى الميزانية التي اقرها مجلس النواب لم نستلمها للآن، فقد نظمنا الانتخابات كلها من موازنات السفارات والقنصليات العامة والسفارات المقتدرة سلّفت السفارات التي ليس لديها اموالا، وهذا انجاز اكبر. بالاضافة الى ذلك فإن الحدث في العام 2022 هو حدث كبير لوجستيا، لقد نظمنا انتخابات في العام 2018 لكن لم تكن في هذا الحجم، لدينا اليوم 58 بلدا، 205 مركز ميغاسنتر، 598 قلما، وقد تكون هذه اكبر عملية لوجستية في تاريخ لبنان الحديث شارك فيها 2000 موظف 2250 دبلوماسيا وهذا ما اثبت أهمية السلك الدبلوماسي اللبناني وخصوصا وأن وجودنا الدبلوماسي يجب أن يتفعّل ويكون هو المحرك الاساسي لعودة الازدهار الاقتصادي والاتيان بالمساعدات ومشاريع التنمية الجديدة”. قبل الانتخابات تمّ تخفيض رواتب الدبلوماسيين والسفراء بنسبة بلغت الـ25 في المئة، فعل أثر هذا الأمر على معنويات هؤلاء وعملهم؟ يقول هاشم:” أبدا، إن الدبلوماسيين واعون جدا على وضع الخزينة والمالية العامة وهم مستعدون للتضحية بالكثير من الامور حتى من رواتبهم وتقديماتهم وقد ضحّوا بذلك وليس لديهم أية مشكلة في سبيل ان ينهض البلد مجددا، فنحن جزء من هذا البلد ولسنا عبئا عليه ومستعدون للمزيد من التضحيات في سبيل أن يعود البلد وينهض مجددا”.
وعن الصعوبات اللوجستية بسبب تدفق اعداد المقترعين لا سيما في دبي حيث لامست نسبة المقترعين الـ77 في المئة يقول هاشم:” بالنسبة إلى الانتخاب في دبي اليوم فنحن نعدّه اكبر نصر لوزارة الخارجية والمغتربين سواء بالاعداد والتنظيم بمعية القنصل العام عسّاف ضومط، الذي انجز هذا العمل وأمّن هذا النجاح وكل الانتقادات التي وجهها البعض كانت في السياسة ولا مرة كانت الانتقادات موضوعية. وبالنسبة للطوابير فقد رأيناها في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، فحين تشارك الناس بانتخابات برلمان جديد لا ضير من تضحية صغيرة. وكل الاطراف والاحزاب السياسية كلها ابلغتنا بأنه بعد الانتظار دخل المقترعون وكان كل شيء منظما وسهلا وكان الجميع راضون”.
بالنسبة الى الملاحظات الاساسية في آسيا والدول العربية قال هاشم:” نريد ان نشكر كل الدول العربية التي سهّلت مهام البعثات الدبلوماسية وهذا أمر مهم وكانت النسب ممتازة في اليوم الاول، وهذه النسب العالية تثبّت بأن اللبناني متعلق بأرضه ومتعلق ببلده مع كل الظرف الصعب فاللبناني لا يزال متحمسا بأن يقصد مراكز الاقتراح ويدلي بصوته وينتخب من أجل التجديد”. ماذا عن دول اوروبا وأميركا يقول هاشم:” إن الارقام كلها جيدة من حيث المشاركة، والامر سيان في افريقيا التي زادت نسب الاقتراع فيها خلال النهار، وفي فرنسا أيضا، كلها مؤشرات على مدى التزام اللبناني بأرضه وبوطنه، وبرأيي أن نتائج الانتخابات يجب ان تدرس بعناية بعد انتهاء التشنج السياسي لمعرفة توجهات الناخب اللبناني وكل الطبقة السياسية والبرلمان الجديد يعود ويعيد تموضعه وان يتخذ العبر منها علما بأن الارقام النهائية تعطيها لجان القيد في 15 ايار أي القضاة ونحن نعطي كوزارة ارقاما تقريبية لأن الاصوات اخيرا مرتبطة بالقضاة وليس بوزارة الخارجية”.
يذكر أن اعلى نسبة تصويت للمغتربين هي في سوريا حيث بلغت يوم الجمعة الفائت 83 في المئة، وقد اقفلت صناديق الاقتراع صباح اليوم في آخر مراكز الاقتراع في اميركا وبدأت البعثات الدبلوماسية اللبنانية حول العالم في عدّ المظاريف واقفال الصناديق وتجهيزها لارسالها عبر الحقائب الدبلوماسية الى لبنان بواسطة شركة الشحن المعنية لوضعها في مصرف لبنان تمهيدا لفرزها في 15 ايار موعد الانتخابات المحلية العامّة.
وقد بلغت نسبة الاقتراع قرابة الـ60 في المئة واقترع بين الـ128 ألف والـ130 الف لبناني بحسب الارقام التقريبية من وزارة الخارجية والمغتربين.