“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
قال السفير البريطاني في لبنان الدكتور إيان كولارد أنه لا يتوقع تغييرا في التعامل البريطاني والمساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة الى لبنان في حال صحّت التقارير الذي تتحدث عن أن “حزب الله” وحلفائه سيحظون بالأغلبية النيابية الساحقة في البرلمان الجديد. وقال ردّا على سؤال لموقع “مصدر دبلوماسي”: “لا أتوقع تغييرا تبعا لنتيجة الانتخابات المقبلة. نحن واضحون جدًا بأن “حزب الله” لديه هيكليات لا نتعامل معها ولكن هذا لا يمنعنا من الانخراط مع بقية مكونات الحكومة”، وكرر كولارد أن السفارة البريطانية وهو شخصيا لا يتصل بأي من مسؤولي “حزب الله” الذي صنفته بريطانيا بجناحيه العسكري والسياسي في العام 2019 على لوائح المنظمات الارهابية. وكان السفير كولارد قد أدلى بمواقف تشرح سياسة المملكة المتحدة لأربع وسائل اعلامية لبنانية هي: “لوريان توداي”، “الجمهورية”، “نداء الوطن” وموقع “مصدر دبلوماسي” وذلك يوم الخميس الفائت في مقر السفارة البريطانية في بيروت.
لدى سؤاله من قبل موقعنا عمّا تمّ تداوله اخيرا من اخبار وتقارير مصورة عن أن بريطانيا تقدم مساعدات للجيش اللبناني لا تعدو كونها “خردة”، نفى السفير كولارد هذا الأمر جملة وتفصيلا وقدّم روايته الكاملة حيال هذا الاتهام.
وتطرق الى الوضع المصرفي واغلاق بعض المصارف لحسابات مواطنين بريطانيين ولقانون الكابيتال كونترول وأزمة اللجوء السوري وقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومخاطر اعادة انتعاش المنظمات المتطرفة وسواها من المواضيع.
تم تعيين الدكتور إيان فرانك كولارد سفيرا للمملكة المتحدة في لبنان في تموز 2021، تسلّم كولارد مناصب دبلوماسية عدّة، فقبل مجيئه الى لبنان كان نائبا للسفير في كابول، وشغل مركز مدير ادارة مكافحة الارهاب بين عامي 2017 و2019، وقبلها كان سفيرا في بنما (2013 و2017)، وتسلم مراكز عدة منها مدير ادارة اميركا الشمالية في وزارة الخارجية البريطانية، سكرتير أول في واشنطن، وسكرتير ثان في نيويورك وفي ادارة الامم المتحدة وادارة الشرق الاوسط. السفير كولارد متزوج من تمارا كولارد ولديه اربع بنات.
في ما يلي نص المقابلة:
* ما هو الوضع الحالي لمسألة إغلاق المصارف اللبنانية لحسابات مودعين من المواطنين البريطانيين؟ هل حلّت هذه المسألة وهل ستتخذ المملكة المتحدة خطوات اضافية في هذا الشأن؟
-آمل أن تكونوا قد اطلعتم على البيان الصادر عن السفارة في نهاية آذار الفائت. إن وظيفتي كسفير بريطاني ودورنا كسفارة تمثيل المصالح البريطانية في لبنان. لقد كنا واضحين بأن الاوضاع الاقتصادية في لبنان تقف خلف هذا الواقع، لذلك يلحّ الشعب اللبناني والمجتمع الدولي ايضا على رؤية برنامج شامل للاصلاحات، اعتقد بأنها الطريقة الوحيدة لحلّ هذه القضايا كلها بما فيها المسائل المصرفية.
فيما يتعلق تحديدا بالموضوع وسبب إصدارنا البيان، من الواضح أن بعض المصارف قد اتخذت قرارا استهدف إغلاق حسابات معينة يملكها أصحاب حسابات بريطانيين او مقيمين بريطانيين، ما تسبب بجدال إذ يمكن اعتبار هذا القرار تمييزا ضد أولئك الذين لديهم صلة بالمملكة المتحدة. عبّرت عن وجهات نظري جيدا على صعيد خاص، وقابلت عددًا من كبار اعضاء الحكومة والسلطات المالية اللبنانية وكذلك المؤسسات المصرفية نفسها، وكنت واضحا جدا بشأن مخاوفي في هذا الشأن. لكن كما كان علينا أن نقول للمتضررين من ذلك، بأن هذه مسألة تتعلق في النهاية بالولاية القضائية للبنان والمحاكم اللبنانية. آمل أن يكون هناك حل لهذا الأمر وأعتقد أن القرار في النهاية يكمن في المشهد الاوسع للقرارات الخاصة بالمشاكل الاقتصادية في لبنان بالذات، لكن بالتأكيد لقد قدمت آرائي الآن والسفارة البريطانية واضحة جدا بشأن الدعم لأولئك الذين تأثروا. يجب أن أقول أيضًا أن هذا لا يتعلق بالمواطنين البريطانيين أو المقيمين فحسب، لقد كنا واضحين جدًا في بياننا بأن هذه المسألة تتعلق بجميع المودعين بغض النظر عن هويتهم، إذ يجب أن يعاملوا بشكل عادل ومناسب وهذا هو رأينا الثابت.
*أصدرت المملكة المتحدة قانون عقوبات “ماغنستكي” منذ قرابة الاعوام الثلاثة، لماذا لم يتم تفعيله؟ أليس من فاسدين في لبنان؟
-لسوء الحظ فإن الفساد يعمّ تقريبا كل المجتمعات حول العالم، ليس لبنان حالة فريدة من نوعها. بالطبع، يدمّر الفساد المجتمعات ويقوّض سيادة القانون والديمقراطية ويؤثر على حقوق الإنسان. نحن في المملكة المتحدة ضد جميع أشكال الفساد أينما وجدت. لهذا السبب قررت حكومتي إنشاء نظام عقوبات يمكن تطبيقه عالميا وقد تم تطبيقه بالفعل. هناك عدد من الحالات التي طبقنا فيها القانون على أساس عالمي. في لبنان، أود أن أزعم بأن هذا هو السبب وراء رغبتنا في رؤية الإصلاح المنهجي. نحن بحاجة إلى رؤية إصلاح للقطاع المصرفي وإصلاح السرية المصرفية التي تسمح لهذا النوع من الممارسات الفاسدة بالانتشار. لقد تلقيت إحصائية من قبل فريقي تفيد بأن حوالي 145 مليون دولار من ضريبة الدخل أو الإيرادات الضريبية المحتملة قد فقدت بسبب السرية المصرفية في لبنان وهذه أموال طائلة، أعتقد أنها تشكل 7 في المئة من ميزانية التعليم و 14 في المئة من ميزانية الرعاية الصحية. بالطبع، نريد أن نرى نهاية لهذا النوع من الممارسات. إن أفضل طريقة لتحقيق ذلك تتمثل بتنفيذ أجندة الإصلاح وأعتقد أنه فيما يتعلق بالقطاع المصرفي تحديدا سيكون إصلاح قوانين السرية المصرفية أحد المكونات الحاسمة التي نراها كل يوم. انتم تقومون يوميا بتغطية المشكلات المتعلقة بقانون تقييد تحويل رؤؤس الاموال، “الكابيتال كونتورل”. يجب رؤية اصلاح عبر قانون “الكابيتال كونترول” ونحن نرى مقدمات لاقرار هذا القانون في لبنان.
نريد أيضًا أن نرى إعادة هيكلة للقطاع المصرفي بما يتوافق مع الاهداف الموضوعة وهو ليس في وضع يسمح له بمواجهة هذه التحديات كما رأينا في الاعوام الاخيرة. اعتقد ان هذا هو المفتاح لمعالجة الفساد بحيث ستتم معالجته من خلال أجندة إصلاحية توفر الهيكلية المناسبة للقطاع المصرفي واستقلال القضاء واحترام القيم والعدالة والمساءلة بطريقة لا أعتقد للاسف أننا نراها بشكل كاف في لبنان.
*ألن يتم تفعيل قانون عقوبات ماغنتسكي في لبنان؟
– لن اعمد اليوم الى الافصاح عن العقوبات التي ستفرضها المملكة المتحدة أو التي ستمتنع عن فرضها مستقبليا. إنها أداة متاحة للحكومة البريطانية إذا اخترنا استخدامها فهي بحوزتنا، إذ لدينا تشريع ويمكننا تطبيقه حيثما نختار وحيث نلمس دليلا عن الفساد، لكنني لن أجلس هنا اليوم وأقول ما إذا كان سيحدث ذلك فورا أو في المستقبل في السياق اللبناني.
* هل تعتقد بأن قضية رياض سلامة هي سياسيّة؟
– من الواضح ان هذه المسألة تخصّ المؤسسات اللبنانية، إن حاكم المصرف المركزي تعينه الحكومة اللبنانية، ونحن نؤمن إيمانا راسخا بسيادة لبنان في تقرير شؤونه وكيفية إدارتها. أعتقد أنه في أي حال إذا كان هنالك تحقيق في أي قضية ما فيجب أن يتم ذلك بشكل عادل وشفاف وعلني دون تدخل السلطات السياسية. أكرر بأن هذه الامور تخص الحكومة اللبنانية والقضاء اللبناني وليس المملكة المتحدة.
* لقد شاركت في الاجتماع الرابع للمجموعة الاستشارية 3RF حول إطار عمل الإنعاش والإصلاح وإعادة الإعمار في لبنان. ما هي المعلومات الجديدة حول هذا الاجتماع لا سيما وسط تصريحات لمسؤولين لبنانيين حول إفلاس لبنان؟ هل تعتقد أن لبنان أفلس بالفعل؟
– لقد شاركت كواحد من الجهات المانحة. إن هذا الاطار مؤلف من حكومة لبنان والشركاء الدوليون والمانحون ومنظمات المجتمع المدني. إنه إطار عمل تلك المحادثات على المستويين الوطني والدولي. لم تتم مناقشة القضية الخاصة بإفلاس لبنان إطلاقا. لقد رأيت تقارير صحفية وأعتقد أنه منذ التقرير الصحفي الأولي حول هذا الموضوع كان نائب رئيس الوزراء هو الذي أدلى ببعض الملاحظات وأعتقد أنه أوضح ملاحظاته كذلك تحدث البنك المركزي عن ذلك. هذا كله جزء من النقاش وجدول الأعمال مع صندوق النقد الدولي من حيث الكشف عما حدث في القطاع المصرفي وما حدث في المصرف المركزي وتوفير الموارد والتمويل في لبنان. لذلك لا أعتقد أنه من المناسب لي أن أقول ما إذا كان لبنان مفلساً أم لا فهذه مسألة تخص كل هذه المؤسسات الأخرى.
* ما هي الاصلاحات التي ترونها أساسية في لبنان كبريطانيين؟
-توجد مروحة من الاصلاحات يمكن توزيعها على ثلاث سلال: إصلاحات مالية، وجود ميزانية وإطار عمل متوسطالمدى لكيفية استخدام الميزانية وضمان نظام مناسب للضرائب في الدولة يعني أن إنفاق لبنان يمكن أن يضاهي دخله.
هنالك أيضا حاجة إلى إصلاحات هيكلية. الإصلاح، والتفكير في السرية المصرفية والرقابة المصرفية الخ… ومرة أخرى، هنالك أيضًا سلة حول إصلاح خدمات القطاع العام. كيف يصلح لبنان قطاع الكهرباء؟ انه سؤال يدور في أذهاننا يوميا، فنحن جميعا نواجه الوضع ذاته من نقص الكهرباء في البلاد وقطاع الاتصالات وكيف يصبح مستداما (…). إن الاختصاص في هذا الامر يكون مع صندوق النقد الدولي الذي يتواجد بالطبع هنا هذا الأسبوع في واحدة من زياراته إلى لبنان ويلتقي ويناقش كل هذه القضايا مع الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي والسلطات الأخرى، ومن الواضح أننا سنسترشد إلى حد كبير بخبراتهم ومعارفهم ونستمع ايضا إلى آرائهم وتقييمهم المهني.
*بعد اصداركم بيانا حول الحسابات المصرفية المغلقة لبريطانيين هل تراجع اي مصرف عن قراره؟
-ليس على حد علمي. أشار الكثير من البنوك إلى حقيقة أنه يجب ان يكون هنالك حل وطني لهذه المسألة، وأعتقد أن جزءًا من هذا الحل يود الناس رؤيته عبر قانون تقييد تحويل رؤوس الاموال ومن الواضح أن هذا القانون موجود راهنا في البرلمان اللبناني ليقرر ما سيفعل به وما إذا كان سيكون جزءا من الاصلاح.
*ما فائدة قانون “الكابيتال كونترول” وقد تم تهريب مبالغ كبيرة من الأموال الى خارج البلاد؟ ثم هل تمّ تحويل اموال الى المملكة المتحدة وهل يمكنكم إعادتها ان حصل ذلك؟
– ان شروط الاصلاح الاوسع لا تكون عبر قانون “الكابيتال كونترول” فحسب، لا يمكنني التنبؤ بشكل خاص بكيفية معالجة قضايا الماضي، وأسمع الكثير من الناس يقولون بأن قانون تقييد تحويل رؤوس الاموال كان من المفترض أن يقرّ منذ عامين أو ثلاثة أعوام. لذلك أفهم بالضبط السؤال الذي تطرحينه ولكن ما زلت أعتقد بأن هنالك حاجة إلى وجود إطار عمل واضح لجميع المودعين لفهم كيف يمكن أن تكون أموالهم متاحة لهم أو كيف تستخدم كجزء من مناقشة أوسع في أجندة الإصلاح هذه. يعرف الجميع ان لدى لبنان ديون ضخمة يجب بطريقة ما إدارتها من خلال عملية الإصلاح هذه وسوف يتناسب “الكابيتال كونترول” مع هذا النقاش الأوسع حول كيفية إدارة لبنان لكل هذه الديون، لكنني أقبل بما قاله العديد من الأشخاص أن قانون “الكابيتال كونترول” كان من الأفضل بكثير أن يتم تقديمه منذ عامين او ثلاثة وليس الانتظار لغاية العام 2022.
* هل ستؤثر نتائج الانتخابات على كيفية تعامل المملكة المتحدة مع البرلمان الجديد؟ تشير دراسات احصائية إلى أن “حزب الله” وحلفائه سيفوزون بالأغلبية البرلمانية ويتحدث البعض عن حصولهم على 73 نائبا، كيف سيؤثر ذلك على طريقة عملكم مع البرلمان الجديد أو حجم المساعدة التي يحصل عليها لبنان؟
-إن “حزب الله ” هوجزء من النسيج اللبناني وتدرك حكومة المملكة المتّحدة ذلك، وهو حاليا جزء من الحكومة اللبنانية. لذلك إذا استمر جزءا من الحكومة فلن يكون هنالك بالضرورة تغييرا جوهريا في حقيقة أنهم بالفعل جزء من الحكومة والبرلمان.
صنّفنا “حزب الله “بأكمله كمنظمة إرهابية في العام 2019، وهذا يعني أننا لا نتواصل معهم شخصيا. نحن لا نتحدث مباشرة مع “حزب الله” وأنا لا أقابل “حزب الله”، ولا نموّل أية أنشطة أو مشاريع أو برامج مع “حزب الله “كحزب سياسي، أو مع أية وزارات أو سلطات يسيطر عليها “حزب الله “، هذا كان موقفنا سابقاً ولا يزال ساريا. لكن هذا لم يمنع الحكومة البريطانية من الالتزام مع بقية المكونات الاخرى في المشهد السياسي اللبناني سواء أكانت جزءا من البرلمان أو من مجلس الوزراء أو الوزارات أو القوات المسلحة. نواصل العمل مع هذه المؤسسات الأخرى ونستمر في توفير التمويل لبعض المشاريع والبرامج التي نعتقد أنه يمكننا إضافة قيمة لها وتشكل اولوية للبنان. لذلك لا أتوقع تغييرا بحسب نتيجة الانتخابات المقبلة. وفي النهاية إن السبب وراء مشاركتنا في برامج الدعم هو من اجل شعب لبنان.
* تقدّم بريطانيا دعما عسكريا وعتادًا للجيش اللبناني منذ فترة طويلة، لكن وسائل اعلام لبنانية نشرت اخيرا معلومات تفيد بأن هذه المعدات قديمة جدًا وغير صالحة بل هي مجرّد “خردة”. هل يمكنك أن تعدّد لنا المعدات التي توفرها بريطانيا للجيش؟ وآخرها كان في الأول من نيسان الجاري؟ وما هو تاريخ انتهاء صلاحية هذه الاسلحة او المعدات؟
-في الأول من نيسان زرت القاعدة اللوجستية في كفرشيما التابعة للجيش اللبناني والتي تتمركز فيها الخدمات اللوجستية للجيش اللبناني برمّـتها والتي تشمل النقل وقطع الغيار وما إلى ذلك. لقد كنت فخورا بتقديم دفعة جديدة من قطع غيار جديدة بقيمة مليون جنيه استرليني لدعم أسطول لاند روفر الذي يعتبر السيارة الرئيسية التي يستخدمها الجيش اللبناني في جميع أنحاء البلاد على الحدود وفي كل مكان. أما الصورة التي تم التقاطها من قبل بعض وسائل الإعلام التي قالت إن هذا كله خردة فمردّها الى أنني في الزيارة ذاتها نظّمت لي جولة في المكان اللوجستي الذي يحتوي على ورشة عمل ميكانيكية حيث تأتي جميع المركبات لاصلاحها.
أظهرت الصورة سيارة لاندروفر تم تفكيكها ووضعت جميع أجزائها على الأرض لأنه كان يتم تنظيفها وإصلاحها لإعادة تركيبها مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، لدينا ميكانيكيون بريطانيون في لبنان يساعدون في تقديم الدعم الفني للجيش اللبناني حول كيفية ترميم هذه المركبات وإبقائها في نطاق العمل.
*ما هي أهم الاهتمامات الأمنية التي تراها المملكة المتحدة في لبنان في الوقت الحاضر؟ لقد رأينا تقارير عن تدريب داعش في العراق ويشعر بعض الناس بالقلق إزاء الصراع الأهلي حول الانتخابات؟
-كما تعلمون جميعا، لدينا شراكة طويلة الأمد مع الجيش اللبناني تعود إلى سنوات خلت، اثناء هذا الوقت من التعاون، واجهتنا تحديات عملنا على مواجهتها معا والتي تشمل تحدي الإرهاب الدولي ومرة أخرى للأسف لا يمكن لأي دولة أن تعتبر نفسها محصنة تمامًا من خطر الإرهاب، فهذا شيء دولي ويؤثر علينا جميعا. لكن إذا نظرت اليوم وفكرت في التحدي الرئيسي فأنا بصراحة أعتقد أن الوضع الاقتصادي هو أكبر تحدّ يواجهه البلد بأكمله بنفس الطريقة التي يكافح بها المواطنون اللبنانيون ارتفاع الأسعار والانخفاض في سعر صرف الليرة. هذه التحديات ذاتها موجودة لدى القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي. لسوء الحظ ، يقع الاقتصاد في قلب الكثير من التحديات التي يواجهها لبنان اليوم ومرةأخرى أعود إلى وجهة نظري وهي أن الإصلاح هو الحل لهذا التحدي الخاص.
من وجهة نظر بريطانية، سنواصل بالطبع دعم الجيش اللبناني، ونعتقد أنه القوة الوحيدة ذات السيادة التي تدافع عن وحدة أراضي وسيادة البلاد. نحن نعمل معهم بعدة طرق مختلفة. لقد أنفقنا حوالي 85 مليون جنيه إسترليني في السنوات الـ 12 الماضية في العمل مع القوات المسلحة اللبنانية و 41 مليون جنيه إسترليني أخرى للعمل مع قوى الأمن الداخلي. ومن الواضح من منظور بريطاني حيث نتطلع لنرى أين يمكننا إضافة أكبر قيمة: المساعدة في المعدات والآلات وقطع الغيار والتدريب… أعتقد أن الجميع يعرف جهودنا لمساعدة لبنان عبر تأمين حدوده البرية من خلال افواج خاصة والأبراج ونقاط عمليات امامية. هناك 37 قاعدة تشغيل أمامية و 41 برج مراقبة حدودي تم بناؤها عبر الحدود اللبنانية بأكملها مع سوريا. هناك عدد من المجالات حيث نتطلع دوما إلى تعزيز قدرة المؤسسات الأمنية الشرعية.
*كانت الولايات المتحدة تفكر فيما إذا كان بإمكانها دفع رواتب الجنود اللبنانيين ولم يحصل تقدّم في هذا الشأن، هل تفكر المملكة المتحدة في هذا الموضوع وهل سبق وناقشته؟
-لقد كان جزءا من النقاش مع المجتمع الدولي الأوسع. لا توجد لدينا آلية تمويل في لبنان. لذلك ، ربما يكون من الأسهل على بعض البلدان تحمل أشياء مثل دفع الرواتب لقد رأينا أيضًا أن بعض البلدان تشتري الطعام وامورا اخرى للقوات المسلحة اللبنانية. من الواضح أنه يتعين علينا العمل ضمن ترتيبات التمويل الحالية وضمن معايير محددة. ونتيجة لذلك، نواصل التركيز عل بناء القدرات والتدريب وأشياء من هذا القبيل يمكننا القيام بها وهذا هو المكان الذي نركّز فيه جهودنا.
* هل ترى المملكة المتحدة بأن تصاعد المشاعر المعادية للاجئين قد يؤدي الى مشكلة؟ وما الذي تفعله للمساعدة في مكافحتها؟
– يمكن اختصار الاجابة بـ”نعم”، إنه لمن المثير للقلق رؤية تصاعد الخطاب المناهض للاجئين. لقد قدمناالدعم للاجئين وايضا للسكان اللبنانيين الذين يستضيفون هؤلاء بسخاء. لقد ساهمنا على مدى العقد الماضي في تحقيق الأمن الغذائي ولمن هم أكثر عرضة والمساعدة المالية…. كما فعل عدد كبير من دول المجتمع الدولي. نتفق مع الأمم المتحدة على أن الظروف ليست مؤاتية لعودة هؤلاء اللاجئين إلى سوريا في الوقت الحالي. يجب أن يكون الهدف على المدى الطويل هو جعل الظروف مناسبة يومًا ما بحيث يتمكن الناس من العودة بأمان إلى ديارهم بكرامة وطواعية. لكن الرواية التي ظهرت بأن اللاجئين هم سبب المشاكل الاقتصادية في لبنان هي رواية خاطئة (…)، كان هنالك دعم تاريخي لأزمة اللاجئين عندما كان من الواضح أن الاوضاع الاقتصادية في لبنان كانت أفضل بكثير وعندما كان الشعب اللبناني في وضع أفضل اقتصاديا مما هو عليه الآن. هنالك علاقة مفهومة تجري على المستوى الدولي وبين المنظمات غير الحكومية حول كيفية مساعدة المجتمع الدولي في دعم لبنان في وقت تزداد احتياجاته. أما أن سبب المشكلة هو اللاجئين أو أن هؤلاء يمنعون اللبنانيين من الحصول على الدعم والمساعدة فهي رواية خاطئة. (…) ومرةأخرى أكرر وأقول العودة إلى إصلاح منهجي في البلاد هو السبيل الوحيد لمعالجة كل هذا النوع من التحديات (الأمن، عدد كبير من المودعين يواجهون لوحدهم، عدد كبير من اللبنانيين الأكثر ضعفًا، اللاجئون) كل ذلك يعود إلى الاقتصاد ليتم إصلاحه، وعلى القادة السياسيين في لبنان أن يأخذوا المسؤولية لدفع أجندة الإصلاح إلى الأمام.
*قد يتساءل الأشخاص الذين يقرأون هذه المقابلة، أنه بحسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية، هنالك 190 ألف مولود سوري في لبنان حتى اليوم. قد لا يكون النازحون سببًا للانهيار ولكنهم يشكلون عبئًا على البنية التحتية والمستشفيات وغير ذلك. لماذا لا يتم دعمهم داخل سوريا في المناطق الآمنة؟
-أدرك أن أية مجموعة من اللاجئين في أي بلد تشكل ضغطا إضافيا على أي مورد في البلد ولهذا السبب لا تساعد الدولة المانحة اللاجئين أنفسهم فحسب بل تساعد أيضا المجتمعات اللبنانية التي تستضيف بسخاء مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين. (…)، هنالك مبادئ اساسية لعودة اللاجئين إلى ديارهم بطريقة آمنة، قالت الأمم المتحدة بأنها لا تعتبر أنه على هؤلاء اللاجئين العودة إلى ديارهم وهذا هو الموقف الذي نتفق معه. يجب أن يكون التركيز على كيفية تحسين الفرص الاقتصادية والوضع لجميع الموجودين في لبنان.