“مصدر دبلوماسي”
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حديث خاص الى صحيفة “لا ريبوبليكا” La Republica الواسعة الانتشار، نشر أمس الأول اثناء زيارته الى ايطاليا، انه يعرف ان البابا سيقوم بمبادرة لمساعدة لبنان، وأن بإمكان إيطاليا التي تقدم المساعدات الاقتصادية دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل، لافتا في ما خص الحرب الدائرة في أوكرانيا الى ان مخاطر النزاع شاملة، والحل الوحيد هو السلام “والامثل يكون من خلال مفاوضات تقودها الأمم المتحدة”.
وعن انفجار مرفأ بيروت، اعرب عون عن ثقته في ان العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها مؤكدا مطالبته بإزالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها، لافتا في مجال آخر، الى السعي الى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي من شأنها ان تساهم في تطبيق افضل للدستور اللبناني.
وجدد رئيس الجمهورية التأكيد، على ان ليس لحزب الله من تأثير باي طريقة على الواقع الامني للبنانيين في الداخل، مشددا على ان الحزب الذي قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي مكون من لبنانيين عانوا من الاحتلال و”مقاومة الاحتلال ليست إرهابا” .
وردا على سؤال، أوضح عون الذي أشار الى ان لبنان ليس دولة تحب الحروب، “ان هناك اجزاء من اراضي لبنان وسوريا لا تزال محتلة. وعندما نتوصل الى تحريرها، لن تبقى هناك من مشاكل في ما يتعلق بنزاع عسكري، ويمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام مع اسرائيل، لحفظ الحقوق والسيادة الوطنية وتحرير الارض والمياه”.
نص المقابلة
وفي ما يلي النص المقابلة كاملا:
سئل: ما هو فحوى لقائكم مع قداسة البابا، وهل قداسته مستعد للتدخل من اجل مساعدة لبنان؟
اجاب: ان قداسته يتابع عن كثب الازمات التي تعصف ببلدنا ، وانا اعرف انه سيعمل على القيام بمبادرة من اجل مساعدتنا. لكنه لا يعود الينا ان نحدد نحن شروط هذه المساعدة ولا مقوماتها.
سئل: هل اكد لكم انه سيقوم بزيارة للبنان؟
اجاب: “اننا ننتظر مجيء البابا منذ زمن طويل. ولقد قمت بتجديد دعوته لزيارة لبنان.
سئل: لبنان بحاجة الى مساعدة عاجلة من المجتمع الدولي الذي يطالب بالمقابل باجراء إصلاحات. ما هو الدور الذي تلعبه ايطاليا في هذا الاطار؟
اجاب: ان لبنان بحاجة اكيدة للمساعدة، الا اننا في الوقت الراهن ، نعاني من تفاقم أزمة الأمن الغذائي، ما لا يمكننا من اجتياز مرحلة فقر مدقع يطاول شرائح عديدة من المجتمع اللبناني بصورة خاصة. ومعلوم ان ايطاليا تقوم بتقديم مساعدات اقتصادية، بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، وهي بامكانها ايضا ان تلعب دورا سياسيا. ان مساعدة تقوم على دعم الاطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل يكون امرا مفيدا.
سئل: روسيا لاعب استراتيجي في الشرق الاوسط، من خلال حلفائها، وايضا بالنسبة الى ما يجري في لبنان. هل تخشون من ان يؤدي النزاع في اوكرانيا الى تغيير التوازن في المنطقة، وتبدل دور موسكو اضافة الى الخشية من امكان تأمين المواد الاولية الضرورية التي يحتاج اليها بلدكم؟
اجاب: عندما ستنتهي الحرب الدائرة هناك، سيكون هنالك منتصر، والمنتصر سيحدد شروطه. في هذه المرحلة، لا زالت هناك مفاوضات قائمة، لكن المرحلة التي نجتازها بالغة التعقيد. والجميع يدرك ان مخاطر هذا النزاع شاملة، فكافة الدول ستتأثر بطريقة او باخرى، لا سيما اذا ما نظرنا الى الامر من منظار الانتاج الزراعي من دون غيره. ان الحل الوحيد هو السلام، والامثل يكون من خلال مفاوضات تقودها الامم المتحدة.
سئل: منذ الانفجار الذي وقع في بيروت في 4 آب، واللبنانيون يطالبون بالعدالة، الا ان المراجع القضائية المعنية تعاني من عوائق في السير في التحقيقات. كيف يمكن للمواطنين الوثوق بالأمر؟
اجاب: هناك نزاع في لبنان بين من يريد العدالة، ومن لا يريدها، وبعض الافرقاء يعارضون المسار القائم. من الواجب القيام بتضحيات من اجل بلوغ الهدف، لكنني واثق من ان العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها وأنا طالبت بازالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها.
سئل: لقد نزل الملايين الى الساحات في شهر تشرين الاول 2019 من اجل المطالبة بتغييرات جذرية في النظام، وهذا ما لم يحصل. هل ان الطبقة السياسية اللبنانية عصية على الاصلاح؟
اجاب: انا كنت اول من نادى بالتغيير. إن نظامنا معقد ، وهو قائم على الديمقراطية التوافقية، كما وانه لدينا 3 مرجعيات سياسية رئيسية، الامر الذي يجعل من الصعب ايجاد حلول مقبولة من الجميع. نحن نسعى الى تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة التي من شأنها ان تساهم في تطبيق افضل لدستورنا.
سئل: ان من ابرز اهتمامات المجتمع الدولي بالنسبة الى لبنان، ما يتعلق بوجود دولة ضمن الدولة: حزب الله، مع كامل قدرته العسكرية. ما هي الامور التي تقوم بها الحكومة لمعالجة هذه المسألة؟
اجاب: ان موقف حزب الله في الداخل اللبناني مختلف بصورة كاملة عن نظرته الى الخارج. وليس لحزب الله من تأثير، بأي طريقة، على الواقع الامني للبنانيين في الداخلي . اما بالنسبة الى الحدود الجنوبية فالتعاون قائم بين الجيش وقوات “اليونيفيل”. ان حزب الله، حزب يملك السلاح وهو قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، وهو مكون من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال الاسرائيلي، ومقاومة الاحتلال ليست ارهابا.
سئل: لقد حصلت اتفاقيات بين الامارات العربية وعدد من الدول مع اسرائيل، ساهمت في التواصل في ما بينها، هل من الممكن بلوغ مثل هذا الامر بين اسرائيل ولبنان؟
اجاب: ان التواصل بين اسرائيل وهذه الدول تم لأن ليست لهذه الدول اجزاء من اراضيها محتلة من قبل اسرائيل، بينما هناك اجزاء من اراضي لبنان وسوريا لا تزال محتلة. وعندما نتوصل الى تحريرها، لن تبقى هناك من مشاكل في ما يتعلق بنزاع عسكري، ويمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام مع اسرائيل، لحفظ الحقوق والسيادة الوطنية وتحرير الارض والمياه، ذلك ان لبنان ليس دولة تحب الحروب.
قمّة لبنانية ايطالية
من جهة ثانية، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لايطاليا دورا كبيرا تلعبه لمساعدة لبنان من أجل نهوضه، مذكرا بأنها الشريك التجاري الأوروبي الأول مع لبنان، وهي كذلك من أبرز الدول التي تساعد لبنان عبر ما تقدمه له على المستويين الانساني والثقافي.
وإذ شكر لايطاليا تضامنها الدائم مع لبنان، فإنه رأى ان لبنان مصر على الرغم من كافة الصعوبات ان يلملم جراحه، لا سيما من تداعيات الازمات المتشابكة التي يعاني منها، وقد باتت معروفة من انعكاسات الحرب السورية واقفال المعابر البرية للبضائع الى الداخل العربي والخليجي، وما تبعها من ازمة النزوح السوري الكثيف منذ اكثر من عشر سنوات، الى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وصولا الى تداعيات جائحة كورونا التي غيرت حتى طبيعة التعاطي الدولي، وكارثة انفجار مرفأ بيروت.
واشار الى أهمية سير لبنان على طريق التعافي والنهوض مجددا، وقد آن الاوان لاعتماد خطة تنمية تشجيعا لأبنائه، لا سيما الجيل الشاب منه، على البقاء فيه والانطلاق في مسيرة اعادة البناء.
من جهته، شدد الرئيس الايطالي على اهمية دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، معتبرا ان حل أي مشكلة مستعصية حاليا تساهم في حل مشاكل اخرى، مؤكدا على ان لبنان يبقى مثالا للبلد القادر على النمو من جديد وهو نموذج يحتذى خصوصا في ظل التوازنات التي تحفظ حقوق الجميع، وله دور اساسي في انماء المنطقة كلها.
والتقى الرئيسان على اعتبار الانتخابات النيابية المقبلة فرصة لمزيد من الاستقرار.
كلام الرئيسين عون وماتاريلا جاء في خلال القمة اللبنانية-الايطالية التي انعقدت قبل ظهر اليوم في قصر الكويرينالي الرئاسي في روما، والتي جمعت الرئيسين في مستهل زيارة العمل التي قام بها رئيس الجمهورية الى العاصمة الايطالية، في ختام زيارته أمس الى الكرسي الرسولي.
وقائع القمة
وكان رئيس الجمهورية وصل الى قصر الكويرينالي عند الحادية عشرة قبل الظهر، بتوقيت روما (الثانية عشرة بتوقيت بيروت)، حيث ادت له التحية ثلة من الحرس الجمهوري الايطالي، واستعرض رئيس الجمهورية الثلة، ودخل بعدها الى القصر الرئاسي، حيث كان في استقباله الرئيس الايطالي الذي حياه وتم التقاط الصور التذكارية. بعدها قدم رئيس الجمهورية الى نظيره الايطالي اعضاء الوفد الرسمي اللبناني. وقدم الرئيس الايطالي الى الرئيس عون الوفد الايطالي المشارك في المحادثات.
ودخل بعد ذلك الرئيسان والوفدان الى القاعة الكبرى حيث عقدت المحادثات الموسعة.
في مستهل اللقاء، رحب الرئيس ماتاريلا بالرئيس عون، مشيدا بعلاقات الصداقة المتينة التي تربط لبنان وايطاليا، وبالصداقة الشخصية التي تربطهما منذ الزيارة الاولى التي قام بها الرئيس عون الى ايطاليا في بداية عهده.
ورد الرئيس عون، شاكرا لنظيره الايطالي حفاوة الاستقبال، ورأى ان انعقاد هذه القمة الثنائية لا سيما في الظروف الدولية الضاغطة وانشغال القادة الاوروبيين عموما بالحرب الدائرة في اوكرانيا وتداعياتها على العالم، دليل اضافي لعمق العلاقات المتينة بين البلدين، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والحضارية، ولجهة الدعم العسكري للجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية.
واغتنم رئيس الجمهورية المناسبة لتجديد تهنئته للرئيس ماتاريلا على اعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة، معتبرا ان ذلك دليل ثقة جددها له الايطاليون.
وإذ اشاد الرئيس عون بمواقف ايطاليا الداعمة للبنان في المحافل الاقليمية والدولية، فإنه اثنى على الدور الذي تلعبه ضمن مجموعة الدعم من اجل لبنان، وتنظيمها مؤتمري روما 1 وروما 2 عامي 2014 و2018 لدعم الجيش اللبناني، اضافة الى مشاركتها في قوات “اليونيفيل” في الجنوب، حيث تحتل المرتبة الاولى بعديد عناصرها.
وشكر الرئيس عون نظيره الايطالي على الهبات التي تقدمها ايطاليا للجيش وتدريبها وحدات من الحرس الجمهوري عبر دورات متخصصة، واعتبر ان هذه المساعدات اساسية لحماية لبنان الذي ما زال في مرمى الاستهداف الارهابي، مشيرا الى ان الصداقة مع لبنان تزداد وثوقاً يوما بعد يوم.
واعتبر الرئيس الايطالي ان التعاون بين لبنان وايطاليا من خلال القوات الدولية مستمر، وقد قدمت ايطاليا فرقاطة للقوة البحرية الدولية، معربا عن استعداد بلاده لتقديم المزيد من الدعم للمساهمة في تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان، وجزء من الاستقرار في المنطقة.
كما تطرق الحديث الى المساعدات التي تقدمها ايطاليا للبنان على المستويين الانساني والثقافي، والتي بلغت العام 2020 نحو 33.5 مليون يورو، منها ما خصص لحماية الارث الثقافي اللبناني وتوسعة المتحف الوطني في بيروت وترميم آثار بعلبك وصور. وشجع الرئيس ماتاريلا كل جهد يقوم به لبنان من اجل اقرار خطة التعافي الاقتصادي، معربا عن ارتياحه لاقرار خطة اصلاح الكهرباء، ما يسمح بالتعاون اكثر مع صندوق النقد الدولي. وقال: “نقدر ما تبذلونه شخصيا من اجل خروج لبنان من ازمته الراهنة، ونحن سنواصل التزامنا مساعدة لبنان في كل ما يحتاجه.”
وتطرق الحديث الى الاوضاع الراهنة التي يعيشها لبنان وتراكم الازمات فيه، فاشار الرئيس عون الى ان من أخطر تحديات الازمات الراهنة الواجب مواجهتها الهجرة الكثيفة الى الخارج للنخب اللبنانية، ما يهدد لبنان على المدى البعيد ليس فقط بافراغ البلد من طاقات حيوية لا بل في صلب هويته ومستقبل التعددية في المنطقة، طالبا دعم ايطاليا بشكل خاص واوروبا بشكل عام اللبنانيين للبقاء فيه.
وتحدث الرئيس الايطالي، فاعتبر ان علاقات التعاون مع لبنان ضرورية لأن ايطاليا تعتبر ان الاستقرار في لبنان هو مفتاح للاستقرار في الشرق الأوسط، والعمل يجب ان يكون فاعلا لازالة بؤر التوتر في المنطقة التي تؤثر سلبا على الاوضاع في لبنان، وايطاليا راغبة في التعاون لازالتها.
وتحدث الرئيس عون عن مخاطر استمرار النزوح السوري الكثيف في لبنان، وعدم مساهمة المجتمع الدولي في إعادة النازحين الى المناطق في الداخل السوري التي نزحوا عنها والتي باتت اليوم آمنة، مؤكدا ان لبنان لم يعد قادرا على تحمل اعباء واحمال هذا النزوح على كافة الصعد، وهو لا طاقة له على الاستمرار في تحملها، خصوصا وانها فاقمت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اساسا. وطالب ايطاليا بالعمل ضمن المجموعة الاوروبية كما على الصعيد الدولي من اجل تسهيل عودتهم ومساعدتهم في اماكن العودة في الداخل السوري. واعتبر ان هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لكي يقوم بواجباته ويعمل على حل هذه الازمة التي طالت، وعلى الدول المانحة ان تعطي الحوافز داخل سوريا لتحفيز النازحين على العودة.
ورأى الرئيس الايطالي انه من الضروري العمل لعودة السوريين بالتوازي مع المساعدة على الوصول الى حل سياسي يشارك فيه المجتمع الدولي، وبذلك سوف يتمكن السوريون من اعادة اعمار بلادهم، فيخففوا العبء عن لبنان، مع ضمان كيفية تعامل النظام السوري مع العائدين وايجاد الظروف الملائمة لهم.
واعتبر ماتاريلا ان الصعوبات الكبيرة في لبنان تحتاج الى تعاون الجميع لتذليلها، لافتا الى ان بلاده ستواصل تقديم الدعم لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ودعم الشركات الايطالية الراغبة في مساعدة لبنان، فضلا عن تشجيع الاتحاد الاوروبي لتكون مشاركته فاعلة في تقديم العون للبنانيين.
وإذّ أمل الرئيس عون في ان تتوقف لغة الحرب لحل النزاعات بين الدول وفرض امر واقع، مشيرا الى ان ما يحصل في اوكرانيا على سبيل المثال حرب أليمة ومعاناة لشعب بريء، فإنه لفت الى الازمة المستجدة لجهة مخزون القمح بعد تصدع الاهراءات نتيجة انفجار مرفأ بيروت، وكذلك الازمة المصرفية التي يعاني منها اللبنانيون على مختلف مستوياتهم، متمنيا كذلك بلوغ مسار فيينا خواتيمه عبر التوصل الى اتفاق بين ايران والغرب حول الموضوع النووي، الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى انعكاسات ايجابية على المنطقة، معتبرا ان السلام متى تحقق له أثر ايجابي على دول المنطقة.
من جهته، تناول الرئيس ماتاريلا الحرب الروسية على اوكرانيا، فاعتبر انها فاقمت التوتر في العالم، داعيا الى تكثيف الجهود لوقفها، مقدرا في هذا السياق موقف لبنان منها واحترامه للمواثيق الدولية.
وشدد الرئيس الايطالي على اهمية دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، معتبرا ان حل أي مشكلة مستعصية حاليا تساهم في حل مشاكل اخرى، مؤكدا على ان لبنان يبقى مثالا للبلد القادر على النمو من جديد وهو نموذج يحتذى خصوصا في ظل التوازنات التي تحفظ حقوق الجميع، وله دور اساسي في انماء المنطقة كلها.
والتقى الرئيسان على اعتبار الانتخابات النيابية المقبلة فرصة لمزيد من الاستقرار.
ووجه الرئيس عون دعوة الى نظيره الايطالي لزيارة لبنان، للتأكيد مجددا على اهمية التعاون بين البلدين.
الحضور
وكان حضر اللقاء، عن الجانب اللبناني: وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وسفيرة لبنان في ايطاليا السفيرة ميرا الضاهر، والمستشارون رفيق شلالا، واسامة خشاب وريمون طربيه، ورئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور انطوان الزغبي.
وحضر عن الجانب الايطالي: كل من المستشارين: بينيديتو ديلا فيدوفا السكرتير المساعد للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، واوغو زامبيتي الامين العام لرئاسة الجمهورية، جانفرانكو استوري مستشار الاعلام والمساهمة الاجتماعية، والسفيرة ايمانويلا داليساندرو مستشارة الشؤون الدبلوماسية، وفرانشيسكو سافيريو غارفوني مستشار شؤون المجلس الاعلى للدفاع، وجيوفاني غراسو مستشار الاعلام والتواصل، وجياني كاندوتي مستشار الشؤون العسكرية، والمستشار فابريزيو ساجيو للعلاقات الدبلوماسية.
اختتام الزيارة لإيطاليا
اختتم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الزيارة التي قام بها الى الكرسي الرسولي حيث التقى فيها قداسة البابا فرنسيس وكبار معاونيه، وزيارة العمل الى روما والتي التقى في خلالها الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا، وعاد فجر اليوم الاربعاء الى بيروت والوفد الرسمي المرافق.
وكان رئيس الجمهورية اختتم مساء الأمس الثلاثاء زيارته هذه بحضوره قداسا على نية لبنان في دير مار شربل التابع للرهبانية اللبنانية المارونية في العاصمة الايطالية روما، احتفل به رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري الذي شدد على “ان بلد ألأرز قدم هبة لمدينة روما وللكنيسة فيها، من خلال ذلك النور الذي يتوج شهادة حياة القديس شربل، كما حصل الى الآن في مختلف انحاء العالم”، مضيفا “ان شعب الله يجد نفسه مشدودا طوعا الى ارتباط هذا الراهب القديس الجذري بالله، بطريقة ملؤها الشفافية، بحيث يشعر بأنّه صديقا له، واخا، وابا، تماما كما هي الحال بالنسبة الى القديسة رفقا، التي نحيي غدا ذكراها ليتورجيا.”
وقال: “في هذه الأمسية بالذات، ومن خلال حضور فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في ما بيننا، فإن المؤمنين الحاضرين معنا في هذه الكنيسة، متحدون في رفع تضرعاتهم الى الرب على نية لبنان، لكي يبقى امينا لهويته بين مختلف دول الشرق الأوسط، وبالأخص من أجل الخروج من الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تضربه منذ فترة، والتي ضاعفت من خطورتها التداعيات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت في 4 أب 2020.”
وختم بالقول: “إن لبنان يبقى قبل اي امر أخر، محروسا من مريم، الفائقة القداسة، وبالأخص من خلال المزارات والكنائس المكرسة على اسمها، كما ومن خلال تماثيلها المرفوعة كعلامة حضور حسيٍّ لرعايتها كأمٍّ لنا. وإني لواثق انه في حريصا ومغدوشة وزحلة وفي العديد من الامكنة الاخرى، سيتحد المؤمنون والمؤمنات من ابناء لبنان مع الأب الأقدس في خلا فعل تكريسه روسيا واوكرانيا الى قلب مريم الأقدس. وإذا ما كان هناك شعب متألم، كالشعب اللبناني، يعرف كيف يقدم صلواته من اجل شعب متألم آخر، فإن الرب على وجه التأكيد سيفيض نعمه على الذين يتضرعون اليه، لأنهم يكونوا قد اثبتوا انهم اخوة في الألم، وسيبقون اكثر اخوة في السلام والمصالحة التي نرجو ان تحلا سريعا.”
وكان عون وصل الى مقر الدير في روما القريب من بازيليك القديس يوحنا اللاتران، قرابة السادسة مساء، حيث كان في استقباله عند مدخله: رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله الهاشم، أمين سر الرهبانية الأب ميشال ابو طقة، والوكيل البطريركي للكنيسة المارونية المطران يوحنا رفيق الورشا، والوكيل البطريركي للكنيسة السريانية الكاثوليكية المطران فلابيانوس رامي قبلان، والوكيل البطريركي لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك الارشمندريت شحاده عبود، والوكيل البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك المونسنيور نارك نعومو، ووكيل الرهبانية اللبنانية المارونية في روما الأب ميلاد طربيه، ووكيل الرهبانية الأنطونية في روما الأب ماجد مارون، ووكيل الرهبانية المريمية في روما الأب شربل حداد، ووكيل الرهبانية الباسيلية المخلصية الأب انطوان سعد، ووكيل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة المدعي العام لدى محكمة الروتا الرومانية الأب انطونيوس شويفاتي، ووكيل المعهد الحبري الخوري جوزف صقر.
وعقد لقاء جامع مع الحضور، بعده دخل الى كنيسة الأم الحنونة مجددا للمشاركة في القداس الالهي الذي احتفل به الكاردينال ساندري، وسط تصفيق الحضور من رسميين وابناء الجالية اللبنانية.
وبدأ بعدها القداس حسب الطقس اللاتيني.
وحضر القداس الى الرئيس عون الوفد اللبناني المرافق لرئيس الجمهورية، ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، وسفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الدكتور فريد الياس الخازن، وسفيرة لبنان في ايطاليا السفيرة ميرا الضاهر، وقنصل لبنان في فلورنسا شربل شبير وشخصيات سياسية وديبلوماسية من سفراء وقائمين بالاعمال معتمدين لدى الكرسي الرسولي وايطاليا، وحشد من المؤمنين الايطاليين وابناء الجالية اللبنانية في روما.
العظة
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، القى الكاردينال ساندري العظة التالية:
“ان الاحتفال الشهري الذي نقيمه تكريما للقديس شربل لا يزال يشهد على تدفق العديد من المؤمنين الى هذه الكنيسة التي غدت بفضله رئة روحية لمدينة روما، حيث يجد المؤمنون في هذا الدير التابع للرهبانية اللبنانية المارونية مكانا يغذون فيه طريق ايمانهم، من خلال الصلاة والاحتفال بالأسرار المقدسة، وغنى النِعَم التي يمنحها الرب عبر شفاعة احد ابرز ابناء لبنان والكنيسة المارونية. هذا الامر يدفعنا الى الاعتراف بأن بلد ألأرز قدم هبة لمدينة روما وللكنيسة فيها، من خلال ذلك النور الذي يتوج شهادة حياة القديس شربل، كما حصل الى الآن في مختلف انحاء العالم.
إن شعب الله يجد نفسه مشدودا طوعا الى ارتباط هذا الراهب القديس الجذري بالله، بطريقة ملؤها الشفافية، بحيث يشعر بأنّه صديقا له، واخا، وابا، تماما كما هي الحال بالنسبة الى القديسة رفقا، التي نحيي غدا ذكراها ليتورجيا.: هكذا فإن القديس شربل، الذي انتمى بكليته الى الله، يمنح الجميع الشعور بأنه قريب من جماعة المؤمنين. وفي هذه الأمسية بالذات، ومن خلال حضور فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في ما بيننا، فإن المؤمنين الحاضرين معنا في هذه الكنيسة، متحدون في رفع تضرعاتهم الى الرب على نية لبنان، لكي يبقى امينا لهويته بين مختلف دول الشرق الأوسط، وبالأخص من أجل الخروج من الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تضربه منذ فترة، والتي ضاعفت من خطورتها التداعيات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت في 4 أب 2020.”
اضاف: “اننا مدعوون جميعا لكي نكون رسلا للقديس شربل، تابعين قبل كل شيء مثاله في الاصغاء الى كلمة الرب، وبالأخص تلك التي يمعنا اياها الليتورجيا في مثل هذا اليوم، فنغذي بذلك مسيرتنا نحو الفصح المجيد وقد استنرنا وانرنا قلوبنا في بحثها عن الله.
أن الكلمة الاولى التي اصغينا اليها هي من سفر النبي دانيال، الذي يذكر التضرع العميق للشاب عزريا، من اجل اشقائه الذين اضطهدهم الملك نبوخذ نصَّر بهدف اجبارهم على انكار امانتهم للرب، وتقديمهم العبادة للتمثال الذي تم تنصيبه على اسم الملك. إن عزريا بريء من خطيئة الشعب، وهو الذي بقي امينا للرب، دعاه الى رحمة شعبه، آخذا عليه خطيئة الجميع. هكذا فإن التنكر للأيمان دفع شعب اسرائيل عبر العصور الى فقدان هويتهم، وجعلهم ابدا في حالة بحث عن الامان عبر التحالف مع مختلف طغاة تلك الحقبة، حيث مصر من جهة، وأشور من جهة، وبابل من جهة. فكانت النتيجة انهيار الحلم بمجد يكون على الطريقة البشرية، اضافة الى دمار الهيكل وسبي الشعب.
قد نكون نحن اليوم، نتيجة تفشي وباء الكورونا، وامام فجيعة البربرية اللامتناهية في اوكرانيا منذ عدة اسابيع، نشعر اكثر من اي وقت مضى، كلام عزريا، الذي قد يكون مذكرا بحالة لبنان الحبيب اليوم: “لقد غدونا الأصغر بين امم الارض، وها اننا بتنا عرضة للاهانة عن كل الأرض بسبب من خطيئتنا… فلا تهملنها من اجل ذاك الحب الذي عندنا لإسمك، ولا تتنكر للعهد القائم بيننا، ولا تفصي عنا رحمتك. ها نحن، في هذه الساعة، سائرون صوبك من كل قلبنا، باحثين عن وجهك.”
ان زمن الصوم يدعونا لكي نقيم فحص ضمير عميق، كلٌ منّا تجاه دعوته: من نحن امام الله؟ هل نحن اوفياء لدعوتنا؟ اترانا ندرك ان ما من امر اعظم من خدمتنا في قلب الكنيسة والمجتمع، والتي قوامها المسؤولية التي نرفعها امام أعين الرب والبشر في مكرسين اياها لخدمة الجميع، وبالأخص للصغار في ما بيننا ومن هم الأكثر فقرا؟”
وتابع: “إن الانجيل عينه يضعنا في قلب هذا البعد: من خلال سؤال بطرس للمسيح كم من مرة علي أن اغفر، ما يعلمنا الصورة الواقعية للمسحيين الذين يتكونون من افراد ضعفاء لجهة حاجتهم الدائمة لرحمة الرب، وأكثر من افراد يعانون الانقسامات، وقادرين على الاساءة في العلاقات اليومية، وبالنتيجة بحاجة الى مصالحة بعضهم البعض. إن جواب المسيح لبطرس، والذي بات بديهيا: “لا سبع مرات بل سبعين مرة سبع مرات”، والمرفق بالمثل الذي سمعناه، يستدعي منا ان نعترف بمحبة الرب المجانية الهائلة، والتي من خلالها احبنا الله وسامحنا بالمسيح. ونحن إن ادركنا ذلك كل يوم، اصبحنا ساعتئذ قادرين على توطيد علاقات عدالة حقة تجاه بعضنا البعض، وبناء مجتمع عادل.
واذا ما قمنا بعكس ذلك، فإننا لا نساهم الا بمضاعفة المواجهة والخلافات: والمأساة، التي على اساها سيسألنا الرب، تكون ما يحصل داخل المجتمع المسيحي، ليس في لبنان فحسب، لكن الأخطر ان المنارة المرفوعة على جبل والمطلوب منها ان تشع في العتمة، تغدو عندها علامة اضطراب وتعمية لسائر الاخوات والاخوة في البشرية.
في ليل اذكاء عدم تفهم بعضنا البعض ين الاخوة، وشقاء البشرية بسبب الخطيئة، أبقى القديس شربل شعلة الرب مضاءة، وانارها بزيت الصلاة، وبتقديم ذاته والتضحية بها. وهو اليوم ودائما يساعدنا على ان نسير على خطاه.”
وختم بالقول: “إن لبنان يبقى قبل اي امر أخر، محروسا من مريم، الفائقة القداسة، وبالأخص من خلال المزارات والكنائس المكرسة على اسمها، كما ومن خلال تماثيلها المرفوعة كعلامة حضور حسيٍّ لرعايتها كأمٍّ لنا. وإني لواثق انه في حريصا ومغدوشة وزحلة وفي العديد من الامكنة الاخرى، سيتحد المؤمنون والمؤمنات من ابناء لبنان مع الأب الأقدس في خلا فعل تكريسه روسيا واوكرانيا الى قلب مريم الأقدس. وإذا ما كان هناك شعب متألم، كالشعب اللبناني، يعرف كيف يقدم صلواته من اجل شعب متألم آخر، فإن الرب على وجه التأكيد سيفيض نعمه على الذين يتضرعون اليه، لأنهم يكونوا قد اثبتوا انهم اخوة في الألم، وسيبقون اكثر اخوة في السلام والمصالحة التي نرجو ان تحلا سريعا. “ماراناتا”، تعال ايها الري يسوع، واشفق علينا وعلى العالم بأسره. أمين”
كلمة في سجل الشرف
وكان عون دوّن في سجل الشرف التابع للدير الكلمة التالية:
“من أعلى قمة في لبنان والشرق، حمل شربل قداسته الى قلب عاصمة الكثلكة، القائمة بمهابة على إرث الرسل وشهادة الشهداء الاوائل.
دعائي أن يكون حضور قديس لبنان، في قلب روما، فعل إيمان متجدد بلبنان، قلب الله، على ما يذكر الكتاب المقدس، فيبقى خير شفيع له اينما حلّت بركته.
ولتفض نعمه على هذا الدير فيرتفع، على رغم الصعاب، منارة اشعاع روحي وثقافي على اسم لبنان، وطن الرسالة والحضور.”
خلوة
وعقدت خلوة بين الرئيس عون والكاردينال ساندري، اطلع في خلالها رئيس مجمع الكنائس الشرقية رئيس الجمهورية على زيارته الاخيرة الى سوريا موفدا من الحبر الأعظم البابا فرنسيس حيث ترأس مؤتمرا لبحث سبل مساعدة الشعب السوري في الظروف الصعبة التي يجتازها.
وكانت الخلوة مناسبة جدد فيها الرئيس عون شكر اللبنانيين للبابا فرنسيس على اهتمامه الدائم بلبنان، وعرض للكاردينال ساندري نتائج لقائه مع الحبر الاعظم وقاءاته مع كبار المسؤولين في الكرسي الرسولي.
وتلا القداس مأدبة عشاء اقامها الاباتي الهاشم على شرف الرئيس عون والوفد المرافق، بحضور الكاردينال ساندري.