“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
يشير مدير برامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في معهد الولايات المتحدة الاميركية للسلام الدكتور ايلي ابو عون أن إحدى الانتقادات الموجهة لإدارة الرئيس الاميركي جو بايدن هي انها “سلمت المنطقة لإيران بينما هي تفاوض على الملف النووي” .
برأي الدكتور أبو عون الذي أجاب عن اسئلة موقع “مصدر دبلوماسي” “أن الايرانيين يستخدمون ورقة الاتفاق النووي كنوع من الملهاة للغرب. فالمفاوضات الحالية في فيينا تتناول مستويات ونسب التخصيب وفي هذا الوقت لا يزال البرنامج الصاروخي الايراني مكملا بتطوره، وحلفاء ايران في اليمن يقصفون الامارات العربية المتحدة والسعودية وصواريخ حلفائها ايضا تنصب على القواعد الاميركية في العراق…فيما المفاوضون يتناقشون في فيينا!”. يضيف أبو عون الذي يقوم بزيارة حاليا الى لبنان:” تدل هذه المشهدية كيف ينظر الايراني الى موضوع المفاوضات وكيف ينظر اليها الاميركي من خلال جزئية النووي فقط لا غير، وسط اعتراف أميركي ضمني بان الملفين الاساسيين اي الصواريخ الايرانية ودور إيران في المنطقة لا يمكن معالجتهما في الوقت الراهن، لأن ثمن المواجهة مع ايران في هذين الملفين سيكون عالي الكلفة”. ويضيف:”في هذا السياق تثبّت ايران قواعد الاشتباك في المنطقة، وكأنها توجه رسالة بأنها تقصف الخليج ساعة تشاء سواء بوجود مفاوضات فيينا او عدمها (…).
*ماذا عن مفاوضات فيينا القائمة حاليا وخصوصا وان لديك رأي يقول بان الايرانيين يستخدمون مفاوضات فيينا كملهاة للغرب لتقوية انفسهم في ملفات اخرى؟
-الفكرة التي ارددها دوما ان ليس من مصلحة الايرانيين الحصول على قنبلة نووية بشكل مباشر لأن وجود قنبلة نووية في ايران يبرر تسلح نووي في دول اخرى لا ترتاح ايران لقياداتها. وبالتالي إن تصبح القنبلة النووي عبئا على ايران اكثر منها ورقة. إن الحصول على السلاح النووي هو ورقة ضغط وهذا ما يستخدمونه سواء مع دول المنطقة كدول الخليج وإسرائيل أو مع الغرب، أي يتفاوضون على رفع العقوبات وتشجيع عودة الشركات الاجنبية الى ايران من خلال الورقة النووية. لكنوبشكل متواز، الايرانيون مستمرون بتطوير برنامج صاروخي أي الصواريخ الباليستية ومستمرون بدعم حلفائهم في المنطقة وما يحدث مع الامارات حاليا هو عبارة عن رسالة اعادة تأكيد من الايرانيين بان: نحن هنا، ولو حصل اتفاق نووي فهذه ساحتنا ونحن نلعب فيها.
*امس تعرضت قاعدة اميركية لقصف صاروخي مصدره الحوثيون في اليمن، هل تعتقد أن تراجع الرئيس الاميركي جو بايدن عن وعوده اثناء الانتخابات بوقف الحرب في اليمن هو السبب؟
-لا اعتقد. ان هذا القصف هو محاولة من ايران لترسيم حدود نفوذها في المنطقة، إيران من خلال هذا القصف تعود لتؤكد أنه لو حصل اتفاق على الملف النووي في فيينا، فإن قدرتها على التحرك في المنطقة تبقى كما هي. طبعا هذا يضع ضغطا اضافيا على دول الخليج. طبعا يحاول الاميركيون ليس في الامارات العربية المتحدة واليمن والخليج فحسب يحاولون تجنب مواجهة عسكرية كبرى والآن بحسب كل التقديرات أنه إذا ردّت اميركا على ايران بشكل مباشر، سوف نذهب الى مواجهة مباشرة بين الطرفين وهذا ما لا يريده الاميركيون حاليا. واعتقد سيكون بحث بخيارات اخرى.
*ما هو سبب غض الولايات المتحدة الاميركية الطرف عن نشاط تنظيم داعش في الحسكة وبادية الشام وغرب الانبار في العراق؟
– لا اعتقد انه يوجد غض نظر اميركي لكن الولايات المتحدة الاميركية تحاول تجنب اي عمل يتطلب منها تدخلا عسكريا او استثمارا في الموارد. في سوريا توجد المزيد من الحساسية لأن السيطرة في سوريا ولا سيما في منطقة الحسكة منقسمة بين النظام السوري والروس والاتراك، وكان لدى الاميركيين 400 جندي فحسب في منطقة محددة وبالتالي إن تحركهم كعسكر لن يكون ذي معنى بسبب القدرة الاكبر المتوافرة لدى الآخرين. وهذا يتطلب تنسيقا مع الروس والاتراك وهم ليسوا مضطرين لأن يقوموا بذلك. في العراق ليس صحيحا أنه يوجد غض نظر، في العراق ثمة جهد يتم وضعه من خلال بعثة الاستشارة والتدريب الاميركية التي لا تزال موجودة في العراق، يحصل تبادل في المعلومات ودعم للقوى الامنية العراقية للتعاون مع الموضوع، لكن هم لن يتخلوا بشكل مباشر إلا إذا تطور الامر بشكل كبير. لكن طالما ان القوات العراقية قادرة على السيطرة يتم دعمها (اميركيا) من خلال الدور الاستشاري الذي يلعبونه لن يعمدوا الى دور مباشر. لكنني لا اوافق على ان اميركا تغض النظر عما يحصل في العراق، على العكس هي حاولت التخفيف من النقمة السنية على الحكومة بسبب غياب الخدمات وسواها وتسهيل بعض المواضيع.
*هل تريد واشنطن تسهيل عودة تنظيم داعش الى سوريا والعراق لتبرر بقاء وجودها العسكري وخصوصا في العراق؟
-إن سياسة هذه الادارة تحديدا قائمة على فكرة تخفيف التواجد العسكري في خارج الولايات المتحدة الاميركية، ورأينا كيف حصل تسرّع في العملية في افغانستان، وفي العراق عدد الجنود الموجودين محدود جدا، بالعكس اعتقد ان أي تطور يتطلب تدخلا عسكريا اميركيا سيكون ضد سياسة هذه الادارة تحديدا، فالفرضية أنهم يغضون النظر لتبرير وجود عسكري غير صحيحة بالعكس هم يريدون ما يبرر عدم وجودهم وليس العكس.
*إذا كانت الولايات المتحدة الاميركية تحارب الارهاب كيف تقبل بسيطرة تنظيم القاعدة على محافظة ادلب السورية؟
-انا اعتقد بأن تقبل وجود القاعدة في ادلب غير مرتبط بعدم جدية الاميركيين بقدر ما هو مرتبط بعدم التوافق مع الاتراك وهذا ليس مستجدا بل أمر قديم. وقعت خلافات عدة بين الولايات المتحدة الاميركية والاتراك على ادارة ملف سوريا وواحدة منها تحديدا الدعم الذي يوفّر لهذه المجموعات. والاميركيون في فترة سابقة كانوا يوفرون السلاح لمجموعات من المعارضة السورية، ولمّا رأوا من أخذ هذا السلاح عن طريق الاتراك اوقفوا الدعم. وهذه احدى النقاط الخلافية بين اميركا وتركيا وليست بالضرورة تعبّر عن رضا الاميركيين عما يحدث ف