“مصدر دبلوماسي”
عقّبت نائب رئيس اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد ورئيسة اللجنة الفنية المعاونة المكلفة بمتابعة تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي عساكر على تعيين اعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. فوصفتها بانها خطوة تشكل اتجاها حكوميا ملموسا لناحية ترجمة الإصلاحات المنتظرة الى حقيقة على أرض الواقع. ولفتت الى ان خطوات عديدة أخرى مطلوب القيام بها كي نتقدم الى حيث يجب أن يكون لبنان في مجال مكافحة الفساد.
واذ شددت على اهمية التصدي لخطر الفساد من اجل استعادة العافية الاقتصادية والاجتماعية وكسب الثقة المجتمعية والدولية، والسير نحو تحقيق التنمية المستدامة، رأت ان الهيئة تشكل رافعة أساسية من رافعات خطة التعافي. واكدت ان تفعيل الهيئة أمر محوري لتطبيق مجموعة كبيرة من القوانين التي تم إقرارها في السنوات الماضية في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. واوضحت ان انشاء الهيئة وتفعيلها التزام حرفي بما ورد في “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد” وضرورة محورية من ضرورات تنفيذها كونها تضطلع بصلاحيات وقائية لمنع حدوث الفساد في القطاعين العام والخاص، وصلاحيات توعوية وتثقيفية، وصلاحيات تقصّي جرائم الفساد وملاحقتها ومتابعتها.
واذ قالت ان وجود الهيئة استجابة مباشرة لالتزامات الدولة بالمعايير الدولية في إطار “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” التي أصبح لبنان دولة طرفا فيها في عام 2009، اضافت “سأعمل مع زملائي الوزراء وكافة الجهات الرسمية والمدنية المعنية ومع أعضاء الهيئة من أجل الإسراع في انجاز أنظمتها الداخلية والمالية وضمان أفضل شروط لتمكينها من تأدية المهام الموكلة اليها”.
اليوم هو محطة مميزة في سياق المجهودات المتراكمة التي يتم بذلها من أجل إرساء منظومة وطنية فعالة مناهضة للفساد. لقد أنجز مجلس الوزراء تعيين “الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” المنشاة بموجب القانون رقم 175 لعام 2020، والمؤلفة من ستة أعضاء، وهم القاضي كلود كرم (رئيسا) والقاضية تيريز علاوي، اللذين انتخبهما القضاة في شهر حزيران الماضي وفق أحكام القانون، إضافة الى الأعضاء الأربعة الآخرين وهم الأستاذ فواز كبارة (نائباً للرئيس) من بين المرشحين الذين قدمهم مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، والدكتور علي بدران من بين المرشحين الذين قدمهم مجلس نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، والدكتور جو معلوف من بين المرشحين الذين قدمتهم هيئة الرقابة على المصارف، والدكتور كليب كليب من بين المرشحين الذين تقدمت بهم انا بصفتي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
أود أن أبارك لأعضاء الهيئة قرار تعيينهم وان أشكرهم من عميق القلب على قبولهم تولي هذه المسؤولية الجسيمة في هذه المرحلة الصعبة التي يغلب عليها التوتر وانعدام الثقة في كل شيء تقريبا، ومع علمهم المسبق وعلمنا المسبق بمحدودية الموارد المتاحة لهم وبتعقيدات المهام الملقاة على عاتقهم.
تمثّل خطوة تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اتجاها حكوميا ملموسا للعمل على ترجمة الإصلاحات المنتظرة الى حقيقة على أرض الواقع. أقول خطوة، وليس إنجازا، لأن الإنجاز الحقيقي يحتاج الى مزيد من الوقت والمثابرة والعمل، ولأنه توجد خطوات عديدة أخرى مطلوب القيام بها حتى نتقدم الى حيث يجب أن يكون لبنان في مجال مكافحة الفساد، ولكنها مع ذلك هي خطوة مفصلية وهامة جدا، وذلك لعدة أسباب أذكر أربعة منها فقط:
أولا، الهيئة تشكل رافعة أساسية من رافعات خطة التعافي، فمن دون التصدي لخطر الفساد لا يمكن الحديث عن استعادة العافية الاقتصادية والاجتماعية وكسب الثقة المجتمعية والدولية، والسير نحو تحقيق التنمية المستدامة.
ثانيا، تفعيل الهيئة أمر محوري لتفعيل مجموعة كبيرة من القوانين التي تم إقرارها في السنوات الماضية في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، واهمها القوانين السبعة التالية: قانون الحق في الوصول الى المعلومات الصادر في عام 2017 والمعدل عام 2021، وقانون حماية كاشفي الفساد الصادر في عام 2018 والمعدل في عام 2020، وقانون دعم الشفافية في قطاع البترول الصادر في عام 2018، وقانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع الصادر في عام 2020، وقانون استرداد الأموال المتأتية عن الفساد الصادر في عام 2021، وكذلك قانون الشراء العام الصادر عام 2021.
ثالثا: انشاء وتفعيل الهيئة التزام حرفي وارد في “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد” وضرورة محورية من ضرورات تنفيذها، فهي تضطلع بصلاحيات وقائية لمنع حدوث الفساد في القطاعين العام والخاص، وصلاحيات توعوية وتثقيفية، وصلاحيات تقصي جرائم الفساد وملاحقتها ومتابعتها.
رابعا: وجود الهيئة استجابة مباشرة لالتزامات الدولة بالمعايير الدولية في إطار “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” التي أصبح لبنان دولة طرفا فيها في عام 2009، والتي يتم هذا العام تقييم التزام لبنان بها. تداعيات هذا الامر هامة على عدة مستويات ومنها تقييمات لبنان على المؤشرات الدولية لمكافحة الفساد التي يسجل لبنان مستويات متدنية جدا فيها للأسف.
لكل هذه الأسباب وغيرها، أرى أنه واجب وطني علينا جميعا أن نوفر لهذه الهيئة كل الدعم والمساندة الممكنة، وهذا ما ستسعى اليه الحكومة عموما وما سأسعى اليه شخصياً بصفتي نائب رئيس اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد ورئيس اللجنة الفنية المعاونة، والمكلفة بمتابعة تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”، وهذا ما أدعو اليه شركاءنا في المجتمع الدولي، وما أدعو اليه المجتمع المدني خصوصا الجمعيات اللبنانية المتخصصة والمهنية التي يمكن أن تلعب دور الداعم الكبير لعمل الهيئة وكذلك دور الرقيب المجتمعي عليها والمحفز المعنوي لها.
ختاما، ومن منطلق قناعاتي الشخصية ومسؤولياتي الرسمية، سأعمل مع زملائي الوزراء وكافة الجهات الرسمية والمدنية المعنية ومع أعضاء الهيئة من أجل الإسراع في انجاز أنظمتها الداخلية والمالية وضمان أفضل شروط لتمكينها من تأدية المهام الموكلة اليها، وذلك لخير لبنان والمصلحة العامة وفائدة الناس الذين يعانون اليوم ما يعانونه بسبب انتشار الفساد وهدمه لمقومات الدولة العادلة والفعالة التي لا يمكن أن تقوم الى على أسس تعزيز الشفافية وتفعيل المساءلة ومنع الإفلات من العقاب.